رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا لا يطور الأزهر مناهجه على خطى «التربية والتعليم»؟

جريدة الدستور

عكف وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي، خلال الفترة الماضية على الخطة الجديدة التي سيتم تنفيذها بخصوص تطوير المراحل الدراسية قبل المرحلة الجامعية، والتي شملت تطوير المناهج وطرق التدريس وطرق إلقاء المدرسين للمعلومة، وعلى مدار الأيام الماضية نجح في عرض وشرح التطوير لجميع المصريين عبر المؤتمرات الصحفية وغيرها.

 

أما التعليم الأزهري، التابع لمشيخة الأزهر الشريف، لم يتحدث أحد عن طرق التطوير داخل هذه المؤسسات والتي نادى أكثر من مرة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بضرورة الاهتمام بالنشء وخاصة بالتعليم لمواجهة قوى الشر التي نجحت في بعض الأحيان في استقطاب شباب الأمة.

 

الهروب من الجحيم

في عام 2016 فتح الأزهر باب التحويل إلى التعليم العام فتقدم أكثر من 60 ألف طالب في يوم واحد، وهناك توقعات بتحويل 150 ألف طالب العام الحالي من الأزهر.

 

 لجان الأزهر "ضجيج بلا طحين"

ورغم دفاع الأزهر عن العملية التعليمية، وأنها أقوى من التعليم العادي، كذبتهم نتائج الامتحانات، حيث أسفرت نسبة النجاح فى 2015، 28% وصولا للعام قبل الماضى إلى 41%، وفى العام الماضى 57.2%، لتسجل تلك النتائج حالة الضعف الشديدة والخلل فى المناهج والمنظومة التعليمية الأزهرية بشكل عام.

 

وتأتي هذه الكسور، رغم مرور أكثر من أربع سنوات من القرار الصادر عن الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، والذي يحمل رقم 8 في عام 2013، بتشكيل مجموعة من اللجان، لإصلاح وتطوير التعليم الأزهرى فى كل مراحله، وانتهت اللجان بحسب ما أعلن رسميا من قبل الأزهر، أن التطوير شمل حذف أبواب معينة فى مادة الفقه على المذاهب المختلفة فى بعض المسائل التى لا تتعلق بواقعنا المعاصر، كما تم ترحيل باب الجهاد من المرحلة الإعدادية إلى المرحلة الثانوية، فيما تم إقرار أبواب معينة في مادة الحديث الشريف، تتصل بالواقع، كما تم دمج بعض المواد مع بعضها كمواد الحديث والتفسير والتوحيد والسيرة، والتي كان لكل مادة منها كتاب مستقل، وقد تم دمجها في كتاب واحد وهو كتاب أصول الدين، كما تم إقرار تدريس مادة تعنى بالثقافة الإسلامية وضعها شيخ الأزهر، وتتضمن العديد من القضايا التى تتصل بواقعنا، مع تنمية روح الانتماء للوطن، والرد على كل الأفكار الهدامة ومعالجة القضايا المعاصرة وتصحيح المفاهيم المغلوطة. كما تم التطوير في طريقة العرض والأسلوب.

 

رفض الربط بالتعليم العام

وفي شهور ماضية كانت وسائل الإعلام تداولت تصريحا للدكتور طارق شوقي وزير التعليم، إلا أنه وبعد ثورة عارمة من الاتهامات خرج "شوقي" ونفى هذا التصريح عبر بيان رسمي من قبل الوزارة، كما أكد على ذلك الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، على أن التعليم الأزهري لن ينضم إلى مركب التعليم العام، وهو ما أثار تساؤلات لدى البعض لماذا يخافون من الانضمام إلى التعليم العام؟

 

لا تنافسية

وقال الخبير التربوي كمال مغيث، إن "التعليم الأزهري لا يتمتع بالتنافس داخله فالطلاب الحاصلين على أي نتيجة سوف يدخلون المرحلة التي تليها بدون تنسيق، ويظل هذا موجودا حتى في الجامعة، وبالمقارنة مع التعليم العام فلدينا 500 ألف طالب، والجامعات الأهلية لا تقبل أكثر من 100 ألف طالب، إذا هناك طالب من كل 5 سيدخل الجامعة هذا يجعل طلاب الثانوية العامة يذاكرون بجد ويدفع الأهالي عشرات الآلاف على الدروس الخصوصية لضمان مقعد في الجامعات الأهلية، لكن يحدث في الأزهر العكس فكل 5 طلاب يدخل 4 منهم الجامعة مهما كان مجموعهم فتقل التنافسية التي تجعل الطالب لا يجتهد في الدراسة ويكفيه النجاح لدخول الجامعة.

