رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية مسجد.. «المؤيد شيخ» الذى حول من سجنه إلى مسجد للمصلين

مسجد المؤيد شيخ
مسجد المؤيد شيخ

تعد دولة المماليك بمرحلتيها "البحرية – البرجية"، المنافس الأكبر للدولة الفاطمية، في الاهتمام بالعمارة وبناء ما يخلد تاريخهم في مصر خاصة الاهتمام بالمساجد، ويضم شارع المعز خليطا فريدا من نوعه بين مساجد الفاطميين ومساجد المماليك، ومن بين أهم المساجد الموجودة بشارع المعز لدين الله، مسجد "المؤيد شيخ".

في شارع المعز لدين الله الفاطمي بالقرب من باب زويلة، يقع مسجد السلطان المؤيد شيخ أو مسجد "المؤيدي"، وهو أحد أهم المساجد التي بنيت في عهد دولة المماليك البرجية "الجركسية" وهي دولة المماليك الثانية، وقد أسست دولة المماليك البرجية في عام 784 هجرية / 1382 ميلادية، على يد سيف الدين برقوق، وتعود جذورهم إلى عهد المنصور بن قلاوون الذي استعان بهم في جيشه، وقد اختلفت الآراء حول سر تسميتها بالمماليك البرجية، فبعض المؤرخين يقول إن التسمية تعود لأنهم كانوا يسكنون أبراج قلعة الجبل، بينما الرأي الأخر يرى أن سر التسمية لأنهم كانوا ينتسبون لقبيلة برج الشركسية، وقد حكمت دولة المماليك البرجية مصر لأكثر من 135عامًا انتهت بالغزو العثماني لمصر.

وقد كان مؤسس دولة المماليك البرجية السلطان الظافر سيف الدين برقوق، وكان من بين أمرائه المؤيد أبو النصر شيخ المحمودي الجركسي، والذي جاء إلى القاهرة عام 782 هجرية / 1381ميلادية، ضمن قوافل العبيد، ولم يكن قد تجاوز الثانية عشر عامًا، وقدمه التاجر إلى الأمير برقوق، الذي اهتم بتربيته وتعليمه الفروسية واعتقه، وقرر تعيينه في الحرس السلطاني، واعتمد برقوق على أبو النصر شيخ، في إخماد الفتن ببلاد الشام وعاد منتصرًا.

ثم حدثت الفتنة الأكبر في عهد السلطان المملوكي سيف الدين برقوق، فقد هاجم أحد أمراء الشام وهو الأمير منطاش مصر بجيشه وأطاح بالسلطان برقوق من الحكم لفترة طويلة، قبض خلالها على بعض الأمراء المعاونين له، منهم الشيخ المحمودي، والذي حبسه منطاش في أخطر السجون المصرية حينذاك، والذي كان يسمى بسجن خزانة شمائل، وقد عاني المؤيد المحمودي من التعذيب خلال فترة سجنه ولم يكن يستطع النوم من البق والبراغيث، فنذر المؤيد أنه إذا خرج من المحنة دون أن يقتل وتولى حكم مصر في يوم ما، فسوف يحول تلك البقعة من سجن إلى مسجد كبير يلحق به مدرسة أهل العلم.

وهو ما حدث بالفعل، وتولي الحكم في عام 815 هجرية / 1412 ميلادية، وقرر في العام البدء في بناء المسجد عام 818 هجرية / 1415 ميلادية، واستغرق بناء المسجد 6 أعوام كاملة ليتم افتتاحه للمرة الأولى في عام 824 هجرية /1421 ميلادية.

يتكون المسجد من صحن أوسط مكشوف تحيط به أربعة أروقة أكبرها، رواق القبلة، وهو مزين بألواح رخامية ملونة بارتفاع المحراب، وبجواره المنبر المطعم بالعاج والصدف وكتب عليه اسم وألقاب المؤيد شيخ المحمودي، وقد شيدت مئذنتي المسجد الجامع فوق باب زويلة، وتحمل المئذنة الغربية اسم منشئ المسجد، والأخرى تحمل اسم محمد بن القزاز مهندس المئذنة، ومن أهم المعالم الأثرية للمسجد الباب الكبير، والذي يحمل اسم السلطان حسن، وهو من أجمل الأبواب الخشبية المرصعة بالنحاس، وقد نقله المؤيد شيخ من مدرسة ومسجد السلطان حسن إلى جامعه، وبعد البوابة الرئيسية، يوجد ضريح السلطان المؤيد شيخ محمود وإلى جواره ضريح نجله إبراهيم الذي توفي صييًا.