رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قرار «الصحة» بفحص الشبكية.. «ضوء» يعيد الحياة للأطفال المبتسرين

الرئيسية- أرشيفية
الرئيسية- أرشيفية

"وُلد قبل موعده ووضع في الحضّانة"، تلك الكلمات قالتها ندى أحمد، سيدة ثلاثينية، متحدثة عن ابنها الذي جاءت ولادته في الشهر السابع، ولم تكتمل نمو رئته فاحتاج للمكوث في الحضّانة وتعرض لكمية كبيرة من الأكسجين، لكن بعد 40 يومًا من الولادة التي تمت في منتصف مايو 2017، خرج "علي".

بعد إتمامه 3 أشهر، لاحظت الأم أمر غير طبيعي في عينيه، فاتجهت إلى طبيب رمد وبعد فحصه فاجأها بحدوث انفصال شبكي في مراحل متأخرة، وأكد لها أن السبب تعرض الطفل لكمية كبيرة من الأكسجين في الحضّانة، وعدم خضوعه لكشف طبي خاص بالرمد بعد ولادته مباشرته وبعد خروجه من الحضانة.

الطبيب أكد لها أنه إذا تم الكشف المبكر على حالة الطفل كان نسبة عدم إصابته بهذا الانفصال الشبكي وعلاجه أبسط من الوقت الحالي، الأمر الذي نزل على الأم كوقع الصاعقة، خاصة بعدما قتل الطبيب لها كل أمل في الشفاء لأنه في مرحلة متأخرة يصعب علاجها، وهو ما أكده أكثر من طبيب زارته لإنقاذ طفلها.

بعد مرور تلك السنوات على حالة "علي" وغيره الكثير من الأطفال الذين عانوا من قضية الاستخدام المبالغ فيه لأكسجين الحضّانات كانت نتيجتها إصابتهم بالعمى ومشاكل الرؤية، أطلت علينا وزارة الصحة والسكان بقرارات تعد انتصارًا لصحة هؤلاء الأطفال.

فبحسب المنشور الذي أرسلته الوزارة لقطاع الرعاية الصحية -حصلت "الدستور" على نسخة منه- نبهت على المستشفيات التي بها حضّانات بضرورة فحص الشبكية مرة واحدة على الأقل لجميع أطفال الحضانات، ويُرفق تقرير الفحص بتقرير الخروج من الحضّانة، وفي حالة ثبات وجود اعتلال شبكية يتم التنبيه بضرورة المتابعة وإحالة الحالة بشكل رسمي إلى أقرب مستشفى رمد نوعي بعد الخروج أو ندب أخصائي رمد من أقرب مستشفى رمد نوعي.

ولم تختلف قصة الطفلة "مسك" عن الطفل "علي" كثيرًا، فوالدتها أميرة عمر، صاحبة الـ25 عامًا، من أهالي حي الدقي، تروي أن ولادة الطفلة تمت قبل موعدها، تحديدًا في الشهر السابع، وتم إيداعها في الحضانة لمدة 50 يومًا، ولم يتم إجراء أي فحوصات لها عقب خروجها، والولادة تمت في نهاية ديسمبر 2019.

بعد فترة، شعرت الأم أن عيني طفلتها يغطيها نقاطًا بيضاء، فأسرعت بزيارة الطبيب للاطمئنان على حالتها، لكن الصدمة كانت أن الطفلة تعاني من اعتلال شبكية من المرحلة الخامسة، وهي مرحلة متأخرة جدًا والعلاج معها شبه مستحيل، وانتفضت الأم رعبًا من هذا التشخيص لكن بعد عدة محاولات مع الأطباء لم يعد لها حيلة سوى انتظار معجزة من الله ليرد على طفلتها بصرها.

 

حسب التقديرات العالمية، فإن عدد الأطفال المبتسرين (المواليد الذين يولدون أحياء قبل استكمالهم 37 أسبوعًا من الحمل) حول العالم بنحو 14.8 مليون طفل سنويًا، ما يعادل نحو 11% من إجمالي المواليد.

 

انتقلنا للحديث مع عدد من المتخصصين لتوضيح أسباب الاعتلال الشبكي، وكيف يمكن وقاية الأطفال منه.

الدكتور إيهاب سعد، أستاذ طب وجراحة العيون بالقصر العيني، أرجع إصابة الأطفال بهذا الأمر إلى 3 عوامل؛ أن الطفل من المبتسرين، وزنه عند الولادة أقل من كيلو ونصف الكيلو، وتعرضه لكمية زائدة من الأكسجين أثناء تواجده في الحضّانة، بالتالي يجب متابعة هذا الطفل مع طبيب متخصص في الشبكية بعد شهر من الولادة.

وأوضح "سعد"، في حديثه مع "الدستور"، أن علاج تلك الحالات متاح لكن فقط في حالة إن وصلت الحالة إلى المرحلة الثالثة فقط، أما إذا وصلت للمرحلة الرابعة فنسبة نجاح الجراحة فيها 75%، أما نسبة النجاح في المرحلة الخامسة من 27% إلى 40%.

 

بحسب الموقع الرسمي لمنظمة الصحة العالمية.. يتراوح معدل الولادة المبكرة  في 184 دولة بين 5٪ و 18٪ من الأطفال المولودين.

 

واتفق معه في التفسير، الدكتور عماد رزق، استشاري رمد، في أن الإصابة بالاعتلال الشبكي لدى الأطفال من أكثر أسباب حدوثها هو التعرض لكمية كبيرة من الأكسجين في الحضّانات، لذا يجب فحص الطفل الذي تعرض لهذا الأكسجين لكشف فحص قاع عين عند عمر شهر، لأن اللحاق بحالة الطفل في المراحل الأولى تكون سهلة، من خلال حقن الطفل لإيقاف الوضع على ما هو عليه ومنع حدوث أي تدهور آخر للعين.

وكشف "رزق"، في حديثه مع "الدستور"، أن هناك صغيرة من الأطباء على علم بالنسب السليمة من الأكسجين الذي يجب إخضاع الطفل له في الحضانة، مشيرًا إلى أنها لا تتخطى 20%، أما نسبة الـ 80% الباقية من الأطباء يقومون بضخ الأكسجين بنسب عالية تصيب الطفل بالضرر لا تساعده على التعافي.

بحسب أحدث إحصائيات وزارة الصحة في 2018، وصلت أعداد الأطفال الذين يولدون قبل الموعد الطبيعي "المبتسرين" في مصر، إلى نصف مليون طفل تقريبًا، وهم في حاجة إلى مثله من الحضانات، وبالتالي يمثل عبئًا ماديًا على الأسرة وعلى الدولة، وقد تؤدي الولادة المبكرة إلى زيادة نسب الوفيات بين الأطفال، والكثير منهم قد يصاب بإعاقات وأمراض مزمنة.

قرار وزارة الصحة
قرار وزارة الصحة
انفوجراف
انفوجراف