رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في اليوم العالمي للمرأة.. حكايات سيدات تركن عملهن بعد الإنجاب

اليوم العالمي للمرأة
اليوم العالمي للمرأة

سبع سنوات، هي مجموع خبرة هدير، فتاة عشرينية في العمل بوظيفة صانع محتوى، تمكنت خلالها من تكوين خبرة كبيرة واسم لا بأس به في هذا المجال حتى تزوجت وأنجبت طفلها الأول.

تقول هدير إنها شعرت بمسؤولية كبيرة تجاه طفلها الأمر الذي جعلها تنهي جميع اتفاقتها الخاصة بالعمل، لأنها في الوقت ذاته لم تتمكن من التوازن بين العمل وكونها أم نظرًا للظروف القاسية في سوق العمل.

أكمل طفل هدير، عامه الأول، ولم تقوى السيدة التي قضت ما يقرب من عقد كامل في هذه المهنة التي تمكنها من تحقيق ذاتها في المجتمع، لكن المفاجأة كانت عندما تقدمت للعمل بإحدى الشركات الخاصة، وأخبروها أن عدد ساعات العمل هي 9، فما كان منها إلا أن رفضت هذه المدة نظرًا لكونها أم.

"دي مشكلتك انتي مش مشكلتنا".. فما كان جواب الشركة على رغبة هدير، إلا الرفض، واخبارها بأن هذه المشكلة تخصها وحدها ولا تخص العمل، وتم رفض قبولها للوظيفة رغم سنوات الخبرة لديها وما تمتلكه من شهادات، مؤكدين لها أن الأمور يجب أن تدار بما يتناسب مع مصلحة العمل، وليس مع دورها كأم، لكنها تمسكت بحقها في ممارسة أمومتها في المقام الأول، لهذا لم تتمكن من الحصول على الوظيفة.

قانون العمل:
تنص المادة 92 من قانون العمل 12، لسنة 2003، على أنه "يحظر على صاحب العمل فصل العاملة في أثناء إجازة الوضع، ولصاحب العمل حرمانها من التعويض عن أجرها الكامل، عن مدة الإجازة، أو استرداد ما تم أداؤه منه، إذا ثبت اشتغالها خلال الإجازة لدى صاحب عمل آخر".

“كلما رأيت رقم مديري شعرت بألم في معدتي”

نص القانون الذي تم ذكره يختلف معه صاحب الشركة التي تعمل فيها "أميرة"، فقد كان الحصول على إجازة وضع أمر أشبه بالمستحيل.

تقول أميرة: "مش هبالغ لو قولت إن إجازة الوضع بتاعتي أخدتها بالدموع والمحايلة المدير نزلني في عز المطر من شبرا لفيصل عشان أجيب ورقة بتقول الحمل في الأسبوع كذا ويخلص يوم كذا".

لم ينته تعسف المدير عند هذا الحد، وإنما تحول صوته وانفعل بشدة عندما طلبت حقها في مد الإجازة ثلاثة أشهر إضافية، غير مدفوعة الأجر، لكنه تساءل بعنف عن سبب مد الإجازة واعترض عندما أخبرته أن هذا حقي، وتحجج بالعودة إلى إدارة الموارد البشرية للتأكد من أحقيتي في الحصول على إجازة بدون مرتب، لكنه لم يجيبني حتى مرت عشرة أيام على انتهاء إجازة الوضع، وأخبرني حينها أنه تم رفض طلبي، الأمر الذي دفعني إلى ترك العمل بسبب عدم مرونتهم بل ورفضهم حقي في الحصول على إجازة بدون مرتب.

"أشعر بألم في معدتي كلما رأيت رقمه الشخص على شاشة هاتفي"، هكذا تقول أميرة عن إحساسها بالكره الشديد له والألم النفسي الذي تسبب لها فيه جراء تعامله معها في تجربة الحمل.

