رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الدستور» في مغامرة داخل مطابع تزييف العلامات التجارية العالمية

العلامات التجارية
العلامات التجارية العالمية

ابتاع أحمد إسماعيل، 65 عامًا، كرتونة زيت طعام شهير، تحتوي على 16 زجاجة، من محل تجاري في قريته اعتاد كل فترة على شراء احتياجات منزله كاملة منه، وما يكفيه لعدة أشهر قادمة؛ لكونه يعيش في منزله بمفرده، كان لون الزيت مغايرًا للونه المعتاد بعض الشيء، إلا أنه لم يعبء بذلك، واستخدمه في تحضير وجبة العشاء، وخلد للنوم سريعًا.

منتصف الليل، شعر الرجل الذي توفت زوجته منذ أعوام، بآلام شديدة تعتصر معدته، والعرق الغزير يتصبب من وجنته وعدم قدرته على الحركة، فطلب العون من أحد جيرانه، والذي نقله سريعًا إلى المستشفى، وهاتف أحد ابنائه الثلاثة المتزوجين في منازلهم.

شخّص الطبيب المختص الحالة بأنها اشتباه في تسمم، وربما تناول العجوز طعامًا فاسدًا. لم يتذكر الرجل وقتها ما تناوله سوى وجبة العشاء، التي جهزها بنفسه في المنزل ولم تكن سوى بعض الجبن الذي يأكل منه يوميًا والزيت الذي ابتاعه حديثًا.

هنا تذكر الرجل الزيت ولونه وطعمه غير المعتاد، فعاد إليه من جديد ليجد أنه لا يحوي علامة مائية كأي منتج غذائي، وأصرّ نجله الأكبر على تقديم شكوى ضد الشركة في جهاز حماية المستهلك حملت رقم 8073، وحين خاطب الجهاز الشركة المصنعة للزيت اكتشف أنها ليست المنتجة، وأن هناك مصنعًا يستخدم علامتها التجارية في تصنيع زيوت غير صالحة للاستخدام.

إسماعيل هو واحد ضمن كثير من المصريين، الذين وقعوا كضحايا لمافيا تزييف العلامات التجارية. التحقيق التالي يكشف تورط أصحاب مطابع غير مرخصة في تزييف علامات تجارية شهيرة لمنتجات غذائية وتجميلية وأدوية وبيعها لمصانع وشركات بير السلم.

وتصنع تلك الشركات منتجات رديئة تستخدم فيها تلك العلامات التجارية الشهيرة المزيفة، ما أدى إلى إصابة حالات وثقها التحقيق بأضرار صحية، بعدما ابتاعوا تلك المنتجات ظنًا منهم أنها تحمل العلامة التجارية الأصلية، وكشف التحقيق كيف تتم عملية التزوير من خلال مغامرة لعقد إتفاقية مع عدد من المطابع لتزييف علامة تجارية شهرية.

◄ إسماعيل: "الزيت يُنتج في 3 مصانع بعلامة تجارية مضروبة"

يقصّ الرجل ما حدث بعد اكتشاف جهاز حماية المستهلك لتقليد العلامة التجارية للزيت الشهير، فقد تحولت شكواه إلى النيابة العامة والتي توصلت إلى وجود ثلاث مصانع تنتج ذلك الزيت المغشوش في قرية نوسا البحر، التي يقطن بها الرجل، وتتبع مدينة المنصورة بمحافظة الدقلهية.

ووقتها ألقت مباحث التموين القبض على صاحب المصنع، وبعض التجار الذين يتعاملون معه، وتم تحريز 5 أطنان زيوت طعام مجهولة المصدر، وتحمل علامة تجارية مقلدة لأحد الزيوت الشهيرة، وإدارة مصنع بدون ترخيص.

