رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«مستحضرات مغشوشة».. «قمر الوكالة» تطرق «جرس الإنذار» في الأسواق الشعبية

مستحضرات التجميل
مستحضرات التجميل

تستيقظ "مريم" (اسم مستعار) يوميًا متجهة إلى سوق "أبو النمرس" بمحافظة الجيزة، لاقتناء احتياجات منزلها، كونه يتواجد بالقرب من منزلها في ذات الدائرة، وتعتاد الأم الثلاثينية على توفير جميع المستلزمات من هناك، فهو يُعد أحد الأسواق الشعبية التي توفر المنتجات بأسعار رخيصة للغاية.

وفي أحد الأيام، ابتاعت "مريم" بعض مستحضرات التجميل من السوق، رغم أنها لم تكن معتادة على ذلك، وكانت تفضل دومًا الحصول عليهم من خلال الصيدليات والمحال التجارية، لكن الأسعار المغرية التي ظهرت أمامها جعلتها تقتني العديد من المنتجات المختلفة.

لم تشك الفتاة في جودة المنتجات التي حصلت عليها، كونها حملت علامات تجارية لشركات معروفة، وظنت أن من يفترشون الأسواق يستطيعون الحصول عليهم بأسعار رخيصة، ولكن بمجرد أن استخدمت كريم الوجه، سرعان ما تعرضت لإحمرار شديد مصاحبًا لبعض الآلام الشبيهة لأعراض الحرق.
كانت تظن أن تلك العلامات ستختفي مع الوقت، لكن ذلك لم يحدث، بل زادت الالتهابات شدة، واضطرت للذهاب إلى مستشفى أم المصريين حتى تحصل على العلاج المناسب، وبالفعل خضعت للعلاج لمدة أسبوع ونصف داخل القسم المختص بأمراض الجلدية، وتّبين هناك أن ما حدث نتيجة استخدامها لمنتج مغشوش.

قمر الوكالة

في الأيام القليلة الماضية، تصدرت فتاة تدعى "قمر" محركات البحث على مواقع التواصل الاجتماعي، تعمل بائعة في الوكالة، بعد أن ظهرت في فيديوهات تروج لمستحضرات تجميل رخيصة الثمن داخل منطقة بولاق أبو العلا.

الأمر الذي دفع الأجهزة الأمنية لمداهمة السوق على الفور، والقبض على الفتاة المذكورة، والتي اشتهر اسمها بـ "قمر الوكالة"، بتهمة بيع أدوات مكياج ومستحضرات تجميل مجهولة المصدر بمنطقة وكالة البلح.

تنص المادة 113 من قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002، على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهرين وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيهًا ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين، كل من زور علامة تجارية تم تسجيلها أو قلدها بطريقة تدعو إلى تضليل الجمهور.

كما تنص على أن "كل من استعمل بسوء قصد علامة تجارية مزورة أو مقلدة،وكل من وضع بسوء قصد على منتجاته علامة تجارية مملوكة لغيره، وكل من باع أو عرض للبيع أو التداول منتجات عليها علامة تجارية مزورة أو مقلدة".

مطابع التزييف
وبالحديث مع محمد سعيد، أحد العاملين في مجال مستحضرات التجميل، تبين أن هناك مطابعًا خفية تستخدم ماركات تجارية معروفة، وتضعها على منتجات مقلدة ورديئة الصنع، مثل غسول الشعر والكريمات المرطبة، وتكون هذه المنتجات مصنعة من خلال استخدام 
محلول كيميائي لتنظيف الشعر، يقوم العمال بتجميعه في في عبوات أخرى تحمل العلامة التجارية المزيفة، ومن ثم بيعها إلى التاجر ومنهم إلى المستهلك في الأسواق المصرية.

وأضاف:"يتفق المصنع مع صاحب المطبعة على توريد كمية كبيرة من المستحضرات المغشوشة، بشرط أن تكون داخل عبوات تحمل علامات تجارية شهيرة حتى يتم بيعها بأسعار أرخص من الأصلية، وفي النهاية لا يستطيع المستهلك التفريق بينهم، إلا بعد استخدام المنتج المضروب والتعرض لآثاره الجانبية".

وحددت وزارة التنمية المحلية، شروط عدة لترخيص المطابع والمحال التجارية، ورغم ذلك تنتشر أعمالهم الإجرامية داخل الأسواق الشعبية، وتكون الضحية الوحيدة هنا هو المستهلك.

تفتيش الأسواق

ولفت أمجد عامر، خبير التنمية المحلية، إلى أن المسؤولية الأولى تقع على الجهات الرقابية، التي لا تحكم قبضتها على المطابع غير المرخصة وتقوم بأعمال مخالفة للقانون، موضحًا أن تلك الجهات هي إدارات التفتيش بالمحافظات، التي يجب عليها متابعة مصدر تلك المنتجات.

وتابع: "كذلك إدارة التفتيش البيئي بوزارة البيئة لها دور بالتعاون مع أجهزة الشرطة، وإدارة التنمية المحلية ووزارة الصحة، في الرقابة والتفتيش على منتجات الأرصفة وشن حملات على البائعين حتى يتم ردع المخالفين للقانون والمتسببين في أي ضرر للمستهلك".

وأوضح لـ"الدستور"، أن تلك المنتجات المغشوشة تسبب ضررًا صحيًا للمستهلك؛ نتيجة انخداعه في العلامة التجارية المزيفة، أو مادي فيشتري المنتج بمبالغ باهظة ظنًا منه أنه أصلي ويحمل العلامة التجارية الأصلية، رغم أنه يتم تصنيعه وتجميعه في "بير السلم" لغش المستهلك والتربح من ورائه.

آليات الحماية
 

قالت الدكتورة سعاد الديب، رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك، إن تزوير العلامات التجارية ظاهرة منتشرة للغاية، وبالأخص التابعة للشركات الأجنبية، كونها تُعد مصدرًا موثوقًا للمستهلكين، ما يجعلهم يقبلون عليها دون تفكير، وغالبًا ما يقعون ضحية المغشوش منها.
ونوهت بأن "أزمات غلاء الأسعار التي تعرضت لها مصر في الآونة الأخيرة، جعلت المواطنين يقتنون المنتجات الأرخص سعرًا، وكان ذلك هو الدافع الرئيسي للمصانع غير المرخصة لترويج المنتجات المضروبة، كونهم يعلمون جيدًا أنها ستباع في وقت وجيز للغاية".

وأشارت رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك، إلى آليات الردع التي يجب تنفيذها دومًا ضد "تجار الأزمات"، بدءًا من ضرورة تغليظ عقوبة تزييف العلامات التجارية، وشن الحملات التفتيشية على التجار والمصنعين، للتأكد من ما يروجونه داخل الأسواق المصرية، وشددت أيضًا على ضرورة تقديم البلاغات لحماية المستهلك إذ تعرض أي شخص لمثل هذه المشكلات الجسيمة.