“انتهت كل محاولات دعاء برعاية طفلها بالفشل”

دعاء إبراهيم، سيدة في أواخر العشرينات، حاولت التوصل إلى إجراء للعمل من المنزل خلال السنتين الأوائل من عمر طفلتها لكنها لم تنجح في ذلك "ملقتش حد يساعدني اعمل دا، ولا حتى إني أخد إجازة رعاية طفل"، رفضت الشركة حتى حقها في الحصول على إجازة رعاية طفل، مؤكدين لها أن هذا يحدث في شركات الحكومة، أما نحن قطاع خاص ولا تحكمنا هذه القوانين.

"حتى البامب كانوا بيرفضوا إني اعمله".. حاولت دعاء الاستمرار في عملها رغم التعسف الشديد، ذلك لأنها لم تكن تريد الخضوع إلى قرار الاستقالة لما للعمل من أهمية كبيرة في حياتها، ولكن هذا لم يحدث فقد رفضت رئيسة قسمها أن تقوم حتى باستخراج لبن الطفل من ثديها، وأخبرتها أنها يمكن أن تقوم بمنح طفلتها لبن صناعي، أو تقوم بعملية "البامب" كل خمس أو ست ساعات، وليس كل ساعتين كما قال الطبيب لها، وتتعجب دعاء من موقف رئيسة القسم التي هي سيدة مثلها وبالطبع كانت في نفس موقفها في يوم من الأيام.

 

“انتِ أكثر المتقدمين مناسبة للعمل لكن للأسف مرفوضة لأنك أم”

أما عن غادة محسن، فتحكي عن تجربتها فتقول إنها كانت تعمل بشركة قبل الزواج، وطلبوا منها العودة بعد نقل مقر عملهم، وكان المكان الجديد أبعد بكثير من منزلها ويصعب عليها الانتقال إليه في ظل وجود طفلة صغيرة معها، فطلبت من الشركة العمل من المنزل، خاصة أن طبيعة عملها تمكنها من القيام بذلك ولا تحتاج إلى الذهاب كثيرًا إلى مقر العمل، لكن الإجابة جاءت بالرفض، "اعتذروا بشياكة وقالولي لما تبقي متفرغة ابقي كلمينا".

لم تيأس غادة وقامت بتكرار تجربة البحث عن عمل في شركة أخرى، إلا أنه تم رفضها للسبب ذاته، لإنها أم، رغم أن مديرة الموارد البشرية التي هي سيدة بالمناسبة، أخبرتها أنها أكثر المتقدمين مناسبة لهذه الوظيفة لكن لا يمكن قبولك لوجود طفلة لديها، كما أنها انفعلت عليها لاصطحاب طفلتها معها.
 

حق الطفل في وقت والدته:

وطبقاً للمادة 70 من قانون الطفل المصري، تُخفض ساعات العمل اليومية للمرأة الحامل، ساعة على الأقل، بدءاً من الشهر السادس للحمل، في القطاعين العام والخاص، ولا يجوز تشغيلها ساعات عمل إضافية، طوال مدة الحمل، وحتى نهاية ستة أشهر من تاريخ الولادة، ولا يترتب على تخفيض ساعات العمل أي تخفيض في الأجر، فهذا تمييز إيجابي.

 

“آية لم تتمكن من الاستمرار في عمل مع رعاية طفلها”

وبينما كانت آية، تحاول إنهاء عملها بسرعة حتى تتمكن من اصطحاب طفلها إلى المنزل قبل انتهاء المواعيد المحددة للحضانة، وتكبيدها أعباء مالية إضافية، وجدت المدير يرفض خروجها من العمل رغم أنها انتهت كل المهام الخاصة بها، كما أنه لم يتبقى على موعد الانصراف سوى نصف ساعة. تقول: "كل مكان كنت بشتغل فيه كان بيذلني المدير عشان امشي نص ساعة بدري، عشان حضانة ابني، وعشان كدا عمري ما عرفت أعمر في شغلانة".