رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السفير المكسيكي: الاقتصاد المصرى مزدهر.. وإجراءات الإصلاح ناجحة

السفير المكسيكي
السفير المكسيكي

٤ سنوات قضاها السفير المكسيكى، خوسيه أوكتابيو تريب، فى مصر حتى الآن، منذ توليه منصبه عام ٢٠١٦، وارتبط وجدانه خلال تلك الفترة بـ«المحروسة» وطبيعتها الساحرة، حتى صار محبًا للكثير من أطعمتها الشهيرة ومشجعًا لأنديتها الرياضية. ويحمل هذا العام طبيعة خاصة بالنسبة للسفير أوكتابيو، فى ظل حلول بلاده ضيف شرف على مهرجان القاهرة السينمائى، الذى تم افتتاح فعالياته أمس. فى السطور التالية، تحاور «الدستور» السفير المكسيكى عن الكثير من جوانب العلاقات الاقتصادية والثقافية والفنية بين البلدين، وتقييمه دور مصر فى تجديد الخطاب الدينى وتحقيق الاستقرار فى المنطقة، والتطورات التى شهدتها البلاد فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، وصولًا إلى حياته الشخصية فى بلاد النيل.

■ بداية.. هل تسهم مشاركة المكسيك كضيف شرف بمهرجان القاهرة السينمائى فى تعزيز العلاقات بين البلدين؟
- مهرجان القاهرة من أقدم وأهم المهرجانات فى الوطن العربى والشرق الأوسط والعالم، ولذلك يعتبر اختيار المكسيك ضيف شرف المهرجان مدعاة للفخر، وخطوة إيجابية أن تشارك البلاد فى حدث بهذه الضخامة.
وربما يكون مجال الفن والثقافة أهم من مجالات أخرى فى تعزيز العلاقات بين الشعوب، والشعبين المكسيكى والمصرى على وجه الخصوص، لما يحملانه من سمات متشابهة.
ويعتبر الحدث بوابة جديدة للتعاون بين الدولتين فى مجال الفنون والإبداع، خاصة أن مصر والمكسيك دولتان منتجتان للسينما، ولديهما صناعة كبرى فى هذا المجال، كما أن لمصر مكانة كبيرة فى تلك الصناعة، ووجود فنانين ومبدعين من المكسيك خلال المهرجان يساعد على التواصل بينهم وبين نظرائهم من المصريين، وهو أمر يثرى الجانبين ويسهم فى زيادة تعرف الشعب المصرى على الفنون المكسيكية، خاصة أن لديه شغفًا تجاه المسلسلات المكسيكية المدبلجة، والجمهور سيتعرف خلال المهرجان بشكل أكبر على الفن المكسيكى وأفلامه.
وتأتى المشاركة فى وقت تشهد فيه صناعة السينما المكسيكية طفرة كبيرة، خاصة مع مشاركة مجموعة من المبدعين والموهوبين والمنتجين وكُتّاب السيناريو الذين أسهموا فى نهضة السينما المكسيكية.
والطفرة فى السينما المكسيكية تظهر بشكل كبير من خلال الإحصائيات الأخيرة التى تكشف عن أن المكسيك أنتجت ١٧٦ فيلمًا عام ٢٠١٧، وفى عام ٢٠١٨ زاد العدد إلى ١٨٦ فيلمًا، محطمة بذلك الأرقام القياسية، حيث نمت صناعة السينما بمعدل ٤ أضعاف معدل نمو الاقتصاد الكلى فى البلاد.
وهناك زيادة فى عدد الحاصلين على جوائز «الأوسكار» من المكسيكيين وصل إلى ٣٢ سينمائيًًا، ٥ منهم حصلوا على جائزة أفضل مخرج، و٥ آخرون حصدوا جائزة أفضل تصوير، وواحد لأفضل فيلم أجنبى، ومجموعة أخرى فى الفئات المختلفة، وفى عام ٢٠١٨ فقط فازت الأفلام المكسيكية بـ٧٨ جائزة من ٢٣ دولة.
■ ما طبيعة التعاون بين الجانبين فى مجالات الفنون والثقافة؟
- هناك الكثير من التعاون بين البلدين فى المجالين الثقافى والفنى، خاصة فى نشاط الأوبرا والغناء، وقد أحيت الشهر الماضى فرقة شهيرة من المكسيك حفلًا بدار الأوبرا بالقاهرة.
وهناك تواصل فنى بين الشعبين فى مجال السينما، والسينما المصرية معروفة فى جميع أنحاء العالم وحتى فى المكسيك، ومن ضمن الفنانين المكسيكيين المدعوين إلى المهرجان، المخرج جابريل ريبشتاين، ابن المخرج المكسيكى الشهير أرتورو ريبشتاين الذى قدم النسخة المكسيكية من فيلم «بداية ونهاية» عن رواية الكاتب الكبير نجيب محفوظ.
