رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التخشيبة وسواق الأتوبيس.. تفاصيل جديدة وحكايات عن أفلام عاطف الطيب

سعيد شيمي
سعيد شيمي

أصدر سعيد شيمي مؤخرا كتاب"افلامي مع عاطف الطيب" عن دار الهالة للنشر والتوزيع الذي يحكي فيه عن أفلامه مع عاطف الطيب، وهي عبارة عن 8 أفلام قام شيمي بتصويرها للطيب يذكر فيها مراحل التصوير وحكايات كثيرة بينه وبين الطيب الذي كانت له معه صداقة قوامها 15 عاما، هي كل عمر عاطف الطيب الفني تقريبا.

تفاصيل علاقة سعيد شيمي بـ عاطف الطيب

يقول شيمي عن هذه العلاقة:" كان يودّني ويحضر للسؤال عن ابني وبالقرب مني دائماً، كانت الليالي التي نقضيها نناقش فيلم أو فكرة أو أسلوب عمل سينمائي، هي الليالي التي أخرجتني من دوامة الألم، ثم بعد ذلك كان نصير لي بشكل مطلق..

كان الطيب يعرف أن عمره قصير ودائما ما يخبر شيمي بذلك:" كان يشعر بأن عمره قصير، وجعلني أنا الآخر استشعر ذلك وأحسست أنه يجري أو يسعى بسرعة لعمل فيلم وراء فيلم، كانت طاقته كبيرة ولكن مرض الجسد يجعله ينزوي في ركن أثناء التحضير للقطة مستلق على الأرض بظهره ينشد راحة القلب، وكان يمزقني بهذا المنظر، حاولت المستحيل لأن تكون ساعات العمل معه في حدود المعقول.. ثمان ساعات أو عشرة، ولكنها كانت تتجاوز 14 ساعة أو أكثر، أي قلب عليل يمكن أن يتحمل ذلك.. فكرت أن أضع الحمل على نفسي وأتصنع أنا التعب والمرض، ولكنه كشف بسهولة حيلتي، وأصبحت عقبة في سباقه مع الزمان وتحقيق أكبر قدر من الأفلام".

بدأت علاقة سعيد شيمي وعاطف الطيب في الدراسة وان كان الطيب قد سبقه بالتخرج بعام، وقابله صدفة عند شادي عبد السلام ومرة أخرى بعد ذلك، وأخيرا عام 1980 بشارع سعد زغلول بالاسكندرية وتحدثا حول قرار الطيب بانتاج واخراج فيلم روائي وطلب من الشيمي تصويره، ورحب الشيمي، وأثناء مشاهدته نسخة عمل فيلم (طائر على الطريق) الذي قام شيمي بتصويره للمخرج محمد خان في صالة استوديو الأهرام بالجيزة وجد عاطف الطيب ينتظره خارج القاعة بعد العرض محضراً معه سيناريو فيلم (الغيرة القاتلة) طالباً منه قراءته ومقابلته بعد ذلك لأنه قرر البدء في العمل، وبدأت مسيرة تكللت بتصيوير 8 أفلام.

سواق الأتوبيس

كان شيمي مسافرا، وحين رجع وجد عاطف ومحمد خان وبشير يعملون في فيلم "حطمت قيودي"، والذي تحول إلى فيلم "سواق الاتوبيس"، يقول شيمي:" بدأنا العمل في "سواق الأتوبيس" وكان عاطف في المعاينة يختار أماكن جديدة علينا، فقد اختار شقة حسن "نور الشريف" في حي بولاق الدكرور، وحين تكلمت معه عن صعوبة المكان ونحن معنا ممثلين، كان يؤمن بأن المكان يعطي له روح مصداقية وواقعية للحدث وهو يرى أن حسن يعيش هنا، احترمت فيه ذلك التوافق بين الواقع ومحاكته سينمائياً، وحين اخترنا شوارع ما، كان ذلك قد أصبح هدفاً لنا، اي مكان يجب أن يحمل ذلك التوافق بين الحقيقة وما نريد أن نظره على الشاشة.

