رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«صُنع فى مصر» يغزو العالم.. تحركات الحكومة لتحقيق حلم الـ«100 مليار دولار صادرات»

صُنع فى مصر
صُنع فى مصر

يوم تلو آخر تقترب مصر من تحويل حلم الـ١٠٠ مليار دولار صادرات إلى حقيقة، فى ظل وجود عدد ضخم من سلع منتجة محليًا تغزو الأسواق العالمية شرقًا وغربًا، وتحمل شعار: «صُنع فى مصر».

يأتى ذلك فى إطار خطة متكاملة لتعميق التصنيع المحلى، وتوفير مورد جديد ومزدوج من العملة الصعبة، سواء عن طريق زيادة الصادرات أو ترشيد الواردات.

«الدستور» تكشف فى السطور التالية عن أبرز ملامح هذه الخطة، لنتعرف كيف تعمل الحكومة لتحقيق هذا الحلم المهم للغاية بالنسبة للاقتصاد الوطنى.

التركيز على 6 قطاعات صناعية أساسية باستثمارات 16.6 مليار دولار خلال 5 سنوات

تعد الصناعة من بين القطاعات الأعلى مساهمة فى الناتج المحلى، بنسبة وصلت إلى ١٧.١٪ فى المتوسط. وبلغ عدد التراخيص الصناعية المصدرة ما يقرب من ٥٠ ألف رخصة خلال آخر ٤ سنوات.

ويستحوذ قطاع الصناعات الغذائية على النصيب الأكبر من التراخيص الصناعية المصدرة بنحو ١٦.٣٤١ ألف رخصة، تليها الصناعات الكيماوية بـ١١.٧ ألف رخصة، وصناعات الغزل والنسيج ٩.٢ ألف رخصة، والصناعات الهندسية ٩.٠٢٣ ألف رخصة، والصناعات المعدنية ٢٠٧٢ رخصة، والصناعات الدوائية ٢٥٣ رخصة، والصناعات التعدينية ٢٧٢ رخصة، وصناعة الجلود ٤٩١ رخصة.

وأطلقت الحكومة برنامجًا لرفع معدلات التشغيل والنمو، يُنفَذ خلال الفترة بين منتصف ٢٠٢٢ حتى منتصف ٢٠٢٥، ويستهدف إنشاء ٣٠٠ مصنع عملاق مؤهل للتصدير بالتعاون مع القطاع الخاص، وتوفير ٨٠٠ ألف فرصة عمل جديدة مباشرة وغير مباشرة فى الصناعات الكبرى.

وتركز الخطة على تعظيم الصادرات فى القطاعات الآتية: صناعة المنسوجات، صناعة الفلزات القاعدية، صناعة منتجات المطاط واللدائن، صناعة المنتجات الغذائية، صناعة معدات النقل الأخرى، صناعة الورق وأنشطة النشر، صناعة منتجات المعادن اللافلزية، صناعة الحواسب والمنتجات الإلكترونية والبصرية، صناعة المركبات ذات المحركات والمركبات المقطورة ونصف المقطورة، صناعة الآلات والمعدات غير المصنفة فى موضع آخر، صناعة المنتجات الصيدلانية الأساسية والمستحضرات، صناعة منتجات المعادن المشكلة باستثناء الآلات والمعدات.

وتستهدف الخطة التركيز على ٦ قطاعات صناعية أساسية مستهدفة للاستثمار خلال السنوات الخمس، بإجمالى استثمارات قدرها ١٦.٦ مليار دولار، على رأسها الصناعات الكيماوية بنحو ٤.٣ مليار دولار، والصناعات الهندسية ٤.٠٧٠ مليار دولار، والصناعات الطبية والدوائية ٢.٥ مليار دولار، والصناعات النسيجية ٢.٤ مليار دولار، والصناعات الغذائية والحاصلات الزراعية ١.٩ مليار دولار، وصناعات مواد البناء والصناعات المعدنية ١.٥ مليار دولار.

