رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«اتفاق جوبا».. قصة مساهمة مصر لسريان السلام بين الأطراف السودانية

اتفاق جوبا
اتفاق جوبا

يقع السودان بحكم موقعه الجغرافي ضمن المجال الحيوي للأمن القومي المصري، ويمثل العمق الاستراتيجي الجنوبي لمصر، وهو ما انعكس على الحرص المتواصل على الإبقاء على التعاون والتنسيق والتفاهم مع الخرطوم مهما مرت العلاقات الثنائية بمراحل من الصعود والهبوط على مدار تاريخها الممتد.

وفي هذا الإطار، أولت مصر عقب ثورة 30 يونيو 2013 أهمية بالغة لعلاقاتها مع الخرطوم، ضمن إعادة تحديد وصياغة دوائر وتوجهات سياستها الخارجية بما يتلاءم مع المحددات والتحديات الجديدة التي رتبتها التحولات العالمية والإقليمية خلال العقد الماضي.

ونظرا لوقوع السودان ضمن الدائرتين العربية والإفريقية للسياسة الخارجية المصرية فقد حظي السودان بأولوية على أجندة الرئيس عبد الفتاح السيسي الخارجية، ترجمت إلى كونه كان الوجهة الأولى لزيارته الخارجية عقب انتخابه رئيسا للجمهورية عام 2014 ضمن جولة شملت ثلاث دول، وأيضا بعد إعادة انتخابه لولاية ثانية عام 2018.

ـ رعاية اتفاق "جوبا" بين الحكومة والمتمردين
كانت مصر حاضرة فى المفاوضات بين الحكومة الانتقالية السودانية والجبهة الثورية التى تضم عددا من القوى السياسية والفصائل المسلحة والتي هدمت إلى توقيع اتفاقية سلام سودانية تنهي عقود من الصراع والأزمات التي أنهكت الشعب السودانى.

وقد ركزت جهود مصر على تقريب وجهات النظر وتقليل الفجوة بين الحكومة الانتقالية السودانية والجبهة الثورية. وكان ملف الترتيبات الأمنية في قلب الاهتمام المصرى، وأسفر عن اتفاق لتشكيل قوات مشتركة تحت اسم "القوى الوطنية لاستدامة السلام في دارفور" قوامها الجيش والشرطة والدعم السريع وقوات من حركات الكفاح المسلح، تكون مهمتها حفظ الأمن وحماية المدنيين ونزع السلاح من الإقليم.

هذا إلى جانب احتضان مصر ثلاثة اجتماعات للقوى السياسية والحركات المسلحة السودانية في شهور أغسطس وسبتمبر وأكتوبر 2019، شاركت خلالها القوى السياسية السودانية في إطار تحالف نداء السودان، بهدف توحيد فصائل الجبهة الثورية وترتيب أجندة التفاوض بين الأطراف وفقا للأولويات التي يطرحونها.

وقد شاركت مصر كشاهد وضامن في مراسم التوقيع النهائى على "اتفاق جوبا للسلام"، ممثلة في شخص رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، الذى ألقى كلمة أكد خلالها أن الاتفاق بمثابة نقلة وخطوة كبيرة في طريق الأمن بالسودان، وخطوة فارقة على صعيد الجهود الممتدة على مدار عقود طويلة لإحلال السلام الشامل في شتى أنحاء السودان، وبداية لصفحة تتكاتف فيها جهود أبنائه من مختلف الأطياف والتيارات الوطنية للعمل على رفعته وازدهاره.