رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زلزال «أوميكرون».. هل يُعيد المتحور الجديد العالم إلى «المربع صفر»؟

أوميكرون
أوميكرون

حالة من الإحباط والذعر انتابت عددًا كبيرًا من دول العالم، تسبب فيها متحور "أوميكرون" أحد متحوارات فيروس كورونا المستجد، حيث خلق اضطرابًا كبيرًا بالعديد من القطاعات الاقتصادية وإرباك الكثير من الخطط الدولية لعودة فتح الاقتصاد مجددا، بعد قرابة عامين من الإغلاق بسبب الوباء.

كما أعادت العديد من الدول القيود على السفر مرة أخرى إلى بعض المناطق، فيما شهدت أسواق الأسهم الرئيسية حول العالم خسائر قوية، وسط ارتباك المستثمرين وقلقهم بعد اكتشاف هذه السلالة المتحورة الجديدة التي وصفتها منظمة الصحة العالمية بأنها "مثيرة للقلق". 

السياحة العالمية

أعلنت منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، أن جائحة فيروس كورونا ستكلف السياحة العالمية خسائر تقدر بتريليوني دولار عام 2021، وتوقعت المنظمة، التي تتخذ من مدريد مقرا لها، أن خسائر السياحة في العالم ستصل مبلغا مماثلا لما بلغته العام الماضي، واصفة تعافي القطاع بأنه "بطيء" وكذلك "هش".

ويأتي المتحور الجديدة "أوميكرون" في وقت تشهد فيه دول أوروبا زيادة في الإصابات بفيروس كورونا، ما يثير مخاوف واسعة من أن هذه المتحور شديدة العدوى وقادر على مقاومة اللقاحات، حيث عادت العديد من الدول لإعادة فرض سياسات الإغلاق والقيود المُشددة مرة أخرى، وعلقت حركة السفر والطيران لبعض الدول خاصة الوافدين من دول افريقية، وسط توقعات بتوسيع دائرة الحظر الفترة المقبلة.

وأشارت منظمة الصحة العالمية، إلى إنها لا تنصح بفرض قيود على السفر بسبب المتحور الذي اكتشف في جنوب إفريقيا، أكد مسئوليها أن هذا المتحور يعد سببًا كافيًا للقلق، حيث يبدو أنه يمتلك قدرة أكبر على الإفلات من المناعة التي يولدها اللقاح.

ومع ظهور المتحور "أوميكرون"، هبطت أسهم قطاع السفر والترفيه، بنسبة 8.85%، أمس، في أكبر خسارة يومية منذ مارس 2020، وكان الاتحاد الدولي للنقل الجوي "آياتا" في أكتوبر 2021، كشف أن شركات الطيران العالمية ستخسر أكثر من 200 مليار دولار في ظل استمرار القيود على السفر خلال 2022، وجاء المتحور الجديد ليعزز من هذه المخاوف، مع عودة إغلاق بعض الدول أجوائها مجددا أمام الوافدين من دول إفريقية، خاصة بعد انتقال السلالة إليهم واحتمال سرعة انتشارها وتوسيع دوائر الحظر بين الدول وبعضها البعض.

وفي غضون ذلك، أعلنت منظمة الصحة العالمية، أن اختبار "بي سي آر" (PCR) لا تزال فعالة في الكشف عن المتحور الجديد لفيروس كورونا المستجد "أوميكرون"، مشيرة إلى أن هناك دراسات جارية من أجل قياس مدى فعالية الأدوات الأخرى المستخدمة لتشخيص الإصابة بالمرض.

وقالت المنظمة في بيان حسبما نقلت قناة “الحرة” الأمريكية، إن اختبار “بي سي آر” تواصِل الكشف عن العدوى، بما في ذلك الإصابة بـ"أوميكرون". وأضافت أن عدد الأشخاص الذين ثبتت إصابتهم بالفيروس قد ازداد في أجزاء من جنوب القارة الإفريقية، والتي تأثرت بهذا المتحور، لكن الدراسات الوبائية جارية لفهم ما إذا كان هذا بسبب أوميكرون أو يعود إلى عوامل أخرى.

النفط

مع الإعلان عن ظهور متحور أوميكرون، وفي الوقت الذي يبحث فيه المستثمرون عن صفقات جديدة، سجلت أسعار النفط تراجعا يوميا هو الأكبر لها منذ مطلع عام 2020، بعد أن اقتربت من 85 دولارا للبرميل الفترة الماضية، ويوم الجمعة الماضي، سجلت أسعار النفط تراجعا أكثر من 13 % لخام غرب تكساس الوسيط محققا، 68 دولارا، كما هبط مزيج برنت القياسي العالمي بحوالى 11%  مسجلا 72.9 دولار للبرميل، في أكبر تراجع يومي منذ أبريل 2020.

