رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«صالون الدستور» يناقش: كيف نربح من الثقافة؟

جانب من الندوة
جانب من الندوة

منذ تدشينها عام ٢٠١٤ أولت استراتيجية التنمية المستدامة «رؤية مصر ٢٠٣٠» اهتمامًا واضحًا بالصناعات الثقافية، حيث نصّ الهدف الأول فى محور الثقافة على «دعم الصناعات الثقافية كمصدر قوة للاقتصاد»، وجاء فى الهدف أن المقصود به «تمكين الصناعات الثقافية لتصبح مصدر قوة لتحقيق التنمية والقيمة المضافة للاقتصاد، بما يجعلها أساسًا لقوة مصر الناعمة إقليميًا ودوليًا».

وتشمل الصناعات الثقافية: السينما والمسرح والموسيقى والغناء والفن التشكيلى والإذاعة والتليفزيون والنشر والكتب والحرف التراثية، كما حددت الاستراتيجية أهم التحديات التى تواجه هذه الصناعات فى مصر فى ظل ضعف التشريعات المتعلقة بحماية الملكية الفكرية والتنافسية ومنع الاحتكار.

تسهم الصناعات الإبداعية بأكثر من ٦٠٠ مليار دولار فى الاقتصاد الأوروبى؛ وهو ما دفعنا لأن نخصص الندوة الرابعة من صالون «الدستور» الثقافى لمناقشة موضوع «الاستثمار فى الصناعات الثقافية والإبداعية»، نظرًا لكونها من الصناعات التى تسهم فى دفع عجلة الاقتصاد الوطنى من جانب، وتؤكد أيضًا هويتنا المصرية.

هذا السؤال الجوهرى طرحه صالون «الدستور» على عدد من الفاعلين فى الشأن الثقافى هم: الدكتور هانى أبوالحسن، رئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية، والدكتورة رانيا يحيى، رئيس قسم فلسفة الفن بأكاديمية الفنون عضو المجلس القومى للمرأة، والمخرج أحمد السيد، عضو لجنة الشباب ولجنة التطوير والإدارة بالمجلس الأعلى للثقافة، والناقدة والكاتبة المسرحية رشا عبدالمنعم، الذين أكدوا أن الاستثمار فى صناعة الإبداع يعزز قوة مصر الناعمة وينعش الاقتصاد الوطنى.

هانى أبوالحسن: عودة وزارة الثقافة والآثار وتحقيق عوائد مادية من المنتجات الفنية

طالب الدكتور هانى أبوالحسن بإعادة دمج وزارتى الثقافة والآثار، موضحًا أن ذلك يتيح أماكن كثيرة للعروض ويسمح بتحويل الأماكن الأثرية إلى مراكز للإبداع ومحيط لالتقاء الفنون والإبداع والوعى والجمهور، كما أن الحفلات التى تقام فى تلك الأماكن يمكن عرضها فى الإعلام والاستفادة من حضور كبار الشخصيات تلك الفعاليات الثقافية.

وأشار إلى أن صندوق التنمية الثقافية، وقت دمج الوزارتين، وعبر الأموال التى يستقطعها، تولى ترميم وتطوير ٤٦٠ أثرًا، وبنى ١٠٠ مكتبة وبيت ثقافة فى القرى والنجوع، وأهداها للوزارة، حتى أنه عندما انفصلت الثقافة عن الآثار كانت هناك مشكلة فى تلك الأموال وأين توضع.

ونوه إلى أن الصندوق، الذى يعمل على تدريب الشباب على كتابة المحتوى والمونتاج والتقنيات الحديثة، يمكنه أن يستفيد من اللقطات للأماكن السياحية عبر نشر تلك اللقطات والمقاطع والحصول على مردود منها، وهو ما سبق تجربته فى عدد من العروض والتدريبات التى عمل عليها الصندوق.

