رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أيام الصلاة والشفاعة.. الأقباط يبدأون «صوم العذراء» بالقداسات والنهضات

جريدة الدستور

يحمل أغسطس من كل عام مناسبة خاصة لكل الأقباط، تتمثل فى صوم السيدة العذراء مريم، الذى يختلف موعده بين الطوائف المسيحية، فبينما يكون لدى الكاثوليك والروم الأرثوذكس فى الفترة من ١ إلى ١٥ أغسطس، تصومه الكنيسة الأرثوذكسية فى الفترة من ٧ إلى ٢٢ أغسطس.

وصوم العذراء من الأصوام التى يحرص عليها الأقباط تقديرًا لمكانة السيدة مريم، ويمتنعون فيه عن تناول اللحوم، مع الاكتفاء بتناول المأكولات بالزيت فقط، ورغم أنه يُسمح فيه بتناول الأسماك، يمتنع كثيرون عن ذلك، رغبة منهم فى صومه بزهد وتقشف زائد.

وتستقبل الأديرة والكنائس التى تحمل اسم العذراء مريم الزوار الأقباط يوميًا خلال هذه الفترة، وعلى رأسها دير العذراء على جبل «درنكة» ودير المحرق فى أسيوط، وكنيستا العذراء فى مسطرد والزيتون، وتشهد جميعها إقامة أنشطة مكثفة تتضمن صلوات ونهضات روحية يومية، وسط تشديدات أمنية مكثفة، والتزام صارم بالإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس «كورونا».

ويشارك فى هذه الفعاليات هذا العام أكثر من ١٠ أساقفة بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، من بينهم الأنبا يؤانس، أسقف أسيوط، والأنبا فيلوباتير، أسقف أبوقرقاص فى المنيا، والأنبا مارتيروس، أسقف قطاع كنائس شرق السكة الحديد، إلى جانب كهنة من مختلف الإيبارشيات فى الكنيسة.

 

2 مليون زائر يحجون إلى «درنكة» وأسقف أسيوط يمنع «الشورتات»

بدأ دير السيدة العذراء مريم فى «درنكة» بأسيوط فى استقبال الزوار، مطلع أغسطس الجارى، الذى تحتفل به الكنيسة القبطية الأرثوذكسية خلال الفترة من ٧ إلى ٢٢ أغسطس الجارى.

وقال الأنبا يؤانس، أسقف أسيوط، إن دير السيدة العذراء مريم فى «درنكة» بدأ فى استقبال الزوار والأقباط المتوافدين عليه، الذين يقيمون فى داخل الدير طيلة فترة صوم السيدة العذراء مريم، يوم الإثنين الماضى الموافق الأول من أغسطس الجارى.

وشدد الأنبا يؤانس على ضرورة الالتزام بارتداء الملابس المحتشمة للرجال والنساء، خلال التواجد فى الدير طيلة فترة الاحتفالات بصوم العذراء، منبهًا إلى أنه «ممنوع نهائيًا ارتداء الشورتات أو الملابس غير المحتشمة».

وأشار كذلك إلى منع تواجد السيارات فى صحن الدير، طوال موسم العذراء مريم، بينما يسمح لها بالمرور للضرورة القصوى، من الساعة ١٢ إلى الساعة ٢، لمدة ثلث ساعة فقط، وأى تأخير عن ذلك ستسحب رخصة القيادة من مالك السيارة. وكشفت مصادر كنسية عن أهم الترتيبات الأمنية فى دير السيدة العذراء مريم ب«درنكة»، خلال فترة صوم السيدة العذراء مريم، والنهضات التى يقيمها فى الفترة من ٧ حتى ٢٢ أغسطس الجارى. وقالت المصادر: «الدير سيشهد تكثيفًا وتواجدًا أمنيًا كبيرًا، طوال فترة صوم السيدة العذراء مريم على مدار ١٥ يومًا، تتضمن وضع بوابات إلكترونية فى مداخل الدير لتفتيش الزوار، مع منع دخول أى زائر بدون بطاقة إثبات هوية».

