قصة صورة|«منيو» الملك فاروق.. هكذا كانت مائدة إفطاره وطقوسه الغريبة في رمضان

شهر رمضان من الشهور التي لها مكانة خاصة في قلوب المسلمين في أنحاء العالم، والملوك والرؤساء وكبار الدولة أفراد لهم طقوس وعادات في هذا الشهر الكريم يخلدها التاريخ وشاهد عليها المؤرخين وتتناقلها الأجيال جيل بعد جيل.

ومن الملوك الذين مازالوا يحكى التاريخ عنهم الملك فاروق الذي كان لشهر رمضان منزلة عظيمة عنده  فقد ارتبط عصره بهذا الشهر ارتباطًا كبيرًا، فقبيل‏ ال‏شهر‏ بأيام‏، ‏فقد كانت‏ ‏ساحة‏ ‏قصر‏ ‏عابدين في عهده‏ ‏أثناء ‏ليالي‏ ‏رمضان‏ ‏مفتوحة‏ ‏أمام‏ ‏العامل‏ ‏والفلاح‏ ‏والإنسان‏ ‏المصري‏ ‏الذين‏ ‏كانوا‏ ‏يشاركون‏ ‏الملك‏ ‏في‏ ‏مآدب‏ ‏الإفطار‏، ‏ويستمعون‏ ‏معه‏ ‏إلي‏ ‏آيات‏ ‏الذكر‏ ‏الحكيم‏ ‏من‏ ‏كبار‏ ‏القراء.

نشأة مآدب الإفطار في عهد الملك فاروق

قبل عهد الملك فاروق لا تعرف مآدب الإفطار،‏ ‏قد‏ ‏جرت‏ ‏قبل‏ ‏الحرب‏ ‏أن‏ ‏تقام‏ ‏مأدبة الطعام‏ ‏في‏ ‏القصر‏ ‏الملكي‏ ‏في‏ ‏شهر‏ ‏رمضان‏، ‏لأمراء‏ ‏البلاد‏ ‏وعلمائها‏ ‏ووزرائها‏, ‏ولكن عندما ‏جاءت‏ ‏الحرب‏ ‏أمر‏ ‏بإلغائها‏ ‏على‏ ‏أن‏ ‏تحل‏ ‏محلها‏ ‏مآدب‏ ‏في‏ ‏القاهرة‏ ‏وسائر‏ ‏مدن‏ ‏المملكة‏ ‏وأرجائها‏ ‏للفقراء‏ ‏والمعوزين‏ ‏على ‏حساب‏ ‏الجيب‏ ‏الخاص‏ ‏الملكي‏ ‏طول‏ ‏مدة‏ ‏شهر‏ ‏الصوم‏ ‏المبارك.

وتعددت أنواع المآدب في عهد الملك فاروق، فكانت هناك‏ ‏مأدبة‏ ‏للعمال‏، ‏و‏رجال‏ ‏الجيش‏ ‏والضباط‏، ‏ومشايخ‏ ‏الطرق‏ ‏الصوفية‏ ‏والأئمة‏ ‏والخطباء‏، ‏ومأدبة ‏للطلبة‏ ‏الغرباء‏ ‏في‏ ‏مصر، ثم تقام ‏مآدب‏  ‏في‏ ‏مختلف‏ ‏أنحاء‏ ‏البلاد‏ ‏يدعو‏ ‏إليها‏ ‏الملك‏ ‏آلاف‏ ‏الفقراء‏ ‏من‏ ‏أبناء‏ ‏شعبه‏ ‏وعندما‏ ‏يقبل‏ ‏أفراد‏ ‏الشعب‏ ‏على‏ ‏القصر‏ ‏العامر‏ ‏في‏ ‏أمسيات‏ ‏رمضان‏ ‏يذهبون‏ ‏إلى‏ ‏غرف‏ ‏التشريفات‏ ‏لقيد‏ ‏أسمائهم‏ ‏في‏ ‏السجلات‏ ‏المعدة‏ ‏لذلك.

وعندما أمر بإقامة مآدب في مختلف أنحاء البلاد للفقراء، شدد الملك على المسؤولين، وذلك قبل ‏أن‏ ‏يحل‏ ‏شهر‏ ‏رمضان‏ ‏بأيام‏ ‏أن يذهب‏ ‏المحافظون‏ ‏والمديرون‏ ‏والمسئولون‏ ‏إلى‏ ‏قصر‏ ‏عابدين‏ ‏ويتسلمون‏ ‏من‏ ‏معالي‏ ‏رئيس‏ ‏الديوان‏ ‏العالي‏ ‏الاعتمادات‏ ‏المالية‏ ‏اللازمة‏ ‏لهذه‏ ‏المآدب‏ ‏مع‏ ‏رجاء‏ ‏من‏ ‏جلالة‏ ‏الملك‏ ‏بأن‏ ‏يعدوا‏ ‏الفقراء‏ ‏الذين‏ ‏يدعونهم‏ ‏إليها‏ (‏ضيوف‏ ‏جلالته‏)، ‏وأن‏ ‏يبالغوا‏ ‏في‏ ‏إكرامهم‏ ‏والاهتمام‏ ‏بهم‏ .

