رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على الدين هلال: هدف الدولة والمعارضة الوصول إلى مساحة مشتركة (حوار)

على الدين هلال
على الدين هلال

- لا يوجد تيار سياسى أو حزب رئيسى رفض المشاركة.. ولا حجر على الرأى خلال المناقشات

- الحوار لا يهدف لإشغال السياسيين أو المثقفينوتوسيع الدائرة عنصر نجاح أساسى

- تخوفات بعض القوى السياسية مقبولة لكن لا تجوز الاشتراطات المسبقة من أى طرف 

 

 

قال الدكتور على الدين هلال، أستاذ العلوم السياسية والمقرر العام للمحور السياسى بالحوار الوطنى، إن دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى للحوار الوطنى تهدف للوصول إلى مساحات مشتركة بين الجميع، وتدعيم الجماعة الوطنية وتنشيط الحياة السياسية، لا إشغال السياسيين والمثقفين- كما يزعم البعض، مؤكدًا أنه لا يوجد تيار سياسى أو حزب رئيسى فى مصر رفض المشاركة بالحوار.

وأوضح المقرر العام للمحور السياسى بالحوار الوطنى، خلال حواره لـ«الدستور»، أن توسيع الحوار فى المحافظات يتيح الفرصة لعرض الآراء، لكن نجاحه يحتاج لمدونة سلوك وإجراءات تنظيمية، وأشار إلى أن ملف حقوق الإنسان حُسمت أهدافه نظريًا عبر الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، لذا فإن لجان الحوار الوطنى ستعمل على تحويل تلك الأهداف إلى خطط وبرامج عمل، كما شدد على أن عدم وجود مجالس محلية منتخبة خلق أوضاعًا غير سليمة، لذا فمن الأفضل إجراء الانتخابات المحلية فى أقرب وقت ممكن.

 

■ بداية.. كيف رأيت دعوة الرئيس السيسى للحوار الوطنى؟

- الدعوة للحوار الوطنى فى هذا التوقيت أمر فى غاية الأهمية، خاصة أنها جاءت بعد وقت من التمزق السياسى والتهديدات التى أصابت المجتمع والدولة، وفترة انقطاع وانسداد فى العلاقة بين الدولة وبعض القوى السياسية وعدد من الأحزاب والتيارات، وربما كان هذا بسبب بعض الظروف التى مر بها الوطن.

ورئيس الدولة لديه البوصلة الكاملة والمنظور الواسع للأمور، وبالتالى جاءت دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى للحوار الوطنى خلال حفل إفطار الأسرة المصرية فى شهر أبريل الماضى ضمن مجموعة من القرارات المهمة، تضمنت إعادة تشكيل لجنة العفو الرئاسى وعددًا آخر من القرارات، وربما كان أهم القرارات التى تم الإعلان عنها وقتها هو الدعوة للحوار الوطنى.

وأهمية هذا الحوار تأتى من أنه توجه لدعوة أشخاص ما كانوا ليتقابلوا أو يتبادلوا النقاش فيما بينهم، بهدف الوصول إلى مساحات مشتركة بين الجميع، وهو ما نستطيعه بالفعل، خاصة أن الحوار الوطنى يهدف لتدعيم الجماعة السياسية الوطنية، وإيجاد إطار وطنى يضم جميع الآراء، مع دعم الثقة المتبادلة بين الأحزاب والقوى السياسية المختلفة، على قاعدة أن الاختلاف فى الرأى لا يجب أن يفسد للوطن قضية مثلما قال الرئيس السيسى.

ولذا فإن الحوار الوطنى يهدف لتنشيط الحياة السياسية فى مصر، والتأكيد على أن الجميع رأيه محترم، ولا حجر على رأى أحد.

■ ما رأيك فى تفاعل الأحزاب المختلفة مع الدعوة الرئاسية؟

- لا يوجد تيار سياسى أو حزب رئيسى فى مصر رفض المشاركة فى الحوار الوطنى، بل إن هناك شخصيات معارضة كانت متواجدة فى الخارج وعبرت عن رغبتها فى المشاركة، لأنها وجدته يتمتع بدرجة كبيرة من الجدية.

■ هل ستتم دعوة المختصين لحضور المناقشات؟

- الحوار فى الأساس هو بين الأحزاب والقوى السياسية، والأساس فيه هو وجود ممثليهم، وقد تم إرسال الدعوة لجميع الأحزاب والقوى السياسية ومختلف الجهات لإرسال ممثليهم الذين يرغبون فى المشاركة فى جميع اللجان الفرعية والقضايا المطروحة للنقاش، وبالإضافة إلى ذلك سيجرى توجيه الدعوة للخبراء، الذين ترى اللجان ضرورة دعوتهم وحضورهم أثناء المناقشات.

