رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ولاء جمال: بحثت عن سعاد حسني كإنسانة.. وأنا الوحيدة من دخل شقتها (حوار)

ولاء جمال
ولاء جمال

حين خرج كتابها "سعاد حسني بخط يدها" إلى النور، لم تكن ولاء جمال تتوقع كل تلك الحفاوة من القراء والمثقفين، الأمر الذي أسعدها كثيرًا، وجعلها تدرك حجم الرسالة التي كانت ملقاة على عاتقها والتي قامت بتأديتها خير قيام، أيضًا رحلتها في البحث عن إنسانية سعاد حسني، والتي جعلتها تتعلم الكثير والكثير، "الدستور" التقت ولاء جمال للحديث أكثر عن الكتاب وكيف خرج إلى النور وكان لنا معها هذا الحوار:-

- بداية.. كل كتاب له سبب.. فما الذي دفعك لـ"كتاب سعاد حسني"؟
كنت محملة برؤية عن سعاد بالطبع، وهي رؤية البنت التي شاهدت أفلامها العظيمة، ومن هنا كان مسار بحثي عن سعاد البعيدة عن الفن، سعاد في البيت وفي علاقتها مع الله، وكيف كانت تكتب بروح شفيفة وتناجي الله في عليائه سبحانه، البنت التي كانت تتحول تمامًا وتكتب بطريقة كلها حنين وروح وقدرة على البذل والعطاء، أعرف تمامًا أن الكثيرين كتبوا عن سعاد، لكنهم تناولوا تلك الزاوية عن علاقتها بالسينما والفن ومواقفها مع الناس، والحقيقة أن هذا الأمر قتل بحثًا، لكنني حين سعيت لهذا الأمر، كنت انظر إليها كانسانة عظيمة وليس كفنانة شهيرة لها كل ذلك الباع، واندهشت لان أحدا لم ينتبه إلى ذلك التناول في مسيرة سعاد حسني، الانسانة الدلوعة والبنت التي تحب الله وتوطد علاقتها به بمناجاته.

سأقول لك، عرفت من خلال البسطاء الذين كانت تتعامل معهم الكثير من الأسرار عنها، والذي جعل شخصيتها تتكشف لي تماما، مثل البسطاء التي كانت تعطف عليهم شهريًا، وما كتبته بخط يدها يختلف تماما عما تمليه لأحد أثناء كتابة مذكراتك لأن الصدق هنا أقوى، هنا لا رقيب أيضًا لأنها لم تكن تعرف أن كتابتها ستنشر يوما ما، ووجدت أنها شخصية ثرية وبالفعل نحن ظلمناها لأننا لم نتطرق يومًا لروح سعاد حسني، كانت بريئة جدًا، ولا ترد الإساءة لأي شخص أيًا كان، وتطرقت لموتها ووجدت أن من يزورها شباب صغار، وكتبوا على قبرها "بنحبك يا ماما سعاد"، وهذا عوض من الله لها على رحلة ظلمها في الحياة، وأبرز ما جاء لرحلة البحث عن حياتها هي عزة كرامتها.

- أثناء رحلة بحثك عن سعاد حسني تتكشف الكثير من الأمور.. كيف كانت الرحلة ومن أين بدأت؟
رحلة البحث بدأت من شقتها، أنا الوحيدة في الوطن العربي من دخل شقة سعاد حسني، وقمت بتصوريها قبل اسيتلاء صاحب العقار عليها، وسجلت مقتنياتها وجميع فساتينها، والبيانو الخاص به، وكل شيئ مكن أن تقع عليه عيناي، وحزنت جدا حين عرفت أن شقة حسني حسني، تلك الأسطورة الموهوبة والمعجونة بالفن يتم إيجار شقتها بالدولار بعد رجوع الشقة لصاحب العقار.

- كيف هي كتابتها لله.. هل كانت تشكو الناس لرب الناس، أم كانت تناجيه فقط؟
بالفعل، كانت سعاد حسني تناجي الله طوال الوقت، ولم تشكو يومًا لأي شخص، كانت توطد علاقتها بالله سبحانه من خلال حب عميق ظهر في النصوص التي وجدتها.

