رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من العرف إلى التحريم.. كيف واجهت مصر ظاهرة ختان الإناث؟

ختان الإناث
ختان الإناث

احتفل العالم أمس باليوم العالمي لعدم التسامح مطلقًا مع تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية والذي أعلنت عنه للمرة الأولى في عام 2012، ليكون  6 فبراير من كل عام يومًا لتكثيف الجهود وتوجيهها من أجل القضاء على هذه الممارسة.
وكان لمصر قصة نجاح كبيرة في التعامل مع هذه الظاهرة التي فرضها المجتمع بكل قوته حتى أن 92% من النساء والفتيات في مصر ممن تتراوح أعمارهن بين 15 و49 سنة تم ختانهن و 72% منهن على يد أطباء.

وساهم في انتشار عادة ختان الإناث في مصر الثقافة المجتمعية التي تشجع عليه كنوع من المساهمة في عفة الفتاة، وهو ما أظهره المسح السكاني الصحي لعام 2008، بأن 63% من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و49 سنة يعتقدن أن ممارسة ختان الإناث يجب أن تستمر، ورغم تشديد العقوبات المتلاحقة وقلة الظاهرة إلا أنها ما زالت موجودة، “الدستور” في اليوم العالمي لمناهضة الختان عرضت قصة نجاح مصر من العرف إلى التحريم في مواجهة ختان الإناث.
اتخذت قضية ختان الإناث منحنيات كثيرة في مصر  فبعد أن كانت عادة لا يجرمها قانون أو دين ومنتشرة بين كافة طبقات وفصائل الشعب، وكانت تفضيلات الأزواج للنساء المختونات  من بين الأسباب الأكثر ذكرًا من قبل النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين ١٥ و٤٩ عامًا لدعم هذه الممارسة (٦٠%، ٣٩% على التوالي.

ولكن أخذت الظاهرة  منحنى جديد منذ عام 2008 مع وفاة طفلة أثناء الختان، ومن بعدها بدأت مصر في تغليظ العقوبات، فتوفت  الطفلة "بدور" في إحدى قرى محافظة المنيا بصعيد مصر إثر عملية ختان على يد طبيبة، وأقر مجلس الشعب (مجلس النواب حاليًا) قانونا لعقاب المختنين بالغرامة وبالسجن من 3 أشهر إلى سنتين.

وأصدرت وزارة الصحة المصرية في عام 2007 قرارًا وزاريًا (271) يسد ثغرة في المرسوم السابق لعام 1996 بمنع الجميع، بمن فيهم العاملين في مجال الصحة، من ممارسة ختان الإناث في المستشفياتالعيادات الحكومية أو غير الحكومية.

وفي 2016 عُدل القانون وعاد لتغليظ العقوبة ليتراوح السجن بين 5 و7 سنوات للأطباء، وبين سنة وثلاث سنوات لمن يطلب ختان فتاة، لكنه أبقى على المادة التي تبيح ذلك في حالة المبرر الطبي.

وفي يناير 2020 تم تعديل المادة (242 مكررا) على أن "يُعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات كل من أجرى ختانًا لأنثى بإزالة جزء من أعضائها التناسلية أو سوّى، أو عدّل، أو شوّه، أو ألحق إصابات بتلك الأعضاء، فإذا نشأ عن ذلك الفعل عاهة مُستديمة، تكون العقوبة السجن المشدد، لمدة لا تقل عن 7 سنوات، أما إذا أفضى الفعل إلى الموت، تكون العقوبة السجن المشدد، لمدة لا تقل عن 10 سنوات".

كما نص التعديل، في هذه المادة، على أن "تكون العقوبة السجن المشدد إذا كان من أجرى الختان طبيبًا أو مُزاولًا لمهنة التمريض، فإذا نشأ عن جريمته عاهة مستديمة تكون العقوبة السجن المُشدد لمدة لا تقل عن 10 سنوات، أما إذا أفضى الفعل إلى الموت تكون العقوبة السجن المشدد، لمدة لا تقل عن 15 سنة، ولا تزيد على 20 سنة".

ولتغيير المفهوم الخاطئ بربط الختان بالدين كان لدار الإفتاء دور كبير في القضاء على هذه الظاهرة،  ففي عام 2006 عُقد المؤتمر العالمي لعلماء المسلمين حول حظر انتهاك جسد المرأة، والذي أصدر توصياته بتحريم ختان الإناث ودعا إلى سن القوانين واللوائح لتجريمه.

وفي عام 2007، أصدر مفتي الجمهورية علي جمعة فتوى تدين ختان الإناث وأصدر المجلس الأعلى للبحوث الإسلامية في الأزهر بيانًا يوضح أن ختان الإناث ليس له أساس في الشريعة الإسلامية الأساسية أو أي من أحكامها الجزئية.

وشدد الطيب على استقرار الرأي الشرعي والطبي على أن ختان الأنثى من العادات الضارة التي لا يدل على مشروعيتها سند صحيح أو دليل، وبذلك يكون محظورا ويكون إيقاع العقاب على من يزواله أمرا جائزا شرعا.