رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هانى شنودة يتذكر «6»: مغامرة فى مشوار عادل إمام

هانى شنودة
هانى شنودة

بعد نجاح فيلم «ولا عزاء للسيدات» اتصل بى المخرج سمير سيف وطلب منى الحضور إلى مكتبه فورًا.
التقينا فى الموعد المحدد، كان سمير مرتبكًا ومتوترًا، كأنه أمام اختبار صعب، قال لى: «بص يا هانى، عادل إمام مغيّر جلده فى فيلمنا الجديد (المشبوه)، دى أول مرة عادل يعمل أكشن، وكلنا قلقانين وخايفين من التجربة، إنت قدّ مزيكة الفيلم ده ولا لأ.
استفزتنى كلمات سمير سيف، قلت له: لماذا اخترتنى أنا تحديدًا؟
قال: «بصراحة كنا متفقين مع جمال سلامة من فترة، بس اختلفنا على الأجر، وحسيت إن جمال مش مهتم بالتجربة أكثر من الفلوس، وكمان أنت مزيكتك مختلفة واللى عملته مع فاتن حمامة كان حاجة عظيمة».
تحمست للعرض، لأننى سأخوض تجربة جديدة، مسئولية تغيير جلد عادل إمام على عاتقى، يجب أن أنجح فيها مهما حدث، وأضع بصمتى.
طلبت السيناريو لكى أقرأه أولًا، واتفقت على إعداد تيمة خاصة للتتر وبعدها نقدم التيمات الأخرى، وافق سمير وطلب منى الانتهاء من تيمة التتر فى أسرع وقت.
عندما قرأت السيناريو وجدته متخمًا بالتساؤلات: هل سينجح الضابط «فاروق الفيشاوى» فى القبض على اللص «عادل إمام»؟ هل ستكتمل قصة حبه مع «سعاد حسنى»؟ هل سيتوب توبة نصوحًا وصادقة؟ هل سيعود للسرقة مرة أخرى؟
هذه الأسئلة ترجمتها فى مخى إلى أسئلة بالموسيقى، خلقت تيمة مبنية على حالة الحيرة، يظن البعض أننى أتكلم بالموسيقى، وأنا أفعل ذلك فى الحقيقة، الموسيقى تعبير ولغة، مفاتيح البيانو مثل الحروف تكوّن الكلمات، والإحساس بهذه الكلمات يتشكل ويكتمل بصياغة جمل كاملة، ولهذا وضعت تيمة أولها سؤال وآخرها حيرة، كأننى أقول على لسان البطل: أعمل إيه يا ربى؟!
بدأت الجملة بسؤال، وتصاعد السؤال مع تصاعد حالة الحيرة، ولهذا تصاعدت النغمة أكثر، ثم هدأت مرة أخرى فى النهاية، وهكذا خلقت من التيمة تفريعات مختلفة تناسب الحالة، مرة بإيقاع هادئ فى المشاهد الدرامية، ومرة بإيقاع أسرع فى مشاهد الحركة.
سمع سمير سيف موسيقى التتر وأُعجب بها جدًّا، قال لى: أنت لقطت الحالة، اصطدتها، ووصّلت للناس اللى أنا حاسس بيه وعايز أنقله على الكاميرا.. اتفقنا على إكمال تيمات الفيلم كله.
انتهينا من الموسيقى التصويرية ومن ميكساج الفيلم، وحان موعد العرض الخاص، حضرت العرض فى سينما «مترو» على ما أذكر، إلى جوار أبطال الفيلم، وكان هذا لقائى الأول مع عادل إمام.
فور نزول التتر فوجئت بعادل متوجهًا إلىَّ، صافحنى بحرارة، وقال: يا هانى أنت موسيقار عظيم، أنت عملت مزيكا هتفضل بصمة عايشة مع الفيلم ويمكن تفكّر الناس بالفيلم كمان.
كانت هذه بداية تعاون طويل مع عادل إمام فى أفلام عديدة منها «عصابة حمادة وتوتو» و«الحريف» و«المولد» و«الأفوكاتو» و«الغول» وبالطبع «شمس الزناتى».
مشوار طويل ملىء بالنجاحات والصداقة والمحبة والأوقات العصيبة، مثلًا فى أزمة فيلم «الأفوكاتو» الشهيرة وجدت اسمى بين المدعى عليهم فى القضية بوصفى مؤلف الموسيقى التصويرية وشريكًا فى التهمة التى لم يكن لها محل من الإعراب فى الحقيقة، ولكنّ المحامى أقنع النيابة والقاضى عندما قال إن مؤلف الموسيقى التصويرية لم يقرأ السيناريو ولا علاقة له بالموضوع سوى تقديم الموسيقى وتسليمها للمخرج رأفت الميهى، ورأفت بدوره برّأنى عندما قال إننى لا دخل لى بمحتوى الفيلم.
من أكثر الأفلام التى أرهقتنى مع عادل إمام فيلم «الحريف»، كان فيلمًا قاتمًا شديد الواقعية والسوداوية، ومن جانبه كان المخرج محمد خان مصرًّا على التعبير عن هذه الحالة بالصورة والصوت أيضًا، فاستخدمت التيمة الموسيقية لأغنية «الشارع حواديت» لفرقة «المصريين»، لأن أغلب أحداث الفيلم تدور فى شوارع، سينما محمد خان تحديدًا تعتمد بصورة كبيرة على أحداث فى شوارع وأماكن حية تنبض بمأساة وتفاصيل حياة أصحابها ولهذا فكرت فى تيمة «غامقة».
فيلم «شمس الزناتى» كان فكرة مختلفة، عرفت من البداية أن العمل مستوحى من فيلم «الساموراى السبعة»، وبالتالى لدينا قصة فيها بطولة ومغامرة وترقُّب ورحلة فى الصحراء، فخلقت تيمة أشبه بالتغريبة، نحن فى الصحراء والواحات، وبالتالى لا بد من استخدام آلات قريبة من تلك البيئة، فاعتمدت على الناى والكولة فى التيمة الرئيسية، وغيّرت تنغيمات التيمة لتبدو أسرع فى الحركة وأهدأ فى الدراما، أما كل شخصية من شخصيات الفيلم فخلقتُ لها روحًا مختلفة من التيمة.
أنا رجل محظوظ كما قلت من قبل، لأننى تعاملت مع نجوم كبار، وأحد هؤلاء النجوم عادل إمام، الذى صنعنا معًا نجاحات ستظل خالدة فى مشواره ومشوارى.