رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لجنة المسرح تضع روشتة لعلاج المشكلات المزمنة

المسرح
المسرح

تبنت لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة، برئاسة المخرج الكبير عصام السيد، استراتيجية لمناقشة وبحث كل القضايا الإشكالية المرتبطة بالمسرح مع أطراف متعددة شريكة فى عملية الإنتاج المسرحى، حتى تدخل التوصيات الناتجة حيز التنفيذ، وهو جهد وتخطيط مدروس يُحسب للجنة التى تحاول استعادة دورها كمسئول عن اقتراح السياسات الثقافية العامة المتصلة بالمجال، وكمرجعية استشارية للإنتاج الإبداعى فى هذا السياق.

وعقدت لجنة المسرح مائدة مستديرة بالمجلس الأعلى للثقافة، لمناقشة دور «المهرجان القومى للمسرح»، فى حضور عصام السيد، المخرج المسرحى ومقرر اللجنة، وإسماعيل مختار، مدير المهرجان، ويوسف إسماعيل رئيسه.

وأشار عصام السيد إلى أن الحديث عن المسرح المصرى منذ عقود صار مرتبطًا بالحديث عن الأزمة التى تواجهه، وتساؤلات مثل ما هى أزمة المسرح؟ وما أسبابها؟ وهل توجد حقًا أزمة أم أنه خطاب يتم تداوله بلا مراجعة؟ 

واعتبر أن خطاب الأزمة تاريخى يستند فى بعض الأحيان إلى مشكلات حقيقية، لكنه فى أحيان أخرى يكمن فيه شىء من المبالغة، وكثيرًا ما تم تدوير هذا الخطاب فى لقاءات وندوات ومؤتمرات.

كما أكد أن المهرجان هو أحد التجليات لهذا الخطاب، لأنه إحدى الفعاليات المهمة والشديدة الحيوية فى المسرح المصرى، حيث يعرض عبره وفى إطار تسابقى، أفضل العروض التى قدمت خلال الموسم المسرحى، وعادة ما يثير المهرجان نقاشات واختلافات حول أقسامه وآليات الاشتراك فيه وجوائزه ومعايير منح الجوائز واختيارات لجان التحكيم. 

وثمّن الناقد المسرحى أحمد خميس دعوة لجنة المسرح لمناقشة قضايا المهرجان القومى من ناحية «الفلسفة والتوجه والمعوقات»، معتبرًا أن مثل تلك اللقاءات ستأخذنا حتمًا لخطوات مهمة فى مستقبل الفعالية التى نؤمن جميعًا بأهميتها ودورها الجمالى المهم.

وطرح فى مداخلته عدة نقاط، منها أن يتم اختيار أعضاء لجنة التحكيم من أصحاب الخبرة الكبيرة، الذين هم بالضرورة متفاعلون مع المشهد المسرحى الراهن من حيث متابعة العروض والمشاركة الفعالة فى الصناعة بشكل أو بآخر، وتشجيع رموز المسرح المحترفين على المشاركة فى مسابقات المهرجان دون أن يعزفوا أو ينسحبوا من التسابق، كما كان يحدث فى السنوات الماضية، ما يجعل الحدث أقرب لمهرجان مختص فقط بهواة المسرح. كما أكد ضرورة التخطيط العلمى لوجود «رعاة» يدعمون المهرجان بأشكال مختلفة، مضيفًا أنه على اللائحة أن تتضمن بنودًا تسمح بذلك فى المستقبل القريب، وهو أمر سيأخذ الفعالية لمستوى أفضل مما نحن عليه.

وطالب بأخذ كل ما يتعلق بالتغطية الإعلامية المصاحبة للفعالية بجدية أكثر، بحيث يشعر المواطن بوجود مهرجان مسرحى مهم باسم الدولة المصرية تشارك فيه جهات الإنتاج المختلفة، سواء المدعومة من وزارة الثقافة أو القطاع الخاص أو الفرق المستقلة والجامعات المصرية والجمعيات الثقافية والشركات والمسرح الكنسى.