وأكد ضرورة إدراك الفرق بين الخدمة والسلعة، مشيرًا إلى أن تقديم الخدمة نفسه دون عوائد فى ظل ارتفاع تكلفة الإنتاج أصبح أمرًا غير مناسب لأن الأوضاع تغيرت.

ولفت إلى ضرورة إدراك كل من يعمل على تقديم أى منتج ثقافى لضرورة الخروج بعوائد مادية، لأن ذلك يخلق تجارب ناجحة، وهو ما يختلف عن النظرة القديمة التى كانت ترى أن الدولة تتكفل بكل شىء وتقدمه «ببلاش»، ما جعل المبدعين يعرضون «أى حاجة وخلاص».

وأضاف: «فى هذه الحالة ستختلف النتيجة تمامًا، وإلا لم نكن لنرى التجارب الناجحة للشركات الخاصة التى تعمل فى هذا المجال، وتتوازن ما بين المحور التثقيفى والخدمى، والدعائى والترفيهى الذى يجذب مشاهدين معهم أموال، ويستطيعون أن يدفعوا».

وتابع: «طوال الوقت هذا ما يحدث، وكل المطلوب من أى مسئول عن أى منتج ثقافى هو أن يعمل جيدًا على مقومات النجاح، فلا بد أن يأخذ بأسباب النجاح، ومثلما هو نجاح فنى فهو نجاح مالى، فليس بالضرورة أن تكسب، لكن على الأقل نغطى تكاليف المنتج»، مشيرًا إلى أن ذلك يصلح لكل الأنماط الفنية، سواء فى العروض المسرحية أو السينما أو الأفلام.

وتحدث الدكتور هانى أبوالحسن، خلال صالون «الدستور»، عن بعض الأشياء التى يمكن الاستفادة منها، مثل حماية المحتوى، والاتفاق المسبق مع بعض المنصات لتحقيق عوائد مادية ونسب مشاهدة عالية.

واستطرد: «كانت لنا بعض التجارب التى عملنا فيها على حماية المحتوى، ولدينا قرارات معتمدة وموثقة ومرتبطة بالمنصات والحسابات البنكية، وأى شخص يأخذ محتوى تأتى له رسالة ويكون له الحق فى قفل المحتوى أو تركه، ويمكن أن نستفيد من ذلك ماديًا». وأشار أيضًا إلى إمكانية الاستفادة من الحرف اليدوية والصناعات البيئية والثقافية، ومجالات مثل تصنيع الخزف والخشب والنحاس والحلى والخيامية، مشيرًا إلى وجود مبادرة فى صنايعية مصر الثقافية، كانت متوقفة منذ فترة لكنها عادت مجددًا، وتتولى تجهيز المقرات وصيانة الأفران وتدعيم الصنّاع والحرفيين بالخبراء والخامات والتدريب، وحتى الاتفاق مع بعضهم لبيع منتجاتهم عبر منافذ معينة وإلى شركات يجرى التعاقد معها.

وأكد أن السؤال الحالى الذى يجب الإجابة عنه هو: «ننتج ليه؟»، لأنه لم يعد مقبولًا أن تقدم العروض والمنتجات الثقافية فى صالات خالية من الجمهور، مشيرًا إلى أن بعض الدول استطاعت تحقيق إيرادات كبيرة للغاية من خلال بعض التأثيرات الخيالية والعروض التى يستمر بعضها لسنوات قد تصل إلى ٢٧ عامًا.

رانيا يحيي: تغيير مفهومنا للثقافة كونها خدمة بداية الاستثمار في الإبداع

قالت الدكتورة رانيا يحيى إن مفهوم الاقتصاد الإبداعى شامل وعام ولكن ما زال علينا أن نعمل على إيضاحه وفهمه.

وأضافت: لنضرب مثلًا بأكاديمية الفنون تحديدًا لأنها تستقطب الأطفال فى سن صغيرة للالتحاق بمعهد الباليه أو المعهد العالى للموسيقى «الكونسرفتوار»، حيث يدفع الطالب رسومًا زهيدة مقابل الدراسة، بينما تتكفل الدولة به حتى يكبر ليصبح فى مستوى واحد مع أقرانه من العازفين والفنانين من مختلف دول العالم.

