رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الحياة من رحم الموت».. «الدستور» في شوارع قرى ومدن شمال سيناء (معايشة)

احمد عاطف
احمد عاطف

عامان بالتمام والكمال منذ أن وقفت بقدمي على أطلال مبنى مهجور في شمال سيناء، وسط حالة من الذهول عن مستقبل هذه الأرض، الذي حاول المُفسدون تخريبها بعد طرد الإرهابيين منها، علمت فيما بعد أن هذا المبنى كان لمدرسة نسفها تكفيريون بعبوات ناسفة ومتفجرات وحاولوا احتلالها.

الآن أقف أمامها مجددًا وأعجز عن تذكر ملامح دمارها، بعدما أًعيد تشييدها من جديد على أحدث مستوى ومسجل بها نحو 275 طالبًا بكل مراحلها التعليمية من الروضة إلى نهاية المرحلة الابتدائية، وأطلق عليها اسم أحد الشهداء من المدنيين من أهالي المنطقة الذي لقي حتفه على يد الإرهابيين.

يظن كثير من المراقبين للأوضاع في شمال سيناء، أن الأهالي هناك يعيشون بين قاتلين هما خطر الإرهاب وخطر فيروس كورونا، لكن الحقيقة كانت بالنسبة لي غير ذلك تمامًا، وهو ما ذهبت لأراه بعيني وأوثقه بعدستي.

عندما تجولت في مدن وقرى شمال سيناء، بدءًا من العريش مرورًا بالشيخ زويد ورفح في رحلة استمرت يومين كاملين، وبدت تنبض بالحياة لدرجة أنني ظننت بعد فترة من تجوالي في الشوارع والمقاهي والأسواق أنني لست في سيناء التي تحاول قنوات جماعة الإخوان الإرهابية تصويرها على أنها خارج التغطية وأن أهلها يعانون الأمرين، لكني شعرت وبصدق كأنني في القاهرة بزحامها وضجيجها.

دخلت شمال سيناء وعيناي تراقبان أسراب الطيور من السيارة التي كنت أستقلها، أبواق السيارات وأجراس الدراجات، وضجيج الدراجات البخارية والشاحنات التي تدخل وتخرج من الأنفاق والمعديات، مشاهد كفيلة أن تعيد أنظار العالم إلى هذا المكان.

دخلتُ شمال سيناء ومُفكرتي متخمة بالأسئلة الشائكة.. كيف يعيش الأهالي الآن؟ كيف يواجهون كورونا القاتل؟ ما نتيجة كل العمليات العسكرية التي فقدنا فيها أعز ما نملك من رجالنا وشبابنا؟ كيف استقبلوا عامهم الجديد وما أمنياتهم؟ ماذا عن الخدمات الصحية والتعليمية؟ وأين ذهب الإرهابيون؟

تنقلت بين مدن وأزقة شمال سيناء وكذلك بين وديانها الصحراوية، بينما كانت كلمات فيلسوف الجغرافيا الراحل جمال حمدان عن سيناء بأنها «ليست مجرد صندوق من الرمال كما يتوهم البعض وإنما هي صندوق من الذهب»، ووصفه المدهش لهذه البقعة من أرض مصر بأنها «تبدو كثقل مُعلق، أو كسلة مدلاة على كتف مصر الشرقي، فى أقصى الشمال، ولا تلتحم بها إلا بواسطة برزخ السويس»، رأيت أمنياته تتحقق وتمنيت لو أنه بصحبتي الآن، لنترك عيوننا تراقب شاحنات البضائع واللواري تدخل وتخرج وعمال بجلاليب كان يؤرقهم الانتقال من جهة لأخرى لكن الآن أصبحوا يتحركون بحرية كاملة بفضل الأنفاق الجديدة والمدن الجديدة، التي وفرت لهم العمل وكسب لقمة العيش، النساء والفتيات والأطفال يتحركون بكل حرية وعائلات تفترش بعض الميادين للترويح عن أنفسهم.

في كل شارع داخل المدن الثلاث (العريش –الشيخ زويد – رفح)، يمكن الإحساس بشعور الناس بأنهم لا يحاولون استعادة ما تبقى من متعلقاتهم، بل يريدون التخطيط لمستقبلهم أيضا، هنا يعيد بعض الأشخاص بناء حياتهم على الرغم من المصاعب والتحديات الهائلة، وهذه إشارة واضحة تستحق الثناء لقدرتهم على الصمود.. أعرف هذه المدن جيدًا قد زرتها مرات عديدة قبل أن يحاول الإرهابيون تخريبها، لكن مشاهد الحياة هنا جديرة بأن تجعلك لا ترى إلا مستقبلا يحاول كثيرون بناءه.

