رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الطب بـ40 ألف جنيه».. مافيا الشهادات المزورة تتاجر بالخريجين

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

ظاهرة انتشرت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة في مصر، حيثُ شهدت تجارة "الشهادات المزورة" رواجًا كبيرًا، ما أدى إلى حدوث العديد من الكوارث سواء داخل داخل الجامعات الحكومية أو الجامعات والمعاهد الخاصة، رغم ارتفاع نسب البطالة بين خريجي الجامعات، وهو ما أرجعه البعض لغياب الرقابة بسبب الظروف التي مرت بها البلاد.

ورغم انتشار هذه التجارة، وحصول العديد من الخريجين على "شهادات مزورة"، إلا أن أي جهة حكومية أو خاصة لم تصدر قائمة شاملة بأعداد الشهادات المزورة، لكن استطاعت السلطات المختصة ضبط العديد من الأشخاص الذين يبيعونها، بالإضافة للخريجين الذين تم قبولهم في الجامعات والمعاهد بشهادات مزورة.

مساء أمس - السبت - قرر مجلس الجامعات الخاصة والأهلية فصل ١٧٧ طالبا ثبت قبولهم بالجامعات الخاصة بشهادات محلية وعربية وأجنبية مزورة، وإحالة هؤلاء الطلاب إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة عقابا لهم على الجرم الذى ارتكبوه فى تقديم شهادات مزورة للحصول على مقاعد لا يستحقونها بعدد من الجامعات الخاصة.

لم تكن قصة الـ 177 طالبًا مختلفة عن باقي القصص التي رُويت على أسماعنا وكتبت عنها الصُحف والمواقع في جميع أنحاء العالم، ولم تكُن مصر البلد الوحيد الذي يعاني من تلك الظاهرة، بل دُول أخرى تقع في هذا الفخ المطلق، فهي ظاهرة أصبحت فيروسًا ينتشر لأنها أقرب وسيلة للتخلص من كاهن ثقيل الوزن على قلوب الطلاب وهى المرحلة الجامعية.

ولذلك أكد الدكتور خالد عبد الغفار- وزير التعليم العالي والبحث العلمي - على التحقيق الشامل من جانب الوزارة بمجرد اكتشاف التجاوز القانوني في قبول هؤلاء الطلاب بعدد من الجامعات الخاصة، كما وجه الوزير باتخاذ أشد العقوبات التي يقررها القانون ضد كل من يثبت تورطه فى تجاوز القانون في قبول هؤلاء الطلاب بتلك الجامعات.

إبراهيم محمد - اسم مستعار - صاحب سنتر - بإحدى المناطق في المنصورة بمحافظة الدقهلية يقول: إنَّ عملية تزوير الشهادات تحتاج إلى جُهد كبير من التدريب والخبرة وكيفية التعامل مع أجهزة الكمبيوتر، لا سيما التعلُم والتأهب لجميع البرامج التي يستخدمونها لاستخراج تلك الشهادات.

إبراهيم هو واحد من الذين يبادرون باستخراج الشهادات الجامعية وتعديل التواريخ والأرقام الموجودة بجواز السفر، وحسبما أكد خلال حواره مع معد التقرير، أنَّ الأسعار تختلف من شهادة إلى أخرى، فيصف شهادات القمة كالطب والصيدلة والهندسة والعلوم، وغيرها من الكليات العالية، بـ"القيمة الغالية".

شهادة الطب تتراوح أسعارها ما بين ثلاثين إلى أربعين ألفًا من الجنيهات حسب إبراهيم، فيما بلغ سعر الشهادة 10 آلاف جنيه للكليات النظرية، مثل "آداب، وتجارة، ودار العلوم"، موضحًا أنَّ الشهادات تختلف أيضًا كذلك استخدامها، وعندما سأل معد التقرير عن المدة المستغرقة لاستخراج الشهادة فأجاب:

"على حسب الشهادة وتطلبتها.. بس ممكن خلال 15 يوم بالكتير، والتسليم هيكون في أي مكان نحدّده بعد ما الفلوس كلها توصل والشهادة تخلص.. الموضوع يكون سر ما حدش يعرف حاجة عنه نهائيًا".

الدكتور عادل عبدالغفار، مستشار الوزير للعلاقات والاتفاقيات الدولية بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، قال إنَّ ظاهرة تزوير الشهادات العلمية، سواء البكالوريوس أو الماجستير والدكتوراه ليست ظاهرة مصرية فقط، بل ظاهرة عالمية، والمجلس الأعلى للجامعات يستقبل شهادات يريد الطالب اعتمادها كي يستكمل دراساته العليا، ويتم اكتشاف العديد من الشهادات المزورة.

