رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«ماتخبيش _وشك».. مبادرة جديدة في مواجهة التنمر ضد الأطفال

مبادرة ماتخبيش وشك
مبادرة ماتخبيش وشك


فيديو الطفل "كوادن" الاسترالي الذي انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو يبكي متمنيًا الانتحار بسبب التنمر ضده، كان سببًا قويًا لتعالي أصوات تدعو إلى وقف التنمر ضد الأطفال ذوي الاختلافات التكوينية بالوجه والجمجمة، داعية المجتمع لتقبلهم دون تعريضهم لأشد أنواع الإيذاء وهو الإيذاء النفسي.

كانت بين تلك الأصوات تلك المبادرة الشبابية التي أطلقها مجموعة من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي"الفيسبوك"، وهي "ماتخبيش_وشك" التي لاقت قبولًا ودعمًا كبيرًا من المتابعين.

في هذه السطور نتعرف على هذه المبادرة، ومطلقيها، وكذلك نتواصل مع شباب كان التنمر هو مأساتهم الحقيقية التي عانوا منها سنوات طوال.

في البداية يؤكد الدكتور كرم علام، أستاذ جراحة التجميل بكلية الطب واستشاري العيوب الخلقية بالوجه والجمجمة ومطلق مبادرة "ماتخبيش_وشك"، أن المبادرة بدأت أواخر عام 2018، عندما ازدادت ممارسات التنمر في المجتمع بالظهور، مشيرا إلى أنه نشاطها يزداد عقب ظهور حالة تنمر مؤثرة، وهنا يؤكد أن المبادرة جاءت من إزالة الفوارق الوهمية بين العلوم التطبيقية، والإنسانيات وكذلك الفن والأدب، ويقدم هذا النسيج المتجانس لخدمة الإنسانية.

وأوضح "علام" في تدوينة له على فيس بوك، أنه لابد للعالم معرفة أن سعادة الإنسان مهما كانت ولادته مختلفة لا تعني سجنه في اختلافه وعزله عن تيار الحياة، بل على العكس تذليل كل الصعاب لتطبيع علاقته بالحياة، والناس وكسر جميع الحواجز بينه وبين المجتمع.

وتابع قائلًا: "أردنا من خلال المبادرة إزالة جميع الحواجز الذي يشعر بها المختلف بولادته من خلال بعض أفراد المجتمع، خاصة أن العلم يبذل كل جهد لإزال هذا الاختلاف، ولكن ببعض الأحيان لا يستطيع المشرط أن يزيل جميع مظاهر هذا الاختلاف، وأحيانًا تحتاج الجراحة لمراحل على مدار سنوات طويلة".

وهنا يدعو مطلق المبادرة إلى ضرورة عدم تعرض الطفل المختلف وأسرته لقسوة كلمات ونظرات وسوء تعامل الآخرين، فلابد أن يفهم الجميع أن اختلافه ليس جريمة ولا شيء مخزي يستحق أن يخفيه.

ويؤكد أنه مع بداية المبادرة بدأ النداء يتوسع – وعلى الرغم من كونها دعوة ليست مثيرة للغالبية مثل أخبار الفن والرياضة وصراعات الدين والسياسة – إلا أن هناك استجابات واضحة تفاوتت حسب تقبل العقول والقلوب للفكرة.

«مختلفة التكوين»: "كنت أكتر واحدة بتخبي وشها"
هاجر محمد 19 عامًا، تلك الفتاة التي أصيبت ببعض الاختلافات التكوينية،إنها: "من أكتر الناس اللي كنت بخبي وشي"، موضحة أنها كانت ترفض التصوير أو مجرد الظهور بخارج المنزل إلا للضرورة خجلًا من شكلها التي لا ذنب لها فيه.

وأضافت في تصريحالت لـ"الدستور" أنها كثيرًا ما تعرضت للتنمر وسخرية الآخرين، بل وخوفهم منها؛ مما جعلها تكره الحياة وتفكر كثيرًا بالانتحار، إلى أن ظهرت بعض الأصوات المنادية بنبذ فكرة التنمر على وسائل الإعلام، وبدأت فكرة الالتفات إلى ضرر هذه الظاهرة القاتلة على أصحاب "الاختلافات"، وكذلك المعاقين.

