رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف نتجنب مصير أكبر دولة تنتج اللقاحات فى العالم؟

أعلنت الهند أمس عن أنها تجرى اتصالات مع شركات تصنيع أدوية فى مصر بخصوص تزويدها بعقار «ريمديسيفير»، رغم أنها تمتلك ٧ شركات تصنع نفس العقار. «ريمديسيفير» هو أول عقار يحصل على ترخيص كامل لعلاج كورونا من الوكالة الأمريكية للأدوية، عقب تدقيق نهائى أكثر صرامة، فى مقابل عقارات أخرى ما زالت فى مرحلة الاستخدام فى الحالات الطارئة فقط، وكانت مصر من أوائل الدول التى حصلت على حق تصنيعه وإنتاجه. 

فى مصر كان خيار «ريمديسيفير» هو نتاج لعمليات التواصل المستمر مع الشركات العالمية ومراكز الأبحاث للوقوف مبكرًا على أى عقار يضعنا على الطريق الصحيح، حيث انطلقت المراكز البحثية والجامعات فى وضع مصر ضمن الدول التى تتحرك لإنقاذ العالم من خطر «كوفيد- ١٩»، والتى كانت نتيجتها مشاركة مصر بنحو ٣.٦٪ من حجم أبحاث فيروس «كورونا المستجد» حول العالم، بـ١٤٨ ورقة بحثية، ركزت على تأثير المضادات الحيوية، والتطور الجينى للفيروس، ومدى فاعلية اللقاحات السابقة وحركة الأجسام المضادة، وغيرها من أبحاث علمية شاركت فيها جامعات القاهرة وعين شمس وأسيوط والإسكندرية وطنطا وقناة السويس والزقازيق وأسيوط، بالإضافة إلى الجامعة الأمريكية ومدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، ومركز التميز العلمى للفيروسات الذى يتبع المركز القومى للبحوث، والأخير حاول فريقه البحثى إنتاج عقار مصرى لعلاج فيروس كورونا. 

فى الوقت الذى كان العالم يتابع فيه ما يحدث بين الشركات العالمية حول العقار الذى سينقذ البشرية، كانت هناك تحركات مصرية تسابق الزمن للحصول على العقار الأفضل بعيدًا عن عمليات التسويق التى تقوم بها الشركات لإنعاش أسهمها فى البورصة ورفع نسب أرباحها، فى هذا الوقت كانت شركة مصرية تعلن مبكرًا عن توصلها إلى اتفاق مع شركة «جلياد ساينسز» الأمريكية، بموجب هذا الاتفاق يتم تصنيع عقار «ريمديسيفير» فى مصر، وتوزيعه فى ١٢٧ دولة، هذه الخطوة كانت فى غاية الأهمية، حيث بدأت الشركة المصرية عملية التصنيع بطاقة نحو ١.٥ مليون جرعة شهريًا، ومن اليوم الأول للتصنيع كانت الجرعات فى طريقها إلى مستشفيات الحجر الصحى والمستشفيات التى يتلقى فيها المرضى الرعاية.

قبل انهيار المنظومة الصحية كانت الهند هى أكبر منتجى اللقاحات فى العالم، فضلًا عن كونها تملك ما يمكن أن نطلق عليه «اقتصادًا طبيًا» من خلال منظومة متكاملة من المستشفيات وشركات الأدوية والمصانع التى تنتج كل ما يخدم المنظومة الصحية، بداية من الأجهزة وحتى العقارات، لكن الأمور بدأت فى الانهيار مؤخرًا مع حالة الإهمال التى عاشها المواطنون، والتى أدت إلى انفجار الوضع خاصة مع تطور سلالات كورونا، كما أسهمت التجمعات الكبرى التى تمت فى ارتفاع الأعداد بشكل عجزت عن التعامل معه المنظومة الصحية، حيث رفض المواطنون منع الاحتفال بـ«النهر المقدس»، وتجمع أكثر من ٣ ملايين شخص على ضفاف نهر الجانج، اعتقادًا منهم أن الغطس فيه «سيغسل خطاياهم». كما رفض المشاركون فى الاحتفالات النداءات الحكومية التى طالبتهم بعزل أنفسهم وعمل التحاليل اللازمة وأخذ المسحة الخاصة بكورونا.

ما حدث فى الهند التى تمتلك منظومة متكاملة كان ناقوس خطر للعالم كله، وليس لمصر فقط، بعد أن تسبب الإهمال والتراخى وعدم أخذ الإجراءات الاحترازية بجدية فى ارتفاع عدد الإصابات والوفيات بشكل غير مسبوق.

الدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار الرئيس للشئون الصحية، قال إن الضمان الوحيد لعدم الدخول فى وضع حرج هو التزام المواطنين، وقال فى تصريحات خاصة لبرنامج «صباح الخير يا مصر»، أمس، إن الدولة حريصة بشكل كبير على التوازن الدقيق بين الحالة الوبائية ومصلحة المواطنين الصحية، وبين حياتهم والحالة الاقتصادية، وعلى المواطنين الالتزام بالإجراءات لمنع تفشى فيروس كورونا، مؤكدًا أنه «إذا لم يلتزم الشعب بالإجراءات ستضطر الدولة للإغلاق»، مؤكدًا أنه كلما تزايدت الأعداد زاد الضغط على القطاع الطبى وازدادت المعاناة، مشيرًا إلى أن لجنة إدارة الأزمة منعقدة بشكل دائم ليل نهار.