وداعًا لـ«التوك توك»
كان المشهد مبهجًا للغاية، هنا سيناء التي يظن البعض بأن المعيشة بها صعبة وبالتحديد أمام مبنى محافظة شمال سيناء في العريش، حيث اصطفت 18 سيارة فان صفراء اللون، وتجمع عدد من المواطنين وذووهم بحضور بعض المسؤولين هناك، في مبادرة هي الأولى من نوعها بالمحافظات المصرية، فقد فتحت المحافظة تواصلًا مع مالكي «التوك توك» - الذي كان ولا يزال صداعًا في رأس الدولة، لأنها بمثابة قنابل موقوتة متنقلة يُرتكب بها كل أنواع الجرائم الجنائية والإرهابية- لتسليم الرخص الخاصة بهم للمحافظة والمشاركة في مبادرة «المشروع القومي للتنمية البشرية والمجتمعية والمحلية» (مشروعك) بالاشتراك مع البنك الزراعي وبتنسيق مع المرور والسيرفيس في المحافظة.



هناك التقت «الدستور» سلمي أحمد حماد، 24 عامًا، أحد المستفيدين من تلك المبادرة، حيث جاء لاستلام سيارة بعدما سلم التوك توك الخاص به ورخصته، وقال إنه دفع 37 ألف جنيه فقط وسيتم تقسيط باقي الثمن بواقع 2300 جنيه شهريًا، موضحًا أن السيارة سعرها الإجمالي 180 ألف جنيه.

وأوضح «سلمي» أن هذه المبادرة جعلت الشباب في شمال سيناء يبادرون بالتواصل مع المحافظة، لأن الكثير منهم لم يكن يحلم بأن يمتلك سيارة بهذا السعر وفي هذا التوقيت أيضًا، مشيرًا إلى أنها ستساعدهم على أن يؤمنوا «أكل عيشهم» هم وأسرهم وبشكل آمن تحت أعين الحكومة وبكافة التسهيلات، كما أنها ستحول شكل مدن سيناء لأماكن حضارية وليست عشوائية.


على بوابات مستشفى العريش العام
على أبواب مستشفى العريش العام، كانت الكمامات علامة ميزة لكل من يدخل ويخرج منها، ما أن دلفت داخلها وتحدثت لموظف التذاكر، الذي قال إنه في اليوم الواحد يصل عدد رواد المستشفى ممن يترددون ويوقعون الكشوفات الطبية ويتلقون الخدمات إلى نحو 1000 فرد، موضحًا أن الكشف في المستشفى مجاني دون أي مقابل، فيما أن الاشعات والتحاليل بأسعار رمزية جدًا، لافتًا إلى أن مصابي كورونا الذين يُكتشف إصابتهم لا يتكلفون مليمًا واحدًا، كما تم تخصيص مبنى كامل للعزل لهم مجهز بكافة الأدوات والخدمات.
التقت «الدستور» أيضا الدكتور أحمد منصور مدير مستشفى العريش العام، الذي أوضح أن الدولة كانت حريصة في تجهيزات المستشفى على ألا ينقصها أي تخصص أو خدمة لكي لا يضطر أهالي شمال سيناء إلى قطع مسافات طويلة لتلقي العلاج، لذلك تم انتقاء عناصر طبية وفنية وتمريضية من كافة الجامعات المصرية.

وأشار الدكتور منصور إلى أن المستشفى يشمل كافة الخدمات الطبية وأشعات الرنين المغناطيسي، وكذلك به التخصصات النادرة كجراحات المخ والأعصاب وحضانات الأطفال وغسيل الكلى.

وكشف مدير مستشفى العريش العام لـ«الدستور»، عن أن أعداد إصابات كورونا في شمال سيناء منخفض جدًا بالمقارنة بالقاهرة والمحافظات الأخرى، لطبيعة الأرض وبعد المسافة، لافتًا إلى أن المحافظة وضعت إجراءات احترازية لمنع تسلل الفيروس، منها فحص طبي لجميع حالات الوصول للمحافظة عبر 5 بوابات رئيسية يجرى المرور عبرها، وتسجيل بيانات الوافدين الجدد، وتجهيزات مسبقة لأماكن عزل وحجر صحي لأي احتمال لتسلل الفيروس.