وأضاف عبدالغفار، أنَّ معظم الجامعات المصرية الحكومية بالفعل تعاقدت مع عدد من الجهات المعنية للدولة وحاليًا أصبح هناك شهادات بعلامات مائية يصعب ويستحيل تزويرها، وبالفعل بدأت جامعتا القاهرة وعين شمس بتطبيق تلك الشهادات، وباقي الجامعات تبدأ تطبيقها.

واستكمل أن تلك الشهادات مثل العملة النقدية التي يصعب تزوريها، موضحا أن أي طالب يقدم شهادة من الداخل والخارج ويرغب باعتمادها من المجلس الأعلى للجامعات يقوم المجلس بالرجوع للجهة المعنية للتأكد من صحة الشهادة، بالإضافة للجنة الضبطية القضائية خلال الفترة الماضية ضبطت أكثر من 77 كيات وهمي خلال الفترة الماضية تمنح شهادات علمية، وهي جهات غير مرخصة من الأصل.

على حسب تصريحات الجهات المختصة داخل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، فإنه يوجد فى كل جهة حكومية قسم خاص للاستعلامات، يتم فيه الاستعلام عن الشهادات الجامعية، بينما فى الشركات الخاصة والصغيرة، تعتمد الإدارة على الخبرة أكثر من الشهادات، قبل التعيين.

البحث عن الأرقام والتسلسل الذى من المفترض أن يكون موجودًا على الشهادة، وهو ذاته الموجود والمطابق لرقم الشهادة أو الورقة الرسمية فى الدفاتر.

مساء السبت الماضي ضبطت مباحث الأموال العامة، خريج تجارة، حاصل على بكالوريوس تجارة، مقيم بمدينة طنطا بالغربية، لإدارته أكاديمية تعليمية وهمية، وترويجه شهادات مزورة من خلال إدارة كيان تعليمى "بدون ترخيص" بدائرة مركز شرطة أول طنطا، للنصب والاحتيال على المواطنين، وترويجه شهادات مزورة لراغبى الحصول عليها مقابل مبالغ مالية.

وبعد تحريات فرع وسط الدلتا بالإدارة العامة لمباحث الأموال العامة والجهات المعنية بالمحافظة، أفادت بأن الأكاديمية غير مرخصة ولا تخضع للرقابة والإشراف، وبتفتيش الأكاديمية عُثر بداخلها على 4 شهادات باللغة الأجنبية بأسماء أشخاص مختلفة، و7 نماذج لشهادات خالية البيانات منسوب صدورها لإحدى المدارس الأجنبية الدولية، و14 بيان نجاح، وبيان قيد لإحدى المراحل التعليمية منسوب لإدارات تعليمية مختلفة، جميعهم مزورون، و8 بطاقات اختبار للتقدم برغبات التنسيق للحاصلين على الشهادات العربية أو الأجنبية المعادلة منسوبة لإحدى الجهات الحكومية.

كما عثرت القوات على 48 وثيقة تعارف طلاب باللغة الأجنبية بأسماء أشخاص مختلفة من راغبى الالتحاق بالأكاديمية، ومجموعة كبيرة من الملفات وطلبات الالتحاق بالأكاديمية، وإقرارات خالية البيانات، و7 دفاتر إيصال استلام نقدية باسم ذلك الكيان بإجمالى 4 ملايين جنيه، وجهاز كمبيوتر محمل بالعديد من الشهادات باللغة الأجنبية، وكشوف درجات النجاح وشهادات التدرج الدراسى، وطلبات التحويل.
وبمواجهة المتهم، أقر بمزاولة ذلك النشاط، وتمت مخاطبة الجهات المعنية للعمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه الأكاديمية.

وفقًا للقانون، فالعقوبة تختلف بين الشخص الذى يزور شهادة فقط، وبين الذى يزورها ويستخدمها فى الجهات الحكومية، على الرغم من أن كليهما يعد جناية، ولكن تتراوح عقوبتهما من 3 إلى 15 سنة سجن.

وأوضح القانون أنَّ الأمر ربما يعد أصعب بالنسبة للمستخدم، حيث تُضاف لحيثيات القضية أمورا أخرى تزيدها سوءا، وأيضًا فإن العقوبة تقع بشكل أساسى على الفرد الذى يقدم شهادة مزورة باسمه لإحدى الجهات، وفى حال اتهام شخص آخر، يتم الفحص عن طريق خبير للخطوط، وفى حالة أن يكون المستند مزورًا من خلال جهاز كمبيوتر فالوضع يختلف تمامًا، ففى هذه الحالة، لإثبات التزوير يتم