رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصطفى صادق الرافعي.. «معجزة الأدب العربي» (بروفايل)

مصطفى صادق الرافعي
مصطفى صادق الرافعي

85 عامًا مرت على وفاة الأديب مصطفى صادق الرافعي، إذ رحل عن عالمنا في 10 مايو لعام 1937، عن عمر ناهز الـ57 عامًا، ودفن بجوار أبويه في مقبرة العائلة بطنطا، فهو يعد علمًا من أعلام الأدب ولسانًا عربيًا مبينًا، فقد كان شديد العناية باختيار الألفاظ والدقة في صياغة العبارات، مما جعله يؤثر في قرائه بشكل عجيب.

وفي مقال بمجلة "الهلال" بعنوان "مصطفى صادق الرافعي سيرة وذكرى" للكاتب مصطفى الشهابي، بعددها رقم 5 الصادر بتاريخ 1 مايو 1980 تحدث عن أدب الرافعي، مشيرًا إلى أنه مشبع بالأدب العربي القديم، وهو خليط من أدب الجاحظ وابن المقفع وأبي الفرج الأصفهاني، ولذلك لم يكن الرافعي يكتب تلك الكتابات الصحفية الخفيفة السريعة التي تلتمس أجزاء الفراغ، بل كان يكتب ليضيف ثروة جديدة إلى اللغة وينشئ أدبًا يسمو بضمير الأمة، تسير به إلى المجد والخلود.

وتابع أن مذهبه في الأدب كان الدين واللغة والقرآن والعروبة والإسلام، ولها جميعًا كان يجاهد، إذ نشأ الرافعي نشأة إسلامية خالصة، جعلته يقضي حياته كلها في خدمة الإسلام وكتابه الكريم، إذ ولد في يناير لعام 1880 في بهتيم، إحدى قرى محافظة القليوبية، في بيت جده لأبيه الشيخ الطوخي ووالده الشيخ عبدالرازق الرافعي كان رئيسًا للمحاكم الشرعية في كثير من البلاد المصرية، وهو واحد من أحد عشر أخًا اشتغلوا جميعًا بالقضاء الشرعي، وقد اجتمع من آل الرافعي في زمن واحد أربعون قاضيًا في محاكم مصر وسائر البلاد العثمانية.

حصل الرافعي على الشهادة الابتدائية بتفوق ثم أصيب بمرض يقال إنه "التيفود" بقي على إثره في سريره أقعده عدة أشهر وخرج من هذا المرض مصابًا في أذنيه، واشتد به المرض حتى فقد سمعه نهائيًا في الثلاثين من عمره، ولم يحصل الرافعي في تعليمه النظامي على أكثر من الشهادة الابتدائية، فقد كان الرافعي صاحب عاهة دائمة هي فقدان السمع، ومع ذلك كان من أصحاب الإرادة الحازمة القوية فلم يعبأ بالعقبات، وإنما اشتد عزمه وأخذ نفسه بالجد والاجتهاد، وتعلم على يد والده وكان أكثر عمل عائلته في القضاء.

نجح الرافعي في عدة ميادين؛ الأول الذي كان مقيدًا بالوزن والقافية وهو "النثر الشعري الحر" في التعبير عن عواطفه العتيقة التي كانت تملأ قلبه ولا يتعداها إلى تصرفات تخرج به عن حدود الالتزام الأخلاقي والديني كما كان يتصوره، أما الثاني الذي خرج إليه الرافعي فهو ميدان الدراسات الأدبية وأهمها كان كتابه عن تاريخ آداب العرب، ولعله كان أول كتاب في موضوعه يظهر في العصر الحديث، لأنه ظهر في أوائل القرن العشرين وبالتحديد في سنة 1911، ثم كتب الرافعي بعد ذلك كتابه المشهور "تحت راية القرآن" وفيه يتحدث عن إعجاز القرآن.

أما الميدان الأخير، الذي تجلت فيه عبقرية الرافعي ووصل فيه إلى مكانته العالية في الأدب العربي المعاصر والقديم، وهو مجال المقال، والذي أخلص له الرافعي في الجزء الأخير من حياته وأبدع فيه إبداعًا عجيبًا، وهذه المقالات جمعها الرافعي فكون كتابه "وحي القلم".