وتولى الخطة أيضًا أولوية لتحفيز القطاع الخاص لتعميق الصناعة المحلية، وزيادة تنافسية المنتج، من خلال خفض ٢٣٪ من إجمالى الواردات المصرية، أى بما يعادل أكثر من ٢٠ مليار دولار

خطة لتحقيق 20 مليار دولار من صادرات تكنولوجيا المعلومات

قالت الدكتورة زينب الصاوى، خبير تخطيط بيئى فى معهد التخطيط القومى، إن مصر تحظى بنشاط ملحوظ فى تطوير قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، بعد فترة التأثير السلبى للأحداث منذ ٢٠١١ حتى ٢٠١٣.

وأضافت: «تضاعفت الصادرات التكنولوجية فى ٢٠١٨، مع تبنى سياسات اقتصادية خلال المرحلة الأولى للبرنامج الوطنى للإصلاحات الهيكلية، التى بدأت عام ٢٠١٦ بتحرير سعر صرف الجنيه، ما ساعد فى جذب الاستثمارات، وزيادة الإنفاق على السلع التكنولوجية، الأمر الذى انعكس على تطور ترتيب مصر فى مؤشر الجاهزية الشبكية فى ٢٠١٩ و٢٠٢٠».

وكشفت عن استهداف الحكومة تحقيق ٢٠ مليار دولار من صادرات تكنولوجيا المعلومات بحلول ٢٠٢٥، ارتفاعًا من ١.٧ مليار دولار فى ٢٠١٦، ضمن خطة شاملة تستهدف أيضًا زيادة حصة الناتج المحلى الإجمالى لهذا القطاع من ٣.٥٪ فى ٢٠١٦ إلى ٨٪ بحلول ٢٠٢٥.

وواصلت: «السياسة الحكومية تستهدف تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بالتركيز على خدمات تطوير البرمجيات الموجهة للتصدير، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية للنطاق العريض، وسيؤدى هذا إلى زيادة الاعتماد على الأجهزة، وتمكين مجموعة واسعة من حلول البرامج والخدمات فى قطاع المؤسسات».

وبينت أن: «اتجاه القطاع العام للتحول إلى البرمجيات مفتوحة المصدر سيقلل من المبيعات، لكنه سيقلل أيضًا من التكاليف التى تتحملها الحكومة، وسيكون نمو الطلب على البرمجيات والخدمات أقوى بسبب محركات النمو المزدوجة فى المعلوماتية الأساسية داخل القطاعين العام والخاص، إلى جانب الطلب على المشروعات الأكثر تعقيدًا والتقنيات الجديدة من قبل الشركات الكبيرة والمستثمرين الأجانب».

وأشارت إلى ضخ الحكومة استثمارات كبيرة فى إنشاء وتشغيل المناطق التكنولوجية فى مختلف المحافظات، إلى جانب تأهيل الشباب وتدريبهم على مختلف التقنيات الرقمية، لتصدير العمالة المصرية أو لتوفيرها لصالح الشركات المحلية، فى ظل سياسات التعليم العالى بالتوسع فى إنشاء كليات الحاسبات والذكاء الاصطناعى، التى بلغ عددها ٤٦ كلية فى مختلف الجامعات الحكومية والخاصة بحلول العام الدراسى ٢٠٢١/٢٠٢٢، لتوفير متخصصين على مستوى عالٍ من الاحترافية فى المجال.

كما نبهت إلى أن أعداد الشركات التكنولوجية الناشئة شهدت تزايدًا مطردًا خلال الفترة من ٢٠٠٩ إلى ٢٠٢٠، من شركتين إلى ٥٥٠ شركة.

7.2 مليار دولار استثمارات فى البلاستيك لإنتاج 2.1 مليون طن سنويًا

من بين الصناعات الواعدة، التى تخطط الدولة لتوطينها محليًا، تأتى صناعة البلاستيك، التى يؤكد الدكتور مغاورى شلبى، رئيس المجموعة الاقتصادية بوزارة التجارة والصناعة، أنها صناعة ذات أهمية خاصة فى مسيرة التنمية الصناعية بصفة عامة، وفى تعميق الصناعة المحلية بصفة خاصة، لكونها تساعد فى قيام منظومة متكاملة من الصناعات حولها.