يؤكد الرجل أنه ليس الحالة الأولى في القرية، فقد سبقه اثنان من جيرانه بسبب نفس الزيت، ولكن لم يقدم أي منهما شكوى، موضحًا أن الجميع كان يثق في العلامة التجارية لذلك الزيت باعتبارها أصلية وليست مزيفة كما اكتشفت مباحث التموين.

◄ قوانين تحظر تزييف العلامات التجارية

حاولت مصر منذ عام 1952، إحكام قبضتها على مافيا تزييف العلامات التجارية، من خلال سن القوانين والعقوبات الرادعة، ففي ذلك العام وقعت مصر على اتفاقية مدريد للتسجيل الدولي للعلامات التجارية، كما وقعت على بروتوكول مدريد للتسجيل الدولي للعلامات التجارية عام 2009، والهدف منها حماية العلامات التجارية وحق الملكية الفكرية.

وصدر قانون الغش التجاري رقم 48 لسنة 1941 الذي تنص المادة رقم 10 منه على السجن لمدة لا تقل عن سنة، ولا تتجاوز خمس سنوات، وبغرامة مالية لا تقل عن 10 آلاف ولا تتجاوز 30 ألف جنيه، لكل من شرع في غش المنتجات أو طرح أغذية مغشوشة بالأسواق.

أما قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002، فتنص المادة رقم 113 منه على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهرين وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيهًا ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين، كل من زور علامة تجارية تم تسجيلها أو قلدها بطريقة تدعو إلى تضليل الجمهور.

وتنص أيضًا على: "كل من استعمل بسوء قصد علامة تجارية مزورة أو مقلدة، وكل من وضع بسوء قصد على منتجاته علامة تجارية مملوكة لغيره، وكل من باع أو عرض للبيع أو التداول منتجات عليها علامة تجارية مزورة أو مقلدة".

◄ تقرحات تصيب "ندى" بعد استخدام منتجات "سيفورا" المسروقة

تزييف العلامات التجارية لم يكن في المنتجات الغذائية فقط، ولكن طال الماركات الشهيرة من أدوات التجميل، فكانت ضحيته "سارة" 23 عامًا، فتاة تعمل مشرفة بإحدى حضانات تعليم الأطفال بمنطقة حلوان التابعة لمحافظة القاهرة، كانت ضحية لأحد العلامات التجارية المزيفة لمنتجات التجميل.

تثق الفتاة في ماركة "سيفورا" أحد أشهر العلامات التجارية لمنتجات التجميل، ولا تستخدم غيرها، في يوم ابتاعت كريم للوجه واليد يحمل العلامة التجارية واللوجو والاسم الخاص بالشركة، من محل بأحد المولات التجارية، تعجبت لكونه بنصف الثمن، لكنها اعتبرت الأمر مجرد خصومات ربما أعلنت عنها الشركة مؤخرًا بشأن منتجاتها.

استخدمت الفتاه الكريم مرتين في اليوم الأول، وعقب مرور 4 ساعات على الاستخدام، بدأت تشعر بحكة شديدة في يدها اليسرى، تلاها إحمرار وظهور فقاقيع حمراء تشبه مرض الجديري المائي، فوضعت عليها مرطبًا ظنًا منها أنها مجرد حساسية ستطيب في اليوم التالي، لكن ذلك لم يحدث.

ازداد الأمر سوءً في اليوم التالي، بعدما أصبحت الحكة شديدة للغاية، وتحولت إلى التهابات حمراء، فذهبت إلى قسم الجلدية بمستشفى 15 مايو العام، وخلص الكشف الطبي إلى أنها مصابة بتقرح في الجلد والتهابات نتيجة استخدام منتج رديء الصنع.

تقول: "الطبيب قالي إني استخدمت شيء مضروب، وأنا متعودة على الكريم ده، لكني رجعت للشركة وروحت الفرع بتاعهم، اتفاجئت أن فيه مصانع سرقت اللوجو الخاص بيهم والعلامة التجارية وحطتهم على منتجات رديئة، وأدعت أنها من شركة سيفورا، وإني مش أول حالة تجي تشتكي ليهم".

