رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«بابا نويل» وفكرة لعامنا الجديد!

يصلح "بابا نويل" تمامًا أن نتخيله عامًا جديدًا، ولوتخيلناه هكذا كان العام سعيدًا طبعا؛ فهو الشخصية الأسطورية المحبوبة المحملة بالهدايا الرائعة للأطفال والأمنيات الطيبة للجميع.. حسنا، لماذا لا نتخيل عامنا الجديد هكذا؟!
الأعوام بشر في جميع الأحوال، أي تكتسب أحداثها قيمة بسبب الوجود البشري الذي يملؤها صانعا هذه الأحداث أصلا، ولا قيمة للأعوام بذاتها؛ فهي فراغ من غير الجماعة البشرية وهي عبء على نفسها.. أنا سأتخيل عامي كما أسلفت، وأظنني سأشعر بارتياح بالغ لهذا الاختيار المنبني على نفور هائل من الأعوام الخالية من صفات البشر الودعاء، ويقضيها الناس كمن يسيرون في طرق وعرة، فكثيرا ما يتعثرون، بل تصيبهم المصائب..
البشاشة والعطاء ما أردت أن أثبته كحل لجعل السنة حلوة من بدايتها، ولو لم تكن بشاشة ولو لم يكن عطاء لصارت الحياة مستحيلة، والبشر الذين يملكون لطافة وطلاقة وجوه لا تحصى أعدادهم، عندنا وفي كل الدنيا، ومن اليسير أن نسمي عامنا باسم بشر من هؤلاء، لا يشترط أن يكون شهيرا، كالاسم الشهير الذي سميت أنا به عامي.. في الحقيقة لم أسمه به وحسب، لكنني صبغته بصبغته، راجيا أن يكون مثله بشوشا ومعطاء، والمهم أنني فتحت الباب للناس كلهم أجمعين أن يقتدوا بي لو شاءوا؛ وفي ذلك خلاصهم من ربقة الشهور والأيام، وفيه احترام وافر لبشريتهم أيضًا؛ لأنهم سيستبدلون بشرا لطيفا بعام مجهول فيكون البشر له قوة العام وسطوته، وهذا شأن ليس بالهين، ويتحلى العام باللطف البشري في الوقت نفسه، وهذا مكسب للإنسانية التي تخاف من الأمراض والحروب والفتن، وتتمنى لو جرى الزمن بدون أن يترك فيها جراحا غائرة لا تندمل.
الخيال جنتنا الأرضية، ومن الفشل أن نتركه بلا عمل، ونجعل الواقع المؤسف هو الظل المعاش وحده، وقد قال النبهاء الواعون، في التفريق بين رجلين، يملك أحدهما خيالا والثاني لا يملكه، أنهما، أي الشخصان، مرا على مكان قبيح؛ فقال الأول في نفسه: ما أقبح المكان! وابتعد سريعا.. وقال الثاني: ما أجمل المكان لو أنني نظفته وزرعت فيه وردا ودللت الناس عليه كي يتنسموه ويستمتعوا به! واقترب أكثر وعقله مشغول بالتفكير فيما يمكن أن يفعله لإصلاح ما فسد..
قالوا: الأول واقعي والثاني خيالي، ولكن يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن الواقعيين ذوو خيال خلاق أيضا، أو هذا هو الصواب الذي ينبغي أن يكون، وأن الخياليين لا يصح أن ينفصلوا عن واقعهم البتة!
سأسمي عامي "بابا نويل" تفاؤلا بالشخصية العالمية الفذة، وعلى هذا سأجد بين يدي العام ما بين يدي الرجل ذي اللحية الثلجية الكبيرة والملابس الحمراء ذات الأطراف البيضاء المميزة، سأجد خيرًا كثيرا، وهو ما ستجدونه لو تبنيتم موقفي البسيط نفسه.