رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

علي جمعة: الأحكام في الفقه الإسلامي تتغير بالزمان إذا كانت مبنية على الواقع

. على جمعة
. على جمعة

قال الدكتور على جمعة مفتي الجمهورية السابق، لقد استقر في الفقه الإسلامي أن الأحكام تتغير بتغير الزمان إذا كانت مبنية على الواقع وما فيه من الأعراف الزائدة، والتقاليد المستقرة أو المتغيرة، فباختلاف تلك الأعراف والتقاليد من زمان لزمان، أو من مكان لمكان تتغير الأحكام، كما تقرر أن الأحكام تتغير بين ديار المسلمين، وغير المسلمين في مجال العقود، لأن المسلم الذي يقيم في بلاد غير المسلمين ينبغي عليه أن يمارس حياته بصورة طبيعية، وألا ينعزل في دروب من غير اندماج في مجتمعه، بل يجب عليه هذا الاندماج، لأنه أولًا وأخيرًا مأمور بالدعوة إلى الإسلام بمقاله أو بأفعاله أو بحاله.


وتابع "جمعة" عبر صفحته الرسمية قائلًا: إنه على المسلم أن يتجه بإدراكه لهذا الكون الفسيح المحيط به الذي يمثل البيئة الخارجية لنشاطه، ويفهم أن له سنناً إلهية، وأن إدراك هذه السنن نقطة محورية في سلوكياته وقراراته، فيُدرك سنة التكامل، حيث خلق الله سبحانه وتعالى الأكوان مختلفة في ظاهرها، لكنها متحدة في الهدف والغاية، فهذا الخلاف والاختلاف إنما هو للتنوع وليس للتضاد، فالليل والنهار يشكِّلان يوما واحدا، لكل منهما خصائص، فهما متكاملان رغم اختلافهما، وهذا الإدراك يجعل أصل الخلق عند المسلم هو التكامل وليس الصراع، ولذلك يفهم العلاقة بين الذكر والأنثى على أنها خلقت للتكامل، بخلاف التوجه الذي يدعو إلى أن الأصل هو الصراع، وأنه يجب على المرأة أن تصارع الرجل لتحصل على حقوقها، وأن المحكوم يجب أن يصارع الحاكم للحصول على حقوقه، وأن الإنسان يجب أن يصارع الكون حتى يحصِّل منه منفعته.


وأضاف: ويفهم المسلم أيضًا سنة التدافع وهي تبين أن الإنسان قد خلقه الله سبحانه وتعالى اجتماعيًا يحتاج إلى الآخرين، وهم يحتاجون إليه، فلم يخلقه منعزلًا قادرًا على البقاء وحده حتى يحقق مراد الله من خلقه، بل إنه لا بد أن يعمل في فريق ليصل إلى هدفه، وأن يدرك أن عمله في الفريق وحراكه الاجتماعي ونشاطه الذاتي يحتاج إلى إدراك سنة التدافع، وإدراك هذه السنة يتولد منه قوانين كثيرة لضبط هذا النشاط وذلك الحراك. ويفهم الإنسان كذلك سنة التوازن، وهي تؤكد أن الاستقرار هو الأساس الذي يجب أن ينتهي إليه النشاط الإنساني بعد التوتر الذي يبدأ به.


وتابع: هذه الإدراكات العقلية تؤسس الفكر السليم الذي تحتاج له الأمم في نهضتها واستمرار قوتها، وحتى لا يحل محله التفكير المعوج الذي إذا شاع اختلت الأمور وكان ذلك أكبر عائق أمام التنمية البشرية، وأمام الإبداع الإنساني، وأمام التقدم والأخذ بزمام الأمور، وأمام العلم، وأمام تحصيل القوة، وإذا كان كذلك تشتتت كل محاولات الإصلاح وشاعت الغوغائية والعشوائية وباءت جميع محاولاتنا لبناء الحضارة بالفشل.