فى الوقت ذاته، تم توفير عدد من السيارات لنقل الوفود والزوار من أسفل الدير إلى أعلاه والعكس، فضلًا عن وجود مصاعد وكراسى متحركة لنقل كبار السن وذوى الإعاقة، من أجل تسهيل الزيارة عليهم، بالإضافة إلى وجود متطوعين فى الدير لمساعدة الزوار ككل. ويترأس قداسات ونهضة صوم العذراء مريم فى «درنكة» الأنبا يؤانس، أسقف أسيوط، ويستقبل الدير نحو ٢ مليون زائر من مسلمين ومسيحيين بمختلف محافظات الجمهورية سنويًا، مع حضور كبير لافت للنظر يومى الأحد والجمعة من كل أسبوع.

ولا يقتصر دير السيدة العذراء مريم فى «درنكة» على استقبال الزوار الأقباط الأرثوذكس، لكن أيضًا الكاثوليك يحرصون على الاحتفال بالسيدة العذراء مريم، من خلال كنيسة «سيدة الانتقال»، التى تتواجد ضمن منطقة دير العذراء فى «درنكة».

وتشهد هذه الكنيسة احتفالًا سنويًا خلال فترة الصوم، التى تمتد للكاثوليك من ١ إلى ١٥ أغسطس، تنتهى بعيد العذراء مريم، ليجمع دير «درنكة» بذلك بين الكاثوليك والأقباط الأرثوذكس فى مكان واحد خلال صوم السيدة العذراء. وتتضمن تلك الاحتفالات فى كنيسة «سيدة الانتقال» الكاثوليكية ب«درنكة» إقامة قداسات صباحية ونهضة روحية، تتخللها فقرة تراتيل مسيحية عن العذراء مريم.

فرق كشافة لتنظيم التبرك ببئر العائلة المقدسة فى مسطرد

تستقبل كنيسة العذراء فى مسطرد بمحافظة القليوبية الآلاف من الأقباط، خلال فترة صوم السيدة العذراء، فى ظل كونها من أشهر وأبرز محطات رحلة العائلة المقدسة إلى مصر، التى استراحت فيها العائلة وروت ظمأها من بئر موجودة فى المنطقة.

وقال القس عبدالمسيح بسيط، راعى كنيسة العذراء مريم فى مسطرد، إن الكنيسة تستقبل الآلاف من الزوار الأقباط والمسلمين سنويًا، خلال فترة صوم العذراء مريم، لافتًا إلى أن الوافدين عليها يقبلون من السابعة صباحًا موعد صلوات القداس، حتى إقامة النهضة الروحية المسائية.

وأضاف أن هذه الفعاليات تُقام وسط تشديدات أمنية مكثفة لتأمين الزوار، تتضمن الانتشار فى محيط الكنيسة وعلى مداخلها، والكشف عن هوية أى زائر قبل الدخول، وتفتيش الجميع، ونشر عناصر الشرطة النسائية مع الكشافة لتفتيش السيدات.

وتنظم فرق الكشافة دخول وخروج الزوار خلال فترة الاحتفالات، للحد من الزحام، من بينهم مريم إسكندر، التى قالت إن «الكشافة تؤدى دورًا كبيرًا فى تنظيم دخول وخروج الزوار خلال فترة الاحتفالات بصوم السيدة العذراء، عبر نشر عناصرها على مداخل ومخارج الكنيسة طوال فترة الصوم، لتخرج الاحتفالات بشكل منظم».

وأضافت «مريم»، لـ«الدستور»: «يتم توزيع شباب الكشافة على البوابات، لتنظيم الزيارات ومساعدة أفراد الأمن فى التفتيش والاطلاع على بطاقات الهوية لكل الزائرين، كما أن هناك عددًا من أفراد الكشافة يتولون عملية التنظيم عند بئر السيدة العذراء مريم، التى يتوافد عليها الزوار للتبرك بها، خاصة أنها البئر التى ارتوت منها السيدة العذراء مريم والسيد المسيح خلال زيارة العائلة المقدسة أرض مصر».

