في ذكري صاحب "اسم الوردة" المكتبة هي تعبير رمزي وواقعي للذاكرة المشتركة

تعد روايته "اسم الوردة"، من أشهر أعماله الإبداعية بين القراء شرقا وغربا، إنه الروائي والمفكر الإيطالي أومبرتو إيكو، والذي تحل اليوم الذكري التسعين لميلاده، حيث ولد في مثل هذا اليوم من العام 1932. والذي يعد من أهم اوأبرز المفكرين في عصرنا الحديث.

تعددت الأجناس الأدبية والفكرية والمعرفية التي كتبها أمبرتو إيكو، وتعتبر رواياته التاريخية "اسم الوردة" و "بندول فوكو" عملين تاريخيين ذاع صيتهما بين القراء بمختلف اللغات. كما تعددت مؤلفاته والتي نذكر من بينها أعمال: مقبرة براغ ــ كيفية السفر مع سلمون ــ نزهات في غابة السرد ــ حاشية على اسم الوردة ــ لا نهائية القوائم.. من هوميروس حتى جويس ــ السيميائية وفلسفة اللغة ــ العلامة تحليل المفهوم وتاريخه ــ آليات الكتابة السردية ــ التأويل بين السيميائيات والتفكيكية وغيرها.

وتعود شهرة رواية "اسم الوردة" لــ إمبرتو إيكو، لحجم مبيعات الرواية التي تجاوزت 50 مليون نسخة وترجمت إلى 80 لغة. نشرت رواية "اسم الوردة" لأول مرة بالإيطالية في العام 1980. وتدور أحداث الرواية في إطار من الوقائع التاريخية المشوّقه، والتي تتناول على عدة مستويات من السرعة والمشاهدات المثيرة ومن الاغتيالات المتسلسلة إلى علم المنطق والفراسة والفلسفة، ذهابا إلى الجماعات والفرق المسيحية في القرن الرابع عشر الميلادي وصراعاتها وتحالفاتها.

كما تحولت الرواية إلي فيلم سينمائي بنفس الاسم "اسم الوردة"، للمخرج الفرنسي "جان جاك أنود"، عام 1986، من بطولة النجم العالمي شون كونري، الذي جسد شخصية راهب في القرن الرابع عشر يكافح الخرافات من أجل حل لغز جريمة قتل في دير. وفاز الفيلم بـ17 جائزة، أبرزها جائزة سيزار لأفضل فيلم أجنبي، وبافتا أفضل ممثل، كما رشح لـ6 جوائز أخرى.

ــ إمبرتو إيكو وفلسفة الذاكرة 
في حوار متلفز له، وحول فلسفة الذاكرة قال إمبرتو إيكو: باعتبارنا كائنات بشرية عندما نقول "أنا"، فإننا نعني ذاكرتنا. الذاكرة هي الروح، فإذا ما فقد شخص ذاكرته فإنه يصبح كالنبتة، ولا يعود يمتلك روحا بعد الآن، حتي بالنسبة للمؤمنين الجحيم ليس له معني بدون الذاكرة. العقاب يكمن في يكمن في استمرار تذكر الخطيئة المقترفة. لذا فنحن عبارة عن ذاكرتنا، عندما يتقدم بنا الوقت فإن الذكريات القديمة تعود، أتذكر الآن أشياء من طفولتي لم أستدعها من قبل، فعالم الذاكرة يكبر ويكبر باستمرار. وبالتالي يستخدم الشخص الكبير روحا أكثر من التي لديه، والشخص البالغ يمتلك روحا أكثر من الرضيع.

الذاكرة اختيار، نحن نلغي أو ننسي الأمور والأشياء التي لا نحبها أو نرضي عنها، بينما نبقي ونحتفظ بذكري الأمور التي نحبها ولكن بطريقة مشوهة وهذا ما يؤكده علم الأعصاب. هنالك طريقة ثابتة للنظر إلي الماضي والتي تعد نموذجا عند الجماعات الرجعية، إنهم يستعيدون ما يكون مناسبا لهم. بينما الجماعات المنفتحة علي العكس من ذلك تسعي إلي محو الذاكرة، إنسوا كل ما كان في الماضي ودعونا نبدأ من الصفر .    

الذاكرة المشتركة تعني الهوية المشتركة، ليس بإمكاننا التفكير في أنفسنا كأوروبيين إذا لم يكن في مقدورنا استحضار الهوية الأوروبية. هنالك أمر مشابه بالنسبة للذاكرة الفردية، ألا وهي المكتبة "الذاكرة الورقية"و المكتبات هي الذاكرة المشتركة للجنس البشري، لذلك الذاكرة المشتركة والقراءة مرتبطتين ودور الكتاب هو الحفاظ عليهما، منذ عهد مكتبة الإسكندرية في مصر كانت فكرة المكتبة والمتحف هي استمرار الذاكرة. المكتبة هي تعبير رمزي وواقعي للذاكرة المشتركة.