وتابعت رئيس قسم فلسفة الفن بأكاديمية الفنون: «تربينا على مفهوم يخالف تمامًا الوضع الحالى الذى يسير العالم نحوه وهو الاقتصاد الإبداعى، أى تحويل المنتج الفنى أو الثقافة إلى سلعة». 

وأشارت إلى أهمية إعادة النظر فى قوانين الملكية الفكرية بما يضمن واقعيتها وتنفيذها بالفعل، موضحة أن الأجيال الحالية والقديمة تربت على أن الثقافة خدمة وليست سلعة لكن هناك تطورات فى الحياة ولا بد أن نجاريها.

واستطردت: «علينا حتى لايتحول المبدعين إلى موظفين أو يستسلموا للبيروقراطية، أن ننتهج السياسات التى تهدف إلى (الاستثمار فى المبدع) وحتى تتمكن أكاديمية الفنون من تفريخ المبدعين فى مختلف القطاعات بدعم من وزارة الثقافة».

وأكدت «يحيى» أن هناك وزراء سابقين كانوا أدباءً وشخصيات عامة مثل وزير الثقافة الأسبق ثروت عكاشة الذى كان سابقًا لمعاصريه وصاحب نظرة مستقبلية تمثلت فى افتتاحه معهد الباليه وأكاديمية الفنون، وإرسال البعثات إلى الخارج وتهيئة المناخ المناسب لهم عند عودتهم لمصر لتطبيق ما تعلموه بما يضمن لصناعة الثقافة التطور والتحديث.

وأشارت إلى أن «التوعية الثقافية هى دور الفن فلا بد أن نرتقى بالناس، فغياب الثقافة ينتج عنه أن الدولة تدفع كثيرًا بسبب سلوكيات الناس».

وأكدت رئيس قسم فلسفة الفن بأكاديمية الفنون على أهمية إعداد كوادر من الصفين الثانى والثالث فى مختلف قطاعات وزارة الثقافة ومنها أكاديمية الفنون، بما يضمن حسن إدارة منظومة العمل فى المؤسسات الثقافية.

وتابعت: أرى أنه رغم حرص وزارة الثقافة على بذل المزيد من الجهود، وإقامة الفعاليات والأنشطة بما يضمن تحقيق العدالة الثقافية خاصة فى قرى المبادرة الرئاسية حياة كريمة والنزول للشارع من خلال «مسرح الشارع» و«سينما الشعب» وغيرها من المبادرات التى تدعمها الدولة المصرية، ولكن فى تصورى أن الثقافة ليست أعمالًا إبداعية تقدم للناس ولكنها مهمومة بتغيير سلوك البشر، وأن تكون جزءًا أصيلًا من السلوك، وأفضل وسيلة لضمان ذلك التركيز على الطفل المصرى وغرس تلك القيم فيه ليكون لدينا جيل جديد من المبدعين خلال ١٠ أو ١٥ سنة.

وأضافت «يحيى»: «من المهم أيضًا التركيز على فكرة التشبيك بين وزارة الثقافة والوزارات الأخرى المعنية بشرط أن تكون لوزارة الثقافة اليد العليا فى إدارة هذا الملف».

واستطردت: «بالنظر إلى التجربة اليابانية وفكرة المنظومة الأخلاقية التى تحكم سلوك المواطن اليابانى أرى أنها تبدأ منذ مرحلة الطفولة، ومن خلال مشاركتى فى إحدى الزيارات إلى بريطانيا للاطلاع على كيفية إدارة الملف الثقافى رأيت أن الدولة هناك حريصة على تبنى مفهوم الاقتصاد الإبداعى بشكله الحديث، وليس كما نعتقد أنه دعم الحرف التراثية واليدوية فقط، نحن فى حاجة إلى تغيير هذا المفهوم وأن نعرف جيدًا أن الاقتصاد الإبداعى يتضمن الآثار والسياحة وغيرهما من المجالات والصناعات الأخرى».

