رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«حياة كريمة» تقضي على الهجرة غير الشرعية من كفر الشيخ لأوروبا

الهجرة غير شرعية
الهجرة غير شرعية

عانت قرية "الجزيرة الخضراء" التابعة لمركز مطوبس بمحافظة كفر الشيخ من التهميش وانعدام الخدمات الأساسية في مختلف القطاعات الأساسية طوال السنوات الماضية مما دفع أهلها وخاصة الشباب منهم إلي السفر لاروبا بحرا تهريبا بواسطة السماسرة وهو ما بات يعرف بـ "الهجرة الغير شرعية" عبر البحر الأبيض المتوسط راغبين في الثراء السريع وأيضا جشع ذويهم في تحقيق أرباح طائلة من وراء أولادهم إذا وصلوا للقارة العجوز،  حتي ذاع صيت هذه القرية في هذه الهجرة غير شرعية فباتت مقصدا لكل من يراوده السفر لأوروبا.

ومن أسباب تصدر الجزيرة الخضراء لهذه الهجرة هو قربها الشديد من اليونان وأيضا إيطاليا، إذ تأخذ المركب وقت 34 ساعة فقط من الجزيرة الخضراء لسواحل اليونان وأكثر من ذلك بقليل لايطاليا حتي باتت تلك الجزيرة هي المقصد الأول للهجرة غير الشرعية لقربها من السواحل الأوروبية ، فانتعشت تلك التجارة وصار لها سماسرة وتسعيره وتنظيمات تسير تلك النوع من التجارة.

ولعل تلك الأسباب السالف ذكرها، كانت سببا قويا في تدخل الدولة وأحكام قبضتها لوقف الهجرة غير الشرعية في تلك القرية والقاء القبض علي السماسرة الذين يقومون بتسهيل هذا النوع من التجارة، وليس هذا فحسب بل عملت بقوة علي تنمية تلك القرية والارتقاء بالخدمات المقدمة للمواطنين هناك، بل وانشأت اكبر مزرعة سمكية "بركة غليون" في المكان الذي كانت تنطلق منه كثير من رحلات تلك الهجرة في البحر لتغلق الباب الذي كان مفتوحا علي مصراعيه للهجرة غير الشرعية ، كما عملت الدولة علي ايجاد وتوفير فرص عمل لشباب تلك القرية.

الأهالي: ولادنا ماتوا وحلم الثراء السريع هو السبب.. وكتير من شبابنا ضاع في أوروبا

قال علاء شرف، خريج سياحة وفنادق واحد شباب القرية، إن الهجرة غير شرعية كانت رائجة للغاية في بلدتهم الواقعة علي ساحل البحر الأبيض المتوسط والقريب من أوروبا، ولم يكن الأمر يقتصر على أهل القرية فقط بل كانت مقصدا أيضًا للأفارقة والعديد من الجنسيات العربية للهجرة الغير شرعية لأوروبا، وكان السفر يتم عن طريق سماسرة أطلقنا عليهم "سماسرة الموت" من كثرة الشباب الذين ماتوا، وهم في طريقهم لأوروبا بواسطة هؤلاء السماسرة.

وتابع أن تدهور الأوضاع في القرية كان سببا من أسباب هجرة أهلها لأوروبا، ولكن ليس هو السبب الرئيسي فالطمع والجشع والحلم في الثراء السريع هو كان يدفع الأب إلى الاستدانه احيانا ودفع أموال طائلة السمسار وأن يرمي ابنه في البحر وهو يعلم أنه من المحتمل بقوه أن يموت ولكنه لايأبه بذلك، فكل همه أن يعود له ابنه بالملايين من أوروبا كما فعل ابن عمه مثلا أو فلان من أهل القرية، فالجميع كان يتسابق في الثراء السريع فالغيرة من الغير كانت تدفعه لتسفير ابنه حتي لا يكون اقل من أحد.

أضاف شرف، أن صورة على "الفيسبوك" لشخص نجح في الوصول لأوروبا كانت تكلف شباب كثير أرواحهم في رحلتهم لأوروبا لكي يكونوا مثله فتلك الصورة كانت تقلب القرية رأسا على عقب ويتسارع الجميع الي تسفير أبنائهم حتي يصبحوا مثل الشخص الذي سافر تلك ونشر صورته علي الفيسبوك وصار معه أموالا كثيرة.

واختتم شرف، حديثه، أنه حاليا تم القضاء علي الهجرة غير شرعية لأوروبا في القرية بفضل جهود الدولة للتصدي لهذا النوع من التجارة وأيضا تم تدشين مبادرة " حياة كريمة" في القرية للارتقاء بالخدمات الأساسية بها وتحسين مستوي المعيشة، كما تم القاء القبض علي سماسرة الموت وفرض تشديدات أمنية علي مراكب الصيد الذي كان يتم استخدامها في التهريب ، كل هذا قضي بشكل كلي علي الهجرة غير شرعية في الجزيرة الخضراء وهو ما أصبح واضح بشكل جلي للجميع.

فيما أكد تامر دياب، معلم لغة عربية من أهالي قرية الجزيرة الخضراء، أن هناك عشرات الشباب ومنهم لم يكمل الـ 18 عاما من أبناء القرية قد ماتوا في البحر وهم في طريقهم لأوروبا والأهل يعلمون أن ابنهم من الممكن أن يموت ولكن يرسلوه بل ويفعلون المستحيل من أجل تسفيره حتي يعود لهم جثة هامدة، والغريب في الأمر أن موت ابنهم لم يكون رادعا لهم فمنهم من يرسل ابنه الثاني لكي يحقق الحلم الذي فشل شقيقه الاول أن ينفذه ومات في سبيل ذلك، فيبعث الابن الثاني لكي يعود له بالاموال الطائلة مثل الذي فعل قبل ذلك من أهل القرية ونجح في الوصول لأوروبا وصار نموذجا لهم.

