رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محلل سياسي عراقي يرسم لـ«الدستور» خريطة صراع «ما بعد الانتخابات»

المحلل العراقي نزار
المحلل العراقي نزار عبدالغفار السامرائي

قال الدكتور نزار عبد الغفار السامرائي، المحلل السياسي العراقي، إن التصعيد الحاصل بعد إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية في العراق كان متوقعاً من الكتل الخاسرة، لاسيما كتلتي «دولة القانون» و«الفتح» ذلك أن ما تشعر به ليس ما يتعلق بنتائج الانتخابات، وإنما خسارة الرهان والصراع مع التيار الصدري، الذي استمر سنوات عديدة.

وأوضح عبد الغفار لـ«الدستور» أن نتائج الانتخابات لا تتعلق بموضوع تشكيل الحكومة المقبلة فقط ولكن أن من يسيطر على الحكومة ستكون له اليد الأطول ضد منافسيه وهذا سبب المخاوف من تحول الصراع السياسي والخلافات النائمة تحت السطح إلى نزاع مسلح حول الهيمنة على مصدر القرار والمتمثل برئاسة الوزراء، التي تمتلك سلطات واسعة وفق الدستور العراقي.
وأضاف: «بالنسبة لـ(دولة القانون) فإن زعيم الائتلاف نوري المالكي كان يمنّي النفس بولاية جديدة ثالثة يعيد فيها ترتيب الأوضاع من جديد بعدما تسبب فقدانه السلطة بتفكيك جزء من منظومة الدولة العميقة التي كوّنها خلال رئاسته للحكومة، ولاسيما حين تسلّم مصطفى الكاظمي رئاسة الوزراء وقيامه بتغييرات عديدة بدفع من أشخاص تابعين للتيار الصدري حسبما يشير عدد من المحللين والسياسيين، وهذا الأمر يمكن أن يتوسع إذا ما تسلم الصدريون رئاسة الحكومة».
وتابع السامرائي: «أما بالنسبة لتحالف (الفتح) فإن المخاوف الأساسية تنطلق من تصريحات زعيم التيار الصدري بشأن حصر السلاح بيد الدولة وبالتالي فهناك مخاوف من إعادة هيكلة الحشد الشعبي ودمجه بقوات الدفاع والداخلية وهذا يعني فقدان الأحزاب السياسية أذرعها القتالية التي كثيرا ما يلوحون بها بوجه الحكومة، أو أي إجراءات لا تنال رضاهم، وهذا يعني أيضاً خسارتهم لمكمن قوتهم وتأثيرهم بالقرار السياسي في العراق، خاصة أنهم كانوا يأملون ترشيح زعيم التحالف هادي العامري لرئاسة الحكومة».
أما عن ائتلاف الدولة (الحكمة والنصر) فأوضح السامرائي أن خيبة أملهم كانت كبيرة ومفاجئة إذ إنها لم تترك لهم سوى أربعة مقاعد بعدما كانوا عناصر فاعلة في صناعة القرار والسياسة العراقية وهو الأمر الذي تسبب في هزة قوية لمراكز القوى الخاصة بزعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم وزعيم «ائتلاف النصر» حيدر العبادي وهو ما قد يتسبب في خسارتهم لبعض من المناصب التي يشغلونها الآن.
وأوضح السامرائي أن الارتباك الحالي يرجع لصراع التيارات الشيعية على رئاسة الحكومة للاستحواذ على القرار ومن ثم بناء قدراتها بشكل اكبر وحتى إعادة بناء مؤسسات الدولة بالشكل الذي ترغب به، مشيرًا إلى أن اللجوء لحمل السلاح هو خيار بعيد حتى الآن، والتلويح به مجرد تهديدات إعلامية الغاية منها إرسال رسائل إلى الطرف الأخر بأنهم مستعدون للقتال، وهي معادلة يرفضها الشارع العراقي بسبب كونها تعتمد المحاصصة وتستبعد الكفاءات من المشاركة بصنع القرار أو إدارة الدولة بالشكل الصحيح.
وأشار السامرائي إلى أن هذه المعادلة تضمن أن يكون للطرف الكردي رؤيته في تحقيق مكاسب يرغب هو الآخر بتحقيقها مستغلاً الصراع الشيعي - الشيعي من أجل الوصول إلى ما يريد سواء بالنسبة لحصة أكبر من موازنة الدولة أو ضم كركوك إلى إقليم كردستان وحتى مناطق أخرى مما يطلق عليه المناطق المتنازع عليها، إضافة إلى رئاسة الجمهورية التي يسعى الكرد إلى إن تكون لها صلاحيات أوسع مما موجود حالياً.
وتابع: «بالنسبة للسنة فإن تحالف (تقدم) برئاسة الحلبوسي والذي جاء ثانياً بعدد المقاعد هو الآخر لديه طموح بالهيمنة على المراكز المخصصة للسنة في الحكومة وفي مقدمتها رئاسة البرلمان، مع طموح معلن بالحصول على رئاسة الجمهورية بدلاً عن البرلمان، ولكن ما يحتاجه المكون السني الآن هو إعادة تنظيم تحالفاته وإنهاء الخلاف بين (تقدم) و(عزم) الذي يتزعمه رجل الأعمال خميس الخنجر من أجل الدخول إلى مفاوضات تشكيل الحكومة بقوة.
ويرى السامرائي، في ضوء هذه الصراعات، أن استبعاد المرشحين المنتمين للكتل الكبيرة من سباق الوصول إلى كرسي الحكومة سيكون هو المرجح، فكتلتي «دولة القانون» و«الفتح» لا يقبلون بوجود شخص ينتمي إلى التيار الصدري على رأس الحكومة ولاسيما أنه سيكون خاضع لأوامر زعيم التيار بشكل مباشر، والمعروف عن الصدريين ولائهم الكبير لزعيم التيار مقتدى الصدر، كما أن الصدريين غير مستعدين للقبول بنوري المالكي رئيساً للحكومة أو أحد أعضاء حزبه فالعداء بينهم على أشده إضافة إلى أن هناك عدم ثقتهم بالمالكي وتوجهاته على ضوء تجربة الحكم عام 2008.
وأضاف: «يبقى المرشحون المستقلون ويقف في مقدمتهم مصطفى الكاظمي رئيس الحكومة الحالي، رغم المعارضة الكبيرة من تيار الفتح الذي يتهمه بالخيانة والعمالة للولايات المتحدة، وأن له دورا في اغتيال أبو مهدي المهندس وقاسم سليماني، ولكن الكاظمي يجد قبولاً من المحيط العربي الذي انفتح عليه بقوة ولاسيما مع مصر والأردن، إضافة إلى السعودية التي مهد لأن تكون هناك مباحثات مباشرة لها مع إيران، وهذا أيضاً يجعله مقبولاً من طهران وبذلك يكون المرشح الأوفر حظاً من أجل الاستمرار بتعزيز ما حققه من علاقات دولية، وبعض الإنجازات في الداخل».
واختتم السامرائي حديثه قائلاً: «المرشح المحتمل أن يطرح اسمه للتوافق فهو محمد شياع السوداني الذي كان ضمن ائتلاف دولة القانون لكنه خرج عنه إثناء تظاهرات أكتوبر 2019 برغبة الترشح لرئاسة الحكومة كسياسي مستقل، وشارك في الانتخابات بقائمة يتزعمها بعيداً عن دولة القانون ولكن الكثيرون يجدون أن انتمائه السابق باق كما هو».