■ كيف رأيت اختيارات المقررين والمقررين المساعدين للجان النوعية وكذلك تشكيل مجلس الأمناء؟

- تشكيل مجلس أمناء الحوار الوطنى يعبر عن الجدية، لأنه تكوَّن من شخصيات غير ساعية إلى مناصب، ولديها آراء مختلفة، وهو ما زاد الأمل فى جدية الحوار الوطنى، والقدرة على الاتفاق والاختلاف فى العديد من القضايا، حتى ينتهى الأمر بالتوافق، خاصة بعدما أخذوا الأمور بجدية، وأصدروا لائحة خاصة بأعمال مجلس الأمناء، ومدونة سلوك كى تحكم أعمال الحوار الوطنى، وهو أمر إيجابى للغاية.

كما أن هناك نقطة فى غاية الأهمية، وهى أن تشكيل مجلس الأمناء صدر بالتوافق بين الدولة وجميع القوى السياسية، وهو أمر مهم ودليل على الرغبة فى الوصول إلى مساحات مشتركة.

■ هل ستعمل جميع اللجان بالمحاور المختلفة بالتوازى أم أن هناك خطة أخرى؟

- الأرجح أن جميع لجان المحاور المختلفة ستعمل بالتوازى خلال الفترة المقبلة، من خلال الاجتماعات التى ستتم فى كل لجنة نوعية، ضمن المحاور الثلاثة، السياسى والاقتصادى والاجتماعى، وهذه المحاور لديها ارتباطات مشتركة وتأثيرات مُتبادلة، لأن المجتمع كيان واحد، وهناك نقاط مشتركة عديدة ستظهر خلال المناقشات لأن الموضوعات ليست منفصلة عن بعضها البعض.

■ ما تفاصيل الاجتماع الخاص بين مجلس الأمناء والمقررين والمقررين المساعدين لمحاور الحوار الوطنى؟

- كان اجتماعًا تعارفيًا بين أعضاء مجلس الأمناء والمقررين والمقررين المساعدين للمحاور الرئيسية الثلاثة، وناقشنا العلاقة بين المقررين العموم والمقررين الخاصين باللجان النوعية، وكذلك علاقة مقررى اللجان وأعضاء مجلس الأمناء، كما تمت مناقشة ضرورة توسيع دائرة الحوار الوطنى لتشمل المحافظات المختلفة، من خلال مُختلف الأحزاب والقوى السياسية.

■ كيف رأيت توجيه الدعوة للأحزاب بتوسيع دائرة الحوار لتشمل المحافظات المختلفة؟

- دعوة الأحزاب لتوسيع دائرة الحوار أمر فى غاية الأهمية، ولا بد من قيام الأحزاب والقوى السياسية والنقابات والجمعيات والمجتمع الأهلى بهذا الدور، والاستماع للمواطنين، وتقديم الرؤى والاقتراحات إلى مجلس الأمناء، لأن النخب بالقاهرة لا تعرف بالضرورة أولويات واهتمامات المواطنين فى جميع المُحافظات.

وبالتالى فإن توسيع دائرة الحوار فى المحافظات يعد عنصرًا أساسيًا لإنجاح الحوار الوطنى، لأنه سيُتيح الفرصة لعرض الآراء، ويدعم انخراط قطاعات أكبر فى العملية السياسية.

ولإنجاح هذا الأمر، فنحن فى حاجة إلى مُدونة سلوك وإجراءات لتنظيم هذه الحوارات فى ربوع الوطن. 

■ تتخوف بعض القوى السياسية من مسار الحوار الوطنى.. فما رأيك فى ذلك؟

- هناك تخوفات مقبولة من البعض، خاصة أن جميع القوى السياسية ليست لديها الخبرة الكافية بطبيعة الحوار، والحوار الوطنى يهدف لإعادة بناء الثقة بين الجميع، لأن الحوار عملية مفتوحة، والدليل على هذا هو زيادة عدد لجان المحور السياسى من ٣ لجان إلى ٥ لجان بناءً على اقتراح بعض القوى السياسية، على سبيل المثال.

وهذا الحوار الوطنى ليس لإشغال السياسيين والمثقفين، كما يزعم البعض، ونجاحه مرتبط بمدى جدية المشاركين فيه.

