رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

احموا أنفسكم.. أطباء يكشفون أسباب زيادة إصابات «كورونا» بين الشباب

كورونابين الشباب
كورونابين الشباب

ارتبطت الإصابة وحالات الوفاة بفيروس «كورونا المستجد» بفئة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، خلال موجة انتشاره الأول فى مطلع العام الماضى ٢٠٢٠، لكن لوحظ من الأرقام الرسمية لإصابات ووفيات الموجة الثانية الحالية أن الفيروس أصبح يستهدف الشباب والأطفال بصورة أكبر.
وأكد الدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية للشئون الصحية والوقائية، هذه الحقيقة، قائلًا إنه «تم رصد إصابة أعداد كبيرة من الأطفال والشباب بفيروس كورونا المستجد، خلال الموجة الثانية، حتى إن هذه الفئة أصبحت المتصدرة للإصابات، مقارنة بكبار السن».
«الدستور» تحاور فى السطور التالية عددًا من الشباب المصابين بالفيروس، للتعرف على الطريقة التى أصيبوا بها، ومدى تفاقم الأعراض، كما تلتقى أطباءً للكشف عن سر هذا التحول، ومدى ارتباطه بتغيرات أو تحورات فى تكوين الفيروس، إلى جانب طرق الوقاية وتجنب العدوى لتلك الفئة.
محمود عبدالمجيد: على الجميع الحذر والالتزام بالتباعد الاجتماعى


شدد الدكتور محمود عبدالمجيد، استشارى الصدر والجهاز التنفسى، على أن الجائحة تشتد يومًا بعد يوم ولا تفرق بين كبير أو صغير، مطالبًا الجميع بالحذر من الإصابة بالفيروس، لأن كل الفئات والأعمار أصبحت عُرضة للإصابة به فى أى وقت، وليس هناك ملجأ سوى اتباع الإجراءات الاحترازية والالتزام بالتباعد الاجتماعى، خاصة الابتعاد عن الأماكن المزدحمة.
وقال «عبدالمجيد» إن عدد الإصابات فى طريقه إلى الارتفاع بشكل أكبر، ولا يوجد من هو مُحصن منها، مرجعًا تسجيل الأطفال والشباب أعداد إصابة مرتفعة عن السابق، إلى الإهمال الذى حدث خلال الأسابيع الماضية.
وأوضح أن «الخروج والتجمعات وغيرهما من الأنشطة كان لها تأثير سلبى على المواطنين، وتحديدًا الشباب»، محذرًا من خطورة الاستهتار بالأعراض الأولية التى تظهر على الشخص، فبمجرد الشعور بآلام الحلق أو الضيق التنفسى، تجب استشارة طبيب واتباع بروتوكول علاج لمواجهة الأعراض.
وأضاف أستاذ الصدر والجهاز التنفسى: «صغر السن لا يعنى أن الشخص لن يُصاب بالفيروسات أو الأمراض، فمن الممكن أن تكون حالة الشخص الصحية ضعيفة، وليس لديه جهاز مناعى قوى يقدر على مواجهة الفيروسات التى تهاجم جسم الإنسان، لذا من الضرورى فى تلك الظروف أن يعتنى الشخص بصحته، عبر اتباع نظام غذائى صحى غنى بالفيتامينات والبروتينات، وتجنب الأكلات السريعة، وممارسة الرياضة، والتعرض إلى الشمس باستمرار».

نور على: القصور فى الإجراءات الاحترازية


أصيبت نور على، ٢٣ عامًا، بفيروس «كورونا»، خلال الموجه الثانية، رغم عدم خروجها من المنزل، مرجعة ذلك إلى تقصير والدتها فى تطبيق الإجراءات الاحترازية، بعدما ذهبت الأم لحضور جنازة، قبل ظهور الأعراض على ابنتها بأيام.
وقالت «نور»: «فى البداية شعرت بصداع شديد ودوخة، وأحسست أن الأمر بسيط وسيمر بسهولة، ثم تفاقم الأمر ولم أستطع البلع، وبعد مرور يوم واحد ارتفعت درجة حرارة جسدى، وأصبت بالإسهال وفقدان حاستى الشم والتذوق، فقررت عزل نفسى فى غرفة بعيدًا عن بقية أفراد الأسرة».
وأضافت: «الموجة الثانية تصيب الشباب أكثر من كبار السن، لذا لم تتأثر أمى بالأمر»، كاشفة عن أن الأعراض استمرت عليها لمدة ٢٢ يومًا، قبل أن تصاب بضيق تنفس شديد وتحتاج إلى أنبوبة أكسجين، وبعد أيام تعافت، وتأكدت بإجراء مسحة كانت نتيجتها سلبية، لكن ضيق التنفس لا يزال يصاحبها.


