رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شيرين جرجس.. صعيدية أبهرت الأمريكان بـ«المشربية»

شيرين جرجس
شيرين جرجس

الفنانة التشكيلية شيرين جرجس هى واحدة من أهم الفنانين العرب فى الولايات المتحدة الأمريكية، فالمصرية التى تعيش فى مدينة لوس أنجلوس نجحت فى جذب الأنظار إليها بقوة، بعدما نجحت فى تقديم أعمال بديعة تمزج التاريخ بالحاضر.

تدور غالبية أعمال «شيرين» حول «القصص المنسية للمجتمعات المهمشة»، خاصة النساء، وفق ما تقول، وعلى رأس هذه الأعمال تمثال «لقد عدت الآن»، الذى شاركت فيه ضمن فعاليات المعرض الفنى الدولى «الآبد هو الآن»، الذى أقامته مؤسسة «Art D›Egypte» فى منطقة أهرامات الجيزة، خلال نوفمبر الماضى. 

وسلطت صحيفة «آراب نيوز» الإماراتية الصادرة باللغة الإنجليزية الضوء على حياة شيرين جرجس، فى إطار تقرير عن «الأمريكيين من أصول عربية الذين أثروا فى الثقافة الأمريكية».

واختصت الصحيفة بالذكر تمثال «لقد عدت الآن» سالف الذكر، موضحة أنه تمثال على شكل آلة موسيقية مقدسة لدى المصريين القدماء تدعى «سيستروم»، وتعزف عليها الإلهة «حتحور»، إلهة الموسيقى والرقص، ومزين بمجموعة من الرموز الفرعونية.

وأضافت أن التمثال يعد تذكارًا للتاريخ، ودعوة لربط رواياته بالحاضر، ويهدف إلى تسليط الضوء على قضايا المرأة المهمشة، فضلًا عن تكريم الناشطة النسائية المصرية الرائدة فى القرن العشرين، درية شفيق، التى ظهر جزء من قصائدها على العمل.

ووفقًا للتقرير، فإن شيرين جرجس فنانة مصرية أمريكية تشتهر بفنونها البصرية، والقطع المركزية المعاصرة التى تهدف إلى إبراز التحول الاجتماعى فى المجتمعات، وتستخدم أعمالها لتسليط الضوء على قضايا المرأة تحديدًا.

ولدت شيرين جرجس فى الأقصر عام ١٩٧٤، وتقيم حاليًا فى مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، حيث حصلت على درجة البكالوريوس من كلية الدراسات الإبداعية فى جامعة كاليفورنيا، ثم شهادة الماجستير فى الفنون الجميلة من جامعة نيفادا فى لاس فيجاس، وحاليًا تدير ستوديو فنى تمتلكه، وتبتكر فيه أعمالًا من الفنون المعاصرة والمنحوتات والهندسة المعمارية للمعارض الكبرى.

وتتنوع هذه الأعمال بشكل كبير، لكنها تحمل دائمًا عبق الشرق، فعلى سبيل المثال، بين عامى ٢٠٠٨ و ٢٠١٣، أبدعت ابنة الأقصر منحوتات «ثلاثية القاهرة»، وهى تماثيل حركية كبيرة مكونة من ٣ قطع، مستوحاة من «ثلاثية» نجيب محفوظ، وبرزت فيها «المشربيات» الشهيرة فى مصر آنذاك.

ورصدت شيرين جرجس فى «ثلاثية القاهرة» خريطة التطور الثقافى فى مصر، وانهيار البلاد بعد الاستعمار وإعادة بنائها، وذلك عبر قطع زخرفية مصنوعة على شكل عربى تقليدى، ومن مواد تشبه «المشربيات».

وحملت كل منحوتة من الثلاث اسم رواية من ثلاثية «أديب نوبل»، فأطلقت عليها: «قصر الشوق» و«بين القصرين» و«السكرية».