أين ذهب سماسرة الحرب؟
رائحة الطعام النفاذة، و صخب الباعة، وأدخنة المخابز،  تقودك دون أن تدري لتجد نفسك داخل سوق الرفاعي، التي تعج بالباعة وكافة أصناف الخضروات والفواكه والأسماك واللحوم، وبالطبع تعج بالزبائن من أهالي العريش.

بابتسامات رقيقة تحدثت إحدى الأمهات ممن وقفن على فرشة خضار لـ«الدستور»، قائلة: «الخضار عندنا أرخص من عندكوا في القاهرة.. اتسوقوا وانتوا مروحين»، مشيرة إلى أنها لم تكن هي وأولادها بإمكانهم الخروج لهذه السوق في سنوات ماضية، لكن الوضع الآن آمن ومستقر تمامًا والخروج والدخول والتجول أصبح عاديًا.

تنقل «محرر الدستور» من فرشة لأخرى، ومن بائع لآخر، في محاولة لاكتشاف أسعار الفواكه والخضروات والأسماك، فهنا محل الحج «أبوعودة» الطماطم بـ4 جنيهات والخيار بـ8 والباذنجان بـ 4، فيما كان سعر أسماك الدنيس 40 جنيهًا.


يقول «أبوعودة» إنهم يأتون بالخضروات في سوق الرفاعي عن طريقين أولهما سوق العبور في القاهرة أو من مزارع جلبانة القريبة منهم، مشيرًا إلى أن حركة البيع والشراء تسير بشكلًا عاديًا لكن ظروف كورونا بالتأكيد تحد من الرواج، مضيفا: «بس بترزق واحنا عايشين كويس الحمد لله دون أي مضايقات أو تهديدات».

قررنا البحث عن سماسرة الحرب، الذين كانوا يستغلون المواجهة الأمنية مع الإرهابيين ليشعلوا نار الأسعار و يبيعون بأسعار مضاعفة عن الحقيقية، وتحدثنا لأكثر من زبون من المترددين لكن أحدًا لم يشك من شىء، والتقينا علاء سمري مدير عام تموين شمال سيناء، الذي أكد أنه يتم عمل محاضر لأي مخالف أو حتى من يغالي في الأسعار بشكل حاسم، لافتًا إلا أنهم وقعوا نحو 147 محضرًا تموينيا خلال الشهر الماضي متنوعة بين انتهاء صلاحية أو مخالفة أسعار أو مجهول المصدر.


بابا نويل في ميدان العريش
عندما التقيت أحد شباب سيناء منذ نحو 6 سنوات مع قرب احتفالات نهاية العام، وكان الوضع حينها في شمال سيناء لا يزال متأزمًا، قال: «سيناء تحتفل بالكريسماس لكن على طريقتها الخاصة، حيث تضاء السماء بالقنابل الضوئية، وتحل أصوات الرصاص التي تطلق بين الحين والآخر بديلًا عن الألعاب النارية»، أعود الآن لألتقي نفس الشاب خاصة وأنه أحد العاشقين لمقر معيشته في سيناء، لكنه أشار بيديه قائلًا إن الوضع تغير بالكامل والآن مع عودة الأمن والاستقرار والحياة لطبيعتها العادية أصبح بإمكاننا أن نجلس على المقاهي ونجهز هدايا أعياد الميلاد.

بابا نويل في زيه الأحمر الشهير، كان يقف بميدان العريش وأطفال صغار يقفون مشدوهين على عرض نماذجه المصغرة بالمحلات التجارية التي بدت وكأنها في دولة أوروبية.

ولم تخلو المدينة من المارة طوال الليل والأضواء تزينها وكأنها قطعة تم صناعتها بأنها أغلى ما في الشرق، تحدثت «الدستور» لحسين محمد صاحب محل «مودي» للهدايا والألعاب الذي وضع عددا كبيرا من نسخ مصغرة لبابا نويل أمام المحل بالشارع التجاري المتفرع من ميدان الرفاعي، الذي أوضح أنه أراد ألا يحرم أطفال وشباب وبنات العريش من بابا نويل، لافتًا إلى أن رسالة بابا نويل هذا العام تؤكد على عودة الحياة مجددًا بل واستقرارها لأقصى الدرجات، والدليل هو العائلات التي تسير بكل أريحية في الشوارع والميادين.