عزالدين: بسبب الاستهتار مع الفيروس

يلتزم عزالدين، ٢٥ عامًا، بالإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس «كورونا»، سواء فى المواصلات العامة أو مكان عمله، الأمر الذى ساعده على النجاة من الإصابة فى الموجة الأولى، كما استمر فى الالتزام بتلك الإجراءات حتى بعد انخفاض منحنى الوباء داخل مصر، فى يونيو وأغسطس ونوفمبر الماضية.
لكن الأحوال تغيرت مع بداية الموجة الثانية لـ«كورونا» واشتدت، وأصيب «عزالدين» بالفيروس، وعن ذلك قال: «بدأت الأعراض المعروفة تظهر علىّ، وكنت أعتقد أنه مجرد دور برد عادى، إلى أن ارتفعت درجة حرارتى، وأجريت مسحة فى البيت من خلال مستشفى خاص وتأكدت من إيجابية إصابتى بكورونا».
وأضاف: «عزلت نفسى فى شقة بمفردى، وأحضرت الطعام والشراب والأدوية المطلوبة لمدة أسبوع، والتزمت ببروتوكول العلاج، مع شرب السوائل بكثرة والتركيز على الأكل الصحى، والتواصل المستمر (أونلاين) مع طبيب متطوع». وواصل: «بعد ١٠ أيام بدأت درجة حرارتى فى الانخفاض من ٤٠ درجة إلى ٣٩ وكان مؤشرًا على التحسن، لكن بعدها بيومين بدأت أتعرض لنوبات ضيق تنفس، وخشيت من أن تتطلب حالتى الصحية الاستعانة بأسطوانة أكسجين، خاصة أن ضيق التنفس صاحبه شعور بالهمدان الشديد». وكشف عن أن «فترة علاجى استغرقت ٢٦ يومًا وليست ١٤ يومًا كالمعتاد، وفسر الطبيب، الذى يتابع حالتى، بأن السبب هو تحور الفيروس فى الموجة الثانية، بعد أن أصبح أكثر فتكًا وقدرة على الانتشار بين الأطفال والشباب تحديدًا، ورغم أنى شخص رياضى وحريص على تناول الطعام الصحى ولا أدخن فإنى أصبت به، ولا أعرف سببًا واضحًا للإصابة إلى الآن». واختتم: «تعافيت بعد ٢٦ يومًا، وتأكدت من ذلك بمسحة طبية جديدة أثبتت سلبية إصابتى بالفيروس، ولذلك أنصح المرضى بالفيروس، خاصة الشباب بالتعامل مع الإصابة بهدوء والالتزام بإجراءات الوقاية».

عبدالله زقزوق: المقاهى والنوادى والشيشة وراء إصابة صغار السن

قال الدكتور عبدالله زقزوق، طبيب الأمراض الصدرية فى مستشفى سيدى سالم بمحافظة كفرالشيخ، إنه بناءً على تنقله بين أكثر من مكان مخصص لعزل مرضى «كورونا» بين القاهرة والمحافظات، رصد أن الشباب يمثلون النصيب الأكبر من الإصابات.
وأرجع «زقزوق» ذلك إلى وجود الشباب فى أكثر الأماكن نقلًا للعدوى، مثل المقاهى والنوادى، وأماكن شرب «الشيشة»، رغم تحذيرات الأطباء ومنظمة الصحة العالمية منها باعتبارها وسيلة فموية تنقل الفيروس بطريقة مباشرة، وكذلك التدخين الذى يضعف الرئة.
وقال طبيب الأمراض الصدرية: «لأول مرة نرى شبابًا فى العشرينيات يصابون بسدة رئوية، وهناك عدد كبير من الشباب دخلوا الرعاية الحرجة مصابين بالتهاب حاد فى الرئة، ما جعلهم يحتاجون كميات كبيرة من الكورتيزون لعلاجها بشكل فورى كى لا تحدث وفيات، بسبب تعسر استجابتها للأكسجين».
وأضاف: «فى هذه الحالات، يتم وقف بروتوكول العلاج الخاص بكورونا لتعارضه مع الكورتيزون، وهنا تطول مدة تعافى الشاب، وبدلًا من أن تستغرق أسبوعين للعلاج تتضاعف المدة».
ورأى أنه من الممكن تجاوز كل تلك الأزمة، بأن يبتعد الشباب عن أماكن العدوى، مضيفًا: «الدولة أغلقت المدارس والجامعات لتقليل فرص الإصابة، ولكى لا يجلب الفرد الهلاك لذاته ولأسرته عند العودة للمنزل، خاصة أن الموجة الثانية شهدت إصابات لعائلات بأكملها يكون المتسبب فيها صغار السن».

