رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دراسة لـ«مستقبل وطن» توضح خيارات مصر بعد لجوئها لمجلس الأمن بشأن سد النهضة

سد النهضة
سد النهضة

أصدر مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية لحزب مستقبل وطن، برئاسة محمد الجارحى، الأمين العام المساعد وأمين شباب الجمهورية بالحزب، دراسة وتقدير موقف حول إحالة مصر ملف سد النهضة لمجلس الأمن الدولي، واستهدفت الدراسة الوقوف على أبعاد ودوافع لجوء مصر إلى مجلس الأمن الدولي، والقرارات التي من الممكن أن يتخذها المجلس في هذا الشأن، والبدائل المصرية المتاحة في التعامل مع الملف.

أوضحت الدراسة أن مشهد سد النهضة عاد للتعقد من جديد، بعد أن فشلت المفاوضات التي دعا إليها السودان؛ للتوقيع على اتفاق يضمن مصالح الدول الثلاث، في ظل استمرار التعنت الإثيوبي والرغبة في فرض الأمر الواقع دون النظر إلى الأضرار المترتبة منذ بدء ملء السد دون اتفاق.

وأكدت الدراسة أن مصر اتجهت إلى اتباع الخيار القانوني، وأنها استندت في إحالة ملف سد النهضة لمجلس الأمن الدولي إلى المادة 35 من ميثاق الأمم المتحدة، التي تجيز للدول الأعضاء أن تنبه المجلس إلى أية أزمة من شأنها أن تهدد الأمن والسلم الدوليين.

وأكدت مصر في خطابها أن فشل المفاوضات يرجع إلى "سياسة إثيوبيا الثابتة في المراوغة والعرقلة"، مشددة على أن ملء وتشغيل إثيوبيا لسد النهضة "يمثل تهديدا"، مطالبة مجلس الأمن، والمجتمع الدولي، بأن يحثا إثيوبيا على التحلي بالمسئولية، وإبرام اتفاق عادل ومتوازن بشأنه مع عدم اتخاذ أية تدابير أحادية الجانب فيما يتعلق بالسد، وأن تمتثل لالتزاماتها القانونية الدولية، ومبادئ وقواعد القانون الدولي.

واعتبرت الدراسة أن لجوء مصر إلى مجلس الأمن الدولي يمثل خيارا مشروعا ومسارا تصعيديا جديدا في سياستها تجاه الملف، بعد انتهاج المسار الدبلوماسي لحل الأزمة، والذي لم ينجح؛ نظرًا للرغبة الإثيوبية بإضاعة الوقت مع اتخاذ قرار مسبق بعدم التوقيع على أي اتفاق جديد يلزمها باتباع إجراءات محددة أثناء استخدامها لمياه النيل، لاعتبارها أن ذلك شأن يخصها منفردة.

مشيرة إلى أن مصر سبق وأن توجهت إلى مجلس الأمن الدولي، ولكن عن طريق توجيه خطاب رفعه وزير الخارجية المصري، شهر مايو الماضي، بشأن تطورات سد النهضة، لتنبيه وإحاطة مجلس الأمن بمجريات النزاع بشكل عام، وحقيقة الموقف الإثيوبي، ولكن الآن تقدمت مصر بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن من زاوية أن التصرفات الانفرادية الإثيوبية تمثل تهديدا مباشرا للسلم والأمن الدوليين.

ورصدت الدراسة أهم الدوافع التي دفعت مصر لاتخاذ هذه الخطوة واللجوء إلى مجلس الأمن الدولي في: استنفاد جميع السبل والمحاولات الدبلوماسية، وإظهار التعنت والعدائية الإثيوبية أمام المجتمع الدولي، ووضع المجتمع الدولي أمام مسئولياته.

وفيما يتعلق بالقرارات المحتملة لمجلس الأمن الدولي بشأن سد النهضة، أوضحت الدراسة أن مجلس الأمن الدولي، من الناحية القانونية، يمتلك الحق في إصدار العديد من القرارات إزاء الشكوى المصرية، والتي تتنوع ما بين قرارات دبلوماسية وأخرى تصعيدية، وتتمثل في: دعوة أطراف النزاع لحله دبلوماسيا طبقا للفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة. كما يملك مجلس الأمن أن يصدر توصية بإحالة النزاع حول سد النهضة إلى محكمة العدل الدولية باعتباره نزاعًا قانونيًا، وأن الاختصاص الأصيل بنظر المنازعات القانونية يكون للمحكمة.

وللمجلس أيضا، طبقًا للدراسة، سلطة اتخاذ إجراءات رادعة، وهذا الأمر يحدث حينما يتأكد مجلس الأمن من أن النزاع قد تحول فعلًا إلى تهديد حقيقي للسلم، أو أن يكون في طريقه إلى إشعال "أعمال عدوانية"، من خلال إجراء التحقيق من تلقاء نفسه، أو بتشكيل لجنة تخضع لتوجيهاته في أي نزاع أو موقف يرى المجلس أنه بحاجة إلى ذلك حال التأكد ما إذا كان النزاع قد تحول فعلا إلى تهديد حقيقي للسلم أو في طريق إلى إشعال أعمال العدوان، وحينها يتخذ المجلس الإجراءات الرادعة؛ تطبيقا للفصل السابع من الميثاق، ومنها: أن يصدر قرار بمنع إثيوبيا من ملء السد، لحين الاتفاق النهائي مع مصر والسودان على القواعد الفنية بملء وتشغيل سد النهضة.

وفيما يتعلق بالبدائل المصرية المتاحة في التعامل مع أزمة سد النهضة، كشفت الدراسة إلى أنه بعد فشل جميع الجولات التفاوضية للوصول إلى حل للأزمة المتعلقة بسد النهضة، مع الإعلان الإثيوبي بأنها ماضية قدمًا في ملء السد؛ حتى لو دون اتفاق، وهو ما يعد بمثابة تهديدا صريحا، أصبح على السياسة المصرية أن تسير في أكثر من اتجاه سويا: الاستمرار في المسار القانوني، والدبلوماسية الدولية النشطة، والتنسيق الكامل مع السودان، والاستعداد العسكري ووضع الخطط حال احتاجت مصر إلى اللجوء إلى هذا الخيار.

وخلصت الدراسة إلى أن اختيار مصر اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي، هو اختيار مدروس بعناية، وكان لابد منه، في محاولة لحل النزاع دون اللجوء إلى الخيار العسكري، على الرغم من أنه محسوم لصالح مصر، وفقًا لميزان القوة العسكرية المصرية والإثيوبية، إلا أن السياسة المصرية قائمة على استنفاد جميع الحلول السلمية أولا، تماشيًا مع المكانة المصرية في العالم كله، وبهذا الخيار استطاعت مصر أن تضع المجتمع الدولي كله أمام مسئوليته في مواجهة تهديد الأمن والسلم الدوليين، وفي ذات الوقت أكدت أنه لو فشل المجتمع الدولي في القيام بدوره، فمصر قادرة على حماية أمنها القومي.