 

وأضاف: "وبالتالي يقل جهد المدرسين في تعليم الطلاب لأنهم في النهاية سينتقلون بلا تنسيق من الإعدادية للثانوية ومن الثانوية إلى الجامعة هذا السبب الأكبر في تدني نسبة النجاح في التعليم الأزهري قبل الجامعي، كما أن هناك الكثير من أولياء الأمور حينما يجدون نجلهم ضعيف التحصيل فيقدمون له في الأزهر للهرب من مذبحة الثانوية العامة".

 

وأشار إلى إمكانية تطوير التعليم الأزهر إذا توفرت الإرادة السياسية لكن لابد ألا تكون بمعزل عن تطوير التعليم قبل الجامعي في مصر، فلابد من وجود نسق عام واحد لكل التلاميذ المصريين، قانون موحد للتعليم في مصر تلغي فكرة التعليم المتخصص فيتم إلغاء المدارس الخاصة والدولية والدينية بحيث يتم ضم الطلاب بكل تنوعاتهم الدينية والجغرافية والاجتماعية في بوتقة واحدة هدفها إعلاء قيمة المواطنة.

ولفت إلى أن التخصص التعليمي يجعل كل فئة في المجتمع المصري لها تعليمها الخاص ويعزل فئات المجتمع التي تعبر عن ثرائه وحيويته فتنتج جزرا منعزلة لا يمكن لها إلا أن تتشاحن وتنتج التطرف وعدم قبول وفهم الآخر، ومعروف أن المجتمع المصري شديد الثراء والتنوع وكل مجموعة لها قيمها ورموزها ونصوصها التي تحترمها وتتعلم كل تلك القيم والمفاهيم في المنزل، فيجب أن يدرسوا سويًا نفس المواد وينضموا في أنشطة رياضية ليضمر الانتماء الأول ويطفو الانتماء للوطن على السطح، وبعد مرحلة معينة يختار الطلاب ضمن تنوع ثري بين مواد دينية ولغات أو العلوم أو الرياضيات وهكذا، وتكون هذه المواد هي ما تؤهله إلى دخول كليات معينة من بينها كليات الأزهر، لكن التعليم الأزهري يدمر هذه الفكرة من الأساس، يأخذ مجموعة من التلاميذ ذوي دين واحد ويتم صهرهم كمتدينين محافظين يدرسون مناهج من التراث لا تناسب الحضارة والمجتمع المصري فيصبحون عبئًا على فكرة المواطنة نفسها.

 

خطة تطوير

بينما يقول عضو لجنة الفتوى بالأزهر، الشيخ صالح محمد عبد الحميد: إن الأزهر الشريف لايألو جهدا في مواكبة العصر والتطوير والتجديد في كل المناهج التي يدرسها طلاب الأزهر في شتي المراحل التعليمية ولقد أصدر الإمام الأكبر شيخ الأزهر قرارا بانعقاد لجنة من المتخصصين لتطوير المناهج الأزهرية، وبدأ التطوير بمختلف المراحل التعليمية الثلاث الابتدائية والإعدادية والثانوي.

 

وأضاف عبد الحميد في تصريح خاص، أن خطه التطوير في المرحلة الابتدائية شملت بعض المواد الشرعية كمادة التربية الإسلامية ويهدف ذلك إلى التركيز على التفسير الصحيح لبعض الآيات القرآنية بما يضمن سلامة الفهم وإتقان القراءة عند الطلاب في تلك المرحلة.

 

وأوضح أن المرحلة الإعدادية يتم خلالها تدريس مادة التفسير وتشمل النصوص التي تحث على الأخلاق والقيم ومعاملة غير المسلمين بالرحمة واللين والعمل على دراسه المنهج الوسطي المعتدل.

 

واختتم بقوله: "إنه في المرحلة الثانوية، فلحق التطوير والتجديد في أغلب المواد المقررة على القسمين الأدبي والعلمي وتطوير مناهج الفقه بمذاهبه الأربعة وإنشاء مادة مستحدثه لتواكب التطوير والتجديد تسمى مادة مختارات إسلامية، تشتمل عددا من الكلمات التي تتصل بالدراسات الإسلامية والأحكام الفقهية مترجمة إلى اللغة الإنجليزية وضعها نخبة مختارة من أساتذة الأزهر الشريف".