رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عصام زكريا يكتب: في عيد ميلاده الواحد والثمانين: أسرار الهرم.. عادل إمام!

هو الاسم الأشهر، والنجم الأكبر، والأكثر شعبية على مدار تاريخ الفن المصري. واحد من القلائل الذين أجمع عليهم الجمهور بأطيافه، من كل الطبقات والمستويات. 

ولسنوات طويلة جدًا كان، وربما لم يزل، في ثمانينياته، الأعلى سعرًا، والأنجح تجاريًا، في ظاهرة نادرة حتى على المستوى العالمي.

مثل الصقر الذي يجدد شبابه بتحطيم منقاره وأظافره القديمة لينبت له غيرهما، أو الثعبان الذي يغير جلده، مثل العنقاء التي تحترق وتنهض من الرماد مجددًا، استطاع عادل إمام أن يبقى متوجًا على الساحة لأكثر من نصف قرن، مارًا بسلسلة لا تنقطع من التحولات، والمحطات الفنية، قادرًا على تجاوز أصعب الأزمات المهنية والشخصية، محافظًا على تفوقه بمسافة بعيدة عن كل منافسيه. ومثل أبوالهول، يبدو عادل إمام كلغز يصعب أن نفهم أسرار بقائه وتجدده.

ما هو سر عادل إمام، الذي بدأ حياته ممثلًا ثانويًا، يلعب أدوار الصعلوك الفاشل، والكومبارس الذي يتمنى أن تتاح له فرصة تقبيل البطلة مثل يوسف شعبان في فيلم "نص ساعة جواز" (1969)، ليتحول خلال سنوات معدودة، بداية من السبعينيات، إلى بطل مشارك، في ثنائيات مع عدد من نجوم المرحلة مثل نور الشريف وسمير صبري وفريد شوقي، قبل أن يتحول منذ منتصف السبعينيات إلى نجم الكوميديا الأول، ويحصل أخيرًا على البطولة المطلقة التي يستطيع معها أن "يقبل" أي نجمة في مصر، ثم بحافظ على هذه البطولة الأولى على مدار العقود الأربعة التالية!

ما هو سر عادل إمام؟ الموهبة؟ 

لا شك أنه موهوب، ليس فقط كممثل (في الحقيقة يرى البعض أن إمكانياته التمثيلية محدودة)، ولكن بالأساس ككوميديان قادر على انتزاع الضحكات بأقل قدر من المجهود، وهي موهبة يعززها حضور طاغ وجاذبية ووجه عجيب التقاطيع ولكن يتميز بالوسامة، وابتسامة كافية وحدها لإصابة المشاهدين بعدواها. وموهبة عادل إمام التي تميزه عن معظم الآخرين هي أن قدراته وحضوره وجاذبيته تكاد تكون واحدة في السينما والمسرح والتليفزيون، وقد نجح في الوسائط الثلاثة بالقدر نفسه تقريبًا، وهو أمر يصعب أن نجد مثيلًا له لدى بقية النجوم.

ما هو سر عادل إمام؟ الذكاء؟

هو الأكثر ذكاءً بالتأكيد، وإلا ما استطاع أن يحافظ على هذا النجاح والنجومية خلال عقود تغيرت فيها الصناعة والجمهور ومصر كلها عدة مرات، وفي كل مرة كانت تتردد مقولات من نوعية أن النجم هوى، وأن الزمن تجاوزه، وأن الجيل الأصغر قادم، ولكن عادل إمام كان يعود في كل مرة، بشكل جديد، غالبًا، ليثبت أنه باق، فيما يتساقط حوله النجوم الشباب مثل أوراق الشجر في الخريف.

ذكاء عادل إمام متعدد الأبعاد: مبدئيا، وبشكل عام، يعرف كيف يختار أدواره وسيناريوهات أفلامه ومسلسلاته. صحيح أن هذا الذكاء يخونه أحيانًا، كما حدث في أعماله الأخيرة مع السيناريست يوسف معاطي، أو برفضه القاطع للعمل مع المخرجين أصحاب الرؤية والأسلوب الخاص، بعد تجربة وحيدة في "الحريف" لمحمد خان أبى أن يكررها، ولكن ذكاء عادل إمام يحده فهمه الخاص للنجاح، الذي يقاس بحجم الإيرادات وأعداد المشاهدين. وفي بعض الأحيان، والظروف، يسعفه ذكاؤه ليدرك أن النجاح التجاري وحده لا يكفي، وأن الأمر يحتاج إلى موقف، وقصة، ومعركة، دفاعا عن مهنته ونجوميته، كما فعل في بداية التسعينيات عندما قرر أن يتحدى السلفيين بإقامة عرض مسرحي في أسيوط، وبصنع عدد من الأفلام "السياسية" الجريئة مع وحيد حامد وشريف عرفة.

ما هو سر عادل إمام؟ 

أعتقد أنه هذا المزيج من الموهبة والذكاء الذي يتمثل في الطريقة التي يدير بها هذه الموهبة. عادل إمام هو النجم الأقل ظهورا خارج أعماله، نادرًا ما يجري حوارًا صحفيًا أو تليفزيونيًا، وعندما يفعل ذلك، يكون لسبب محدد، وفي توقيت محدد جدًا. وهو أيضا النجم الأقل ظهورًا في التجمعات والمناسبات الاجتماعية والحفلات والمهرجانات، ليس لإنه يحب اعتزال الناس، ولكن لإنه يحسب ظهوره دائما بالورقة والقلم. وهو يعرف أيضا متى يتكلم، وما يقوله بهذه الكلمات، حريص أشد الحرص، مجامل غالبًا، دبلوماسي دائمًا، غاضب أحيانًا عندما تستدعي أمور الفن والبلد الغضب.

يمكننا أن نتفق أو نتجادل حول أعمال عادل إمام كما نشاء، فبعضها متواضع فنيا، أو مضمونًا، واختياراته لم تكن صائبة دائما، وهذا هو الطبيعي والعادي، فليس هناك إنسان معصوم من الخطأ.. ولكن الشىء الوحيد الذي سيتفق عليه الجميع هو أن عادل إمام حجر زاوية رئيسي ومتين من حجارة الهرم الفني في مصر والعالم العربي.