أسبوعان قضتهما "ندى" في علاج يدها من تلك الالتهابات الزائدة، حتى خرجت الشركة ببيان رسمي، قالت فيه إنه تم سرقة العلامة التجارية الخاصة بها، وحذرت فيه من منتجات تجميلية رديئة تدعي أنها تنتمي إلى سيفورا وتضع اللوجو الخاص بها عليه.

ولم تكن "سيفورا" هي شركة التجميل الوحيدة التي سُرقت العلامة التجارية الخاصة بها، فهناك أيضًا بيان تحذيري خرج مؤخرًا من شركة "كريولان"، حذرت فيه من تواجد منتجات تجميلية، تحمل نفس العلامة التجارية لها لكنها مزورة، وتم ضخها في الأسواق، ليس ذلك فحسب بل وضعت عليه لاصق لكي تفرق منتجاتها الأصلية من المضروبة.

◄ 14 ألف علامة تجارية مزيفة في السوق المصرية

حجم كارثة العلامات التجارية المزيفة، يتضح أكثر في الأرقام الرسمية المُعلنة من قبل الجهات المعنية. يقول الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في إحصاء له في يونيو عام 2018، إن هناك نحو 500 ألف علامة تجارية مسجلة في مصر، قرابة 14 ألف منها مضروبة وتم سرقتها وطرحها في السوق المصري.

الإحصاء أشار أيضًا إلى أن حجم التجارة في الأسواق العشوائية بمصر يبلغ 20 مليار جنيه سنويًا، وهي تمثل نحو 45% من حجم التجارة الرسمية للدولة، وتتكلف الإعلانات المضللة التي تستخدم علامات تجارية مزيفة نحو 800 مليار دولار، بما يوازي 8٪ من حجم التجارة الدولية.

◄ رجاء: كدت أفقد أولادي الأربعة

كذلك كانت رجاء، سيدة أربعينية، وأولادها الأربعة، أحد ضحايا العلامات التجارية المزيفة، لكونها تعتمد على منتجات اللحوم الخاصة بشركة شهيرة تصنع المواد الغذائية في مصر، وتبتاع كميات كبيرة من اللحوم المدخنة مطلع كل عام مدرسي، لأجل تحضير الوجبات المدرسية الخاصة بأطفالها الملتحقون بمراحل تعليم مختلفة.

قامت السيدة بشراء كمية كبيرة من تلك اللحوم لتكفيها شهور طويلة، وجهزتها لأطفالها مع الحقائب المدرسية، وفي اليوم التالي كانت الفاجعة: "فجاءة لاقيت تليفون من المدرسة أن ولادي الأربعة أصيبوا باشتباه تسمم واتنلقوا المستشفى"، تقولها السيدة.

تضيف: "روحت المستشفى الدكتور المعالج قالي أنهم عملوا غسيل معدة، بسبب تناولهم أكل ملوث، والعيال قالوا أنهم ماكلوش حاجة غير اللانشون اللي عملته من الصبح". لم ترض "رجاء" بضياع حق أطفالها، وتلك الليالي الخمس التي قضوها يتألمون داخل المستشفى، فقامت بتحرير شكوى في جهاز حماية المستهلك حملت رقم 1788.

تؤكد أن الشكوى توصلت في النهاية أن شركة المنتجة للمواد الغذائية ليس لها علاقة بتلك اللحوم الفاسدة، ولكنها كانت ضحية لمنتج رديء صنعه مصنع بمنطقة شبرا وقام بلصق العلامة التجارية الخاصة بها عليه، وبيعه للتجار في الأسواق.