يكمل شيمي:" كان عاطف من هذا النوع، مشاهد شتى مثل مشهد الهرم ورفاق السلاح في الساعة السحرية  - ساعة الغسق – لقد تم تصوير المشهد على يومين بظروف ترشيح بصرية معينة، ولقد خيب المعمل بعض أحلامنا، ولكن ظهر المشهد كما نريد، وكذلك مشهد اجتماع العائلة بعد موت الأب وتشويه وجه العائلة بالكامل بالعدسة شديدة الانفراج، كان يقصده برغم مراهقة فكرته سينمائياً، ولكنه كان يقول هذا يوضح للناس أنهم ليسوا بشر عاديين إنهم وحوش في شكل آدميين، وكثيرا من المشاهد واللقطات التي تحمل رؤية شديدة الخصوصية والواقعية، الفيلم كان المولد الحقيقي لموهبة مخرج أوجد طريقه في "الغيرة القاتلة" كان يتحسس موقع أقدامه ولكنه هنا في "سواق الأتوبيس" كان يتسلق بقوة قمة المجد... وكان الفيلم صدمة مفرحة للسينما المصرية بكل المقاييس، فقد كتبت عنه مئات الصفحات، واستقبل بنجاح كبير جماهيريا، وفنيا بإشادة من النقاد لم تحدث لفيلم من قبل أو لمخرج جديد في أي زمان في تاريخ السينما المصرية.

التخشيبة

يحكي شيمي أنه بعد سواق الأتوبيس واجه عاطف الطيب مشكلة تتمحور حول وجود نص جيد، عاطف الطيب بعد "سواق الأتوبيس":" نصوص كثيرة عرضت على عاطف ورفضها، إلا نص واحد من السيناريست وحيد حامد، وكان (التخشيبة)... كان هذا الفيلم مرشح لمخرج آخر ولكن هذا المخرج غالي في أجره... فاقترح جلال زهرة منتج الفيلم مع وحيد حامد عرض الموضوع على عاطف، وبالفعل شد الموضوع عاطف، وكان ما يشده حين جلسنا نتناقش في كيفية عمل أسلوبية بصرية للفيلم، أن الفيلم نموذج للظلم الذي ممكن أن يقع على إنسان برئ، وكان هذا الفيلم بداية تعرف عاطف الطيب على وحيد حامد وانضمامها بعد ذلك في أعمال ناجحة كثيرة، إلا أن الفيلم لم يمر كما كنت أعتقد فالفيلم ذو طابع بوليسي أو بمعنى أدق أن دور البوليس فيه اساسي، ويتطلب بمنطق عاطف أن نصور في الأماكن الحقيقية، فهو لن يرضى غير ذلك، وقد أخذ هذا جهداً ووقتاً، وتم بالفعل أن صورنا في مديرية أمن القاهرة، وفي قسم الموسكي، وقسم الجمالية، وإدارة البحث الجنائين وأماكن تنطق بالواقع، وبالنسبة لي كمصور فأنا أعشق هذا الوضع وهذا التحدي.

يواصل:" كان (التخشيبة) صدام آخر بين ما هو صادق وما هو غير صادق، في رأيي أن الصورة يجيب ألا تكذب ومعي عاطف، ونحن ضد هذا التجميل المخالف للواقع.. وفي أحداث الفيلم الدكتورة بطلة الفيلم محجوزة في التخشيبة، فيجب أن يبدو عليها التعب والإرهاق وليس من المعقول أن يبدو وجهها في أحلى زينة لها، كان ذلك يزعج عاطف كثيراً، وبالتالي يسبب لي ضيق، وتكلمنا كثيرا معا في ذلك، ووصل الأمر لصدام معي، وحيث أطلقت على الإشاعات بأني أهتم بنور الحوائط أكثر من اهتمامي بنور الوجوه... ولقد وصلت الأزمة في بعض الأحيان إلى عدم تنفيذ إرشادات التصوير أو رفض إعادة اللقطة التي لم تكتمل لسبب ما، وأحيانا خطأ في التنفيذ تكون هي في الغالب سببه، حين وصل الوضع لهذا الشكل وإصراري على المصداقية في الصورة كما أحببت وأحب عاطف ووجدت أن التعاون بيننا صعب، طلبت من عاطف أن أعتذر عن تكملة الفيلم، لأن في ذلك مصلحة له أولاً وأخيراً... إلا أنه حثني على عدم عمل ذلك فأنا سند له.. وكانت نبيلة عبيد في اعتقادي من أصدق ما تكون في هذه الفترة الفنية من حياتها تحت معيار توجيهاتنا.

افلامي-مع-عاطف-الطيب-الهالة-للنشر-و-التوزيع-بيت-الكتب
افلامي-مع-عاطف-الطيب-الهالة-للنشر-و-التوزيع-بيت-الكتب