ويضيف لـ«الدستور» أن الاحتفال بالكريسماس سيختلف كثيرا هذا العام بالنسبة للأقباط، لا سيما مع عودة بعض العائلات، لشعورهم بالأمان والاستقرار مع الحنين لمنازلهم التي كانت مهددة بالماضي من الجماعات المتطرفة.

داخل مدينة العريش الشوارع لا تخلو من بيع أشجار رأس السنة، وأقنعة بابا نويل، لكن الإقبال على شرائها متوسط من قبل المواطنين بالطبع بسبب حصار كورونا.
116 ألف وجبة مدرسية تخرج من هنا
«خلية نحل وعاملون من أصحاب البالطو الطبي الأبيض ومعقمات ورائحة زكية لشطائر ساخنة تعبئ رائحة الجو».. لم تكن تلك المشاهد من فيلم سينمائي عن المأكولات والمطابخ العالمية، لكنها للمركز المتطور للتنمية والتغذية المدرسية (مصنع الوجبات المدرسية) التابع لديوان وزارة الزراعة في شمال سيناء، الذي ينتج ويوزع نحو 116 ألف وجبة يومية على المدارس هناك.

خلال جولتنا داخل المركز واصطحبنا فيها مدير المصنع هاني الشابوري، قال لـ«الدستور» إن المصنع ينتج الوجبات حسب البروتوكول الموقع مع وزارتي الزراعة والتربية والتعليم، موضحًا أن المصنع يوفر نحو 150 فرصة عمل يومية، ويتم توزيع الوجبة طازجة على المدارس المستهدفة على مستوى المحافظة، لكنها معطلة الآن بسبب جائحة كورونا.

وبحسب المعلومات التي حصلنا عليها، فإن المصنع يقدم وجبة صحية غذائية طازجة وآمنة للتلاميذ تساعدهم على رفع القدرة الإدراكية والتركيزية وتحقيق النشاط والصحة البدنية والذهنية، وتعمل على زيادة مستوى التحصيل الدراسي للتلاميذ وتنمية قدراتهم الإدراكية، وكذلك تساعد في الحد من التسرب من التعليم.

مدير المصنع قال، إن الطاقة الإنتاجية تصل إلى 90 ألف وجبة غذائية يوميا، وهي مطابقة لكافة المواصفات والعناصر الغذائية اللازمة، حيث يتم سحب عينات يومية لتحليل الخامات والمواد المستخدمة في الإنتاج للتأكد من صلاحيتها للاستهلاك ومطابقتها لكافة المواصفات عن طريق مفتشي الصحة والتموين والأغذية والرقابة التموينية وغيرها من الجهات المعنية.


حي العبور.. الإسكان الاجتماعي بـ100 جنيه فقط
على أطراف العريش، تجولنا داخل كومباوند سكني بدا مأهولًا بالسكان، عرفنا أن اسمه «حي العبور» وتم تسليمه لأهالي الشيخ زويد ورفح القاطنين في العريش، وبلغ عدد وحداته 288 شقة بمواصفات قياسية كاملة المرافق والتشطيب، وتعتبر هذه الوحدات السكنية هدية الرئيس عبدالفتاح السيسي، للأهالي في محافظة شمال سيناء.

وقال أهالي حي العبور لـ«الدستور»، إنه تم تخصيص الوحدات السكنية لهم بنظام الإيجار الشهري المعروف بـ«الاستضافة»، حيث ستتحمل المحافظة مبلغ 325 جنيها من صندوق الإغاثة الفرعي لكل وحدة سكنية، بينما يقوم المواطن بدفع مبلغ 100 جنيه شهريا نظير الصيانة.

وحسب الأهالي فإن الشقة الواحدة تتكون من 3 غرف وصالة وحمام ومطبخ، وتصل المساحة لكل وحدة سكنية 90 مترا مسطحًا، ومدرسة تعليم أساسي وأسواق تجارية داخل الموقع، ومسجد وحضانة وملاعب رياضية.

وقال المسؤولون عن الحي، إنه يستهدف أهالينا المتضررين من العمليات الإرهابية، والشقة بـ100 جنيه فقط شهريا لـ1551 شقة، وكان هناك تركيز على الأرامل لأن هناك عددا كبيرا استشهد جراء العمليات الإرهابية في سيناء.

بالتأكيد فإن إقامة العديد من المشروعات التنموية بسيناء وتعود بالنفع على أبناء سيناء في مجالات البنية التحتية والطرق ومحطات تحلية المياه وإنشاء المدارس والمجمعات.