وطالب «خميس» بإعادة النظر فى وجود الندوات التطبيقية المصاحبة للعروض المسرحية، موضحًا أنه تم إهمال تلك النقطة المفصلية منذ سنوات، الأمر الذى أثر بالسلب على حركة النقد المسرحى، خاصة فى شقها المتعلق بتفاعل وتدريب النقاد الشباب على مشاهدة وقراءة العرض المسرحى، واكتساب الخبرة الملائمة التى تطور شخصياتهم النقدية وتعطيهم الخبرة الكافية فى المستقبل.

فيما أكد الناقد والصحفى باسم صادق، ضرورة وجود مسابقة لمسرح الطفل بوصفه رافدًا من روافد المسرح المصرى، مطالبًا بأن يمثل كل أطياف المسرح.

وبدورها، شددت الكاتبة والناقدة رشا عبدالمنعم، على ضرورة مراجعة أهداف ودور المهرجان على نحو يجعلنا أكثر إدراكًا، لما يجب أن تكون عليه فعالياته، لافتة إلى أنه فى فترة سابقة دار حوار مطول مع عدد من المسرحيين حول المهرجان، وتم تصميم استمارة لاستبيان الآراء، واتفق معظم المشاركين على الإبقاء على اللائحة الأولى التى تقسم الجوائز إلى جائزتين هما: «أفضل فنان فى مجاله» و«أفضل فنان صاعد فى ذات المجال»، وهو ما يغنينا عن الدخول فى متاهات تعريف الهواية والاحتراف وتقسيم جهات الإنتاج وفقًا لهذا المفهوم.

وقالت رنا عبدالباقى، إن المجتمع المصرى والعالم مرا فى العامين السابقين بمجموعة متغيرات تسببت فيها أزمة كورونا، وأسهم فيها التطور التكنولوجى والتقنى السريع الذى أجبر العالم على إيجاد أساليب مبتكرة لمحاكاة الواقع.

وأضافت أن المنتج المسرحى كغيره سلعة، إما أن يُقبل عليها الجمهور أو ينفر منها، ولا يمكننا إنكار معاناة المسرح المصرى وتأخره عن نظيره فى دول العالم ودول الجوار، وغيره من الوسائط الفنية. 

وذكرت أن المعاناة تكمن فى بدائية سُبل الإنتاج والتسويق وإعاقتها وعدم مواكبتها، لما يفرضه الواقع بمتغيراته، حتى أصبحنا ننتج عروضًا نشاهدها نحن ولا يعرف أحد عنها شيئًا، حتى أصبحت هناك فجوة شاسعة بين المُنتَج والمستهلك.

وقالت إنه بناءً على الاتفاق السارى بأن المسرح خدمة ثقافية مجانية تستهدف المواطن المصرى فى كل ربوع المحروسة، ولا بد أن تصل لمستحقها وأن تعود عليه بالنفع، وتتماس مع همه، وتطرح قضاياه، فإنه لزام علينا نحن جموع المسرحيين أن نطرح على أنفسنا عدة أسئلة، ومنها: «هل نسير فى اتجاه تحقيق هذا الهدف أم لا لمعرفة موقعنا الحقيقى من الواقع المجتمعى؟، هل نحن مؤثرون بالفعل أم نتغنى بجمل رنانة لا يفهمها سوانا أم مشاركون فى التغييب أم مُخدرون للألم كالعازفين على ظهر السفينة الشهيرة؟».

فيما أكد الناقد محمد بهجت، ضرورة وجود مهرجان خاص مستقل لفنون مسرح الطفل، على أن يكون دوليًا ويستضيف عروضًا ناجحة ومميزة من كل بلاد العالم خاصة الولايات المتحدة، ويقدم مدارس العرائس المختلفة.

وأكد كذلك الاهتمام بالموقع الإلكترونى للمهرجان وتفعيله بما يتناسب مع قيمة المهرجان، متسائلًا عن دور أعضاء اللجنة العليا وسبب كثرة تغيير اللوائح والأهداف مع تغير رئيس المهرجان، فى ظل ضرورة أن تكون للمهرجانات أهداف ثابتة وخطط واضحة لا تتغير بتغير القيادات، مشيدًا بالجهد الكبير المبذول من رئيس المهرجان والعاملين فيه فى ظل دورتين استثنائيتين بسبب انتشار جائحة كورونا.

