رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

النقل النهرى.. طفرة قريبة

قانون «إعادة تنظيم النقل النهرى» صدر، إذن، ولم يعد «مشروع قانون»، كما زعم مطلقو شائعة تنازل الدولة عن موانئ نهر النيل، وبيانان حكوميان، بكل أسف، أحدهما صادر عن وزارة النقل والآخر عن رئاسة مجلس الوزراء. وصباح أمس، اجتمع وزيرا النقل والتنمية المحلية، بحضور عدد من قيادات الوزارتين، لبحث الآليات التنفيذية لتطبيق القانون ونقل الصلاحيات الخاصة بالمحافظات إلى الهيئة العامة للنقل النهرى.

نشأت «الهيئة العامة للنقل النهرى» بالقرار الجمهورى رقم ٤٧٤ لسنة ١٩٧٩: هيئة عامة، تتبع وزير النقل، لها شخصية اعتبارية مستقلة ومركزها مدينة القاهرة، وتهدف إلى «تنمية الاقتصاد القومى عن طريق رفع كفاءة مرفق النقل المائى عبر نهر النيل وقنواته الملاحية وتطويره بما يحقق استغلاله الاستغلال الأمثل على أسس فنية واقتصادية سليمة يؤدى دوره فى التنمية»، والتعريف نفسه تقريبًا، تضمنه القانون الجديد.

تحت عنوان «موانئ النيل.. هبْد مزدوج»، أوضحنا منذ يومين أن الجريدة الرسمية نشرت قانون «إعادة تنظيم الهيئة العامة للنقل النهرى»، رقم ١٦٧ لسنة ٢٠٢٢، فى ١٩ نوفمبر الماضى، وبدأ العمل به اعتبارًا من اليوم التالى، وأشرنا إلى أن «الهيئة العامة للنقل النهرى» حلت بموجبه محل «إدارة الملاحة الداخلية المختصة بالمحافظات»، فى إصدار التراخيص الملاحية للوحدات النهرية والعائمات الثابتة والذهبيات وأطقم العاملين عليها، وخطوط التزام المعديات، بالتنسيق مع الوزارات والجهات ذات الصلة. كما حلّت الهيئة، أيضًا، محل «قطاع تطوير وحماية نهر النيل» بوزارة الموارد المائية والرى، فى تحديد المراسى، والموانئ، وإصدار الترخيص بإنشائها وتشغيلها وإدارتها، ووضع القواعد الخاصة باستخدامها، والرسو عليها. 

تأسيسًا على ذلك، اتفق وزيرا النقل والتنمية المحلية، خلال اجتماع أمس، على بدء إجراءات التسليم والتسلم بين المحافظات و«الهيئة» خلال الشهر المقبل، مع نقل الملفات والتراخيص وعدد من كوادر إدارات الملاحة النهرية، حال رغبتهم، للعمل فى الهيئة، كما تم الاتفاق على استمرار المحافظات فى إصدار التراخيص المؤقتة حتى نهاية فبراير، إلى أن يبدأ عمل الهيئة رسميًا فى مارس المقبل. وأشار وزير التنمية المحلية إلى أن الوزارة انتهت خلال الفترة الماضية، بالتنسيق مع المحافظين، من حصر أعداد المعديات والعبارات وموقفها من الترخيص وأعداد المراسى النيلية والحالة الفنية لها، وأعداد العاملين بإدارات الملاحة النهرية.

بتوحيده جهة إصدار التراخيص، ومع تحقيقه التنظيم الموحد والمحكم والمنضبط لكل ما يتعلق بالنقل النهرى، ومعالجته عشوائية التنظيم وتضارب الاختصاصات بين الإدارات المختلفة، نرى أن القانون الجديد سيشجع القطاع الخاص على الاستثمار فى هذا القطاع، وسيساعد فى تنفيذ خطة وزارة النقل، لتطوير منظومة نقل الركاب والبضائع عبر نهر النيل، التى من المتوقع أن تؤتى ثمارها بنهاية العام المقبل، والتى تشمل القيام بأعمال تكريك متواصلة فى المجرى النهرى لتسهيل الملاحة، بعد أن أتاح «القانون» للهيئة وضع تخطيط شامل لمرفق النقل النهرى وكافة الأعمال الصناعية المتعلقة به، واعتماد البرامج والمشروعات اللازمة.

التنقل المستقر فى نهر النيل يحتاج أن يكون عمق مجراه ٢.٣ متر على الأقل، بحسب دراسة أجرتها جامعة بنها والمركز القومى لبحوث المياه، أكدت أن تحقيق عوائد مادية أفضل يتطلب استثمارات ضخمة فى أعمال التكريك. كما أشارت «أجندة الإصلاحات العاجلة لدفع النمو الصناعى»، الصادرة عن اتحاد الصناعات المصرية، إلى أن انخفاض عمق مجرى النيل فى عدة مناطق إلى أقل من ١٥٠ سم يحدّ كثيرًا من حجم وحمولة ونوعية الوحدات النهرية، ويتسبب فى كثير من الحوادث ويؤثر بالسلب على اقتصاديات النقل.

.. وتبقى الإشارة إلى النقل البرى لا يزال هو الوسيلة الأكثر جاذبية لتنقل الأشخاص أو شحن البضائع، بسبب السرعة وتوافر البنية التحتية. غير أن النقل النهرى يتميز بقدرته على نقل الأنواع ذات الأحجام الكبيرة من البضائع، التى لا يمثل الوقت والسرعة أهمية كبرى فى نقلها، إضافة إلى انخفاض تكاليف القوة المحركة فى المياه إجمالًا، واستهلاكها الأقل للوقود وتأثيرها، الذى لا يقارن بتأثير النقل البرى، على البيئة والمناخ.