الصالة المغطاة.. مباراة كرة قدم شبابية تعيد الحياة
بأجسادهم القوية ومهاراتهم الملحوظة أجرى فريقان من الشباب مبارة كرة قدم، بعدما أجروا تمرينات خاصة باللياقة البدنية، وجلس «محرر الدستور» في استراحة المشاهدين ليلمح أحد الشباب يهتف «إلعب يا نجم»، وبعد المباراة جلست معه منفردًا وتحدثت إليه عنه وعن أحلامه.

«إيهاب» شاب في مطلع العشرينات، لم يتردد في قول حلمه «نفسنا الناس تشوفنا.. هيطلع مننا محمد صلاح وبندعيه ييجي يزورنا.. شوفونا واحكموا علينا».

ويضيف «إيهاب»: «ألعب كرة القدم من 10 سنوات على أمل أن يكتشفني أحد الأندية خاصة أن الوضع أصبح آمنًا في شمال سيناء، وأصبحت لدينا القدرة على التنقل والدخول والخروج من مدينة العريش»، مقدمًا الشكر للقائمين على من نفذ وأدار صالة مغطاة بالعريش للألعاب الرياضية لأنها على حد وصفه «أبقتهم أحياء».

لاعب آخر، قال إن ميزة الصالة المغطاة في أنها تقع بقلب مدينة العريش، ووفق آخر المستجدات ويخدم موقع اللاعب والجمهور والمحكمين والمعلقين والمتابعين.

وحسب مسؤولي الصالة، فإنها تتسع لعدد 2000 شخص، ويستفيد منها أيضًا طلاب كليات ومعاهد ومناطق رياضية واتحادات وأندية وغيرها، لا سيما أنها أقيمت على مساحة 14 ألف م٢ بمنطقة الواحة بالعريش بتكلفة تزيد على 92 مليون جنيه.

أحد المدربين توقع أن يكون هذا المشروع فاتحة خير على المحافظة رياضيا، وأن تجرى على أرضها قريبا بطولة دولية في كرة القدم الخماسية، مشيرًا إلى أن الصالة تضم مجموعة من الصالات الرياضية والملاعب المختلفة، وصالة استقبال لكبار الزوار، وملعبا متعددا الأغراض لكرة القدم الخماسي والكرة الطائرة وتنس الطاولة والسلة واليد والمصارعة والجمباز وغيرها من الألعاب المختلف، غرفا لخلع الملابس، غرفا واستراحات للحكام، غرفا إدارية وأخرى للبث التليفزيونى والإذاعي، غرفة للطبيب، مركزا للمؤتمرات وآخر للمعلومات ومركزا إعلاميا، وموقفا كبيرا للسيارات.


هنا الشيخ زويد.. الحياة من رحم الموت
دموعنا كانت تنهمر دون أن نقول شيئًا من هول مشاهد الدمار، ما أن انطلقنا في طريقنا من العريش إلى الشيخ زويد، ما فعله الإرهابيون ومحاولاتهم في أعوام ماضية للمدنيين وبيوتهم كانت جديرة بتحويلها لمدينة أشباح لا لمكان يسكنه البشر لا يختلف كثيرا عن بعض الدول التي ما زالت في براثن الأذى بمنطقتنا العربية.. المنازل وواجهاتها على أطراف المدينة وعلى مشارفها لا تخلو من أثر القذائف والرصاص، لم نرفع هاماتنا أو نمسح دموعنا إلا عندما رنت عيوننا على ميدان الشيخ زويد، حيث يرفرف العلم المصري خفاقًا شامخًا أعلى مجلس المدينة والمدارس المجاورة لها التي ضجت بالطلاب وبابتسامات الأهالي لعودة الحياة لها ولضجيجها وصخبها المستمر.

في الشارع المجاور لمجلس مدينة الشيخ زويد، التقت «الدستور» مجموعة من العائدين إلى منازلهم، وعلى الرغم من أن بعض منازلهم أصبحت خاوية على عروشها بلا كهرباء أو مياه أو حتى أثاث من آثار المواجهات الماضية في الأعوام الماضية بين الأمن والإرهابيين، إلا أن سعادة العودة لمنازلهم جعلتهم في حالة مُرضية للغاية.

«محمد» عامل بمسجد هناك، قال: «لو كومة من الرماد.. البيت بيت.. البيت وطن.. البيت دفا وجدر ما يتقطعش بجيرة الحبايب والعيلة».