وأشارت إلى أننا فى حاجة لوسائل حديثة للتواصل مع الشباب وجذبهم وترويج المنتجات الثقافية خاصة من خلال التركيز على منصات التواصل الاجتماعى، التى تضمن الوصول إلى شرائح عمرية صغيرة وتتيح الوصول إلى أكبر عدد ممكن من المستخدمين بأقل التكاليف.

 

أحمد السيد: تفعيل قوانين حماية الملكية الفكرية وشركة للاستثمار الثقافى

رأى المخرج المسرحى أحمد السيد، أننا ما زلنا فى مجتمع يقدم الثقافة بالخدمة، وحتى يتم تعديل هذه النظرة ويتم الاستثمار فى الثقافة، لا بد من تفعيل قانون حماية حقوق الملكية الفكرية، متسائلًا: «ما المانع من تقديم الخدمات الثقافية للجمهور والاستثمار فيها فى نفس الوقت؟».

وقال «السيد»: «الهدف الأساسى من صناعة أى خدمة ثقافية هو وصول هذه الخدمة للمتلقى، وللأسف فى الفترة الأخيرة أصبحت الصناعة الثقافية تتم بغض النظر عن كون المتلقى موجودًا من عدمه، وهو أمر يستدعى دراسة الجمهور، والعمل على تقديم منتج فنى مبهر وممتع ومنضبط ومبدع».

وأضاف: «هناك العديد من الدول المستفيدة من الاقتصاد الإبداعى وعلى رأسها الصين، التى تبيع لنا سجادة الصلاة والجلابية وغيرهما من الأشياء المرتبطة بثقافتنا»، مشيرًا إلى أن «الإبداع لا يرتبط بالنشاطات والفعاليات الفنية فحسب، بل بكل ما يتعلق بهويتك ويُمكنك من استثمارها بالشكل الأمثل».

وانتقد مجددًا أن تكون منتجات مثل الجلابية والحجاب والكليم مستوردة من الصين، رغم ما نمتلكه فى مصر من تنوع ثقافى كبير وهوية متفردة، تتطلب استثمارها بشكل فعال والترويج لها فى مختلف دول العالم.

وواصل: لدينا كل المقومات التى تساعدنا على الترويج لمثل هذه الصناعات الثقافية، لكننا لم نفعلها ولم ندعمها، لأننا نعمل بمنطق «الخدمة الثقافية»، ونحتاج إلى الانتقال من مرحلة «الخدمة الثقافية» إلى «الصناعة الثقافية».

وأكمل: «نحن نـأخذ من الدولة كى نصرف على الثقافة، على الرغم من أن الثقافة تستطيع أن تكون مصدرًا للدخل وجلب الأموال، وهو أمر يحتاج إلى العديد من الخطوات العملية، على رأسها الجانب التشريعى، خاصة ما يتعلق بقوانين الحماية الفكرية، التى نادى بها الرئيس عبدالفتاح السيسى نفسه».

وأتم: «هناك بعض التحركات لحماية الملكية الفكرية فى وزارة الثقافة، لكنها ليست بالشكل المطلوب، فحقوق الملكية فى مصر لا تزال غير محمية بالشكل الكامل».

كما انتقد غياب «الاستثمار فى القطاع الحرفى»، وعدم استغلال ٣٨٦ «نقطة ثقافية» على مستوى الجمهورية ككل، ووجود انفصال واضح بينها، رغم الحاجة لأن تعمل بترابط بشكل شبكى، مضيفًا: «لا بد من التواصل مع الوزارات، وإنهاء ظاهرة عملها فى جزر منعزلة، حتى يمكن تخريج أجيال مدركة لقيمة الصناعات الثقافية».

