رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تنامي قوة العلاقات المصرية مع جنوب السودان

الرئيس عبدالفتاح
الرئيس عبدالفتاح السيسي وسيلفا كير

وصل مناوا بيتر قادكوث، وزير الري بدولة جنوب السودان، إلى القاهرة صباح اليوم الخميس، على رأس وفد في زيارة لمصر تستغرق عدة أيام يبحث خلالها دعم التعاون وآخر تطورات ملف سد النهضة الإثيوبي.

ومن المقرر أن يستعرض "قادكوث" خلال زيارته لمصر مع نظيره المصري محمد عبد العاطي علاقات التعاون بين القاهرة وجوبا في مجالات الري، واستكمال ما دار من مناقشات خلال زيارة وزير الري المصرى لجنوب السودان أواخر الشهر الماضي، فضلًا عما وصلت إليه أزمة سد النهضة.

وترتبط مصر وجنوب السودان بعلاقات قوية تعود لعدة قرون، في إطار سعى مصر لتعزيز الشراكة الاستراتيجية المتكاملة مع اشقائها في أفريقيا على مختلف المستويات والاصعدة والعمل سويًا من أجل تعزيز هذه العلاقات في شتى المجالات بهدف تحقيق رفاهية ورخاء الشعبين.

علاقات قوية

وترتبط مصر وجنوب السودان بعلاقات قوية تعود لعدة قرون، حيث يربط بينهم نهر النيل الذي يعد شريان الحياة بالبلدين، وظهر الترابط بين البلدين في عدة مواقف مميزة، آخرها خلال السيول الضخمة التي اجتاحت البلاد، في سبتمبر الماضي، حيث وجه السيسي، بفتح جسر جوى لتقديم المساعدات العاجلة إلى الأشقاء من متضرري السيول بجمهوريتي السودان وجنوب السودان، وحملت طائرات النقل العسكرية شحنات من المواد الغذائية والمستلزمات الطبية.

جائحة كورونا

وخلال جائحة فيروس كورونا، في مايو الماضي، وجه رئيس الجمهورية أيضًا بإعداد وتجهيز طائرة نقل عسكرية وعلى متنها كميات كبيرة من المساعدات الطبية والدوائية والمطهرات والبدل الواقية للأطقم الطبية، فضلًا عن كميات كبيرة من ألبان الأطفال لمساعدتها في التغلب على فيروس كورونا.

وفي عام 2017، قدمت مصر قافلة طبية ودوائية وغذائية تبلغ نحو 20 طنا، هدية من شعب مصر إلى شعب جنوب السودان، لتخفيف المعاناة عن أفراد الشعب، وأعادت إرسال شحنة أخرى في أكتوبر 2018.

عمق أمني وإستراتيجي

ويعتبر جنوب السودان ذا أهمية استثنائية لمصر، لما يمثله من عمق أمني وإستراتيجي، وفقًا لموقع الهيئة العامة للاستعلامات، مشيرًا إلى العلاقات التاريخية الضخمة باعتباره أرض التلاقي والتواصل العربي الأفريقي، لذلك القاهرة كانت من أولى الدول التي أعلنت دعمها لدولة جنوب السودان والاعتراف بها دولة مستقلة، وإقامة علاقات دبلوماسية معها.

وفي إطار دعم مصر لجنوب السودان، سبق أن أرسلت مصر أكبر قوات حفظ السلام الدولية بجنوب السودان، لاستقرار الدولة، كما تعمل على تقديم يد العون في مجالات التعليم والصحة والمشروعات الخدمية والبنية التحتية، والتعاون المشترك فى كافة المجالات.

زيارات متبادلة

وسبق أن التقى الرئيس عبدالفتاح السيسي بسيلفا كيررئيس جنوب السودان، في 24 سبتمبر 2014، بنيويورك، على هامش أعمال الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أشاد رئيس جنوب السودان بدور مصر في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، مشيدًا بدعمها لبلاده في مختلف المجالات، ولا سيما في مجال التعليم.

كما أنَّه في 20 سبتمبر 2016، ترأس السيسي قمة مجلس السلم والأمن الإفريقي، التي ناقشت تطورات الوضع في جنوب السودان، وأكّد خلالها أهمية التوصل إلى آلية فعالة لمساعدة كل الأطراف.

وفي 22 نوفمبر 2014، زار رئيس جمهورية جنوب السودان مصر على رأس وفد رفيع المستوى يضم مجموعة من الوزراء، واستقبله الرئيس ثم عقدا جلسة مباحثات ثنائية مغلقة، تلتها جلسة مباحثات موسعة، حيث أكَد السيسي استمرار مصر في تقديم مساعداتها إلى أشقائها في جنوب السودان.

واعتبر سيلفا كير أن هذه الزيارة بمثابة رسالة قوية تعكس عمق العلاقات بينهما، ثم أعاد الزيارة مجددًا في 10 يناير 2017، لبحث سبل تعزيز مختلف جوانب العلاقات الثنائية بين مصر وجنوب السودان، كما تمت مناقشة بعض القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المُشترك، فضلا عن بحث عملية السلام فى جنوب السودان.