وأضاف واصفًا معيشته الآن هو وجيرانه: «كنا لا نخرج من منازلنا في الماضي وتركناها مع اشتداد القتال بين الجيش والمجموعات الإرهابية وخرجنا لبعض المحافظات الأخرى، والآن بعد أن استقرت الأمور الأمنية وعادت الحياة عدنا معها من جديد، بالتأكيد لدينا صعوبات في انقطاع الشبكات لكن لدينا كل شىء آخر من كل صنوف الطعام والشراب والإنارة والمياه وأولادنا يذهبون للمدارس ويخرجون للعب في الشوارع آمنين، وهذا يكفينا في الفترة الحالية، خاصة أن السلطات التنفيذية هنا تعكف ليل نهار على مشاريع تنموية ستنقلنا خلال الفترة المقبلة لحياة كريمة».

على بعد خطوات، كان لقاؤنا مع الشيخ عبدالباسط خريشان أحد مشايخ زويد، الذي قال إن الشيخ زويد «مدينة عادت من الموت» بفضل بسالة الجيش والشرطة ورجالها الوطنيين، عدنا لزراعة أراضينا من جديد ومع هذه الزراعة عاد الأمل لكل الفلاحين هنا، لافتًا إلى أن المصريين أو الأجانب الذين يظنون أننا هنا نعيش وضعًا بائسا عليهم أن يزورونا ويروا كم الخيرات التي لدينا عن العاصمة لدرجة أن الخضروات والفواكه سعرها أرخص بنصف الثمن، وكل شيء هادئ إلى حد السكينة.

على أبواب مجلس مدينة الشيخ زويد، التقينا طارق عادل رئيس مجلس المدينة، الذي كشف عن جهود التنمية والمشروعات الجديدة بالشيخ زويد، وبدأ حديثه بأن المدينة يقطنها 33 ألف مواطن يتمتعون بكافة الخدمات اللوجستية من تموين وخضروات وكهرباء ومدارس ووقود ومياه شرب وصرف بشكل يومي.

طارق أضاف لـ«الدستور»، أنه تم افتتاح محطة لتحلية مياه البحر تعمل بطاقة 5 آلاف متر مكعب في اليوم على ساحل البحر بالشيخ زويد بقيمة 100 مليون جنيه، مشيرا إلى وجود 6 محطات مياه أخرى بالشيخ زويد لتوفير احتياجات المواطنين من مياه الشرب.

وأوضح أنه تم الانتهاء من مشروع خط كهرباء مدينة الشيخ زويد بجهد 22 كيلو فولت، وساعد على إنهاء مشكلة الكهرباء في المدينة والأحياء التابعة لها وحقق للأسر احتياجاتها من المياه عن طريق محطات التحلية التي تعتمد في تشغيلها على الكهرباء.

ولفت مدير مركز ومجلس المدينة الذي اصطحبنا في جولة لحديقة الكوثر بالشيخ زويد، وقال إنها تكلفت 2.5 مليون جنيه، وتضم مناطق خضراء وألعاب للأطفال ومبنى إداريا، لتكون متنفسا للمواطنين فى هذا الحى الذي وصفه بأنه كان مسرحًا للعمليات الإرهابية منذ زمن مضى، لذلك تم اتخاذ القرار بتحويله لهذا المشهد البديع في رسالة واضحة بأنهم كانوا يخربون لكننا نحاربهم بالتعمير والتنمية.


في حي الحمايدة.. البنات تكتسح الأولاد
بعد نحو نصف الساعة، وصلنا إلى الأحياء المجاورة لمدرسة الحمايدة للتعلم الأساسي، والتقت «الدستور» أهالي قبيلة الحمايدة التي تبرعت بالأرض لصالح إنشاء تلك المدرسة، وسألت الأبلة هناء كما يناديها أهالي المنطقة، عن الفكرة السائدة عن الشيخ زويد وسيناء في العموم بأن القبائل هنا لا تشجع تعليم الفتيات وأن مكانها المنزل والزواج، لكن ردها كان مفاجئًا لا سيما أنها أوضحت أن هذا الأمر قد تغير تمامًا بل أصبح العكس في ذلك، لدرجة أن عدد الفتيات بالمدرسة المجاورة لشارعهم – لكنها معطلة الآن بسبب تعطيل الدراسة إثر جائحة كورونا- يصل لأكثر من 60% من الطلاب، كما أن المدرسات في المدرسة يمثلون 90% من طاقم التدريس.