◄ مغامرة.. "الدستور" تتفق مع 5 مطابع غير مرخصة لتزييف علامات تجارية شهيرة على منتجات مغشوشة

المطابع المتورطة في تزييف العلامات التجارية الشهيرة، نشاطها غير مقتصر على المواد التجميلية والغذائية فقط، ولكنها تقوم بطباعة أي علامة تجارية مسجلة، ووضعها على منتجات رديئة، تضر المستهلكين الذين يشترونها من التجار، دون وضع اعتبار لحقوق الملكية الفكرية لتلك العلامات التجارية، أو الأضرار التي تلحق بالمواطنين.

ذلك ما خلصت إليه مغامرة قام بها معدّا هذا التحقيق داخل عدد من المطابع في محافظتي القاهرة والغربية، عقدوا خلالها اتفاقيات مسجلة لطباعة علامات تجارية شهيرة مسجلة، على منتجات رديئة الصنع، بعدما أدعيا أنهما تجار جملة، يقومان بطبع العلامات التجارية الشهيرة المزيفة على منتجاتهما حتى يستطيعان ترويجها على أنها أصلية والاستيلاء على فارق السعر.

في منطقة العباسي بمدينة المحلة الكبرى التابعة لمحافظة الغربية، أدعى محررا «الدستور» لأحد المطابع، أنهما تاجران يريدان طبع العلامات التجارية الكورية الشهيرة لإحدى شركات تصنيع الهواتف المحمولة على بضاعة ضخمة من الشواحن وسماعات الهواتف المحمولة رديئة الصنع، من أجل بيعها على أنها أصلية وبأسعار غالية.

المطبعة مكونة من دورين، الأول يتم فيه استقبال الزبائن، والثاني يحوي ماكينات الطبع، التي يتم فيها تزييف أي علامة تجارية لأي منتج، وملحق به مصنع يقوم بتصنيع تلك الشواحن رديئة الصنع -أو كما يسميها التجار «نص عُمر»-، ويتم لصق اللوجو المزيف للشركة عليها.

اتفقنا مع صاحب المطبعة على شراء كمية معينة من الشواحن وسماعات الهواتف المحمولة، بحجة أن لدينا محل صيانة هواتف في منطقة شبرا، فكانت الأسعار رخيصة للغاية، لكونها منتجات ليست أصلية، فقال الرجل: «أنا هبيعلك الكمية اللي أنت عاوزها من الشواحن والسماعات بأسعار تعرف تكسب منها وأنا كمان أكسب، وهطبعلك عليها اللوجو بتاع الشركة علشان الزبون مياخدش باله أنها متجمعة، وتبيعها بسعر الأصلي، وشكلها زي الأصلي بالظبط».

وبحسب الحديث الذي دار بيننا، فصاحب المطبعة أكد أن المنطقة كلها مطابع تقوم بتزييف العلامات التجارية، وهناك مطابع لديها مصانع خاصة تقوم بتصنيع ملابس ومواد غذائية وتجميلية وإلكترونية يتم تصنيعها بأقل الإمكانيات، وتطبع عليها لوجو علامة تجارية شهيرة لأحد الماركات العالمية، وتباع بأسعار المنتج نفسه كأنه أصلي، ما يحقق ربح وفير للتاجر وصاحب المطعبة على حد سواء.

اعترف صاحب المطبعة بمدى رداءة الشواحن التي يقوم بتصنيعها وبيعها على أنها أصلية قائلًا: «الشاحن بنبيعه بـ25 جنيه، لو استخدامه من الزبون قليل ممكن يقعد تلات شهور مثلًا، لو الاستهلاك زيادة آخره شهر، لكن سعر السماعات 10 جنيه، ومبتقعدش أكتر من شهر». أما الجملة فإن السعر يقف على التاجر بتكلفة أقل تصل إلى نصف المبلغ حتى يتسطيع تحقيق ربح كبير.