ولو لم ير «ريبشتاين» النسخة المصرية من الفيلم ويتأثر بها، لكان إخراجه للفيلم سيختلف وربما ما كان أقدم على الخطوة بالأساس، لكن الفيلم حقق نجاحًا كبيرًا وحصل على ١٥ جائزة محلية ودولية، وهو من بطولة برونو بشير ولوثيا مونيوث ولويس فيليب توبار وبلانكا جيرا، والفيلم عرض للمرة الأولى فى سبتمبر ١٩٩٣ بمهرجان سان سيباستيان السينمائى الدولى بإسبانيا، وحصل على الجائزة الكبرى كأفضل فيلم غير إسبانى ناطق بالإسبانية.
كما تعرف الجمهور المكسيكى على النجمة العالمية المكسيكية سلمى حايك من خلال تمثيلها النسخة المقتبسة من فيلم «زقاق المدق» المصرى، المأخوذ عن رواية العالمى نجيب محفوظ، التى تحمل نفس الاسم، وتم عرضه فى عام ١٩٩٥ تحت عنوان «El callejn de los Milagros»، وكان أول دور سينمائى لها، وحصل الفيلم على ٤٩ جائزة دولية، وجائزة «the Ariel» التى تماثل جائزة الأوسكار بالمكسيك.
وإقامة أنشطة ثقافية فى القاهرة تحد كبير وذو أهمية كبيرة، لأنها عاصمة الثقافة العربية والشرق أوسطية، وتتميز بتنوع الأفق الثقافى فيها، وبكونها مدينة منفتحة على العالم كله. والثقافة هى أحد أعمدة التواصل بين مصر وأمريكا اللاتينية بوجه عام، وسط الدعم القوى والمنهجى الذى تقدمه السلطات المصرية لإثراء ذلك المجال، ولتشابه حضارتيهما.
■ ماذا عن الجوانب الاقتصادية؟
- هناك تعاون فى المجال الاقتصادى، خاصة بعد أن ازدهر الاقتصاد المصرى بشكل كبير فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهو أمر ينعكس بشكل كبير على المكسيك، فكلما زاد النمو فى مصر ارتفع عدد شركاتنا العاملة فيها، وهناك تطور واضح فى التعاون التجارى بين البلدين.
وحجم الاستثمارات المكسيكية فى مصر وصل إلى مليار دولار حاليًا فى عدد من المجالات، منها صناعة الأسمنت والكيماويات وإدارة المياه والنقل، وقطاع المنسوجات والطاقة، إضافة إلى التبادل العلمى على مستوى الجامعات والأبحاث بين البلدين.
وبحكم عملى سفيرًا لبلدى، أجرى مفاوضات عديدة مع وزارة التجارة والصناعة المصرية لتحديث الاتفاقيات التجارية ومذكرات التفاهم بين البلدين، بهدف تنشيط حركة التجارة بينهما، ودعوت جمعية رجال الأعمال لترتيب زيارة وفد منها إلى المكسيك، للتعرف على أهم فرص الاستثمار وتعزيز التجارة، فى ظل وجود وفود اقتصادية متبادلة بين البلدين.
والاستثمارات المكسيكية بمصر فى نمو مستمر، وسيتم افتتاح مصنع جديد للمواد الكيماوية فى مدينة برج العرب بالإسكندرية، فى يناير المقبل، باستثمارات مكسيكية قيمتها ٣٦ مليون دولار، كما أنه لدينا شركة تعمل فى مجال إدارة المياه بمنطقة أبورواش باستثمارات ٣٢٠ مليون دولار.
ولدينا شركات مكسيكية تدرس الاستثمار فى محور قناة السويس، والعاصمة الإدارية الجديدة وغيرهما من المناطق الحرة، وسيحدث ذلك بشكل كبير خلال الفترة المقبلة، وذلك بسبب نجاح الإجراءات الاقتصادية التى قامت بها مصر مؤخرًا، وجعلت البلاد جاذبة للاستثمار.
وهناك استثمارات مصرية كبيرة فى المكسيك، خاصة فى مجال البترول، وهو مجال مهم للغاية بالنسبة لبلادنا، إذ تمتلك المكسيك واحدة من أكبر محطات الرياح فى العالم ومتقدمة فى تجميع وتصنيع الألواح الشمسية، إلى جانب الغزل والنسيج ومجالات التعدين، والمكسيك تعد من أبرز الدول المستوردة للرخام المصرى واليوريا وسلفات البوتاسيوم.
■ ما أسباب ضعف الوفود السياحية المكسيكية إلى مصر؟
- الشعب المكسيكى يحب الحضارة المصرية والآثار الفرعونية، لكن هناك الكثير من العوامل تحد من توافد السياح المكسيكيين إلى مصر، وهى ارتفاع أسعار تذاكر الطيران، والمسافة البعيدة بين البلدين، وعدم وجود خطوط جوية مباشرة بينهما.
ولتعزيز التعاون فى المجال السياحى، يجب خفض أسعار التذاكر وتوفير خطوط مباشرة، لتنشيط الحركة السياحية، إذ بينت آخر إحصائية أن عدد السياح المكسيك فى مصر خلال عام ٢٠١٨ بلغ ٢٠٠٠ سائح فقط.