وعما يُثار عن إمكانية «تهديد» الصناعات الثقافية هوية الفرد والمجتمع، قال «السيد»: «لا بالطبع، لن تهدد الهوية المصرية نهائيًا، ولو نزلنا إلى الأقاليم أو المدن سنجد أن لكل منها استقرارًا مجتمعيًا، لن تهدده الصناعة الثقافية بأى شىء. وكذلك فى حالة الاستثمار الخارجى، فلو تم تدريب مواطنينا بالشكل الأمثل سنغزو العالم، والمستثمر الأجنبى فى مصر سيجد كل ترحاب وقبول وسيستفيد الكثير».

وحكى المخرج المسرحى أنه فى عام ٢٠١٦/ ٢٠١٧، جاءت «منحة» بـ١.٢ مليار دولار من بلجيكا إلى وزارة الثقافة المصرية، التى كان يقودها وقتها الكاتب الصحفى حلمى النمنم، بهدف «رقمنة» قصور الثقافة، وربطها ببعضها البعض إلكترونيًا، وهو ما كان سيؤدى إلى تأسيس «قصور ثقافة ذكية»، لكن وزير الثقافة رفضها فذهبت إلى وزارة الشباب والرياضة.

وأضاف: «بعد هذه الواقعة وتحديدًا فى ٢٠٢٠، بدأت وزارة الثقافة تتحرك تجاه الرقمنة وتأسيس موقع إلكترونى لكل قطاع من قطاعاتها»، مستنتجًا أن «المشكلة تكمن فى التباطؤ وعدم تنفيذ الخطوة المناسبة فى الوقت المناسب»، مشددًا فى هذا الصدد على ضرورة «تفعيل» دور «الشركة القابضة للاستثمار الثقافى».

ونبه إلى ضرورة وضع تصور واضح ومحدد لما نحتاجه فى ملف الاستثمار فى الصناعات الثقافية والإبداعية، والاستفادة من شبكات التواصل الاجتماعى فى التسويق للمنتج الثقافى والإبداعى.

ورأى أن الإشكالية الأخرى التى تواجه الصناعات الثقافية هو الحاجة إلى استهداف جيل كامل بجميع أنواع الفنون، رغم أن هذا الجيل «المراهقين من ١٢ لـ١٤ سنة»، ليست لديه «قيمة أخلاقية»، وهو ما دفع بظهور نتاج ثقافى مثل «أغانى المهرجانات».

وشدد أيضًا على ضرورة توسعة مساحة الحريات لمنظمات المجتمع المدنى، ما يدفع بظهور «كيانات ثقافية موازية»، ومعاملة مشاريعها باعتبارها مشروعات صغيرة ومتوسطة، ومنحها كل المزايا التى تُمنح لهذه المشروعات.

رشا عبدالمنعم: تنمية وتطوير الاقتصاد الإبداعى وإشراك المجتمع المدنى

قالت الناقدة المسرحية رشا عبدالمنعم، إن رسم الاستراتيجيات الواضحة يتطلب معرفة الواقع بصدق، بسلبياته وإيجابياته، مبينة أن «البيئة الخاصة بالصناعات الثقافية تتطلب عملًا على المستويين الاقتصادى والاجتماعى، وزيادة مخصصات الثقافة، مع تغيير وجهة نظرة المسئولين تجاه وزارة الثقافة، إذ إنه على الرغم من أن الثقافة خدمة إلا أن القيام بدورها سيوفر عائدًا ماديًا كبيرًا، فالعائد الاقتصادى الخفى أهم بكثير مما ينفق على الثقافة».

