رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الوحش الذى يهددنا.. خطة الدولة للحرب على الزيادة السكانية

الزيادة السكانية
الزيادة السكانية

 

 

عبر المشروع القومى لتنظيم الأسرة ٢٠٢١- ٢٠٢٣، تستهدف الدولة ضبط النمو السكانى عن طريق خفض معدلات الإنجاب، للتصدى للتحدى الأكبر الذى تواجهه مصر حاليًا، والمتمثل فى الزيادة السكانية الهائلة، بعدما وصل تعداد الشعب المصرى إلى ما يزيد على ١٠٠ مليون مواطن فى الداخل فى ٢٠٢٠، انطلاقًا من ٩ ملايين فقط فى عام ١٩٠٠. وفى السطور التالية تستعرض «الدستور»، عبر التواصل مع عدد من المختصين فى المجالات المختلفة، تفاصيل خطة الدولة لمواجهة الزيادة السكانية، وآليات تنفيذها على أرض الواقع، من أجل تحقيق المستهدف، ووضع الحلول المثلى للتعامل مع الأزمة، بما يخدم أهداف التنمية المستدامة.

«التضامن»:  برنامح «وعى» للتعريف بأهمية الحد من الإنجاب

قالت الدكتورة آمال زكى، مستشارة برنامج «وعى» للتنمية المجتمعية بوزارة التضامن الاجتماعى، إن البرنامج يعد أحد محاور خطة تعاونت فيها ٤ وزارات، التضامن والصحة والتخطيط والدولة للإعلام، من أجل مواجهة الزيادة السكنية.

وأضافت أن محاور الخطة تتضمن التمكين الاقتصادى للمرأة، وتقديم الخدمات المتعلقة بتنظيم الأسرة بالتعاون مع وزارة الصحة والجمعيات الأهلية، ورفع الوعى بخطورة الزيادة السكنية من خلال الزيارات المنزلية واللقاءات الجماهيرية والندوات ومسرح الشارع وغيرها، إلى جانب تعديل الإطار التشريعى ليتناسب مع الخطة. وأشارت إلى أن التعامل مع أزمة الزيادة السكنية فى مصر قد يستغرق فترة طويلة، لأن تغيير سلوك المجتمعات ليس أمرًا سهلًا، مشددة على ضرورة تكثيف برامج التوعية حول مخاطر كثرة الإنجاب، والبدائل الآمنة لتنظيم الأسرة.

ولفتت إلى أن محافظات الدقهلية والشرقية والجيزة والمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا وأسوان على رأس المحافظات الأكثر إنجابًا بالجمهورية، مشيرة إلى أن برنامج «وعى» ينظم زيارات منزلية لتوعية السيدات حول مخاطر الزيادة السكانية وكيفية الحد من الإنجاب.

«القومى للسكان»:  تشغيل 1250 وحدة صحية وتدريب الأطباء على تنظيم الأسرة

 

شدد الدكتور عمرو حسن، مقرر المجلس القومى سابقًا، على أن تشغيل الوحدات الصحية المغلقة داخل القرى، التى يبلغ عددها ١٢٥٠ وحدة، سيسهم فى حل المشكلة من خلال الترويج لأهمية تنظيم الأسرة.

وقال إن «هناك ٣١٣٨ منطقة سكنية فى مصر محرومة بشكل كامل من خدمات تنظيم الأسرة، لذا اتخذت الحكومة المصرية قرارًا مهمًا فى الآونة الأخيرة بشأن توزيع وسائل الحمل فى القرى بالمجان داخل الوحدات الصحية، والتوعية بـأفضلية الاكتفاء بإنجاب طفلين بحد أقصى».

وأكد ضرورة تدريب الأطباء وطاقم التمريض على الطريقة المثلى لتقديم خدمات تنظيم الأسرة، وصرف وسائل منع الحمل، مع الحرص على الاستعانة بأطباء وصيادلة لديهم الخبرة الكافية لإرشاد الأهالى وتوعيتهم بأهمية استخدام وسائل منع الحمل للحد من الزيادة السكانية. وأضاف أن ندرة الأطباء المدربين على تقديم خدمات الصحة الإنجابية داخل الوحدات الصحية من أكبر المشكلات التى تواجه الدولة فى هذا الملف، إلى جانب سوء توزيع الأطباء وتكدسهم فى المناطق المركزية، وعدم تفعيل وسائل المتابعة والتقييم، مطالبًا بتفعيل دبلوم طب الأسرة بالزمالة المصرية لتخريج عدد من الأطباء يتراوح بين ٦٠٠ و٨٠٠ طبيب سنويًا مؤهلين للعمل فى هذا الملف.