وانهارت أسعار النفط مع الأسواق المالية الأخرى يوم الجمعة أكثر من عشرة في المئة في أكبر انخفاض لها في يوم واحد منذ أبريل 2020

ورغم أن أسعار النفط عوضت بعض خسائرها التي تكبدتها يوم الجمعة الماضية، أثارت السلالة الجديدة مخاوف المستثمرين وزادت من المخاوف من إمكانية تزايد فائض المعروض في الربع الأول، ولا تزال الأسواق حذرة في ظل التركيز على سلالة فيروس كورونا “أوميكرون”. 

البورصات العالمية

شهدت البورصات العالمية ارتباكا وتراجعا كبيرا، بعد المخاوف الكبيرة التي رصدت متحور كورونا الجديد في جنوب أفريقيا.

وتزداد مخاوف المستثمرين في البورصات العالمية، في ظل تحذيرات العلماء من أنها قد تكون أشد عدوى من متحور "دلتا" وأكثر مقاومة للقاحات الحالية، "ما يمكن أن يسدد ضربة قاسية للتعافي الاقتصادي العالمي من الوباء".

وسجلت الأسهم الأمريكية، تراجعًا حادًا بسبب أوميكرون، ليتكبد مؤشر "داو جونز الصناعي"، خسارة بلغت 2.53 % ليغلق عند 34899.34 نقطة، فيما حسر مؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، أيضًا بنسبة 2.27% ليغلق عند 4594.72 نقطة.

كما انخفضت الأسهم في أوروبا والصين واليابان بشكل حاد اليوم، وتراجعت أسعار النفط والعملات المشفرة، ليس هذا فحسب، بل ارتفعت المؤشرات التي تقيس مدى قلق المستثمرين في الأسواق، وسجل مؤشر الخوف الأمريكي أعلى مستوياته منذ فبراير الماضي

من جهته، قال نيل ويلسون كبير محللي السوق لدى مجموعة "ماركتس كوم":“أسواق الأسهم انخفضت بشدة، في وقت ستؤدي فيه المخاوف من المتحورة الجديدة إلى تدابير إغلاق جديدة وقيود على التنقل وتراجع النمو الاقتصادي".

كما عانت أسهم أوروبا من أكبر خسارة لها في 17 شهرا، لينخفض مؤشر "ستوكس 600"، بنسبة 3.7%، ليسجل أسوأ أداء يومي منذ يونيو 2020، وانخفض أيضا مؤشر فايننشال تايمز 100 البريطاني بنسبة 3.6%، وتراجع مؤشر داكس الألماني 4.2%، كما هبط مؤشر كاك 40 الفرنسي بنسبة 4.8%.

أسوأ سيناريو

في السياق ذاته، أعلن رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، أمس الإثنين، أن حكومته ستعيد حظر ها الشامل على دخول الأجانب بدءًا من اليوم الثلاثاء،  لتجنب أسوأ سيناريو حتى تتضح المعلومات حول متغير "أوميكرون".

كان أول القرارات، التي تسبب فيها المتحور الجديد هو موافقة المجلس العام لـ منظمة التجارة العالمية على تأجيل المؤتمر الوزاري الـ 12 والذي كان من المقرر أن يبدأ في 30 نوفمبر الجاري، ويستمر  حتى 3 ديسمبر المقبل، ولكن ظهور أوميكرون دفع العديد من الحكومات على فرض قيود على السفر، كان من شأنها منع العديد من الوزراء من الوصول إلى جنيف التي تستضيف المؤتمر .

وقالت منظمة التجارة العالمية على موقعها الإلكتروني، إن قيود السفر ومتطلبات الحجر الصحي في سويسرا والعديد من الدول الأوروبية الأخرى، قادت رئيس المجلس العام "داكيو كاستيلو"، للدعوة إلى اجتماع طارئ لجميع أعضاء منظمة التجارة العالمية لابلاغهم بالوضع.

وأوضح كاستيلو أن التطورات المؤسفة تسببت في عدم وجود بديل غير تأجيل المؤتمر الوزاري وإعادة عقده في أقرب وقت ممكن عندما تسمح الظروف بذلك.

من جانبها، قالت المدير العامة لمنظمة الصحة العالمية، نجوزي أوكونجو، إن قيود السفر تخص العديد من الوزراء وكبار المندوبين، ولم يكن بإمكانهم المشاركة في المفاوضات وجها لوجه في المؤتمر، مؤكدة أن التأجيل سيكون في إطار الحفاظ على التزام منظمة التجارة العالمية باللوائح السويسرية.

هذه ليست المرة الأولى التي يكون فيروس كورونا السبب في تأجيل اجتماع منظمة التجارة العالمية الـ 12 على المستوى الوزاري، حيث كان من المقرر عقده في الأصل في شهر يونيو عام 2020 في نور سلطان عاصمة كازاخستان.