■ ما رأيك فيما يطرحه البعض من شروط للمشاركة؟

- لا يجوز أن تكون هناك اشتراطات مسبقة من أى طرف، ولا بد أن تكون لدى الجميع نية للمشاركة بإيجابية فى فعاليات الحوار الوطنى، بمرجعية دستور ٢٠١٤.

■ هل هناك بوادر أو مؤشرات تؤكد صحة مسار الحوار الوطنى حتى الآن؟

- بالطبع هناك العديد من المؤشرات، منها وأبرزها ظهور العديد من الشخصيات على شاشات التليفزيون ممن لم يظهروا على مدار سنوات، وحديثهم فى مختلف الموضوعات دون قيود أو شروط، وكذلك تحدثهم بحكمة ووطنية فى مختلف القضايا والمجالات.

■ يطالب البعض بتعديل قوانين الانتخابات كى تكون بالقائمة النسبية مع تعديل قانون الأحزاب وعودة الدولة إلى تمويلها.. ما رأيك؟

- هذه الآراء ينبغى دراستها وبحثها، فبالنسبة للنظام الانتخابى، فإن تجارب الدول الأخرى تشير إلى أن إجراء الانتخابات عن طريق القائمة النسبية يؤدى إلى تنشيط الأحزاب ودعمها، لكن المهم هو الوصول إلى الصيغة المُناسبة، فى ضوء نصوص دستور ٢٠١٤، والمواد التى تُخصص نسبًا مُحددة من مقاعد البرلمان لفئات بعينها.

أما عن قانون الأحزاب السياسية فستجرى مناقشته داخل لجنة الأحزاب، وسيتم السماع لجميع الآراء ووجهات النظر، مع مناقشة المعوقات التى تمنع الأحزاب من ممارسة دورها، وكذلك مناقشة ما يطرحه البعض من فكرة تمويل الأحزاب من جانب الدولة، كما كانت تفعل قبل توقفها، وكما يحدث فى العديد من الدول الأوروبية، وينبغى دراسة الموضوع من كل جوانبه والمعايير التى يتم على أساسها التمويل، كما أن كل تلك الأمور تنبغى دراستها من جميع الجوانب. 

■ ماذا عن ملفات الحريات العامة والنقابات والمحليات؟

- الدولة أصدرت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وهناك جهود واسعة من جانب الدولة المصرية فى هذا الملف، وأعتقد أن المناقشات حوله ستتم فى إطار الاستراتيجية، أى أننا لن نبدأ من الصفر، بل سنعمل على تكامل الجهود المختلفة لكل الأحزاب والقوى السياسية والمجالس النيابية والحكومة، لأن الملف تم حسم أهدافه نظريًا من خلال الاستراتيجية، لذا فالعمل سيكون من أجل تحويل هذه الأهداف النظرية إلى خطط وبرامج عمل واضحة ومحددة.

كما سيجرى النقاش، أيضًا، حول دور الجمعيات ومنظمات العمل الأهلى، فى ضوء القانون الجديد الصادر عام ٢٠١٩، والذى تم توفيق أوضاع أغلب الجمعيات وفقًا له، والباب مفتوح لإعادة النظر فى أى نص تشريعى إذا كان من شأنه زيادة المُشاركة. 

أما عن النقابات فإن لجنة النقابات والعمل الأهلى ستعمل على تقييم دورها حاليًا، مع الاستماع لآرائها فى التشريعات الخاصة بها، وإن كانت بحاجة إلى تعديلات.

وفيما يخص المحليات، فإن مصر منذ عشر سنوات بلا مجالس محلية منتخبة، وهذا الأمر خلق أوضاعًا غير سليمة على أرض الواقع، وبالتالى لا بد من مناقشة الأمر، ومن الصالح إجراء انتخابات المجالس المحلية فى أقرب وقت ممكن، والنقاش خلال جلسات الحوار الوطنى حول صياغة مشروع قانون للإدارة المحلية، والاستعانة كذلك بمشروعات قوانين موجودة بالفعل أو تم طرحها من جانب البعض.

■ ما مصير التوصيات الصادرة عن الحوار الوطنى؟

- التوصيات التى ستصدر عن الحوار الوطنى ستأخذ على الأرجح شكل إجراءات تتعلق بالسياسات أو اقتراح تعديلات تشريعية، وسوف يتم رفعها جميعًا إلى رئيس الجمهورية للنظر فى تلك التى تدخل فى اختصاصه، كرئيس للسلطة التنفيذية، أما تلك التى تتطلب تعديلًا تشريعيًا فسوف يُحيلها إلى البرلمان.