وأشار إلى أن ثورة ٣٠ يونيو كان لها دور مهم فى هذا الملف، حيث نص الدستور الجديد لأول مرة على مادة تلزم الدولة بتنفيذ برنامج سكانى يهدف لتحقيق التوازن بين معدلات النمو السكانى والموارد المتاحة، وتعظيم الاستثمار فى الطاقة البشرية وتحسين خصائصها، فى إطار تحقيق التنمية المستدامة.

وذكر أن التوقعات الإحصائية السابقة كانت تشير إلى بلوغنا رقم ٩٤ مليون نسمة فى عام ٢٠٢٠، ولكن الواقع تجاوز هذا الرقم بـ٧ ملايين نسمة، فأصبح عددنا ١٠١ مليون نسمة فى ٣ أكتوبر ٢٠٢٠، وهو حدث لافت وينذر بحجم المخاطر التى تتسبب فيها الزيادة السكانية العشوائية.

وشدد على أهمية العودة لاستخدام وسائل منع الحمل طويلة الأجل كما كان الحال فى الثمانينيات، حين كان استخدام اللولب الذى يستمر مفعوله لفترة تتجاوز الـ٥ سنوات، وهو ما يوفر على السيدات الزيارات الكثيرة للوحدات الصحية، ويساعد بشكل كبير فى مواجهة مشكلة نقص وسائل منع الحمل أو التزاحم على الوحدات الصحية.

ولفت إلى أهمية الدور الذى تلعبه لجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب، كونها المسئولة عن ملف السكان، من خلال وضع خطط واستراتيجيات للعمل على برامج هادفة تحد من الزيادة السكانية فى مصر.

 

«الصحة»: خفض المواليد بمعدل ٥٠٠ ألف طفل 

 

أكد الدكتور حسام عباس، رئيس قطاع السكان وتنظيم الأسرة بوزارة الصحة، أن الوزارة تسعى جاهدة للتحكم فى معدل النمو السكانى وتنظيم الأسرة، فقد بدأت خطة الحد من الزيادة السكانية منذ ٣ سنوات، ضمن خطة التنمية «مصر ٢٠٣٠».

وأشار «عباس» إلى النجاح الأولى الذى حققته الخطة الرئاسية بعد نشر ثقافة الاعتماد على وسائل تنظيم الأسرة، فخلال عام انخفض معدل الزيادة الطبيعية لكل ألف نسمة إلى ١٧٫٦ فى نهاية عام ٢٠٢٠، وبلغ إجمالى زيارات منتفعات تنظيم الأسرة نحو ٢٢٫٤ مليون زيارة.

وعن أهداف البرنامج القومى لضبط النمو السكانى، قال: «نستهدف خفض أعداد المواليد بمعدل ٥٠٠ ألف طفل بحلول عام ٢٠٢٢، وجرى حصر أعداد السيدات فى العمر الإنجابى بين ١٨ و٥٠ عامًا، والتى وصلت إلى نحو ٢٢ مليون سيدة».

وأضاف: «يستهدف البرنامج أيضًا ٩٫٤ مليون سيدة، منهن ٨٫٥ مليون سيدة متزوجة، و٧٠٠ ألف امرأة عاملة، و٧٫٩ مليون امرأة غير عاملة، تُقدم لهن الخدمات المتوافرة داخل المستشفيات والعيادات المتخصصة فى متابعة صحة المرأة».

ولفت إلى أن الوزارة لديها ٥٤٠٠ نقطة لتنظيم الأسرة داخل ٢٧ محافظة، وأكثر من ٤٠٠ إدارة صحية ومديرية، لتوفير وسائل تنظيم الأسرة بالمجان، و«كُل ذلك يجرى بالتعاون بين وزارة الصحة وباقى الوزارات المعنية مثل وزارة التخطيط، التى وفرنا من خلالها الأجهزة المطلوبة لتنفيذ الأمر، بتكلفة قدرها ٣٧٠ مليون جنيه».

أما عن ميزانية وسائل تنظيم الأسرة، فهى تقدر بنحو ٦٣٤ مليونًا و٤٠١ ألف، بزيادة كبيرة على ميزانية العام الماضى، التى كانت تبلغ نحو ٢٥٣ مليونًا و٤٢٧ ألف جنيه.

 

«2 كفاية»: نصف مليون سيدة يشاركن فى 4 آلاف ندوة توعوية

 

قالت الدكتورة ديزيريه لبيب، مدير حملة «٢ كفاية» لتنظيم الأسرة، إن الحملة عقدت ٤ آلاف ندوة، حضرتها نصف مليون سيدة، بهدف التوعية بخطورة الزيادة السكانية، مشيرة إلى أن الحملة تعمل بطريقة غير نمطية، إذ تدعم الجمعيات الأهلية للقيام بدورها فى مجابهة المشكلة السكانية، وتتعاون حاليًا مع ١٠٨ جمعيات أهلية لتقديم خدمات التوعية بخطورة الزيادة السكانية وتقديم خدمات الأسرة من خلال عيادات تنظيم الأسرة.

