رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رحلة عذاب ضعاف السمع من زرع القوقعة للبحث عن قطع الغيار

ضعاف السمع
ضعاف السمع

يعيش ضعاف السمع معاناة كبيرة، بداية من الانتظار فترات طويلة قد تمتد لأعوام على قوائم مستشفيات التأمين الصحي، ثم إجراءات عملية زرع القوقعة الخاصة بهم، والتي تكلف مبالغ طائلة، وقد تستمر المعاناة بعد إجراء العملية لفترة طويلة، وبالإضافة إلى معاناة أخرى تتمثل في خوض رحلة طويلة للبحث عن قطع غيار القوقعة والتي تكون غير أصلية في بعض الأحيان.

"الدستور" رصدت في هذا التقرير قصص معاناة أهالي المرضى في صعوبة الحصول على قطع غيار ذات جودة عالية للقوقعة، بجانب تعرضهم لعمليات النصب في شراء تلك الأجهزة، مطالبين الدولة بتوفير حل لمشكلة قوائم الانتظار وتوفير قطع الغيار داخل مستشفيات التأمين الصحي.
فاطمة حسين، من قاطني مدينة المحلة الكبرى، بدأت رحلة العلاج من ضعف السمع منذ عامين ونصف العام، حين شعرت بمعاناة شديدة في الاستماع لمن يحدثها، لتكتشف بعد إجراء بعض التحاليل الطبية أن مرضها سببه العوامل الوراثية، للتجه منطلقة إلى إحدى مستشفيات التأمين الصحي في محافظة القاهرة، لتجد نفسها منتظرة أكثر من 8 أشهر على قوائم الانتظار.

مرت فترة كبيرة على إجراء الفتاة العشرينية للعملية، لتبدأ معاناتها الجديدة في الحصول على قطع غيار بديلة للقوقعة التي ضعفت بعد فترة وجيزة من إجراء العملية، لتجد نفسها أمام مأزق الحصول على البديل ولم يكن أمامها سوى شراء الجهاز من إحدى الشركات الخاصة وكانت تكلفته مرتفعة جدًا بالنسبة لها.

"استلفت من كل الناس اللي اعرفها، وبقى عليا ديون كتير مش عارفة أسددها لحد دلوقتي"، هكذا قالت "فاطمة" خلال حديثها مع "الدستور"، معبرة عن كم الألم والضغط النفسي والجسدي الذي عاشته طوال فترة علاجها من ضعف السمع، بجانب الأزمات التي تعرضت لها في حياتها الدراسية نتيجة تعطل القوقعة الخاصة بجهاز السمع.

أوضحت تقارير منظمة الصحة العالمية مؤخرًا أن سبب ضعف السمع يكون وراثيًا أو نتيجة حدوث مضاعفات عند الولادة وغيرها من الأمراض المعدية، وذكر التقارير أنه يعانى 360 مليون شخص من فقدان السمع المسبب للعجز على مستوى العالم، و32 مليونًا منهم من الأطفال، ويتعرض 1.1 مليار شاب تتراوح أعمارهم بين 12 و35 سنة لفقدان السمع، وأفادت إحصائية أخرى أصدرتها الأمم المتحدة أن عدد الصم والبكم فى مصر بلغ نحو 7.5 مليون نسمة.

محمد الصاوي، شاب آخر من ضعاف السمع وقع ضحية شراء قطع غيار مزيفة للقوقعة الخاصة به أكثر من مرة، بجانب التكاليف الباهظة التي أنفقها في الحصول على جهاز ذي جودة عالية، حتى يتمكن من متابعة عمله الخاص، شاكيًا من عدم توافر إمكانية صيانة أو شراء قطع الغيار الخاصة بالقوقعة داخل مستشفيات التأمين الصحي التي يجرى بداخلها عمليات الزراعة.
أوضح الصاوي في حديثه لـ"الدستور"، أن القوقعة تتكون من جزءين الأول تتم زراعته داخل الجمجمة أثناء إجراء العملية، والآخر يكون جهاز خارجي يتم وضعه داخل الأذن، بعد شهر تقريبًا من موعد العملية، ويكون مشابهًا لسماعات الأذن، ويعتمد هذا الجهاز على البطاريات المشحونة، والتي تتلف نتيجة كثرة الاستخدام، والخلع والتركيب.

لم يسلم الشاب من نصب الشركات الوهمية على صفحات التواصل الاجتماعي، التي تعرض من خلالها شراء قطع غيار مزيفة لجهاز السمع الخاص به، واكتشف ذلك بعد تجربتها لمدة لم تبلغ ستة أيام بالرغم من المبلغ المالي الكبير الذي دفعه في شرائها، ليتكرر الحال عدة مرات: "كل مرة كنت بشتريها بأكتر من 4 آلاف جنيه، ولحد دلوقتي مفيش جهاز كمل معايا 3 أشهر".

تأتي هذه الأسعار في ظل أن سعر السماعات الطبية يتراوح من 1000 جنيه حتى 7 آلاف جنيه، ويتم تحديد نوعها بعد الكشف بمركز طبي متخصص، ومن الضروري توافق السماعة مع قياسات السمع لدى المريض، وتندرج أنواعها ما بين الألمانى، الدنماركى، الأميركي، والصيني.

أوضح الدكتور أشرف البلتاجي استشاري أمراض الأذن، أن الحصول على جهاز السماعات الطبية يجب أن يكون من قبل المراكز الطبية المتخصصة في العلاج، والأطباء المتابعين مع الحالات المرضية، ويكون اختيار السماعات على حسب درجة ضعف السمع، للتأكد من مدى جودتها وسلامتها لدرجة ضعف السمع عند المريض.

حذر "البلتاجي" من انتشار السماعات مجهولة المصدر خلال الفترة الأخيرة، منوهًا بضرورة الحصول على سماعات أصليها يكون لها فترة صيانة، حتى لا تسبب التهابات الأذن وانسداد وفقدان كلي للسمع بسبب ثقب طبلة الأذن.

وأضاف "البلتاجي" أن سوق المستلزمات الطبية أصبح أغلبه مجهول المصدر ومنتجاته مزيفة، ويتعرض المرضى دومًا للوقوع ضحية إعلانات مواقع التواصل الاجتماعي الوهمية، مشددًا على ضرورة إحكام الرقابة ومنع تهريب الأجهزة المغشوشة لحماية المرضى من تدهور حالتهم الصحية.