اتفاق آخر عقدناه داخل أحد مطابع تزييف العلامات التجارية في منطقة وسط البلد، التابعة لمحافظة القاهرة، والتي تخصصت في تزييف علامة تجارية لأحد ماركات الشنط الشهرية، بعد تجميعها من مواد رديئة، وبيعها إلى محال المستلزمات الرياضية على أنها أصلية مصنوعة من الجلد الطبيعي.

في منطقة باب اللوق كانت المطبعة، يصدر منها رائحة الأحبار والأوراق. المطبعة مكونة من ثلاث طوابق، كل طابق به غرف متخصصة في طباعة منتج معين، على أعتاب تلك الغرف يوجد أقمشة وعلامات تجارية شهيرة ملقاة، وفي الداخل تراصت معدات وماكينات كثيرة، لتصنيع الشنط الرياضية، وطباعة العلامة التجارية المزيفة عليها.

عقدنا اتفاقا مع صاحب المطبعة على شراء عدد من تلك الشنط رديئة الصنع، وطباعة العلامة التجارية لشركات شهيرة في مجال تصنيع الملابس والأحذية الرياضية عليها، فكان الرد المُسجل: «دي أسهل حاجه يا باشا إحنا هنطلعلك الشنطة تبيعها للزبون بسعر كأنها أصلية وجايبها من الشركة الأم نفسها».

تقوم المطبعة بتزييف اللوجو الخاصة بالماركة الشهيرة بحسب المقاس والشكل الذي يحدده التاجر، تتماثل مع العلامة التجارية للشركة الأم ولكن بخامات أقل، وبالفعل قام الرجل بتجريب طباعة اللوجو الخاص بعلامة تجارية شهيرة جدا لأشهر الشركات الألمانية التي تصنع الملابس الرياضية على أحد الشنط أمامنا، فاستنسخ الصورة الأصلية للشركة الأم، وقام بإجراء بعض التعديلات عليها، لأعطائها جودة أكثر ثم قام بطباعتها ولصقها على الشنطة لتكون مثل الأصلية.

وبسؤال صاحب المصنع عن جودة الخامات وسعرها، قال إن الخامة تكون متوسطة ويمكن استهلاكها لمدة كبيرة، بالإضافة للشبه الكبير بينها وبين الأصلية من حيث الألوان؛ لإقناع الزبون بجودة المنتج، والتوفير على التاجر لأن عملية التنصيع من خلال مواد خام عالية الجودة سيكلفه كثيرًا، موضحًا، أن سعر الشنطة ما بين 60 إلى 80 جنيهًا، ويبيعها التاجر بضعف الثمن بعد أن تحمل العلامة التجارية الأصلية.

أبرمنا اتفاقا ثالث، أدعينا خلاله أننا نمتلك مصنع ملابس ونريد شراء كمية منها تحمل ماركات العلامات التجارية الشهيرة. في منطقة الأمريكان بمدينة 6 أكتوبر التابعة لمحافظة الجيزة كان الاتفاق مع أحد المطابع التي اشتهرت بتزييف العلامات التجارية لكل أنواع الملابس الحريمي والرجالي.

بحسب الاتفاق المسجل، فالمطبعة تستنسخ الصور الأصلية للماركات الشهيرة في بيع الملابس بسبب الأسعار المرتفعة لتلك الماركات في السوق المصرية، فقال صاحب المطبعة: "أنا عندي نوعين من طباعة اللوجهات طباعة تقليدية طباعة حرارية، وكل نوع على حسب سعره".

وأشار إلى أن الطباعة الحرارية تستخرج المنتج كما لو كان أصليا أما التقليدية فتكون مختلفة بعض الشيء عن اللوجو الأصلي، مبينًا أن السعر يختلف حسب عدد جملة التاجر، فالمتر يكلف 70 جنيهًا أي مايعادل عدد 100 لوجو يتم طبعهم على الملابس أو عن طريق الكوي حسب نوع الخامة.

