رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حسين حمودة: نجيب محفوظ لم يحجب الاهتمام عن مجايليه

الناقد الكبير حسين
الناقد الكبير حسين حمودة

تحدث الناقد والأكاديمي حسين حمودة، في ذكرى وفاة الأديب نجيب محفوظ، عن الكتابات النقدية التي تناولت أعمال محفوظ ومدى أهميتها ودورها في تسليط الضوء على إبداعه وتأثير ذلك الاهتمام بأديب نوبل على مجايليه.

مغامرة نجيب محفوظ الفنية

قال حمودة، صاحب كتاب "في غياب الحديقة حول متصل الزمان- المكان فى روايات نجيب محفوظ"، ورئيس تحرير دورية نجيب محفوظ: هناك كما نلاحظ جميعًا عدد كبير من الكتب والدراسات والمقالات التي صدرت، ولا تزال تصدر، عن عالم نجيب محفوظ أغلبها انطلق من مقاربة عالمه الإبداعي من زوايا مختلفة ومتباينة، وكلها تعكس نوعًا من الاهتمام باستكشاف أبعاد هذا العالم ومستويات المعنى فيه، وطبعًا بجوانب المغامرة الفنية التي انطلق منها وجسدها، بالإضافة إلى التوقف عند سلسلة "النقلات" التي أحدثها محفوظ في مسيرة الرواية العربية بوجه خاص، وهذا طبيعي بحكم أن هذا العالم رحب جدًا ومتنوع تنوعًا لافتًا، فضلًا عن أنه مشيّد على رؤى وصياغات متعددة الطبقات، تقبل النظر والتأمل وإعادة النظر والتأمل.

اهتمام نقدي      

وتابع حمودة في حديثه مع "الدستور": طبعًا هناك أسئلة وتساؤلات يطرحها البعض عن حجم هذا الاهتمام النقدي المتصل بتجربة نجيب محفوظ.. وهذه الأسئلة والتساؤلات في الحقيقة قديمة ومتجددة؛ فهذا الاهتمام كان واضحًا خلال فترة حياة نجيب محفوظ نفسها، وقد استمر ولا يزال مستمرًا حتى الآن. وقد شاع في وقت من الأوقات وهم حول أن هذا الاهتمام قد جعل نجيب محفوظ يمثّل "عقبة" أمام بعض مجايليه، لأنه حجب جزءًا من الاهتمام بهم، وهذا تصوّر ليس صحيحًا في تقديري، لأن الاهتمام النقدي بالكتابة الإبداعية يمكن أن يتسع دائمًا للجميع.    

واستطرد: هناك أسئلة وتساؤلات أخرى، أكثر أهمية، حول قيمة هذا الحجم من الدراسات والتناولات النقدية التي ارتبطت بعالم نجيب محفوظ ومدى ما تقدمه من إضافات، وما إذا كانت تمثل شكلًا من أشكال التراكم أو التكرار فحسب؟ وما إلى ذلك من أسئلة وتساؤلات تتعلق بتقييم هذه الدراسات والتناولات النقدية.. وهذه كلها أسئلة وتساؤلات مشروعة تمامًا..

قال حمودة: طبعًا يمكن ملاحظة أن هذه الدراسات والتناولات ليست كلها على مستوى واحد، بل إنها متفاوتة القيمة بوضوح وهذا أمر طبيعي؛ لأسباب كثيرة تتصل بالمنطلقات التي انطلقت منها، وبالزوايا التي قاربت من خلالها عالم محفوظ، وبمدى النجاح الذي وصلت إليه في استكشاف أو تقصّي أبعاد عميقة وجديدة في عالم محفوظ، وأيضًا وطبعًا بالقدرات النقدية لدى من قاموا بها.

أفخاخ الاجترار

أشار الناقد الكبير إلى وجود عدد كبير من الرسائل الجامعية التي يتم إنجازها كل عام في الجامعات العربية عن كتابات محفوظ، وبعضها مدرسي الطابع تمامًا.. وهناك أيضًا كتب ودراسات صدرت وتصدر عن عالم محفوظ وقعت في أفخاخ الاجترار.. لكن، بجانب هذا، هناك أيضًا كتب ومقالات كثيرة تنشر عن محفوظ، كل عام، ولا تخلو من قيمة كبيرة.. وهذه الملاحظة نفسها يمكن أن تنطبق على ظواهر نقدية أخرى، بل يمكن أن تنطبق على ظواهر إبداعية كذلك؛ فمن بين النتاج الروائي الذي يصدر كل سنة، مثلًا، يمكن ملاحظة مثل هذا التفاوت. 

واختتم حديثه قائلًا: على أي حال، هذا الاهتمام المتصل بعالم محفوظ ليس غريبًا، وفي الثقافة الغربية يمكن أن نجد "مكتبات" كاملة قد أنجزت ولا تزال تستكمل عن عدد من الكتاب (شكسبير، أو بلزاك، أو فلوبير مثلًا).. ولكن طبعًا ليس هؤلاء الآحاد فقط هم من يستحقون وحدهم مثل هذا الاهتمام الكبير، فالحقيقة أن كل الكتاب الحقيقيين يستحقون هذا الاهتمام.