رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"أبرزهم السادات والشعراوي".. مشاهير ارتادوا مولد "السيد البدوي"

جريدة الدستور

مدد يا سيد يا بدوي مدد، جملة رددها 2 مليون زائر لمدينة طنطا أسبوع كامل، انتهى أمس الخميس، بإحياء الليلة الختامية من مولد السيد البدوي، والتي يحييها محمود ياسين التهامي، نقيب المنشدين، وحضر الاحتفال الدكتور عبد الهادي القصبي، رئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية، وبحضور محافظ الغربية، واللواء محمود حمزة، مدير أمن الغربية، وبمشاركة المسئولين التنفيذيين، وأعضاء مجلس النواب، من كافة مراكز المحافظة، وأعضاء نحو 76 طريقة صوفية على مستوى الجمهورية والدول العربية.

وكالعادة ظهر العشاق والاتباع من أصحاب المهن المختلفة خاصة الغريبة منها والمُهددة بالانقراض، ورغم حرص المواطنون على اصطحاب أمتعتهم وما يكفيهم من طعام وملابس طوال فترة تواجدهم بطنطا لحضور احتفالات مولد العارف بالله سيدي أحمد البدوي، إلا أن المولد فرصة كبيرة لتنشيط عملية البيع في محيط المسجد، وهو أسبوع يزيد من اقتصاد المدينة، وينتظرهم أصحاب المحلات والباعة الجائلين من طنطا وخارجها.

ووسط هذا الزخم والزحام تظهر الطرق الصوفية، التي تتخذ المولد مناسبة كبيرة لممارسة شعائرهم الخاصة ما بين حلقات ذكر وفي بعض الأوقات مدائح نبوية ممزوجة بالموسيقى لبعض مشاهير المدح بين أصحاب الطرق الصوفية، مع تمايل على الجانبين من المتابعين والمتواجدين في توحيد لحركاتهم.

ويقول الشيخ أشرف عطية، شيخ الطريق القادرية الشاذلية بالغربية، في حديث خاص لـ"الدستور"،: "أحضر إلى مولد السيد البدوي منذ أكثر من 40 عاما، فقد كنت أحضر بصحبة والدي وجدي رحمهما الله، واستمريت في الحضور لأني انتظر المولد طول السنة، وبعضنا يُقيم إمام المسجد قبل انطلاق أيامه، ولا يغادرون طنطا إلا بعد انتهاء أيام المولد، وبعضنا يتردد يومًا بعد يوم ولكن الليلة الختامية نتواجد جميعًا، وبحرص الجميع على التواجد في حلقات الذكر".

وتابع: "إن التجليات والنفحات والروحانيات المنبعثة من هذه الحلقات لا مثيل لها، وتشعر بها في مثل هذه الأماكن متضاعفة هنا في مقام سيدي أحمد البدوي، وسيدي إبراهيم الدسوقي، في دسوق بكفر الشيخ، وسيدي المرسي أبو العباس، بالإسكندرية، سيدي عبد الرحمن القناوي، بقنا، وقبلهم كل آل البيت النبوي الشريف".

وأضاف، أن مولد السيد البدوي مزار ديني كبير يحرص عدد كبير جدًا من الناس على الحضور فيه من كافة محافظات مصر ومن خارج مصر، وأن تنظيمه حدث كبير تنجح فيه محافظة الغربية باقتدار كل عام، موجهًا شكره لأهالي الغربية وقيادتها الشعبية والتنفيذية والأمنية على حسن التعامل وكرم الاستقبال.

وارتبطت الليلة الكبيرة لمولد السيد البدوى، والذى يقام فى شهر أكتوبر من كل عام بحضور المشاهير من نجوم السياسة والفن والمنشدين حيث ارتبط الرئيس محمد أنور السادات بعلاقة خاصة بالسيد البدوى وخاصة أنه من قرية ميت أبو الكوم مركز تلا والتي تبعد قليلا عن مدينة طنطا وكان يحب أن يصلى الفجر فى السيد البدوى، ويستمع الى ابتهالات الشيخ سيد النقشبندي.

وأكد الشاعر مصطفى منصور، رئيس نادى الأدب، أن الرئيس السادات، كان يحب الشيخ المتصوف محمد خليل، وكان يعمل مدرس بالمعهد الأزهري بطنطا، ومن أحباء السيد البدوى ولقب بشاعر الرسول، مشيرًا أن الرئيس السادات أمر بدفنه بمسجد المحافظة بجوار استراحة المحافظ وله مولد سنوى في شهر أبريل من كل عام.

وأضاف أن كتاب عرفت السادات، أكد أن السادات كان يضع صورته بجوار خليل فى مكتبه بالرئاسة مشيرًا الى أنه في إحدى الزيارات نهر خليل حراس السادات لأنهم كانوا يقفون فى الاتجاه الخاطىء للقبلة أثناء إحدى الصلوات هم وبعدها قال السادات لحراسة اسمعوا كلام الشيخ خليل.

وأكد محمود هيكل، أحد شباب الطرق الصوفية وخليفة خلفاء السادة الرفاعية بالغربية، أن السفير الأمريكى ريتشارد دونى، زار مولد السيد البدوى، عدة مرات وخاصة لدى الطريقة الجازولية الشاذلية، وبعدها قام بالمرور على عدد من مشايخ الطرق الصوفية علاوة على قيامه بالمرور بعدة مناطق مزدحمة بالمواطنين وكان يداعبهم باستمرار.