وقتها حسبما توضح ظهرت أيضًا مبادرة"ماتخبيش_وشك" التي شجعتها على إظهار وجهها واعتبار ذلك مجرد خطوة نحو النجاح، مؤكدة أنها بالفعل أظهرت كامل وجهها سواء بالشكل الخارجي أو بالمفهوم المعنوي، حيث أقبلت على الحياة من جديد، وكأنها أبدت لها وجهها ثانية، مؤكدة أنها الآن تعيش تتسم بالهدوء النفسي والرضا والاستقرار، وتسعى يوميًا البحث عن العمل لتثبت للعالم جديًا أنها به وعلى أرضه تضع بصماتها.
مصاب بالبهاق: انعزلت عن العالم وانفردت بحجرتي
أحمد عبد الرحيم الطالب بكلية الآداب، وهو المصاب بمرض البهاق منذ عدة سنوات، قال: "عندما أصبت بهذا المرض، أصبت معه بصدمة نفسية كبيرة جعلتني أختفي عن عيون الناس فترات كبيرة، وأنعزل بحجرتي تلك الفترات" مؤكدًا أنه كان يسمع أصواتًا كثيرة تتمتم حوله بأن البهاق مرض معدي، ويراهم يبتعدون ويرمقوه بنظرات جارحة تصف حالات الخوف التي تتملكهم من العدوى منه.

ويصف عبد الرحيم لـ"الدستور" أنه ظل بهذه الحالة سنوات طوال حتى ظن أنه لا أمل بالتغيير في أي شيء فهو لن يستطيع تغيير الآخرين، حتى رأى أن كلمة السر تكمن في تلك الجملة "لن يستطيع تغيير الآخرين، ولكنه يستطيع تغيير نفسه" فإن لم يكن تغييرًا خارجيًا فتغييرًا داخليًا يستطيع من خلاله أن يتقبل ذاته كما هي ويرى بنفسه واختلافه تميزًا يتميز به عن غيره من أشخاص أصحاء.

مصابة ببقع بالوجه: "كانت بقعة سوداء بحياتي ألمتني كثيرًا"
أصيبت "نهلة" منذ طفولتها ببقعة كبيرة بمنتصف وجهها جعلتها محطًا للسخرية من بعض زملائها بالدراسة، كانت هذه البقعة كما تقول مثل البقعة بحياتها التي لم تفارقها أبدًا، وجعلتها تشعر بكونها أقل من الآخرين.

وتصف "نهلة" لـ"الدستور" الشعور الذي كان ينتابها قائلة: "هناك أناس عندما يظهر ببشرتهم بعض الحبوب يتألمون نفسيًا من الظهور بها أمام الآخرين فما بالكم بي، وأنا أعيش ببقعة سوداء كبيرة على بشرتي البيضاء تظل معي طوال حياتي ويسخر مني الكثيرون بسببها".

ازدادت الحياة سوءًا على نهلة سمير، 29 عامًا، استطاعت بالكاد أن تحصل على مؤهل دبلوم التجارة من منزلها، وأصابها الاكتئاب فترة إلى أن بدأت تقرأ وتستمع إلى دروس بالتنمية البشرية جعلتها تفيق من هذا الاكتئاب، وتظهر إلى العالم بوجه بشوش كامل دون إخفاء، معتبرة اختلافها هو سر تميزها، واستطاعت بالفعل أن تستكمل دراستها وتحصل على الماجستير، وهي حاليًا تستعد لمناقشة رسالة الدكتوراه.

أول عارضة أزياء لقصار القامة: مفيش فرق بيني وبين حد
"أهلي علموني أتعود علي نفسي وإنه مفيش فرق بيني وبين حد، الفروق بس بتكون في النفوس مش في شكل أجسامنا"، كلمات قالتها نسمة يحيي، أول عارضة أزياء لقصار القامة على صفحات مبادرة "ماتخبيش وشك" مشجعة كل مختلف أن يواجه مجتمعة بقوة، وأن يرى بهذا الاختلاف نعمة تستوجب الشكر.

ويذكر أن تلك المبادرة شهدت دعمًا كبيرًا من قبل المختلفين بنشرهم لصورهم بوجوههم "المختلفة" على صفحات "جروب المبادرة"، فرحين بتلك المبادرة، وبما تدعوه المجتمع من تعزيز لفكرة تقبلهم، كما شجع العديد من الفنانين والشخصيات البارزة مبادرة "ما تخبيش_وشك" بالعديد من الفيديوهات و"البوستات" الداعمة