رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أخبار عالمية ومشاعر إنسانية


نعيش زمانًا لا غنى فيه عن الروابط البشرية بدروس لازمة وحياة آمنة، فقد طالعتنا الأنباء بخبر عن «الحيتان الطيارة»، حيث كشف مسئولون عن أن ٣٨٠ من الحيتان الطيارة نفقت على شريط رملى قبالة الساحل الغربى فى أستراليا، وأنقذت فرق الإنقاذ ٥٠ منها، فى أكبر حادث من نوعه بتاريخ الدولة، عن طريق جرها إلى المياه العميقة، حيث أطلق سراحها، بينما ظلت نحو ٣٠ حوتًا على الشاطئ، تقاتل من أجل حياتها.
وقد أعلنت سلطات نيوزيلندا عن حمايتها الحيوانات البرية، كما تمارس الموت الرحيم فى حق الحيتان الطيارة بسبب حركة الأمواج العالية العاتية، والتى بلغت من القوة أنها قذفت بهذه الحيتان، ومعها أسماك القرش الضخمة إلى مناطق المياه الضحلة بالقرب من الشاطئ، وتحاول السلطات المعنية حماية هذه الكائنات قبل أن تنفق، حيث سبق وتم إنقاذ مائة وعشرين حوتًا طيارًا بعد أسوأ جنوح مائى فى سريلانكا، كما أنقذت السلطات الأسترالية قبل ذلك عشرات الحيتان التى يصل طول الواحد منها إلى ٦ أمتار أو يزيد بعد جنوحها الجماعى إلى الشاطئ.
وهنا تذكرت بيتًا شعريًا مع تعديل بعض كلماته يقول:
- «تكفل الكائنات المائية فى حياتها وبعد الحياة حتى تمنى كثيرون من الخليقة البشرية أن يكونوا أسماكًا».
عظيم حقًا ما نراه من اهتمام ورعاية بمصائر الكائنات البحرية من قِبل العديد من الحكومات، لكن الأعظم أن يكون هناك اهتمام مماثل- على الأقل- بمصائر البشر، فالخلائق البشرية تتزايد بسرعة تفوق الناتج من غذاء أو كساء وبعض من الدواء والقليل من حجرات التعليم والتربية، مع ندرة التكريم لزحام يرتفع مع دقات عقارب الساعة، وإنتاج لا يعادل هذه الكثرة.
وحتى يشاهد القارئ هذا الحراك البشرى العالمى تعمدت أن أضع هذه الصورة أمامه، مدركًا أنه بعد قليل من الأيام، أى بعد نشر هذا المقال، تكون أعدادنا قد ارتفعت أكثر فأكثر، فتعداد السكان فى السابع من هذا الشهر الأخير من عام ٢٠٢٠ على ظهر الكرة الأرضية بلغ سبعة مليارات وثمانمائة وثلاثين مليونًا وستمائة وثلاثين ألف نسمة.
أما المواليد السنوية، فتبلغ مائة وواحدًا وثلاثين مليونًا، وبالنسبة للوفيات السنوية، فقد بلغت خمسة وخمسين مليونًا، والنتيجة أن تعداد سكان العالم كله، يزيد نحو ستة وسبعين مليون نسمة، أى بمعدل نحو مائة وستين ألفًا فى اليوم الواحد......!!
من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى عقد مؤتمر قمة بشأن أنظمة الأغذية فى العام المقبل ٢٠٢١ من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما تمنى رئيس الجمعية العامة تحت شعار «الجوع ليس شيئًا من الماضى» أن يتم القضاء على الجوع مع العام ٢٠٣٠، أى أن هذه القضية الخطيرة، ستتم العودة إليها بعد عشرة أعوام.
وهنا تذكرت القصة التى كنا نرددها فى طفولتنا، وذلك عندما طلب أحد الحكام أن يتقدم أحد المعلمين بتعليم حماره كيف يتكلم، مع منح المعلم الناجح جائزة كبرى، وتوقيع العقاب الرادع على من يفشل، وطبعًا لم يتقدم أحد خوفًا من عقاب الحاكم، لكن تقدم «جحا»- تلك الشخصية الفلكلورية- للحاكم بطلبات له وللحمار، مؤكدًا أنه بعد عشرة أعوام سيكون الحمار قد تكلم وتعلم....!!
فوافق الحاكم، ومنح «جحا» كل ما يريده من مال وطعام، وأخذ «جحا» حمار الحاكم إلى بيته، لكن أصحاب «جحا» خشوا عليه من بطش الحاكم، عندئذ قالوا له:
- «هل أنت مجنون حتى تعلم حمار الحاكم القراءة أو حتى الكلام؟! فأجاب «جحا»:
- «أنا أعرف ما أنا فاعل، فبعد عشرة أعوام، إما أن يكون الحاكم قد مات، أو يكون الحمار هو الذى مات، أو أموت أنا، فلا تقلقوا أنفسكم وتشغلوها بى، ومن ثم عاش «جحا والحمار» هانئين سعيدين لعشر سنوات مقبلة.. وهنا نطرح السؤال: هل بعد عشر سنوات، سيكون هذا المجلس الموقر، قد صحح المسار والمصير أم ماذا؟!
ولمن يريد الخير والتقدم والعدل للبشرية فعلًا، فلا بد له من اتباع أسلوب آخر غير هذا الـ«.......» لحل تلك الأزمات العالمية التى تؤرق مضاجع العالم أجمع، لذا نطمع ونتمنى من هنا إلى أن نفكر بجدية وعقلانية لحل مثل هذه القضايا الدولية المصيرية، أن تتغير أحوالنا فى أقرب فرصة ممكنة، وكما قال الشاعر:
بين غمضة عين وانتباهتها.. يغير الله من حال إلى حال.
ولا تسهرن إذا ما الرزق ضاق وعم.. فى ظل عيش رقيق ناعم البال.
وكن مع الناس كالميزان معتدلًا.. ولا تقولن ذا عمى وذا خالى.
فالعم ما أنت مغمور بنعمته.. والخال من أنت من أضراره خالٍ.