وأضاف هيكل، أن نيل هونكز، السفير الاسترالي بالقاهرة، شارك عدة مرات بفعاليات مولد السيد البدوى وكان وسط حراسة أمنية مشددة، وبحضور اللواء حسام الدين خليفة مدير أمن الغربية الأسبق، الذى رافق السفير خلال جولته بالمولد، مشيرًا أن السفير قال إن حلمه فى الدنيا كان زيارة مولد السيد البدوى، ودخول خيامه والتعرف على الفعاليات التي تقام خلال المولد".

وأضاف هيكل، أن عدد من المشاهير قاموا بحضور مولد السيد البدوى منهم الإمام محمد متولى الشعراوى، والحبيب على الجفرى، والدكتور محمد مهنا، وكيل الأزهر والدكتور محمد محمود أبو هاشم، شيخ الطريقة الهاشمية ونائب رئيس جامعة الأزهر وشيخ مشايخ الطرق الصوفية، وشيخ الطريقة القصبية الخلوتية الدكتور عبد الهادى القصبى وممثل الأغلبية.

وأكد محمود سعد، أحد شباب الطرق الصوفية إن السفير الأمريكى عندما حضر الى مولد البدوى تخلى عن جميع البروتوكلات وقام بخلع الكرافتة الخاصة به والجلوس داخل الخيمة لسماع التواشيح الدينية علاوة على حبة شراء الحمص والخل.

وكشف أنه طلب من الحرس الخاص به شراء حلوى المولد وقام الحرس بتذوق الحلو قبل أن يتذوقها السفير بنفسه ثم توجه للسرادق الذي أقامته المحافظة بمناسبة المولد وشارك المطرب محمد ثروت الغناء والإنشاد الديني.

وكشف أن السفير الأمريكي فى إحدى السنوات اصطحب نجلته "كيارا" إلى المولد وكان برفقتهما الدكتور علي السمان عضو لجنة الحوار بين الأديان بالأزهر الشريف وعدد من مشايخ الطرق، مشيرا انه كان ويؤكد على كونه "عاشق للصوفية ولمبادئها التي تدعو إلى السماحة والعدل".

وأضاف أن أحد مشايخ الطرق أعطاه هدية كتابين وهما "الطريقة الجازولية"، و"مدرسة التصوف الجازولي في العصر الحديث".

ويذكر أن سيدى أحمد البدوى، هو أحمد بن على إبراهيم البدوى السيد (فاس ١٢٠٠ - طنطا ١٢٧٦)، لقب بـ "الشيخ المعتقد الصالح أبو الفتيان"، وله طريقة معروفة باسم الطريقة الأحمدية، وينتسب السيد البدوى للإمام على بن أبى طالب، ولقب بـ"البدوى"؛ لأنه كان يتلعثم على عادة بدو شمال أفريقيا ولد بمدينة فاس بالمغرب عام 1200 ميلادية وتوفى 1276، ولقب بـ الشيخ المعتقد الصالح أبو الفتيان، وعرف بـ"أبو اللثامين السطوحى"، وهو إمام صوفى سنى عربى، وثالث أقطاب الولاية الأربعة لدى المتصوفين، وإليه تنسب الطريقة البدوية ذات الراية الحمراء. لُقب بالبدوى لأنه كان دائم تغطية وجهه باللثام مثل أهل البادية، وله الكثير من الألقاب، أشهرها شيخ العرب والسطوحى.

ينتهى نسبه من جهة أبيه إلى الحسين بن على بن أبى طالب. وولد البدوى بمدينة فاس المغربية، وهاجر إلى مكة مع عائلته فى سن سبع سنوات، واستغرقت الرحلة أربع سنوات، منهم ثلاث سنوات أقاموها بمصر. وعندما بلغ الثامنة والثلاثين من عمره، سافر إلى العراق مع شقيقه الأكبر حسن، ورجع بعد عام واحد إلى مكة، ثم قرر فى نفس عام رجوعه، الهجرة إلى مصر، وتحديدًا إلى مدينة طنطا، لتكون موطن انتشار طريقته.

ويُنسب إلى البدوى العديد من الكرامات، أشهرها ما يتداوله العامة أنه كان ينقذ الأسرى المصريين من أوروبا الذين تم أسرهم فى الحروب الصليبية، ولذلك انتشرت مقولة فى التراث الشعبى المصرى هى الله الله يا بدوي جاب اليسرى، أى أن البدوى قد جاء بالأسرى.

ويُقام له فى مدينة طنطا احتفالان سنويًا، أحدهما فى شهر أبريل يُسمى بالمولد الرجبى، والثاني فى أكتوبر وهو الاحتفال بمولده الذي يُعد أكبر الاحتفالات الدينية فى مصر على الإطلاق، حيث يزور مسجده الكائن بقلب المدينة أكثر من 2 مليون زائر في المتوسط خلال اسبوع المولد وسط إجراءات أمنية مشددة وكاميرات مراقبة مع الاستعانة بالكلاب البوليسية المدربة وأدوات الكشف على الأجسام الغريبة والمتفجرات بعد أن تم تركيب بوابات لمداخل ومخارج المولد عقب حادث عام ٢٠١٤بتفجير عبوة بجوار المسجد الأحمدي واسفرت وقتها عن إصابات للرواد دون وقوع ضحايا وهذا هو العام الثالث على التوالي الذي يحتفل به الصوفية بالمولد بدون خليفة يطوف على حصانه مدينة طنطا.