وأكد دياب، أن هناك شباب كانوا يسافرون من وراء ذويهم وذلك بالاشتراك مع زملائهم وعن طريق السماسرة، وكان والده يعلم بما فعله ابنه حينما يصل ابنه الي أوروبا أو حينما تصل له جثة ابنه، فالثراء السريع والتقليد للغير كان هو الهاجس الأكبر لكل من يسعي وراء تلك النوع من الهجرة، لافتا أن لاشيي يستحق أن يقوم أحد تلك المخاطر من أجل المال الغير مضمون ، لافتا أن هناك عدد من شباب القرية عندما وصلوا أوروبا ضاعوا وابهرتهم الحياة هناك فأصبحوا يشربون الخمور ويرتادون الملاهي الليلية ونسوا أهلهم تماما وحتي الأن هم كذلك.

وأوضح تامر دياب، أن مزرعة بركة غليون العملاقة التي تم إنشاؤها على ساحل البحر المتوسط جاءت لتنهي أسطورة الهجرة غير الشرعية في الجزيرة الخضراء والتي كانت المقصد الأول لها في مصر ، إذ تم إنشاء تلك المزرعة في النقطة التي كانت تستخدم في الهجرة، داعيا إلى ضرورة تكثيف أعمال مبادرة حياة كريمة بالقرية والتي تم البدء فيها مؤخرًا ومن شأنها أن تضع القرية في مسار التطوير الذي حلم به الأهالي طوال السنوات الماضية.

ولفت محمد عبد الواحد، أحد شباب القرية، أن السماسرة يبدأون اللعب في رؤوس الشباب، بتحقيق حلم الثراء، وتكوين مستقبلة في ظل ظروف اقتصادية حرجة تعيشها البلاد، فأغلبهم يعملون بمهنة الصيد، والبعض من الشباب ينتشر أغلبهم على المقاهي انتظاراً لحلول الفرج بسفر للخارج، لافتا أن قرية الجزيرة الخضراء كانت مهمشة قبل ذلك، وهو ما سبب لجوء الشباب إلى الهلاك عن طريق الهجرة غير الشرعية.

وتابع : لكن الوضع حاليا أصبح مختلف تماما ، فالهجرة الشرعية قد تم القضاء عليها بفضل التنمية التي باتت تشهدها القرية في الآونة الأخيرة ضمن مبادرة "حياة كريمة" ، وتوفير العديد من فرص العمل، وأيضا المجهودات الأمنية للتصدي لهذا النوع من التجارة والذي كانت تعرف بتجارة الموت لكثرة الشباب الذين ماتوا وهم في طريقهم إلي حلم الثراء السريع في أوروبا.

مجهودات الدولة في القضاء على الهجرة غير الشرعية فى الجزيرة الخضراء

كشف اللواء جمال نور الدين محافظ كفر الشيخ، أن مبادرة حياة كريمة التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي لتطوير الريف المصري يتم تطبيقها الآن في قرية الجزيرة الخضراء وباقي قري مركز مطوبس الذي يقع في أقصى شمال المحافظة والذي يقع جزء منه على البحر المتوسط والجزء الآخر على النيل ويقيم فيه 10% من السكان والبالغ عددهم 350 ألف نسمة.

وأكد محافظ  كفر الشيخ، أن الدولة اتخذت إجراءات قوية لمنع الهجرة غير الشرعية من كفر الشيخ، لافتا أن مركز مطوبس كان يمثل مركزا للهجرة غير الشرعية، مشيرًا إلى أن الدولة اهتمت به وشهد تغييرا في كل نواحي الحياة وتطوير شامل لكل أجهزة المرافق سواء مياه أو كهرباء أو غاز أو اتصالات، وكذلك قطاعات الصحة والتعليم والخدمات الحياتية والمجمعات الحكومية الصغيرة، وذلك في إطار المبادرة الرئاسية "حياة كريمة".

وأضاف نور الدين، أن مبادرة حياة كريمة تشمل الريف والصيد، وتطوير شامل لكافة قري مطوبس وعلى رأسها الجزيرة الخضراء، مشيرا إلى أن المجتمع المدني ساعد في توفير سكن كريم للأسر الأكثر احتياجا في قري كفر الشيخ، كما يوجد لدينا كلية للثروة السمكية في كفر الشيخ تسهم في توفير العديد من فرص العمل للشباب.

في السياق ذاته، فقد نظمت الوحدة المحلية لمركز ومدينة مطوبس عددًا من الندوات التوعوية، وورش عمل عن الهجرة غير الشرعية، وكيفية تنمية المشروعات الصغيرة ومراكز الشباب، لرفع الوعي الثقافي ومكافحة الهجرة غير الشرعية بالتعاون مع جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، ووحدة حماية الطفل بالوحدة.

وشهد مركز شباب الجزيرة الخضراء بمطوبس ورش عمل وندوات، لمناقشة مفهوم الهجرة الغير الشرعية، ومخاطرها، والحلول التى وضعتها الدولة، والبدائل المتاحة، والقوانين المجرمة.