وأضافت: «نحتاج للاستثمار فى الصناعات الثقافية إلى تحسين مناخ بيئة هذه الصناعات، وعلينا الاستفادة من دروس وتجارب الدول الأخرى، فمفهوم الثقافة فى الصين واسع ولا يتوقف عند الكتاب واللوحة والقصة وغيرها، إذ إن الثقافة أكثر اتساعًا، وتمثل قيمة مضافة، كما أن كل شىء يمكن أن يتحول إلى منتج ثقافى، فلو وضعت رموز فى فلاشة ستصبح منتجًا ثقافيًا، وهذا الأمر لا يحتاج فقط إلى اتساع رؤية المفهوم الثقافى، بل وتطوير ذهنية مبتكر المنتج الثقافى وفتح الأبواب والمجالات لأن يقوم المجتمع المدنى بدوره، مع إجراء تعديلات على التشريعات، فهناك تشريعات تقتل الأمل فى تطوير المنتج».

وواصلت: «نحتاج لدعم خصوصية المنتج الثقافى وتمييزه، وتغيير الهيئات التنظيمية وإعادة الهيكلة، فالثقافة ليست عملًا فى وزارة الثقافة وحدها لكن تشارك بها وزارات التربية والتعليم والشباب والرياضة والتضامن وغيرها، نحتاج إلى رؤية جديدة فى التخطيط الثقافى وما يستتبعه من تخطيط مالى، مع العدالة الثقافية، وهناك أشياء بسيطة يمكن أن تحدث فارقًا، ففى الصين درسنا ثلاثة أشهر، وشرح أحد المحاضرين كيف تعاملوا مع السياحة، وكيف حوّلوا قرية إلى حديقة زهور، لأنهم أدركوا أن السائح تعنيه الصورة».

وأكدت «عبدالمنعم» أن تقديم الثقافة كخدمة مسار ضرورى لمجتمع فيه نسبة الأمية كبيرة، ومن ثم لا يمكن التعامل مع الثقافة كمنتج اقتصادى فى ظل هذه الأمية مع ارتفاع معدلات الفقر؛ لكن يجب أن نعمل على تنمية وتطوير الاقتصاد الإبداعى من خلال عدة آليات، مثل الشراكات بين الدولة والمجتمع المدنى، والشراكات الإقليمية مع مراكز ثقافية أجنبية فى مصر، واستعادة الدور الريادى الثقافى لمصر، والذى لن يحدث إلا من خلال استعادة منتجنا الثقافى لريادته مرة ثانية عبر منحها الحرية، وتسهيل الإجراءات أمام المبدعين خاصة الشباب.

وأوضحت: «تنفيذ هذه الآليات يأتى من خلال خريطة واضحة للصناعات الثقافية والإبداعية فى مصر، وتدشين قاعدة بيانات بجميع المنتجات الثقافية والإبداعية، ورفع القدرات للعاملين فى القطاع الثقافى، خاصة فى ظل ضعف ميزانيات التدريب، ما يجعلنا نعمل على فكرة التشبيك الثقافى مع الجهات الثقافية الدولية الفاعلة، وتخريج الكوادر الثقافية من خلال معهد الإدارة الثقافية الذى أنشئ فى أكاديمية الفنون، وقت رئاسة الدكتورة أحلام يونس، وما زالت لائحته لم تنتهِ بعد».

وأشارت «عبدالمنعم» إلى أن الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، أصدر قرارًا فى ٢٠١٤ متعلقًا بإنشاء وحدة المسرح المستقل، تكون تابعة فنيًا وإداريًا للمجلس الأعلى للثقافة، وماليًا لصندوق التنمية الثقافية، وأن يوفر الصندوق ٢ مليون جنيه لدعم ٥٠ عرضًا مسرحيًا، لكن المشروع توقف.

ودعت «عبدالمنعم» إلى تدشين مبادرة بعنوان «مليون حلم ثقافى»، تدعمها جريدة «الدستور»، تقوم على تحفيز أصحاب المسئوليات الاجتماعية ورجال الأعمال والبنوك لدعم المشروعات الثقافية الجادة، على أن يتوفر لهذه المبادرة حساب بنكى لتلقى التبرعات من رجال الأعمال لدعم المشروعات.