وقال «شلبى»: «تبلغ الاستثمارات فى صناعة البلاستيك فى مصر حوالى ٧.٢ مليار دولار، وتبلغ قيمة إنتاجها حوالى ١٦.٦ مليار دولار سنويًا، وتنتج مصر حوالى ٢.١ مليون طن من المنتجات البلاستيكية، وهو ما يمثل نحو ٢٠٪ من حجم السوق الإفريقية، فيما تستهلك منتجات بلاستيكية بحوالى ٩.٤ مليار دولار سنويًا، وينمو معدل الاستهلاك بنحو ٩.٧٪ سنويًا».

وأضاف: «تعميق صناعة البلاستيك يتطلب حزمة من السياسات والآليات المتكاملة، تتضمن زيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتقديم مزيد من الحوافز والتسهيلات الائتمانية للمصانع، خاصة الحوافز اللازمة لدعم قدرتها على تبنى التكنولوجيا الحديثة».

واقترح تبنى استراتيجية جديدة لدمج مصانع البلاستيك غير الرسمية فى القطاع الرسمى، مشددًا، فى الوقت ذاته، على ضرورة تبنى سياسات تجارية تشجع على تعميق صناعة البلاستيك، عبر تسهيل التجارة الخارجية لمستلزمات الإنتاج، مع تطوير عمليات فحص الواردات منها، وتسريع الإفراج عنها من المنافذ الجمركية، ومراعاة تأثير زيادة التعريفة الجمركية أو فرض رسوم إغراق على الواردات من مستلزمات الصناعة، لكونها تؤثر على جهود تعميق هذه الصناعة.

البرنامج الوطنى لإنتاج تقاوى الخضر يوفر استيراد 98% منها

عن الصناعات الغذائية، قالت الدكتورة هدى النمر، الأستاذ بمركز التخطيط والتنمية الزراعية بمعهد التخطيط القومى، إن الخضر تعد من المحاصيل الزراعية ذات الأهمية الاقتصادية والغذائية المرتفعة، ورغم تمتع مصر بالعديد من الإمكانات الطبيعية والمادية والعلمية والخبرة الطويلة فى إنتاج تقاوى المحاصيل المختلفة إلا أن إنتاجها المحلى من تقاوى محاصيل الخضر لا يغطى سوى ٢٪ من احتياجاتها السنوية، لذا يتم استيراد ٩٨٪ من الاحتياجات من تلك التقاوى من الخارج.

وأوضحت أن تعميق إنتاج تقاوى محاصيل الخضر محليًا يواجه العديد من المعوقات التسويقية والهيكلية والتنظيمية والإجرائية، منها غياب وضعف كفاءة العديد من التشريعات، وطول الفترة الزمنية اللازمة لتسجيل الأصناف الجديدة، وصعوبة المنافسة مع الشركات العالمية العملاقة المنتجة لتقاوى الخضر.

وأضافت: «مصر لديها العديد من الفرص المحفزة لإنتاج تقاوى الخضر محليًا، يأتى فى مقدمتها إطلاق البرنامج الوطنى لإنتاج تقاوى الخضر، فى عام ٢٠١٩، الذى يستهدف استنباط أصناف وهجن محلية لتحل محل مثيلتها المستوردة، وذلك بجانب انضمام مصر إلى عضوية الاتحاد الدولى لحماية الأصناف النباتية، وقرب إصدار البرلمان لقانون الأمان الحيوى، الذى سيسمح باستخدام التكنولوجيا الحيوية الحديثة، التى تعد إحدى آليات إنتاج هجن سلالات ذات إنتاجية عالية ومقاومة للآفات والأمراض والظروف البيئية غير المواتية».