وأضافت أنه يجرى استهداف السيدات المستفيدات من برنامجى «تكافل وكرامة»، فى ١٠ محافظات هى الأكثر فقرًا، وتشمل محافظات الوجه القبلى ومحافظتى الجيزة والبحيرة، لافتة إلى أن الحملة تعقد ندواتها أسبوعيًا، وتحث السيدات على زيارة عيادات تنظيم الأسرة التابعة لوزارة الصحة والسكان، والعيادات التابعة لـ«٢ كفاية».

وواصلت: «كما أقامت الحملة ٢٢ عرض مسرح شارع للتوعية بآثار المشكلة السكانية من منظور اقتصادى، مع التركيز على التأثير الاقتصادى على عائل الأسرة، فضلًا عن عقد ندوات (سكر برّة) التى استهدفت الرجال والشباب فى نجوع وقرى الـ١٠ المحافظات للتوعية بشأن خطورة زيادة الإنجاب». ولفتت إلى أن «٢ كفاية» دشنت حملات إعلامية كثيرة، منها: «بالعقل كده.. تقسمها على ٥ ولا اتنين»، و«أبوشنب»، وبرنامج «الناس الطيبين» على «إذاعة مصر» للتوعية بخطورة الزيادة السكانية، وبرنامج «دقيقة أسرية» على إذاعة القرآن الكريم لمناقشة الأفكار الدينية المغلوطة حول وسائل تنظيم الأسرة، مشيرة إلى أن هناك ٦٥ عيادة تابعة للحملة فى ١٠ محافظات، ويجرى تدريب الأطباء وطواقم التمريض بالتعاون مع وزارة الصحة والسكان. 

 

 

استشارى نساء: معتقدات «العزوة» تسبب أزمة

 

اعتبر الدكتور محمد إسماعيل، استشارى طب النساء والتوليد، أن السبب الرئيسى لمشكلة الزيادة السكانية هو المعتقدات الراسخة لدى أغلبية الأسر المصرية المتعلقة بأن زيادة عدد الأبناء تعنى القوة أو «العزوة».

وقال «إسماعيل» إن التوعية هى الحل الأفضل لهذه الأزمة، خاصة التوعية بوسائل منع الحمل وتنظيم عمليات النسل بشكل عام، وذلك يتم من خلال الأطباء المتخصصين أو مديريات الصحة.

وأضاف أن الحملات التثقيفية والتوعوية بشأن تنظيم الحمل لدى السيدات هى الوسيلة الرئيسية للحد من ارتفاع معدلات المواليد، كونها تصحح المعتقدات المغلوطة لدى الأسر المصرية.

 

خبير اقتصادى: تحسن الأوضاع المعيشية مرتبط بتراجع النمو السكانى

 

ذكر الخبير الاقتصادى وائل النحاس، أن ارتفاع معدلات الزيادة السكانية يترتب عليه العديد من الآثار السلبية التى تؤثر على معدلات التنمية فى المجتمع، لأن الزيادة السكانية تمثل عائقًا كبيرًا أمام تحسن مستوى المعيشة رغم نمو اقتصاد البلاد.

وقال: «رغم تحقيق معدلات نمو اقتصادى مرتفعة، إلا أن المواطن لا يشعر بالفارق، لأن المشكلة تكمن فى كيفية تغيير ثقافة المصريين بشأن الإنجاب، والحكومة تحاول جاهدة تغيير بعض المعتقدات الراسخة حول الكثرة والعزوة، وصولًا لاكتفاء الأسر بطفلين فقط، من أجل توفير حياة كريمة لهما».

وأضاف: «الحل يبدأ من داخل الأسر المصرية، فيجب اتخاذ قرار بعدم إنجاب الأطفال حال عدم توافر احتياجاتهم الأساسية من مأكل وملبس وتعليم وصحة، لأن كل ذلك سيؤثر على الأسرة، وكذلك على مستقبل الدولة».

وتابع: «يمكن أيضًا الاستفادة من الزيادة السكانية فى مصر عبر تغيير نظرة المواطنين تجاه الأعمال اليدوية والحرفية والفنية التى تحتاجها الدولة لإدارة عجلة الاقتصاد، وتشغيل الورش والمصانع، ما يؤدى لخفض معدلات البطالة».

واختتم بقوله: «فى حال تنفيذ الخطة التى وضعتها الحكومة المصرية للحد من الزيادة السكانية سنستطيع التحكم فى معدلات النمو السكانى، والحفاظ على اقتصاد الدولة، وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين بشكل كبير».