رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جرجس صفوت يكتب: العارجون بين الفرقتين.. غربال كورونا أبو شدة

جرجس صفوت
جرجس صفوت

عام ٨٧٥ قبل الميلاد، كانت إسرائيل قد انقسمت إلى مملكتين (شمالية – جنوبية)، وحكم المملكة الشمالية ملكًا شريرًا دُعيَ آخاب، والذي دفع الشعب؛ لارتكاب الشرور وعبادة صنم حمل مسمى "البعل"، فوبخهم رجلًا قديسًا حينها يُدعى "إيليا التشبي" أو "إلياس".

استخدم "إيليا" طرقًا عدة، لردع شر الملك أخاب والشعب، وكان أشهر ما قاله لهم: «حَتَّى مَتَى تَعْرُجُونَ بَيْنَ الْفِرْقَتَيْنِ؟ إِنْ كَانَ الرَّبُّ هُوَ اللهَ فَاتَّبِعُوهُ، وَإِنْ كَانَ الْبَعْلُ فَاتَّبِعُوهُ».

اللحظة المؤثرة
أعلنت وسائل الإعلام العالمية، ظهور ما سُمي بـ"فيروس كورونا"، والذي دون الخوض في تفاصيله، يُمكنه أن يؤدي إلى الوفاة، والتي ينتقل بعدها الفرد إلى مرحلة مُختلفة كليًا، يلتقي خلالها الله ليحاسب عن الفترة التي ائتمنه عليها تبارك اسمه كبشري على كوكب الأرض.

هرع الغالبية إلى دور العبادة، متضرعون، رافعون أكفهم إلى الله طالبين رحمته، سائلينه نصيبًا جيدًا من الذي وعد به لأولئك الصالحين من أبنائه البشر الذين خلقهم بكلتا يديه.

والمُثبت أن الله مُحب وكريم وعفو ويقبل توبة التائبين.. ولم تُسدل الستار وينتهي هذا المشهد.. قبل أن يزداد تأثرًا بإغلاق دور العبادة في أشد اللحظات قدسية للمسيحين حيث أسبوع الالام والخماسين، وكذلك للمسلمين في شهر رمضان.

الجزء الصادم
بعض الذين ارتعبوا من لقاء الله في مارس 2020، حينما كان "لغربال الكورونا شدته"، ارتخت أذرعهم المرفوعة تجاه الله، قليلًا قليلًا، حتى بدأت تُستخدم في أبريل ومايو في صنع نفس العادات التي سيطرت على المشهد قبيل الكورونا.

انتبه
رفض الله على فم نبيه إيليا، مسألة العرج بين الفرقتين، أو التأرجح بين القرارات، وكلاهما لفظة طيبة لما يُعرف بالعامية بـ"الرقص على السلالم".. وهو ما يفعله المنادون بمبدأ "ساعة لقلبك وساعة لربك".

الله بصفته خالق الإنسان جملة وتفصيلًا يعرف جيدًا نقاط ضعفه وكذا قوته، إلا أنني أرى -وإن كان لم يعلن ذلك لي في رؤية او ما شابه- أن الله تبارك اسمه يحب الإنسان الذي يضع نصب عينه الهدف ويسير قدمًا لتحقيقه.. فالذي يضع عينه على المحراث لا ينظر إلى الوراء.

وبشكل أكثر تبسيطًا.. لايحتاج الإنسان إلى موسمًا للإقلاع عن عاداته السيئة.. سواء كان كورونا أو غيره فالشتَّام له إن يتخذ قراره في ألا يلفظ لفظًا واحدًا لايليق.. فأنا أرى أن الله يريد أن يتوب الإنسان حبًا منه في الله ورغبته في حياة النقاء وليس رهبة من الفيروس الذي يلاحقه.

لك أن تتخيل..
أن الإنسان لن يقدر بسهولة أن يتخلص من عاداته، التي طالما مارسها على مدار سنوات، فالحل الوحيد لذلك أن يطلب الإنسان من الله منحه القوة الكافية لترك تلك العادات والآثام والسيئات.

لك أن تدرك أن الذات المتضخمة والمتورمة.. تهيئ للإنسان صورة وهمية تفيد مقدرتها على مساعدته لبلوغ حياة النقاء المنشودة.. بينما الحل الوحيد لذلك هو الاستسلام ليد الله القديرة والقادرة على تنظيف القلب والفكر.

أخيرًا.. احذر
• احذر أن تعتمد على ذاتك في ترك عاداتك السيئة فحتمًا ستندم.

• احذر أن تيأس حينما تتعثر في طريقك للإقلاع عن عاداتك السيئة.. فالأمل في الله كلمة السر في نجاح كل من بلغوا الطريق الصالح.

• احذر من العرج بين الفرقتين فالفرقة الأولى هي ملاذ وشهوات الدنيا ونزواتها والفرقة الثانية هي طريق الفضيلة والصلاح وحياة النقاوة.. فمبدئ ساعة لقلبك وساعة لربك لا يتناسب مع الراغبين في اقتناء الحياة الأفضل..

لا تعرج بين الفرقتين لك الحرية الكاملة في اختيار فرقة واحدة.. وبعد اختبار عدم مناسبتها لك أن تغيرها.. ولكن الانتقال بين الحياتين بين الحين والاخر أمر حذر الله منه أممًا وشعوب من قبل.

العرج بين الفرقتين كان سببًا في تدمير مملكة كثيرًا ما نادت بأنها أمة الله المختارة وشعبه الأوحد.