رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دلالة «نعم» فى الاستفتاء


الشعب نزل الاستفتاء وقال «نعم»، وكأنه يقول للإخوان ومن معهم «نحن وراءكم حتى تفهموا، بعد أن قال لهم وهم فى الحكم «ارحلوا

نظرت فى نتائج الاستفتاء الأولية عند كتابة هذا المقال، وقبل إعلان النتائج النهائية. المؤشرات ونتائج معظم اللجان الفرعية تشير إلى أن التصويت بـ «نعم» فاق كل التوقعات، وحصلت «نعم» على أكثر من 90% من إجمالى الذين صوتوا، وكانت أصواتهم صحيحة غير باطلةأبلغنى بعض الشباب الذين استضافوا حملات شرح الدستور وشاركت فيها قبل الاستفتاء، بتلك النتائج فور غلق الصناديق، لما رأوه من ازدحام فى لجان الانتخابات، وما سمعوه من المشاركين فى التصويت وبعض التسريبات أو التوقعات. سمعت ذلك أكثر من مرة ومن أكثر من مصدر، من شباب فى الشرقية، منهم: أشرف قبر، وسمعت ذلك من شبراخيت من آل أبو شلوع وغيرهم، وسمعت ذلك من المنوفية والغربية والإسكندرية وسمالوط (المنيا) وأسيوط وسيناء وغيرها. كانت توقعاتى أن تحصل «نعم» على 70% أو 75%.بالتأكيد فإن النسبة المتوقعة ستثير بعض التساؤلات، ومنها كيف يحصل هذا الدستور على نسبة عالية بهذا الشكل فوق التسعين فى المائة؟ هل عادت أيام الاستفتاءات والانتخابات المزورة (حالات الـ 99% ) أيام ما قبل الثورتين؟ستثير هذه الأسئلة أصحاب التحالف من أجل الشرعية، ومن يرون أحداث 30 يونيو انقلابًا ضد الشرعية، ولا يرونها ثورة ضد سوء الأداء الإخوانى فى الرئاسة والإدارة والسلطة على مدى سنة كاملة. هم يرونها كذلك بسبب سوء قراءة الواقع الذى تمثل فى اعتبار الملايين التى خرجت يوم 30 يونيو «فوتوشوب». من لا يقرأ الواقع قراءة صحيحة لن يبنى مستقبلا واعدا، بل يعرض نفسه للكوارث الفظيعة فى ظل ضبابية الرؤية.تتلخص أسباب التصويت العالى بـ «نعم» فى ثلاثة محاور رئيسية أولها، صناعة الدستور الذى يمثل تطلعات الشعب بشتى فئاته ويلزم الدولة بالخروج من التخلف ويحقق المساواة والحريات الكاملة والعدالة والكرامة، وهى متطلبات الثورتين، وشرحه الوافى فى جميع المحافظات والمدن الكبيرة وحتى القرى الصغيرة مثل كفر البتانون. وثانيها، توفير البيئة المناسبة والآمنة للتصويت، والتعاون الكبير بين القوات المسلحة والشرطة فى تأمين المصوتين ومقار التصويت طوال مدة الاستفتاء وما قبلها مما أبطل التهديدات الجوفاء بإفساد عملية الاستفتاء. وثالث تلك المحاور، كراهية قطاع عريض من الشعب لسوء أداء الإخوان فى السلطة والتحالف بعد عزل مرسى. نزل بعض من نزل للتصويت متحديا سوء الأداء ومؤكدا رفضه للفلول من ناحية، وحكم التسلط والانغلاق باسم الدين العظيم من ناحية أخرىومن أهم سوء أداء الإخوان ومن تحالف معهم فى السلطة، لمن يريد أن يتذكر أو يتعظ، يأتى أولاً تقديم أهل الثقة وإهمال خبرات الوطن، ومخالفة المواثيق والعهود التى قطعها مرسى على نفسه قبل انتخابات الإعادة، ومنها كذلك الانغلاق على دوائر، صلتها تكاد تكون مقطوعة الصلة بالشعب لدرجة لم يكن تستطيع بعض القيادات الإخوانية أن تسير فى الشوارع أو تكلم الناس على المقاهى والطرقات.ومن سوء الأداء كذلك، الرغبة فى التسلط وإعادة الدكتاتورية، وتمثل ذلك جيدا فى الاعلان الدستورى المشئوم فى نوفمبر 2012، ومن سوء الأداء والفهم تشكيل «تجرد» بقيادة المكفراتى الإرهابى عاصم عبدالماجد لمواجهة حركة «تمرد» التى قادت ثورة 30 يونيو، وأخيرا وليس آخراً، النجاح فى معاداة الإعلام «سحرة فرعون»، والقضاء والقوات المسلحة والشرطة، فضلا عن قطاع عريض من الشعب وقف مع الإخوان فى الانتخابات أملا فى الإصلاح، ووقف مع «تمرد» فى الثورة بعد فقدان الأمل فى الإخوان. الشعب نزل الاستفتاء وقال «نعم»، وكأنه يقول للإخوان ومن معهم «نحن وراءكم حتى تفهموا، بعد أن قال لهم وهم فى الحكم «ارحلوا»والله الموفق