وأشارت «أبلة هناء» إلى أن الوعي والفكر لدى السيناويين تغير تمامًا عن الماضي، بل أدركوا أن التعليم يواجه الفكر المتطرف، مشيرة إلى أنها خير دليل على ذلك لأن أسرتها علمتها وجعلتها تحصل على ليسانس جامعي، وكذلك معظم الأحياء المجاورة لها، كما أن نسبة تعليم الفتيات أكثر من الذكور فى أحياء «بحبوح، الكوثر، الحمايدة، وغيرها».


سوق الثلاثاء.. حادث مأساوي وخزان عملاق لحفظ مياه الأمطار
«سوق الثلاثاء» بالشيخ زويد، كما قال لنا الأهالي هناك، تعد من أهم وأكبر الأسواق الشعبية التي تنعقد أسبوعيا في ساحات مفتوحة، وفيها يبيع تجار الخضروات والملابس والسلع بضائعهم على المشترين يحضرون للتزود بمتطلباتهم الغذائية أسبوعيا من مختلف أنحاء المدينة والمناطق المجاورة لها.

وهي نفس السوق التي شهدت حادثا إرهابيا في أبريل 2019، عندما فجر انتحاري يبلغ من العمر حوالي 15 عاما نفسه بالقرب من قوة أمنية في مدخل السوق، ما أسفر عن استشهاد ضابطين وفرديْ شرطة، فضلًا عن استشهاد ثلاثة مواطنين أحدهم طفل يبلغ من العم 6 سنوات، بالإضافة إلى إصابة 26 آخرين.

خلال تجول «الدستور» بداخلها بدت حركة ورواج البيع والشراء واضحة مع وجود بعض الزحام فيها على السلع والخضروات والفواكه واللحوم، لا سيما أن هذا الميدان كان يتعرض لكارثة مع كل شتاء محملًا بأمطار غزيرة فيغرق السوق بكل ما فيها وتكسد البضائع، ويتم إغلاقها مؤقتًا لحين سحب المياه، لكن الآن تم إنشاء خزان مياه عملاق لحفظ مياه الأمطار التي تتجمع بساحة السوق.

وتقدر مساحة سوق الثلاثاء بنحو 20 ألف متر أرض، بخلاف أكثر من 100 محل تحيط السوق من 3 نواح، يتوسطها مسجد جرى بناؤه مؤخرا يسمى مسجد السوق، يكتظ بالمصلين يوم الثلاثاء لوجود الباعة الجائلين والغرباء وأيضا من سكان وسط المدينة القريبين من منطقة السوق.

ويوجد بأطراف السوق الشرقية المعهد الأزهري للتعليم الأساسي، وأيضا مركز الشباب ونادي الشيخ زويد الرياضي ومولد الكهرباء الرئيسي الخاص بمنطقة وسط المدينة، وتُباع في السوق جميع البضائع مع الباعة الجائلين، كما تعد ملتقى للعائلات وتناقل الأخبار، حيث يأتي إليها أغلب سكان القرى للتبضع وشراء حاجات الأسبوع بأكملها من خضروات وفاكهة ومواد غذائية.

«الدستور» داخل مدينة قال عنها السيسي «الإرهابيون كانوا يسعون لأن تظل خاوية».. الطريق إلى رفح الجديدة.. الحلم الذي حاول الإرهابيون هدمه

كانت مدينة رفح الجديدة هي مقصدنا ووجهتنا الأخيرة خلال رحلة دامت ليومين فى شوارع أرض الفيروز ومدنها العتيقة، «رفح الجديدة» هذا المشروع العملاق الذي بدت ملامحة بمجرد أن اقتربنا من الطريق الدولي، وما أن وطأت أقدامنا أرض المدينة لم نجد سوى خلية نحل من العمال والمهندسين والمقاولين، أصوات اللوادر والخرسانات وسيارات النقل تسيطر على المشهد، فيما يسيل العرق من العمال الذين هم من أهالى سيناء وخارجها.

أحد المهندسين المدنيين العاملين في المشروع، وهو شاب في نهاية العشرينات من عمره، قال إن هذا المشروع وفر فرص عمل لأكثر من 12 ألف عامل من الأهالى، لافتًا إلى أن كثيرًا من العمال قد استشهدوا فى هجمات إرهابية فى الماضي عندما حاولت الجماعات المتطرفة إيقاف العمل واستهداف العمال والمقاولين لتخويفهم ومنعهم من العمل لكن الذي حدث جعل العمال يكدون أكثر ويتحدون ضد هؤلاء الإرهابيين وانجزوا المرحلة الأولى واقتربوا من الانتهاء من المرحلة الثانية.