وزار سيلفاكير مصر للمرة الثالثة في 17 يناير 2019، لبحث أطر وآفاق التعاون المشترك بين مصر وجنوب السودان، حيث أعرب عن الارتياح لمستوى التعاون والتنسيق القائم بين الدولتين، مع تأكّيد أهمية دعمه وتعزيزه لصالح البلدين والشعبين الشقيقين.

اتفاقيات ومشروعات

كما حرصت مصر على دعم جنوب السودان أيضًا من خلال تفعيل عدة مشروعات تنموية، من بينها مشروع إنشاء المزرعة النموذجية بولاية غرب بحر الغزال، وإنشاء عدد من سدود حصاد مياه الأمطار، والبحث في البدء بتنفيذ عملية تطهيرات المجارى المائية بحوض بحر الغزال ونهر السوباط من الحشائش العائمة ولدرء مخاطر تراكم الطمي والتي تشمل تأهيل المجرى الملاحي لمجرى بحر الجبل بحنوب السودان.

ووقعت البلدين اتفاقية التعاون الفني بشأن التعاون الفني والتنموي في مجال الموارد المائية للتعاون في مجال إدارة وتنمية الموارد المائية، وتدريب العاملين على التقنيات المختلفة لتنمية وإدارة المياه والري، فضلا عن مذكرة تفاهم للتعاون الزراعي لإنشاء مزرعة نموذجية مشتركة على مساحة 200 هكتار، وأخرى للتعاون في مجال الكهرباء بين وزارتي الكهرباء والطاقة في كلا البلدين، وأخرى للتعاون في مجال الصحة بين وزارتى الصحة والسكان فى كلا البلدين.

وفي 20 أبريل 2013، وقع البلدان عقود تنفيذ 3 مشروعات بجنوب السودان مع شركة المقاولون العرب بمنحة مصرية قيمتها 7.2 مليون دولار، لإنشاء مرسى نهري في مدينة بانتيو عاصمة ولاية الوحدة لربط الولاية بولاية غرب بحر الغزال ملاحيا، وتأهيل 3 محطات لقياس المناسيب والتصرفات بحوض بحر الغزال، وإنشاء محطة طلمبات على نهر الجور بمدينة واو عاصمة ولاية بحر الغزال لتوفير مياه الشرب.

كما تتولى مصر إنشاء معمل مركزي لتحليل نوعية المياه منذ عام 2012 بجوبا، الذي يعتبر الأول من نوعه الذي يتمّ إنشاؤه في جنوب السودان، وتمّ تزويده بأحدث الأجهزة والمعدات والمهمات اللازمة لعمل جميع أنواع تحليلات المياه للحد من مصادر التلوث بالمجاري المائية بجميع ولايات جنوب السودان، وفي 18 يناير 2018، جرى توقيع بروتوكول تعاون لإنشاء أكبر منطقة صناعية مصرية بالعاصمة لزيادة حجم الصادرات المصرية.

منح واتفاقيات

كما تهتم مصر بتنمية جنوب السودان، عبر تمويل وتخطيط مشروعات ومنح واتفاقيات، من أجل التنمية الشاملة، لاسيما في مجالي التعليم والصحة، منها تنفيذ مشروع لإنشاء مجمعات لمياه الشرب، عبر حفر 30 بئرًا جوفية، لتوفير مياه الشرب الصالحة لأهالي جنوب السودان، فضلا عن إنشاء معمل مركزي لتحليل نوعية المياه بالجنوب، ومشروع لقياس مناسيب وتصرفات المياه، وإنشاء سد متعدد الأغراض يعمل على توفير الطاقة الكهربائية اللازمة لأهالي المنطقة.

وحرصت أيضًا على تقديم عدد من الدورات التدريبية لإعداد الكوادر، وتوفير المنح الدراسية بالجامعات المصرية لأبناء جنوب السودان، فضلًا عن إنشاء مدارس بجوبا، إلى جانب مشروعات الرى المصرى لتنظيف مجرى النهر في بعض أفرع بحر الغزال وإنشاء 3 محطات للكهرباء منها واحدة فى "واو"، وعيادة طبية بجوبا، وزيادة عدد وحدات الغسيل الكلوي في مستشفى جوبا التعليمي.

فيما أعدت وزارة الخارجية، عبر الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية برنامج تدريبي في مجال البروتوكول لـ11 من كوادر جنوب السودان من العاملين في مكتب الرئيس سلفا كير ميارديت رئيس جنوب السودان.

وفي نوفمبر 2018، أوفدت وزارة الصحة والسكان قافلة طبية تشمل عددًا من التخصصات إلى مدينة جوبا، بجنوب السودان، فى إطار تقديم الدعم الطبي والتعاون المشترك بين البلدين، فضلًا عن قافلة أخرى في فبراير 2020، لقياس حدة الإبصار لإجراء عمليات المسح الطبي اللازمة على طلبة المدارس وتقديم 2000 نظارة طبية مجانية للطلبة في جنوب السودان، وذلك في إطار مبادرة مصر إفريقيا لوزارة الصحة والسكان.

وتولي مصر اهتمامًا خاصًا بمجال التعليم في جنوب السودان، فوضعا حجر الأساس لجامعة الإسكندرية فى الجنوب، ومنحت أبناء الجنوب منحًا دراسية سنوية بالجامعات المصرية.