رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بين كتابين.. ردود أزهرية على أصول التكفير الأربعة في "السؤالات النيجيرية"

جريدة الدستور

أعلنت مبادرة المنظمة العالمية لخريجي الأزهر عن الاصدار الالكتروني الأول للرد على الجماعات المتطرفة في إطار سلسلة الرد على إصدارات المتطرفين.

وجاء الإصدار ردا على كتاب "السؤالات النيجيرية"، لأبي مالك التميمي النجدي (أنس النشوان) أحد قيادات تنظيم داعش الإرهابي ومفتي الدم بالتنظيم.

يأتي ذلك ضمن مبادرة المنظمة العالمية ‏لخريجي الأزهر العلمية لتفكيك الفكر المتطرف، التى تهدف إلى تأصيل علمي دقيق للرد ‏على الأفكار الدينية المغلوطة التي يستعملها أصحاب الفكر المتطرف في استقطاب الشباب ‏والفتيات، واكتساب تعاطفهم مع أفكارهم وأعمالهم الإجرامية في حق الدين وحق الإنسانية‎.

ويعد كتاب السؤالات النيجيرية من أخطر مؤلفات الجماعات التكفيرية التي تنضنح بالتكفير من أوله إلى آخره ويشمل 4 أسئلة، وإجاباتها... السطور التالية تلقي الضوء على هذه الأسئلة وردود حمد الله حافظ الصفتي الباحث بالمنظمة العالمية لخريجي الأزهر على إجابات الداعشي...

أسئلة الداعشي وإجاباته

 

السؤال الأول: هل يكفر المسلم بمجرد عيشه في ديار الكفر؟

 

يعتبر المؤلف الداعشي في رده على السؤال الأول أن بلاد المسلمين بلاد كفر.

 

السؤال الثاني: 


هناك مدينة تجارية كبرى، عبارة عن سوق وأماكن الطواغيت داخل السوق، فلو ضربهم المجاهدون لقالوا ضربوا السوق، وربما يصاب بعض التجار العوام بهذه الضربات فما الحل وما هي السياسة؟

 

ويجيب الداعشي بجواز قتل النساء والذراري (الأطفال) الذين يتحصن بهم الجنود، مع عدم قصدهم بالاستهداف ابتداء.

 

السؤال الثالث:


مسألة تكفير من يحمل الأوراق الثبوتية مثل الجنسية والجواز، إلا كرها كالمجاهدين الذين يريدون الخروج للجهاد، (ومناط التكفير فيها أنها رضا بالبلد الذي يحكم بالكفر ويحمل أوراقا بها شعارات الدولة الطاغوتية).

 

ويأتي جواب الداعشي بتكفير من يرضى بهذا بعد شرح موجز.

 

السؤال الرابع: 


ما حكم استهداف المدارس العالمية الكفرية التي تركها المحتل فصارت حكومية لتكفير من يدرس فيها، حيث أنه في كل صباح فيها نشيد العلم بألفاظه الكفرية ويردده الطلبة وهو بيعة للطاغوت، وبعض المدارس يكون فيها احترام الصليب وقراءة كلمات من الإنجيل إلزاما عند معاقبة الطالب، وكذلك الكليات التي يدرس بها علم الفلسفة كفرية والمواد التي تخالف كلام الله كفر مثلا: الأرض تدور والشمس واقفة وكروية الأرض وغيرها من المعارضات للقرآن".


ردود أزهرية

السؤال الأول.. حول ديار الكفر

 

ينقل مؤلف كتاب الردود على السؤالات النيجيرية، في رده على الداعشي ما قرره في ذلك ابن عابدين في حاشيته والشربيني في تحفة المحتاج، وابن قدامة في المغني فيقول:

 

"والحق أن دار الإسلام فيما قرره أئمة المذاهب السنية الأربعة وفقهاؤها: هي البلد التي يمتلك فيها المسلمون سيادة أنفسهم، بحيث يقدرون على إظهار إسلامهم، والامتناع عن أعدائهم، سواء كان سكانها مسلمين أو غير مسلمين، وسواء أطبقت فيها أحكام الشريعة الإسلامية أم لم تطبق، فإن ذلك لا ينفي كونها دار إسلام".

 

ويضيف المؤلف الأزهري في رده على الداعشي بقوله: "

"فأين ما قرره أئمة الدين وفقهاء المسلمين مما يقرره هؤلاء المخربون، بدعوة شباب المسلمين لمفارقة ديارهم، واعتقاد كونها ديار حرب وكفر؟!

 

الرد على السؤال الثاني:

 

يقول الأزهري في رده على الداعشي" هو يقصد بالطواغيت: حكام البلاد المسلمة الذين (يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله)!!، ويقصد بجنودهم رجال الجيش والشرطة الذين يحفظون أمن البلاد والعباد، ويقصد بالمجاهدين هو وأمثاله من المخربين الخارجين على الأمة، يضربون برها وفاجرها، ويقصد بضرباتهم تلك العمليات الإرهابية الخسيسة التي يقتلون فيها الأبرياء دون ذنب أو جريرة".