ويبلغ العدد الإجمالي للوحدات في رفح الجديدة: 10.016 وحدة سكنية (625 عمارة)، مقسمة على عدة مراحل الأولى منها 216 عمارة سكنية (3456 وحدة) – 200 منزل بدوي، والثانية من رفح الجديدة: 410 عمارات سكنية (6560 وحدة) – 200 منزل بدوي، فيما تبلغ مساحة الوحدات السكنية في رفح الجديدة 120 مترا وتصل إلى 300 متر.

أما المهندس خليل، وهو أحد العاملين في المشروع، فأكد أن مراحل العمل القائمة حاليا فى مدينة رفح الجديدة هى بناء 688 وحدة سكنية تتوزع على 43 عمارة جديدة، وأنه جار بالتزامن مع الإنشاءات الجديدة العمل فى تنفيذ شبكة التغذية بالمياه والصرف الصحى للموقع العام للعمارات، لافتًا إلى أنه من المقرر الانتهاء خلال فترة وجيزة من أعمال الإنشاءات الجديدة لتضاف لما سبق الانتهاء من تشطيبه من إنشاءات سكنية فى المدينة الجديدة ليصل إجمالى عدد العمارات 84 عمارة، كل منها مكونة من دور أرضى وثلاثة أدوار عليا بإجمالي عدد شقق 1344 وحدة سكنية بمساحة 120 مترا مسطحا لكل شقة، بالإضافة إلى الشروع فى إنشاء 7 مبان خدمية وحضانات، وإنهاء أعمال التشطيبات للمباني الخدمية، وتوصيل خط المياه الرئيسي لتغذية المشروع، والتنسيق لتنفيذ محطة معالجة الصرف الصحي للمدينة.

وبحسب أحد المسؤولين في موقع العمل، التقته «الدستور»، فإن مدينة رفح الجديدة هي الأحدث في مصر وهي من المدن الجديدة التي تنشئها الدولة من خلال هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وأنشئت لاستيعاب سكان مدينة رفح، وتقع إنشاءات المدينة على مساحة 536 فدانا على الطريق الدولي رفح العريش عند منطقة الوفاق.

ومن المقرر وفقا لمخطط المدينة إنشاء 400 بيت بدوي على مساحة 130 مترا + 150 مترا وسُوَر، ومنطقة خدمات مركزية تشمل مباني خدمية للمدينة منوعة ما بين تجارية رياضية تعليمية، ومحطة بنزين ومخبز ونقطة شرطة ونقطة مطافئ وسنترال وبريد وخلافه، فضلًا عن مقرات خدمية منوعة على مساحة 500 في 1500 متر غرب المدينة، لافتا إلى أن بناء مدينة رفح الجديدة يعد إضافة عمرانية فى محافظة شمال سيناء تضاف لمشروعات إسكان متعددة بعضها تم الانتهاء منها فى مناطق العريش وبئر العبد ووسط سيناء، وأخرى يجري العمل فيها.

وسبق أن أعلن اللواء عبدالفضيل شوشة، محافظ شمال سيناء، أن ضوابط تسليم الوحدات السكنية في مدينة رفح سيتم الالتزام بها بتسليم أهالي وسكان رفح الذين اضطرتهم ظروف الحرب على الإرهاب لترك أماكنهم لهذه الوحدات التى صممت لتناسب طبيعة أهالى المنطقة، فهي عمارات سكنية ووحدات إسكان بدوية بها مساحات كافية، فضلا عن توفير كل خدمات المرافق الضرورية واللازمة.

وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي، أعطى في 1 مارس 2018 إشارة البدء فى إنشاء مدينة رفح الجديدة، ومدينة سلام مصر، فى محافظة شمال سيناء، عبر الفيديو كونفرانس على هامش تدشينه المرحلة الأولى من مدينة العلمين الجديدة.

وقال الرئيس فى هذا اللقاء، إن مدينة رفح الجديدة كان مخططا تنفيذها منذ 3 سنوات على أيدى مقاولين من شمال سيناء، لكن الظروف الأمنية حالت دون إنهاء المشروع، مؤكدًا أن مدينة رفح الجديدة كان مطلوبا عدم الانتهاء منها، وكان الإرهابيون يسعون لأن تظل خاوية، مطالبا بالتخطيط لتنفيذ مدارس ونواد ومراكز ثقافية، ضمن مشروعات وإنشاءات المدينة الجديدة.