رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في اليوم العالمي للشعر.. حبيبة محمدي: «هذا العالَم سيكون خطأً لو لم تُخلَق القصيدة»

الشاعرة الجزائرية
الشاعرة الجزائرية حبيبة محمدي

الشعر هو أحد أشكال التعبير وأحد مظاهر الهوية اللغوية والثقافية، أي أغنى ما تمتلكه الإنسانية فمنذ قديم الزمان، عرفت كل القارات بمختلف ثقافاتها الشعر، إذ يخاطب القيم الإنسانية التي تتقاسمها كل الشعوب، فالشعر يحول كلمات قصائده البسيطة إلى حافز كبير للحوار والسلام لذا تم تخصيص يوم 21 مارس من كل عام للاحتفال باليوم العالمي للشعر.

وفي السياق، قالت الشاعرة الجزائرية دكتور حبيبة محمدي لـ«الدستور»: «في البداية، كلُّ سنة والشُّعراء بخير، بل كلُّ لحظة والعالمُ في جمالٍ وسلام، وأصدقاءُ الحرفِ في كلِّ هذا العالم، طيبون وشكرا لليونسكو أنَّها جعلت يوما للاحتفاءِ بالشِّعر، وهو اليوم المصادف لـ٢١ مارس، الذي هو عيد الأمّ، رمز العطاء والحبّ والخصوبة، وأيضا مصادف لعيد ميلاد الشاعر الكبير نزار قباني رحمه الله».

وأضافت: «أسئلةٌ جوهرية تمَّ طرحُها، سأحاول الإجابة عنها شاملةً.. دعنّي في البداية، أقول لكم أنا أكتب الشّعرَ والنصَّ المفتوح والمقال لكتابة عموما بالنسبة لي هي ماهيتي وجوهري، حيث علاقة وجودية علاقة كينونة الكتابة فضلٌ وفضيلة في آنٍ، حيث إنَّ الكتابة بالنسبة لي، ماهيتي الوجودية / الإنسانية، الكتابة هي ماهية وجودي، وهي مشروع وجود وليستْ ترفًا».

وتابعت: «إذا حدّدنا من الكتابة، الشِّعرَ فسأسوق إليكم، إجابتي لن أقول كلامًا كبيرًا من قَبيل: أنا أكتب لأغيِّر العالَم وأثير نظرياتٍ وقضايا كبرى!! أنا -فقط- أكتبُ كي أحلم، أكتبُ كي أفرح، وربّما كي لا أبقى وحيدة!! أو لعلّي أكتب لأقاومَ حزني! أو كي أؤجل موتي».

وأشارت إلى أنه «قد يكون الشِّعرُ مصدرَ مقاومةٍ في الحياة! الشِّعرُ رئتي الثالثة التي أتنفسُّ بها، عندما تخنقني بذاءةُ الواقع.. ميلادٌ آخر، حياةٌ أجمل.، هو حالة -عندي- بين الفرح والحزن أُسمّيها، الشجن النبيل الشِّعر، قنديلُ الرُّوحِ الأخضر، وانفجارُها بمواجعها، ولا شيء يجعلنا كبارًا، سوى ألمٍ كبير، ومن رحمِ المعاناة، تخلق صلابةُ الرُّوح من قسوةِ الحياة، تطيرُ حمائمُ البهجة.. الشِّعرُ حالُ محبَّة، ومقامُ سلام مشتلٌ غرسْنا فيه بذرةَ الحبّ، فظلتْ جذورُها تطول في الأعماق».

وأكدت أن «الشّعرُ استطيقا الحياةِ كلِّها، هو ما يُجمِّل حياتَنا من زيفها وقبحها الشِّعرُ جمالُ الرُّوح، فعلُ مقاومةٍ في الحياة، ضد القبحِ والظلم والذل والفساد، والهوان جسرُنا إلى الآخرين.. الشِّعرُ سمّو.. وهو روحُ الحياةِ، لأنَّ الوجودَ يتكوّن من ثنائيةِ الرُّوحِ والمادة، وهو هودجُ ذكرياتٍ تتمايل في صحراءِ الرُّوح، فنشرب حبرَه بنعناعِ المحبَّة ثم نواصل السير».

واختتمت: «أقول في ديواني «وقتٌ في العراء» الصادر عن المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة أن تكتبَ ما تعرف، هو نعناعٌ يزَّكي ما يشربه حبرُكَ من محبة! لذلك أنا لا أكتب إلاَّ ما أعرف أو أذوق ومَنْ ذاق عرف، لأنَّ التجربة تشبه حالة تصوّف بعد عزلة، الشِّعرُ تجربة فردية وجدانية بين صروحِ الوجود، وأعالي الحرية، وصهيل الرُّوحِ للمعرفة.. صدِّقوني، كلُّ ما نكتبه بصدق ومحبّة هو شعرٌ هذا العالَم، سيكون خطأً حقًا لو لم تُخلَق القصيدة، والعالَم بوصفه ظاهرة جمالية فنيّة، بفعل الشِّعر، هو طفولتُنا، لا تغادرنا، براءتُنا الأولى في مواجهةِ العالَم، بالتالي هو ما يبقى فينا، في الرُّوحِ، من طُهرٍ، بعدما تكون الحياةُ قد شوّهتْ أرواحَنا أو جزءًا كبيرًا منها».