- عثرت على كثير من الأوراق، ولكن في ظلال البحث تتكشف الكثير من الأمور.. هل قمت بتنحية بعض الوثائق جانبًا لفهمك وأنها لا تتوائم مع طبيعة رؤيتك أو لأنها لا تتنسب وسعاد؟
لا. أنا فقط أحببت أن اختصر الكثير على من سيقرأ الكتاب سيقرأه بدون ملل لأني لم أسع لأن يكون الكتاب كبيرا ويضم الكثير من الأمور التي لا علاقة لها بالأمر، كان همي أن أثبت مدي تصوفها فقط لا غير، ومدى بساطتها، بالإضافة إلى عرضي أن نادية يسري كانت "عاملة" لديها وليست صديقة لها، والورق هو إثبات براءة سعاد حسني الإنسانية من كل ما التصق بها، وهو خير وثيقة وشهادة كبيرة لانسانة تملك الكثير من الحضور الفني والبراءة الطفولية في المجتمع.

- تحدث الكثير من التحولات للإنسان عندما يمر بطريق المال أو الشهرة فما بالك بالطريقين معا، هل هناك تأثير لهما على سعاد حسني؟
هناك مثل يقول "فاقد الشئ لا يعطيه"، وهو بالتأكيد مثال خاطئ مع الفنانة سعاد حسني، لأنها مثلا نشأت في بيت متوسط وليس من الأثرياء، وعندما أصبح كل شئ في متناول يدها من معرفة للناس بها، وأيضًا من امتلاكها للكثير من النقود، لم تستخدمهما بتعال أو يمكن أن نقول لم يؤثرا فيها، على العكس تماما، بل إنهما ساهما في أن تزيد سعاد من محبة الناس وأن تنفق الكثير من النقود على الأسر المحتاجة شهريًا بخلاف أنها عقب كل فيلم كانت تنفق الكثير على من يعملون معها، باختصار لو يؤثر عليها الأمر سلبًا ولكنه زاد في الخير وحبها للناس.

- قلت في أحد الحوارات أنك تعلمت الكثير من خلال الكتابة عن سعاد حسني.. ما الذي تعلمته ولاء جمال؟
هذا حقيقي تماما، تعلمت الكثير منها، ولا أستطيع أن أجزم بأنني سأنفذ تلك الأشياء مثلما كانت تفعل هي، أنا تعلمت منها الكرامة وعزة النفس، والبر بوالدتي كما كانت تفعل سعاد، وأيضًا الإيمان بعملي وصدقه وتفاصيله كما كانت تفعل هي بالضبط، وكما كانت تتصرف في مواقفها، وكما كانت تتعامل مع الناس كأنها تعامل الله فيهم.

- لو قدر لك مقابلة سعاد حسني الآن.. فما الذي ستقولينه لها؟
سأعتذر لها كثيرًا وسأقول لها بالحرف الواحد "إحنا آسفين يا سعاد.. مش بنديكي حقك"، وسأقول لك سرًا، سعاد جائتني عدة مرات في المنام، نعم حلمت بها وكانت سعيدة جدًا بالكتاب والبحث وراء إنسانيتها، أنا أشعر أن روحها كانت معي حين كنت أكتب الكتاب، وأنها تدعمني فيه، وأنها تحبه جدا.واعتقدت أن روحها في الكتاب.

كيف كان رد الفعل على كتابك حين تم طرحه للجمهور؟
في الحقيقة لم أكن أتوقع كل تلك الحفاوة، فكلمني الممثل محمود الجندي رحمه الله وعبر عن إعجابه الشديد بالكتاب، والكثيرين من أحبتها، وأيضًا قال لي بعضهم إن أسرتها لو حاولت أن تقوم بعمل كتاب مثل هذا فإنها لن تخرجه بتلك الطريقة، الحقيقة أن الأمر كان يسعدني جدا، وكان عبارة عن ضوء أخضر جميل مثل نجاح لرحلة طويلة لي مع الكتاب، وهي الرحلة التي استمتعت بها كثيرا جدا.