وتحدث الناقد المسرحى الدكتور محمد سمير الخطيب، عن أن المهرجان القومى بمثابة كرنفال، ويجب أن يبتكر آليات جديدة تسهم فى جذب جمهور جديد للمسرح فى ظل المنافسة الشديدة مع فنون الوسائط الأخرى مثل السينما والتليفزيون.

وذكر أنه يمكن توظيف «السوشيال ميديا» فى تنفيذ بث حى لعروض المهرجان، بما لا يتعارض مع حقوق الملكية الفكرية، مشيرًا إلى أنه يجب أن يلقى المهرجان الضوء على إسهامات النقاد، وأن يكون عنوان الدورة الحالية «الناقد المسرحى» على غرار الدورة السابقة التى كان عنوانها «الكاتب المسرحى» تقديرًا لدور النقاد فى المسرح المصرى والاحتفاء بهم، فى ظل الضغوط التى تكبل دورههم بوصفهم شركاء أساسيين فى دفع صناعة المسرح إلى الأمام.

فيما أشار المخرج الكبير ناصر عبدالمنعم إلى عدة نقاط مهمة، منها أن المهرجان القومى للمسرح هو احتفالية الغرض منها التسويق والإضاءة على عروض المسرح المصرى، وأننا يجب أن نعيد التفكير فى أمر الجوائز، بحيث يكون لها مردود فنى حقيقى على حركته، مقترحًا استثمار اتفاقيات التبادل الثقافى والمنح الدولية واستبدال الجوائز المالية أو تعظيمها بتقديم منح للدراسة والاحتكاك الدولى فى المهرجانات الدولية المهمة مثل «أفينيون»، لتكون تلك المنح بمثابة الجائزة الممنوحة لشباب الفنانين. 

أما الناقدة والممثلة ليليت فهمى، فقد رأت أن هوية المهرجان دائمًا ما تتأرجح بين كونه بانوراما احتفالية سنوية بالمسرح المصرى، بما يستوجب معه الحفاظ على مفهوم الكوتة والتمثيل العادل لكل جهات الإنتاج، وكونه مهرجانًا قوميًا تنافسيًا.

وقالت إنه فى هذه الحالة لا بد ألا نفكر فى شىء إلا الجودة، متجاهلين معيار الإنتاج والتمثيل لشتى الجهات المنتجة، على أن يتم الاختيار من خلال تشكيل مجموعة من اللجان لا صلة لها باختيارات وترشيحات جهات الإنتاج.

وذكرت أن التأرجح بين المفهومين يؤثر على هوية المهرجان خلال سنوات انعقاده، وهو أمر يتطلب حلًا توافقيًا، تفاديًا للتأثير على كل من الهدفين، التمثيل العادل لجهات الإنتاج والتنافسية. 

وقالت إنه فى هذا الإطار يتبين لنا ضرورة تشكيل لجان خاصة بالمهرجان حتى لو تعارض اختيارها مع المسابقات الداخلية للجهات الأخرى، مثل مسابقات الجامعات وقصور الثقافة وغيرها، وهذا لا يقلل من قيمة اللجان السابقة، لكنه يتيح فرصة أكبر لعروض جيدة أخرى لأن تحصل على فرص عرض فى احتفالية قومية كبيرة، مثل المهرجان القومى، كما يقلل من تحايل بعض العروض للتقدم كعروض مستقلة. 

وناقش الحضور كل الآراء المطروحة، واستخلص عصام السيد توصيات نهائية من كل المداخلات ثم تلاها على الحضور.

وأبدى يوسف إسماعيل، رئيس المهرجان، وإسماعيل مختار، مدير المهرجان، حماسهما لما جاء فى التوصيات، مشيرَين إلى أنهما سيعملان على مراعاتها وتقديم دورة جديدة تليق بالمسرح المصرى وقيمته.