المغامرة الأخيرة، كانت من أجل استخدام ماركات شهيرة لشركات معروفة بإنتاجها غسول للشعر والكريمات المرطبة، على منتجات مقلدة ورديئة الصنع، وتزييف علامتها التجارية عليها. داخل المطبعة وجدنا جراكن كبيرة الحجم داخلها محلول كيميائي يستخدم لتنظيف الشعر، يقوم العمال بتجميعها في في عبوات أخرى تحمل العلامة التجارية المزيفة، ومن ثم بيها إلى التاجر ومنهم إلى المستهلك في الأسواق المصرية.

معدا التحقيق اتفقا مع صاحب المطبعة على شراء كمية كبيرة من المستحضرات المغشوشة، بشرط أن تكون داخل عبوات تحمل علامات تجارية شهيرة حتى يتم بيعها بأسعار غالية، بعدما أكد لنا أنه علامة التجارية المزيفة التي يطبعها على المنتج تكون كالأصلية لا فارق بينهما، ولا يشعر المستهلك أن المنتج مقلد بسبب تلك العلامة التجارية الشهيرة.

◄ من المسؤول؟

أغلب تلك المطابع التي تقوم بتزييف العلامات التجارية غير مرخصة، رغم تحديد وزارة التنمية المحلية لعدد من الشروط لترخيص المطابع والمحلات التجارية، ورغم ذلك تنتشر أعمال تلك المطابع غير المرخصة دون رقيب.

يقول أمجد عامر، خبير التنمية المحلية، واستشاري الإدارة المحلية، إن المسؤولية الأولى تقع على الجهات الرقابية، التي لا تحكم قبضتها على المطابع غير المرخصة وتقوم بأعمال مخالفة للقانون، موضحًا أن تلك الجهات هي إدارات التفتيش بالمحافظات، التي يجب عليها متابعة مصدر تلك المنتجات.

يضيف: "كذلك إدارة التفتيش البيئي بوزارة البيئة لها دور بالتعاون مع أجهزة الشرطة، وإدارة التنمية المحلية ووزارة الصحة، في الرقابة والتفتيش على منتجات الأرصفة وشن حملات على البائعين حتى يتم ردع المخالفين للقانون والمتسببين في أي ضرر للمستهلك".

ويوضح لـ"الدستور" أن تلك المنتجات المغشوشة تسبب ضررا صحيا للمستهلك؛ نتيجة انخداعه في العلامة التجارية المزيفة، أو ماديا فيشتري المنتج بمبالغ باهظة ظنًا منه أنه أصلي ويحمل العلامة التجارية الأصلية، رغم أنه يتم تصنيه وتجميعه في "بير السلم" لغش المستهلك والتربح من ورائه.

◄ الاستيراد كلمة السر في تزييف العلامات التجارية

الدكتورة سعاد الديب، رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك، تقول إن تزييف العلامات التجارية أمر لا يمكن السيطرة عليه بشكل كامل؛ لكون معظم الصناعات المصرية مستوردة من الخارج، وهو ما يغري المستهلك تجاه أي منتج مستورد دون التأكد أن كان أصلي أم مزيف.

"الغش في المنتجات ليس بالعلامة التجارية فقط، ولكن أرقام التشهير أيضًا يتم تزييفها"، بحسب الديب، التي أضافت: "لاسيما أن معظم الصناعات يتم استيراد مكوناتها الخام؛ ما يدفع بعض المصنعين إلى اللجوء لطرق أسهل وأكثر ربحًا باستخدام مواد خام رديئة وتزييف علامتها التجارية".

وفقًا لرئيس جمعيات حماية المستهلك، فإن الغلاء الذي مرت به مصر خلال الفترات الأخيرة ساعد على ذلك، ودفع البعض إلى تقليد المنتجات الشهيرة دون النظر للأضرار المادية والصحية التي يتكبدها المستهلك، مشددة على ضرورة تغليظ عقوبة تزييف العلامات التجارية حتى يتم يردع التجار والمصنعين.