«فرح الأجيال» و«إكرام المصريين».. كتابان جديدان عن «أم النور»

للسيدة العذراء مريم مكانة خاصة فى قلوب المصريين، سواء المسيحيون أو المسلمون، لذا تحظى هذه الظاهرة باهتمام أكاديمى كبير، يستهدف تفسير ورصد جذورها التاريخية، ومن بين أحدث الإصدارات فى هذا الشأن: كتاب «العذراء فرح الأجيال»، للأنبا مكاريوس أسقف إيبارشية المنيا.

يتزامن إصدار الكتاب مع صوم السيدة العذراء مريم، ويتضمن «تأملات فى حياة العذراء، ومدى قربها إلى قلوب الأقباط»، وهو موجود فى عدة مكتبات مسيحية، من بينها: دير البراموس، والمحبة، ومطرانية المنيا، وكنيسة القديس الأنبا أنطونيوس فى المنيا.

الكتاب الثانى هو «إكرام المصريين للعذراء مريم من القرن الأول إلى السادس للميلاد»، وهو واحد من المجموعة الأخيرة من منشورات الرهبنة الفرنسيسكانية فى مصر، من إصدارات الكنيسة الكاثوليكية.

ويعد الكتاب المجلد الأول ضمن موسوعة ضخمة مكونة من ٣ مجلدات عن «إكرام العذراء القديسة مريم فى الكنيسة المصرية من القرون الأولى وحتى القرن العشرين»، ويرجع تاريخ نشرها لأول مرة إلى الفترة بين ١٩٦٧ إلى ١٩٧٧، وأعادت الكنيسة الكاثوليكية نشرها من جديد، وتعتبر الوحيدة من نوعها بهذا الأسلوب الأكاديمى، وتضم عددًا من المراجع الضخمة باللغات العربية والإيطالية والفرنسية.

وقال الراهب الفرنسيسكانى، أندرو ميخائيل، إن الكتاب يهدف إلى اكتشاف نظرة الكنيسة المصرية للقديسة العذراء مريم على مدار ٢٠ قرنًا من تاريخها، وتحليل مراحل تطورها، واكتشاف الأبعاد العقائدية فيها من كتابات آباء الكنيسة المصرية وطقوسها، ليكون الكتاب ضمن موسوعة بشكل أكاديمى لما يُعرف فى مجال الدراسات المسيحيّة ب«المريميات» أو «Mariology».

وأضاف: «يتكون الكتاب من ٨ فصول، منها ٦ فصول تحلل الرؤية المريمية فى القرون الستة الأولى من حياة الكنيسة فى مصر، كل قرن فى فصل على حدة، أما الفصلان السابع والثامن، فواحد عن دوافع الإكرام المريمى فى القرون الأولى، والثانى هو خلاصة عقائدية لإيمان الكنيسة المصرية حول القديسة العذراء مريم».

وأشار إلى أن مؤلف الكتاب هو العلامة الفرنسيسكانى الأبُّ جبرائيل جامبيراردينى، الذى نُشر له قبل نحو عام تعريب لكتابه الموسوعى «مصير الموتى فى التقليد القبطى»، وهو أحد الآباء المرسلين فى مصر، وقضى فترة طويلة فى دراسة القبطيات فى بلادنا، ويُعرف بعلمه وثقافته وتأسيسه للنشر الفرنسيسكانى فى مصر.

واختتم: «الأب جامبيراردينى من أصل إيطالى، من إقليم سان برناردينو تحديدًا، وخدم فى مصر من ١٩٥٠ إلى ١٩٦٩، وهو حاصل على الدكتوراه فى اللاهوت من روما، وكان مديرًا لتحرير عدة مجلات ودوريات علمية معروفة فى مجال القبطيات، وأستاذًا لعلم المريميات الشرقية منذ سنة ١٩٦٧ فى معهد الدراسات المريمية فى روما، وفى سنة ١٩٦٩ بدأ يعلم اللاهوت الآبائى فى كلية اللاهوت بجامعة الأنطونيانوم الفرنسيسكانية».