 

وينتقل إلى مسألة "التترس" فيقول المؤلف الأزهري:" إن النشوان يلبس على الناس أن هذا من أحكام الشرع الشريف، وأن مسألة التترس، أو ما يسمى الدروع البشرية ثابتة مذكورة في كتب الفقهاء المعتبرين".

 

وينقل شروط الغزالي في ذلك ثم يقول:

 

"فالشروط التي لابد منها لجواز اقتحام الترس وقتل افراده المسلمين في هذا المثال، وهي الضرورة والقطعية والكلية.

 

أما الضرورة، فتتمثل في ضرورة رد كيد هؤلاء الأعداء، وأما القطعية فتتمثل في أن نقطع بأنا لو اقتحمنا هؤلاء المسلمين الذين تترس بهم الأعداء بقتلهم لتغلبنا عليهم ولقضينا على كيدهم، وأما الكلية، فتتمثل في أن يكون الفتك الذي نقاومه من الأعداء متجها إلى المسلمين كلهم، لا إلى فئة أو جماعة أو أهل بلدة منهم.

 

فلو فقدنا أحد هذه الشروط الثلاثة، لم يجز قتل اي من المسلمين الذين يتترس الأعداء بهم".

 

ويختم الأزهري إجابته:

 

"والواقع الذي يمارسه هؤلاء الناس بتعريض البرآء للقتل، هو الذي يتسبب عنه الضرر الذي لابد أن يحيق بجماعة المسلمين، إن بشكل كلي أو جزئي، على حين أنهم لو أمسكوا عن تعريض إخوانهم هؤلاء للقتل لابتعد بذلك الخطر والفساد عن المجتمع الإسلامي وجماعة المسلمين.

 

ومعنى هذا أن الشرط الذي لابد من وجوده في مثال التترس، يوجد نقيضه في الواقع الذي نعانيه ونعالجه هنا، إذن، فمسألة الترس هذه لا علاقة لها أصلا بالواقع الذي يجري على أيدي الإرهابيين المجرمين اليوم وليس بينهما أي شبه يقتضي القياس، بل بينهما من التخالف ما يكاد يصل إلى درجة التناقض".

 

الرد على السؤال الثالث:

تكفير من يحمل الأوراق الثبوتية.

 

يقول المؤلف الأزهري في رده على أجوبة الداعشي:

 

"وواضح من صيغة السؤال أن هؤلاء يكفرون حامل الأوراق الثبوتية وجواز السفر مطلقا، سواء كان من دولة مسلمة أو غير مسلمة، لتكفيرهم للسواد الأعظم من المسلمين، حكومات وشعوبا كما هو منهجهم، ولكننا سنحمل الأمر هنا على الكلام في التجنيس بجنسية الدول غير المسلمة".

 

ثم يدخل الأزهري في رده على الداعشي في تفصيل الحصول على جنسيات الدول غير المسلمة ويبين أن ذلك يرتبط لدي الجماعات الإرهابية بالولاء والبراء، فيقول:

 

"بعض الناس يظن أن البراء من الكفر وأهله تقتضي أن نتعامل معهم بالأخلاق السيئة والعنف والغلظة والشدة، وعدم اللين والرفق والشفقة والرحمة، وهذا فهم مغلوط مخالف للقرآن الكريم، وللأحاديث الشريفة، وخير من يتمثل معاني الموالاة والمعاداة هو من نزلت عليه تلك الآيات صلى الله عليه وسلم".

 

ثم يستعرض المؤلف الأزهري في رده على الداعشي بعض مواقف النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع غير المسلمين ومنها قوله: "إني لأرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبده ولا يشرك به أحدا" [رواه مسلم]".

 

السؤال الرابع

 

يرد فيه المؤلف الأزهري على إجابة الداعشي عن تكفير المدارس والجامعات ودراسة الفلسفة ومن يقول بكروية الأرض، فيقول:

 

"ولا أملك إلا أن اقول: رحمة الله على العلم والدين، أيكفرون طلاب المدارس الحكومية في بلاد الإسلام، لأنهم يؤدون التحية الوطنية لبلادهم ويقدرون علمها الذي هو رمز وشعار لها؟

 

ألم يتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الرايات والألوية والأعلام، وعقد المحدثون ابوابا في كتبهم لذلك، فقالوا: في سنن أبي داواد: (باب في الرايات والألوية)، وسنن الترمذي: (باب ما جاء في الألوية)، وسنن البيهقي: (باب ما جاء في عقد الألوية والرايات)، ونحوه".

 

ويتابع: " ثم انظر إلى هذا الذي يجوز استهداف النساء والأطفال الذين لا يقاتلون، الم يسمع نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والشيوخ والأطفال؟! ألا يلتحق الدارسون في المدارس بالرهبان وأهل الصوامع الذين قال فيهم صلى الله عليه وسلم: دعوهم وما هم فيه؟!".

 

ويختم الأزهري بقوله:

 

"إن السبيل الوحيد لتخلص هؤلاء من هذا الحرج الفاضح، أن لا يمتطوا الإسلام إلى أهدافهم الشخصية، وأن يصرحوا- كزملائهم الآخرين- بطموحاتهم السياسية، وينافسوهم على طريق السعي إلى الحكم بقوة متكافئة ومطايا متشابهة".