رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عيدك يا أمى.. أجمل أعياد مصر


لعيد الأم أهميته وقيمته لدى كل أم، فهو يوم رد الجميل، وهو أرقى الاحتفالات الإنسانية وأكثرها نبلًا ورقيًا، وهو أيضًا يوم تنتظر فيه كل أم أن يزورها أولادها وأحفادها، وأن تلقى اهتمامهم وحبهم وتقديرهم لها، كما يتم تقديم الهدايا لها، أيًا كانت هذه الهدايا، باعتبارها تدخل الفرحة على قلب الأم.
ويكون ذلك اعترافًا بدورها وعرفانًا بما قدمته فى رعاية أسرتها وأبنائها وسهرها على راحتهم، وكذلك لما بذلته من تعب وتربية ورعاية وجهد متواصل لأولادها فى كل مراحل عمرهم منذ أن ولدتهم، مرورًا بطفولتهم ثم فى شبابهم ثم حينما يتزوجون وينجبون أيضًا يظل دورها ممتدًا للأحفاد، وهو يوم يدخل السعادة على قلب الأم وتشعر فيه بتقدير أبنائها لها. ولعيد الأم أهميته الخاصة عندنا، فهو اليوم الذى خصصته مصر للاحتفال بالأمهات، وفى كل عام منذ أن تولى المسئولية، يشرف الرئيس عبدالفتاح السيسى على احتفال عيد الأم بنفسه، ويحرص على إضافة مكتسبات جديدة للمرأة المصرية، كما سنّ تقليدًا جعله أجمل أعياد مصر، حيث يحرص «السيسى» على تكريم عدد من الأمهات المثاليات، وعدد من الرائدات فى مجالات مختلفة، وعدد من أمهات شهدائنا من الجيش والشرطة، مما يعد توجيهًا بتكريم المرأة المصرية فى مختلف المجالات، وهذا العام قام الرئيس عبدالفتاح السيسى والسيدة قرينته مؤخرًا وبمناسبة عيد الأم أيضًا، وكعادته فى كل عام بتكريم عدد من الأمهات المثاليات فى احتفالية عيد الأم. كما سعدت مؤخرًا وبمناسبة عيد الأم أيضًا بحضور دعوة لزيارة العاصمة الإدارية مع نائبات مجلس النواب وبعض سيدات العمل الاجتماعى، وبحضور الوزيرة المحترمة نبيلة مكرم، وزيرة الهجرة وشئون المصريين فى الخارج، والمحترمة د. مايا مرسى، رئيسة المجلس القومى للمرأة، وقام بالدعوة النائبة أميرة أبوشقة، وبالتنسيق مع المهندسة رباب عبدالعاطى.. وألقت الوزيرة نبيلة مكرم كلمة متميزة عن مكتسبات المرأة فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، كما ألقت كلمة ترحيب النائبة أميرة أبوشقة.
وإذا ما عدنا إلى سبب الاحتفال بعيد الأم فى مصر، فإنه كان قد بدأ بدعوة من الصحفى الكبير الراحل على أمين الذى اقترح أن يتم الاحتفال بالأم، وذلك فى عموده اليومى «فكرة» الذى كان يكتبه يوميًا فى صحيفة «الأخبار»، كما اقترح شقيقه الصحفى الكبير الراحل مصطفى أمين أيضًا أن «يكون عيدًا للأم تحتفل به مصر سنويًا، ثم تحدد له ٢١ مارس من كل عام بناءً على اقتراحات القارئات باعتباره بداية موسم الربيع».
