رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قبل أن نتحول إلى فريسة للسوشيال ميديا!

الحوادث التي وقعت أخيرًا لأشخاص نتيجة انتشار فيديوهات أو صور لهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تعكس عدم إدراك الكثيرين لعواقب الهوس بهذه المنصات والاندفاع غير المحسوب إلى نشر كل ما يمس حياتهم الخاصة إلا بعد وقوعهم تحت طائلة القانون أو التشهير بهم نتيجة تصرفهم بشكل غير لائق، وانتهاكهم الآداب العامة وتقاليد المجتمع!

لا شك أن جزءًا من هذه المعضلة يتعلق بوجود متطفلين يتبرعون بنشر خصوصيات الآخرين، وهؤلاء مجرمون بحكم القانون، لكن تظل الإشكالية في الجدل الحاد الذي يثار بعد كل واقعة، تحديدًا في الحوادث أو الحالات التي تنتج عنها عواقب وخيمة مثل الانتحار أو التشهير، فالمجتمع ينقسم بشدة حول مسئولية الضحية من جانب، وما إذا كانت تصرفت بشكل لائق أو أخطأت في حق نفسها، كما ينقسم حول تبعات التصوير والنشر وانتهاك الخصوصية من جانب آخر!

ومرجع هذا الانقسام من وجهة نظري هو عدم وجود منظومة قيمية متساوية، وهذا أمر خطير لو فكرنا فيه بروية، لأن البعض وصل إلى مرحلة التنبؤ بمصير الضحايا، والحكم على أخلاقهم وأسرهم بشكل متدن لا يليق بمجتمعنا.

وعلى أي حال، ما يجب أن ننتبه إليه جيدًا هو أن الصور والفيديوهات تظهر للعلن بضغطة زر، وبمجرد خروجها من ذاكرة الهاتف ونشرها علي مواقع التواصل الاجتماعي، فإنها تفقد خصوصيتها وتباح للتبادل والتعليقات والتفاعل وربما تتحول إلى سبب لجرائم محتملة.

أعتقد أن الحديث عن الخصوصية عندما يقوم أحدنا بنشر مقطع فيديو لنفسه بإرادته المنفردة أو مع آخرين برضاهم  الصريح أو الضمني على مواقع التواصل الاجتماعي- نوع من العبث، إذ أنها محمية بموجب الدستور والقانون إذ تعرضت لانتهاك أو اعتداء من قبل الغير، لكن حين نستهين بأسرارنا وتفاصيل حياتنا بنشر كل صغيرة وكبيرة عنها، فلا يجب أن نلوم سوى أنفسنا.

وفي المقابل، من الضروري الوعي بأن الموافقة الصريحة أو الضمنية على التصوير لا تعني قانونية نشر تلك الصور أو الفيديوهات على شبكة الإنترنت دون موافقة أصحابها، إذ يعاقب القانون "كل من نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات صورًا أو ما في حكمها تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه سواء كانت صحيحة أو غير ذلك، بالحبس الذى لا تقل مدته عن ستة أشهر والغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين".

حياتنا الآن صارت بين أيدينا في هذا الجهاز الصغير الذكي الذي يرصد كل صغيرة وكبيرة تخصنا، لذا يجب علينا الحرص والحذر وإدراك أن الخصوصية هي ما نحتفظ به لأنفسنا فقط حتى لا نتحول إلى فريسة للسوشيال ميديا!

  • محام بالنقض - مستشار قانوني أول بدبي