■ وماذا عن تقييمك للوضعين الأمنى والاقتصادى لمصر فى عهد الرئيس السيسى؟
- لا شك أن هناك اختلافًا كبيرًا فى مجالى الاقتصاد والأمن بمصر فى عهد الرئيس السيسى. فهناك تحسن واضح وازدهار اقتصادى واستقرار أمنى فى البلاد، والاثنان يكملان بعضهما البعض، فكلما كان الأمن والمناخ مستقرًا نما الاقتصاد، وهو ما حدث خلال الأعوام القليلة الماضية، إذ تشهد مصر طفرة فى الاستثمارات وتعافيًا للجنيه المصرى، وتوفيرًا للعملة الصعبة، وهناك جاذبية للسوق المصرية بالنسبة للمستثمر الأجنبى.
■ كيف ترى دور مصر فى تجديد الخطاب الدينى بالمنطقة ومكافحة الإرهاب واحتواء أزمات المنطقة؟
- المكسيك وأى دولة أخرى تعرف أهمية الدور المصرى فى عملية تعزيز الأمن والأمان والاستقرار فى المنطقة، وفى عدة مناطق أخرى إقليمية ودولية، كما أن دورها فى تجديد الخطاب الدينى ونبذ الكراهية والعنف مثمر، وكذلك فى مجال مكافحة الإرهاب، حيث أسهمت جهود الدولة فى تقليص العمليات الإرهابية داخل البلاد وعلى حدودها. ومصر تعتبر دولة قيادية بالمنطقة ووسيطًا موثوقًا به فى استعادة الاستقرار فى البلدان المجاورة والتى تعيش صراعات ساخنة، ويتضح دورها أيضًا فى إدارتها الملفين الفلسطينى والليبى وغيرهما من الملفات الإقليمية.
■ هل هناك زيارات مرتقبة لوفود مكسيكية دبلوماسية إلى القاهرة؟
- تم تعيين مسئولة جديدة فى وزارة الخارجية المكسيكية لشئون الشرق الأوسط، وهو ما سيؤثر على حجم التبادلات والزيارات الرسمية والدبلوماسية رفيعة المستوى إلى مصر، وربما تكون هناك زيارة لوفد رفيع المستوى إلى القاهرة خلال ٢٠٢٠.
■ ماذا عن التعاون الثنائى على مستوى المنظمات الدولية؟
- مصر والمكسيك مشاركتان فى جميع المنظمات التابعة للأمم المتحدة، ودائمًا ما يكون هناك دور فعال للبلدين فى المناقشات وتبادل الآراء حول القضايا الدولية المهمة، وعلى رأسها الأمن ومكافحة الإرهاب والهجرة والتنمية المستدامة والبيئة والمناخ. وهناك تعاون غير معروف بين البلدين، وهو أن مصر والمكسيك عادة ما تتبادلان التصويت لمرشحى بلديهما لعضوية المنظمات الدولية.
وإلى جانب مصر، هناك علاقات كبيرة بين المكسيك وكثير من الدول العربية، خاصة لبنان والمغرب ودول الخليج، التى نتعاون معها فى مجال الطاقة.
■ ما موقفكم تجاه الأحداث الجارية فى لبنان والعراق والقضية الفلسطينية؟
- موقف المكسيك واضح من الصراعات. فهى تؤمن بضرورة حل الأزمات السياسية بالسلام، ونبذ كل ما يؤدى إلى إشعال الفوضى والعنف. وموقفنا من القضية الفلسطينية تاريخى، وندعو دائمًا فى المحافل الدولية إلى ضرورة حل الدولتين والعيش فى سلام بين إسرائيل وفلسطين.
■ كيف تمر حياتك الخاصة فى القاهرة؟
- أنا هنا منذ ٢٠١٦، وأشعر بالسعادة لوجودى فى مصر، ولدىّ إجازة سنوية أسافر فيها إلى المكسيك، ومن الأكلات التى أفضلها كثيرًا الحلويات المصرية، خاصة «الكنافة» و«أم على»، ومن الأماكن المفضلة لدىّ الأقصر ومعبد أبوسمبل، وأحب البحر الأحمر والمنتجعات الشاطئية هناك.
■ ما فريق كرة القدم المصرى المفضل لديك؟
- لا أشجع فريقًا بعينه، أنا أفضل مشاهدة مباريات الأهلى والزمالك معًا ولا أفضل أحدهما على الآخر، فهما فريقان عريقان فى مصر.
■ فى يونيو الماضى، تم اختيارك ضمن أفضل الشخصيات تأثيرًا فى مصر.. كيف شعرت حيال ذلك التقدير، ولماذا حصلت عليه؟
- كان شعورًا جيدًا. فالجائزة جاءت تقديرًا للجهود التى بذلتها فى تعزيز العلاقات المصرية المكسيكية منذ وصولى إلى مصر، وتولى مهام منصبى سفيرًا للمكسيك، فضلًا عن دور السفارة بشكل عام فى تدعيم هذه العلاقات.