وفى عام ٢٠٢١، شاركت شيرين جرجس مع مؤسسة «Art D›Egypte» فى فعاليات المعرض الفنى الدولى «الآبد هو الآن»، الذى أقيم فى منطقة الأهرامات، من خلال تمثال «لقد عدت الآن»، لتصبح واحدة من العديد من الفنانين المعاصرين الذين أسهموا فى المعرض.

وتحرص «شيرين» على أن تتضمن أعمالها رسائل واضحة بشأن العديد من المواضيع المختلفة التى تؤثر فى الشرق الأوسط ومواطنيه، وجمعت فيها بين اللغة الغربية المبسطة وزخرفة هذه المنطقة الفريدة.

وتعرض الفنان المصرية هذه الأعمال فى عدة معارض فنية بمختلف أنحاء الولايات المتحدة والعالم، ومن بينها معرض مركز «١٨ ستريت للفنون» و«شولاميت نازاريان» و«لاكسارت فى» فى كاليفورنيا.

شاركت أيضًا فى معرض «يجب أن نخاطر بالبهجة: عشرون فنانًا من لوس أنجلوس»، وهو معرض رسمى مصاحب لـ«بينالى البندقية»، إلى جانب معرض متحف مقاطعة لوس أنجلوس للفنون، ومعرض مجموعة «أفانت جارد» و«بينالى كاليفورنيا ٢٠١٠»، علاوة على معرض «حوارات الألوان» فى متحف الشارقة للفنون. 

وفى عام ٢٠٠٨، شاركت فى سلسلة من البرامج العامة، بالتزامن مع العرض الأمريكى فى «بينالى القاهرة» الحادى عشر، وظهرت تقارير عن أعمالها فى منصات إخبارية عالمية، من بينها: «لوس أنجلوس تايمز» و«آرت فورم»، و«براون بوك ماجزين»، و«آرت ويك» و«هافنجتون بوست».

واقتنيت أعمال شيرين جرجس فى عدة متاحف، من بينها متحف لوس أنجلوس للفنون، والفنون الجميلة فى هيوستن، وأورانج للفنون، ولاس فيجاس للفنون، إلى جانب مقر وزارة الخارجية الأمريكية، وهيئة «المتروبوليتان» فى لوس أنجلوس. 

وتعمل «شيرين» كأستاذ مشارك للفنون الجميلة فى مدرسة «روسكى» للفنون والتصميم بجامعة جنوب كاليفورنيا، وهى حاصلة على زمالة مؤسسة مجتمع كاليفورنيا للفنانين البصريين، بالإضافة إلى زمالة الفنانين فى مدينة لوس أنجلوس ٢٠١٤- ٢٠١٥. وقدمت الصحيفة تحليلًا لأعمال بنت مصر، قائلة إن «أعمال شيرين جرجس تتميز بالجمع بين اللغة الغربية التى تختفى فيها جماليات التصميم، واللغة الشرقية بما فيها من زخرفة، مع تركيز أعمالها على بنى المجتمعات وهويتها الثقافية وقضايا المرأة».

وأضافت: «اللافت فى أعمال شيرين أيضًا، استخدام عناصر مميزة، مثل القصائد والسير الذاتية والأغانى، إلى جانب روايات تاريخية مثبتة، من أجل تطوير المشاريع التى تعمل عليها، وجعلها تلقى قبولًا لدى الجمهور».

وتستند «شيرين» فى خلفياتها المعرفية التى تعتمد عليها فى إبداع أعمالها إلى العديد من المقومات، مثل دراسة الكتب التاريخية، وإجراء مقابلات حقيقية مع قادة المجتمع وأعضائه الفاعلين، ثم تبدأ فى تحويل الهندسة المعمارية والنصوص والروايات إلى أعمال فنية.

وتربط الفنانة بذلك بين المواد والجوانب الشكلية للعمل من ناحية، والمحتوى من ناحية أخرى، وهو أمر بالغ الأهمية، من أجل إعادة سرد القصص عبر المواد والألوان، لتقدم بذلك «لغة مرئية» يمكن للمشاهدين من خلالها معرفة تفاصيل أحداث تاريخية مفقودة».