حاتم الملاح: الطبيب المعالج قال لى: «التحور هو السبب»


رأى الدكتور حاتم الملاح، طبيب العناية الحرجة فى مستشفى «١٥ مايو» للعزل، أن زيادة عدد الشباب المصابين بفيروس «كورونا» كانت متوقعة، لأن هناك من يتعاملون باستهتار مع الوباء، وكذلك المقتنعين بأنه يضر كبار السن فقط، محذرًا من أن الشباب يستغرقون وقتًا أطول فى التعافى من «كوفيد- ١٩».
وقال «الملاح»: «الشباب اعتبروا أن إلغاء ساعات حظر التجوال، فى وقت ما، إشارة إلى أن الوباء انتهى، لكن مع بدء الموجة الثانية من الفيروس وظهور نسخة جديدة متطورة منه، اتضح للجميع أن الأمر ليس بسيطًا، وأن الوباء أصبح ينتشر بشكل أسرع، ويستطيع الوصول لجميع الفئات».
وأضاف أنه يعمل داخل العناية الحرجة فى مستشفى ١٥ مايو، منذ تخصيصه للعزل فى مارس الماضى، ولاحظ خلال تلك الفترة أن الكثير من الشباب يعانون فى البداية من أعراض مرضية بسيطة، لكن بعد انتهاء فترة حضانة الفيروس المقدرة بـ٥ أيام، تبدأ نسب الأكسجين بالتناقص فى أجسادهم، لتصل إلى ٣٠٪، ويحتاجون إلى أجهزة تنفس صناعى فى أسرع وقت، محذرًا الشباب من أن التدخين يقلل من فرص الجسم للانتصار على الفيروس، لأنه يؤثر على سلامة الرئتين.

محمد سمير: أصبت بسبب عملى فى الشارع


قال محمد سمير، يعمل فى مجال المبيعات، إنه أصيب بالفيروس بسبب عمله فى قسم المبيعات بإحدى شركات القطاع الخاص، والذى كان يضطره إلى النزول للشارع، والتردد على مختلف المحلات التجارية والأسواق، من أجل الترويج لمنتجات شركته.
ووصف «سمير» نفسه بأنه كان أكثر عرضة للإصابة بفيروس «كورونا»، لأنه على مدار اليوم يحتك ويتعامل مع فئات مختلفة وشريحة كبيرة فى المجتمع، لذلك، ومن أجل الحفاظ على حياته وصحة أسرته، حرص على اتباع الإجراءات الاحترازية التى شددت عليها وزارة الصحة، مع تجنب دخول التجمعات ومناطق التكدسات. وعلى الرغم من ذلك، أصيب «سمير» بفيروس «كورونا» فى الفترة الماضية، وظهرت عليه أعراض المرض تدريجيًا، الأمر الذى تطلب عزله فى المنزل، لعدم قدرته على الذهاب إلى العمل. وأضاف أن الطبيب طلب منه الالتزام ببروتوكول علاج مكثف وصفه له، لسرعة مواجهة الفيروس وتجنب وصوله إلى الرئة وأعضاء الجسم الباقية، مع توجيهه بتناول السوائل والطعام الصحى طوال فترة العلاج، فضلًا عن عدم التعامل مباشرة مع أفراد أسرته أو النزول إلى الشارع.
واختتم: «الأسبوع الأول كان صعبًا والأعراض كانت قوية لا تُحتمل، لكن مع الالتزام بالتعليمات الصحية بدأت حالتى تتحسن من الأسبوع الثانى تدريجيًا، إلى أن اختفت الأعراض كافة، وحتى الآن أشعر بآلام فى الصدر، لكن بسيطة».

استشارى أطفال: ضعف المناعة وغياب الرقابة الأبوية


أرجعت الدكتورة نهى أبوالوفا، استشارى طب الأطفال، ارتفاع إصابات الأطفال بفيروس «كورونا»، فى الموجة الثانية، إلى ضعف الجهاز المناعى فى المراحل العمرية المبكرة، وعدم قدرته على مواجهة الأمراض والفيروسات الفتاكة، مثل فيروس «كورونا»، والذى تحور وبات أكثر فتكًا وقدرة على الانتشار واستهداف مختلف الفئات العمرية من أطفال وشباب ومسنين. وقالت استشارى طب الأطفال إن انخفاض الوعى بأهمية اتباع الإجراءات الصحية والالتزام بالتعليمات الطبية التى تشدد عليها وزارة الصحة والسكان، يسهم فى اتساع دائرة الإصابات.
ونصحت أولياء الأمور بتشديد الرقابة على الأطفال، وتذكيرهم بضرورة اتباع الإجراءات الاحترازية للوقاية من الإصابة بالفيروس، والتنبيه عليهم بتطبيق إجراءات التباعد الاجتماعى وعدم خلع الكمامة، وتحذيرهم من ملامسة الأشياء والأجسام من دون تطهير أو وضعها فى الفم كعادة الأطفال.
وأضافت: «ارتداء الكمامة الطبية سيكون مناسبًا للأطفال الذين تجاوزت أعمارهم الـ٥ سنوات، بينما يكون القناع الواقى للوجه أكثر ملاءمة للأطفال الأقل سنًا، بدلًا من ارتداء الكمامة التى قد تتسبب فى شعورهم بالاختناق».