وهكذا أصبح الاحتفال به يتم سنويًا مع أول أيام الربيع فى ٢١ مارس منذ عام ١٩٥٦وحتى الآن، وما لبث الاحتفال بالأم فى مصر أن انتقل إلى بقية الدول العربية. إلا أن الحكومة المصرية لم تقرره إجازة رسمية حتى الآن رغم أنه يستحق ذلك، ورغم أن بعض الدول قد جعلته إجازة رسمية تكريمًا للأم مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها من الدول تقديرًا لدور الأم فى رعاية أبنائها. وكان الاحتفال بالأم قد بدأ فى العالم منذ القدم، وفى الدين الإسلامى سنجد أسمى التكريم للأم ودورها، وذلك فى الآيات القرآنية، وفى الأحاديث النبوية، ويأتى الإحسان للوالدين فى المرتبة الثانية بعد مرتبة الإيمان بالله مباشرة ما يعد منتهى التقدير للأم وللوالدين عامة، ففى الآية الكريمة: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا* رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِى نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأوَّابِينَ غَفُورًا».. (سورة الإسراء).. «٢٣-٢٥»، وآيات أخرى. وفى الحضارات القديمة تم الاهتمام بتكريم الأم، ففى الدولة اليونانية القديمة، كان يسمى «عيد كوبيلى»، كما تم الاحتفال بالأم فى الحضارة الرومانية القديمة بعنوان «عيد هيريا»، كما تم الاحتفال به كذلك فى العصور الوسطى. وفى العصر الحديث، دعت المؤلفة الأمريكية جوليا ووردهاوى إلى الاحتفال بالأم فى أمريكا سنة ١٨٧٢، وفى ٢ مايو ١٩٠٧، دعت المناضلة الأمريكية لحقوق المرأة «آنا جارفيس» إلى الاحتفال بعيد الأم تقديرًا منها لدور والدتها فى رعايتها وجهدها فى تربيتها، وأقامت احتفالًا كبيرًا بمدينة جرافتون فى ولاية فيرجينيا الأمريكية، وكافحت حتى أصبح يوم ٢ مايو عيدًا للأم رسميًا فى الولايات المتحدة الأمريكية، وقررت الحكومة الأمريكية منذ ٢ مايو ١٩١٢ اعتبار هذا اليوم إجازة رسمية احتفالًا بعيد الأم. فى عيد الأم أقول لأمى الحبيبة «رجاء حجاج»، رائدة العمل الاجتماعى والخيرى، التى أفتقد بشدة وجودها هذا العام لوفاتها فى يوليو الماضى: افتقدتك كثيرًا ودائمًا، وإن كنت أعلم أنك فى مكان أفضل، فهذا أول عيد أم يحل علىّ دون وجودك معى بجسدك، ولكن يا أمى أنت موجودة معى بروحك دائمًا، وفى كل لحظة، أنت دائمًا بقلبى، وفى وجدانى أتذكر كل ما بذلتيه من تعب وسهر ورعاية لى منذ الصغر، وأحس أنك بقربى، وبجانبى، فأنت لم ترحلى بوفاتك جسديًا منذ يوليو الماضى فأنت أيقونة مصرية عظيمة. ستظلين رمزًا للعطاء والإرادة والحب والرقى، لقد غرستِ فى وجدانى منذ الصغر كثيرًا من المبادئ العظيمة، والقيم النبيلة وحب الوطن وأهمية العطاء للمجتمع والتفوق والحب الخير، أنت سبقتِ عصرك واستطعت تأسيس مؤسسة اجتماعية وخيرية مهمة وكبيرة، وذات اهتمامات وأقسام كبيرة، لكونك عضوة فى جمعية هدى شعراوى، التى أسستها رائدة تحرير المرأة فى مصر السيدة العظيمة هدى شعراوى، لكن حينما تم انتخابك رئيسًا لمجلس إدارتها، فإذا بك تحولينها إلى مؤسسة كبيرة اجتماعية وخيرية وثقافية