رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مثلث الرعب.. الميديا والحب وكرة القدم

الشهوات بكل أنواعها واقع لا مناص منه، ولا انتهاء له إلا بنهاية العالم، وهى غالبًا ما تصيب فئة الشباب بسرعة وقوة واضحتين، ولكن ما يميز عصرنا الحالى أنها انخرطت فى كل الفئات، أطفال، شباب، شيوخ، وأصبحت هموم الفئات الثلاث لا تخرج عن هذا الثالوث «الميديا، الحب، كرة القدم».  
فئة منهم عقولهم فى أرجلهم، وحياتهم تتلوّن بلون تيشيرت الفريق الذى يشجعونه. وأخرى عقولهم فى عواطفهم وشهواتهم، والنصف الأسفل من الجسد، فذلك أمتع وأسهل. وفئة ثالثة تتحدث معك وهى شاردة يسارًا أو يمينًا، تهمهم بكلمات غير مفهومة نظرًا لانخراطها فى تعليق أو لايك أو شير.
مع الاستعداد لحالة «قصور ذاتى» عامة، رضخ فيها الكل لفعل الجاذبية الأرضية، وسلطان العادة والعرف، وذيوع منطق العصر وحكم الأمر الواقع، لم يدرك أغلب هؤلاء أن تعاطى الحب والميديا لا يقل خطرًا أو يختلف عن تعاطى الترامادول فى كثير من الأحيان، فهو أسلوب آخر للغيبوبة، ونسيان ما يقتضيه العقل من العقلاء، وما جئنا من أجله فى رحلة الحياة.
وهنا، المراقبون لنا، ومن يريدون حصارنا بالميديا والشات والألعاب غير الهادفة، مستمتعون لأنهم حققوا الهدف دون عناء، وسيركزون على هذه المتاهات بطرح كل ما هو جديد.. فطبعهم هو طبع الطغاة فى العالم كله.. لا يخشون شيئًا كخشيتهم ليقظة الشعوب وصحوة القلوب، ولا يكرهون أحدًا كما يكرهون الوطنيين المخلصين الداعين إلى الوعى والإنتاج، ولا ينقمون على أحد كما ينقمون على من يهزون الضمائر الغافية.
وهكذا ينقضى الوقت ويمر العمر فى أحلام كاذبة، ومراودات، وتهويمات، وخطابات، وتأوهات، ويخيل للمريض أنه يعيش حياته، وبالمعنى الإنسانى السليم هو يفقدها ويقضى عليها، وقد يلمس هذا المعنى حينما يُصدم المرة بعد الأخرى فيمن يحب، ويرى الشعيرات البيض تغزو رأسه وهو ما زال على طفولته يلهو دون أن يحقق فى مشوار حياته شيئًا يستحق الذكر، سوى المهارة الفائقة فى تمرير إصبعه على شاشة الهاتف، فى وقت تحتاج فيه الدولة لجهد أبنائها، ولكل حبة عرق فى طريق التقدم وإزالة التحديات. 
نحن هنا نضع أيدينا على الجرح الغائر، ليس بهدف قتل الشهوات، لأن الله الحكيم الخبير لم يطلب أو يرد ذلك، بل بهدف أن نحكمها ونتحكم فيها، ولا ندعها تتلاعب بنا، وليستجمع كل منا همته وعزمه ليخرج من قبضة الجاذبية الأرضية المهلكة إلى الفضاء الرحب الملىء بالآيات الروحانية التى تعيد التوازن، والمفعم بالإنتاج والعمل.