رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكرى وفاته.. محمود شاكر أديب العربية ومحقق تراثها (بروفايل)

محمود شاكر
محمود شاكر

25 عاما مرت على وفاة الأديب محمود شاكر، الذي رحل عن عالمنا في 7 أغسطس  من عام 1997، تاركا إرثا كبيرا من المؤلفات وأبرزها كتابه عن "المتنبي"، والذي أثار ضجة كبيرة بمنهجه المبتكر وأسلوبه الجديد في البحث، والذي يعد علامة فارق في الدرس الأدبي نقلته من الثرثرة المسترخية إلى البحث الجاد.

اشتهر "شاكر" بدفاعه عن اللغة العربية في مواجهة التغريب، ونجح في الاطلاع على كتب التراث وحقق العديد منها، إذ أقام منهجا خاصا في الشعر وسماه "منهج التذوق"، فقد انصرف إلى الأدب والكتابة وقراءة دواوين الشعراء حتى صارت له ملكة في التذوق، وذلك بعد عودته من جدة إلى القاهرة، وبدأ ينشر بعض قصائده الرومانسية في مجلتي "الفتح" و"الزهراء" لمحب الدين الخطيب، واتصل بأعلام عصره من أمثال أحمد تيمور، وأحمد زكي باشا، والخضر حسين، وعباس محمود العقاد، ومصطفى صادق الرافعي الذي ارتبط بصداقة خاصة معه.

- نشأته وشغفه بالأدب والشعر

الأديب محمود شاكر من مواليد عام 1909 بالقاهرة، نشأ في بيت علم، لأب كان وكيلا للأزهر الشريف، وتنتمي أسرته لأهل العلم والثقافة والأدب والسياسة، ورغم حبه لدراسة العلوم الرياضية، إلا أنه كان شغوفا بالأدب والشعر، ويرجع ذلك لأن معظم رجال الأدب والفكر كانوا من أصدقاء أبيه، ورغم دراسته العلمية فقد كان مشغوفا بالفكر والأدب.

قرأ محمود شاكر على يد الشيخ سيد بن علي المرصفي، وقرأ عليه شرح "الكامل" للمبرد، وعكف على دراسة الآداب مع تقدمه في سلك دراسته العلمية الثانوية، وبعد اجتياز الثانوية ـ ورغم حبه للرياضيات، وإجادته للإنجليزية ـ فضل أن يلتحق بكلية الآداب قسم اللغة العربية لما شعر به من أهمية "الكلمة"  في تاريخ أمته قديما، ولأنه كان من القسم العلمي فقد تعذر دخوله لكلية الآداب بداية، إلا أنه بوساطة من طه حسين لدى أحمد لطفي السيد رئيس الجامعة المصرية آنذاك استطاع أن يلتحق بما يريد سنة 1926.

- معارك أدبية حول أصالة الثقافة العربية ومصادر الشعر الجاهلي

خاض "شاكر" الكثير من المعارك الأدبية حول أصالة الثقافة العربية ومصادر الشعر الجاهلي، أولاهما مع طه حسين والأخرى مع لويس عوض، وكانتا من أبرز معالم حياته الأدبية والفكرية ويمكننا القول بأنه تفرع عنهما معارك فرعية وثانوية كثيرة، وكانت هاتان المعركتان بسبب شاعرين كبيرين من شعراء العربية هما: المتنبي والمعري.

كان على رأس قائمة محققي التراث العربي، وأطلق عليه العقاد المحقق الفنان، وإنجازاته في هذا المجال كثيرة، وهي عنوان على الدقة والإتقان، ومن أشهر الكتب التي حققها: تفسير الطبري (16 جزء)، طبقات فحول الشعراء (مجلدان)، تهذيب الآثار للطبري (6 مجلدات)، ومن بين مؤلفاته أيضا: القوس العذراء، أباطيل وأسمار، قضية الشعر الجاهلي في كتاب ابن سلام، مداخل إعجاز القرآن، وغيرها.

وبفضله شهدت حقبة الثمانينات اعترافا متتابع الخطوات، بمكانة الأديب العربي الكبير محمود محمد شاكر، بدءا من منحه جائزة الدولة التقديرية في الأدب عن عام 1981 ثم اختياره لعضوية مجمع اللغة العربية عام 1983، وحصوله على جائزة الملك فيصل العالمية في الأدب عام 1984، وأخيرا منحه وسام العلوم والفنون في 1989.