أشهر أصناف الطعام على مائدة الملك فاروق

تداول الكثير من الصور التي تضمنت وجبات إفطار للملك فاروق في أيام رمضان، ومثلها مثل أي مائدة مصرية تعج بالأصناف الكثيرة من الأكلات الشهيرة، فقد احتوت إحدى وجبات الإفطار للملك فاروق في عاشر يوم رمضان عام 1930 على العديد من الأصناف منها فائر بالجبن واللحم والبيض بالفول.

وتناولت الوجبة على الكثير من الأكلات التي كان يفضلها الملك فاروق مثل طبق اللحم بالمكرونة والتورلي على الطريقة الشرقية، والديك الفيومي المحمر، والبطاطس والأرز بالزبدة، والسلاطة البستانية بالإضافة إلى الحلويات مثل كنافة باللوز والفواكه. 

كما تداولت صورة بها دعوة  إفطار الملك فاروق لوزرائه وحاشيته خلال حفل الإفطار السنوى بتاريخ  2 رمضان عام 1366 هجرية، احتوت على فول مدمس بالبيض، ديكة فيومية على الطريق المصرية، بامية طهو الريف، كنافة بالقشدة وفواكه، وحساء سخينة، سلاطة بستانية، رويشات حمل على الطريقة السلطانية، ورق عنب محشو، ديكة مشوى، بطاطس محمرة، أرز طاس كباب، فطيرات متنوعة، مثلجات شرقية.

كما تداول صورة أخرى عبر المنصات الإلكترونية تحتوي على إفطار الملك مع  حاشيته عام وكان الملك حريص على إفطار حاشيته فى عام خلال حفل 1943 إفطار مع موظفي وزارة الحقانية.

طقوس الملك فاروق في شهر رمضان

كان للملك فاروق عادات وتقاليد وطقوس يفعلها عند بدء الشهر الكريم، فعندما تثبت رؤية هلال رمضان يقوم بإلقاء تهنئة للشعب عبر الراديو، كما‏ ‏يؤدي‏ ‏أول‏ ‏صلاة‏ ‏جمعة‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏الشهر‏ ‏في‏ ‏مسجد‏ ‏الرفاعي‏ ‏مع‏ ‏العلماء‏ ‏والكبراء، ‏كما ‏كانت‏ ‏الصلاة‏ ‏فيه‏ ‏مباحة‏ ‏للجميع‏ ‏في‏ ‏حضرة‏ ‏الملك .‏

ومن العادات التي كان يأمر بها الملك خلال شهر رمضان منع المشروبات الكحولية طوال شهر رمضان، وتشغيل القرآن الكريم في المحال التجارية طوال الشهر.

ومن العادات التي حرص الملك عليها، إعداد مائدة إفطار داخل قصر عابدين يدعا إليها أوائل الطلاب والمتفوقين دراسيا تكريما لهم، كما كان يحرص على صلاة الجمعة الأخيرة من شهر رمضان في مسجد عمرو بن العاص. 

وخلال العام 1950، وبالتحديد فى يوم 6 يوليو، وكان يوم الجمعة 21 رمضان 1369، دعا الملك فاروق إلى وليمة إفطار فى قصر عابدين، وقام بتوجيه الدعوة إليها كبير الأمناء عبداللطيف طلعت، وطلبة البعوث الإسلامية وجنوب الوادى الذين يتعلمون بالأزهر، وكانت تلك المائدة علامة من علامات شهر رمضان، فقد كان يقدم فيها أشهى المأكولات والأصناف والتى كان لا يعرفها الشعب المصري، ووصل عدد المدعوين لأكثر من ألف طالب، من مختلف الدول ويتحدثون بلغات مختلفة.

وكانت تحتوي المأدبة على عدة أنواع من الطعام وهى: فطائر بالجبن واللحم، وفول بالبيض، وأوزاى بالمكرونة، وتورلى على الطريقة الشرقية، وأرز طاس كباب دجاج محمر بالبطاطس، وقطايف باللوز، وقمر الدين، كما كان يعقب تلك الوليمة أمسية دينية وتواشيح وتلاوة قرآن بصوت الشيخ محمد الصيفى ومصطفى إسماعيل وعبدالفتاح الشعشاعى.

مظاهر الاحتفال بشهر رمضان في قصر عابدين

وعندما يحل شهر رمضان كان‏ ‏قصر‏ ‏عابدين‏‏ ‏يضاء‏ ‏بالأنوار‏ ‏الكثيرة‏ ‏لإحياء‏ ‏ليالي‏ ‏رمضان‏، ‏ويكثر عدد‏ ‏المقاعد‏ ‏في‏ ‏الفناء‏ ‏الداخلي‏ ‏للقصر‏ ‏لجلوس‏ ‏الألوف‏ ‏الذين‏ ‏يقبلون‏ ‏لسماع‏ ‏آيات‏ ‏القرآن, فكانت ‏تفتح‏ ‏السراي‏ ‏أبوابها‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏ليلة‏ ‏للجميع‏ ‏لا‏ ‏فرق‏ ‏بين‏ ‏غني‏ ‏وفقير، وكان يأمر الملك باستخدام مكبرات الصوت حول قصر عابدين لإذاعة القرآن الكريم طوال شهر رمضان.