ترعى المرأة بكل احتياجاتها. ولا أنسى أنك يا أمى قد وضعتِ لهذه الجمعية خطة تطوير مبهرة، وقمتِ بتنمية العضوية بإلحاق أجيال جديدة فى عضويتها، كنت أنا من بينها، ورأيتك تعملين يوميًا بجهد وبإخلاص من أجل إسعاد الآخرين ومساعدة المحتاجين، فأنشأت حضانة للمرأة العاملة والفقيرة وكفالة للأيتام، ودارًا للمغتربات، ومشغلًا للأشغال اليدوية للنساء الفقيرات ليكون لهن دخل مادى بشرف وبكرامة، كما أقمتِ معرضًا نصف سنوى لملابس الطالبات الجامعيات بأسعار رمزية، وسوقًا خيرية موسمية لمنتجات الجمعية الجميلة، وللمنتجات اليدوية للمرأة المصرية. كما أنشأتِ يا أمى أيضًا أول مكتبة لإنتاج الكاتبات المصريات، ثم أنشأتِ متحفًا رائعًا يضم مقتنيات نادرة للسيدة المناضلة العظيمة هدى شعراوى، ومكتبة توثق لنضال رائدات الحركة النسائية فى بلدنا، وأقمتِ أيضًا الأنشطة الثقافية والندوات الاجتماعية والثقافية لإضافة بُعد ثقافى للعضوات، وندوات للدين الإسلامى المستنير، كان يتحدث فيها رجال الدين المستنيرون لنشر تعاليم الدين الإسلامى المستنيرة.
كما قمتِ فى سنوات شبابك بدعم المجهود الحربى وزيارة الجرحى من الجنود فى حرب أكتوبر المجيدة مع السيدة المحترمة جيهان السادات، كما أنك قمت بدورك على أكمل وجه كزوجه وفية بناءة لزوجك الكاتب الكبير الراحل أنيس منصور فى قصة حب نادرة سأضعها بين دفتى كتاب جديد قريبـًا، وقمت بأروع وأنبل دور كأم حنونة ومحبة لأبنائها.
ستظلين يا أمى أيقونة مصرية أفتخر بها، ونموذجًا يحتذى به للعمل الاجتماعى والخيرى والوطنى، كما يطيب لى أن أُحيى أمهات الشهداء وزوجات وبنات وأبناء الشهداء فى عيد الأم الذين قدموا أروع أمثلة التضحية والفداء للوطن.. كما يطيب لى أن أهنئ كل أم مصرية بعيد الأم وأقول لها: «كل عام وأنتِ بألف خير وأمان وعدالة وصحة». فى عيد الأم أتمنى أن تحاول كل ابنة وابن إدخال السعادة إلى قلوب أمهاتهم وأن يقدموا لها أسمى آيات العرفان والحب والتقدير والتكريم وأن يحاولوا تقديم هدية لأمهاتهم رمزية أو ثمينة وفقًا لإمكانات كل ابن وابنة، فهذا لا يهم، إنما المهم هو عمل لفته التقدير والتكريم للأم للتعبير عن الحب. أتمنى أن يقتطع الأبناء، مهما كانت مشغولياتهم وانشغالاتهم، من وقتهم وقتًا للأم فى هذا اليوم.. لأنه يوم التكريم لها وأن يصبح السؤال عنها ورعايتها ضمن الواجبات الضرورية فى حياة كل الأبناء على مدار العام. فلا تحرموا أنفسكم من بر الأم الصالحة وبر الأب الصالح، أى بر الوالدين الصالحين اللذين تعبا واجتهدا وقدما لنا الرعاية والحب غير المشروط.. والأم بشكل خاص تستحق منا أسمى آيات العرفان بالجميل فهى قد حملت وأنجبت وسهرت وخدمت وربت وكبرت ورعت وبذلت الجهد والعرق بلا كلل وبلا شكوى حتى يشب أبناؤها ويكبروا وتراهم فى أحسن حال. أما من تُوفيت أمهاتهم، مثلى.. فالدعاء للأم بالرحمة والعفو، وقراءة القرآن من أجلها وزيارتها كثيرًا، قد يخفف عنا لوعة الفراق والافتقاد لها.. كل سنة وكل أم مصرية طيبة وبخير.