رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأم منقذة ابنها من حبل المشنقة بـ«مرافعة تاريخية»: أقنعت المحكمة بمعاناته من «الصرع»

جريدة الدستور


أثارت السيدة «آمال. ف»، من مدينة الزقازيق فى الشرقية، إعجاب كثيرين، وجذبت إليها أنظار كل من استمعوا إلى قصتها الفريدة، بعدما نجحت فى إنقاذ نجلها من حبل المشنقة، فبعد اتهامه بقتل مواطن عبر إلقائه من قطار ركاب، تمكنت الأم من إلقاء «مرافعة تاريخية» فى المحكمة أثبتت خلالها معاناة الابن من مرض الصرع، ما أسفر عن براءته فى النهاية.
وترافعت الأم عن الابن، خلال جلسة محاكمته فى القضية رقم ١١٠٩ لسنة ٢٠١٨، أمام محكمة جنايات دمنهور، وشرحت للقاضى تفاصيل إصابته بـ«الصرع»، وطبيعة حالته المرضية التى كانت سببًا فى ارتكابه الجريمة، واقتنعت هيئة المحكمة بالأدلة التى ساقتها، وقضت ببراءة الشاب من تهمة القتل.
وروت السيدة قصتها، قائلة إنها «متزوجة من ٣٠ عامًا، وأولادها جميعًا يعانون من مرض الصرع، الذى ورثوه عن والدهم، الذى توفى أيضًا بنوبة صرع شرسة، ولم تتمكن حينها من إجراء الإسعافات الأولية له فلفظ أنفاسه الأخيرة خلال النوبة».
وأضافت: «أتعامل مع أبنائى المرضى بكفاءة، وأصبحت خبيرة فى أعراض مرضهم وظروفهم الصحية، حتى إن الأطباء يدونون حديثى ويسجلونه، للتعرف على تفاصيل المرض والنوبات، وباحثو رسالات دكتوراه يزورونى فى المنزل للتعرف على تفاصيل حالات أبنائى».
وسردت الأم كواليس القضية التى تورط فيها نجلها المريض، قائلة: «فى يوم جمعة، لاحظت أعراض نوبة الصرع على نجلى على، وطلبت منه عدم النزول للصلاة خوفًا عليه، وخشية أن يحدث اضطراب داخل المسجد فى حالة أصابته النوبة».
وأضافت: «استجاب الابن لى، لكن عقب الصلاة مر عليه أحد أصدقائه يدعى محمد، وطلب منى أن يصطحبه لتناول مشروب على المقهى المجاور للمنزل، فوافقت بشرط عدم الابتعاد عن المنزل».
وواصلت: «ابنى نزل مع صديقه لكن دون بطاقة شخصية أو هاتف أو مال، وجلسا على مقهى بالقرب من محطة القطار، فلاحظ صديقه تغير حالته وظهور أعراض إعياء عليه، فدفع حساب المشروبات ليصطحبه سريعًا إلى المنزل، فركل المشروبات بقدمه وركض ثم اختفى».
وأشارت إلى أن صديقه عاد للمنزل ليخبرها بما حدث، فأخطرت الشرطة، التى بدورها اشترطت أن يمر ٤٨ ساعة على اختفائه من أجل تحرير المحضر، وبعد مرور الوقت حررته.
وقالت إن نجلها ركب القطار، وتعرض لنوبة شديدة على متنه، وخلال ذلك ألقى بشخص من العربة، ثم تعرض لتشنجات شديدة وجرح نفسه، واضطر الركاب لربط وجهه بشال، بعد أن أصبح شكله مرعبًا، لأن مريض الصرع أثناء نوبات التشنج يتعرض لاختفاء سواد عينيه، ويحتقن بياضهما بالدماء، ليصبح وجهه مخيفًا جدًا لمن لا يعرف أعراض المرض.
وأضافت أنها تلقت مكالمة هاتفية من الشرطة تخبرها بأن نجلها فى الإسكندرية، وتطلب منها الحضور لاستلامه، وعندما وصلت شرحت قصة مرضه، قبل أن يخبرها أحدهم بوقوع الحادث، وأن نجلها تسبب فى مقتل مواطن.
وعلمت الأم أن الشرطة كبلت يدى نجلها بـ«الكلبشات» ووضعته فى الحبس، لكنه خبط رأسه فى حديد القفص، وجرى تحرير محضر بالواقعة التى تحولت لقضية، وإحالة الابن للمحاكمة.
وعن كواليس المحاكمة، كشفت عن أنها وكلت ٤ محامين للترافع، وصفتهم بأنهم «كان هدفهم جميعًا تقاضى الأموال»، مواصلة: «وجدت المحامين يتحدثون بالقانون، مغفلين الجوانب الإنسانية والطبية فى القضية».
وقالت: «لم أتمكن من رؤية ابنى يضيع ويكون مصيره إلى حبل المشنقة، فتركت المحامى يقف بجانبى فى المحكمة، وترافعت أنا أمام القاضى حتى أثبت براءته».
وأضافت أن القاضى اقتنع بمرافعتها، ولم يعطه البراءة تعاطفًا لكن اقتناعًا، بعد أن شرحت له الحالة بالتفصيل، وجسدت نوبات الصرع، ودعم موقفها شهود العيان الذين أقروا بتعرض نجلها لنوبات صرع شديدة، إلى جانب التقارير الطبية للمريض على مدى حياته، التى أقرت بمرضه» منوهة بأن القاضى أعطى نجلها براءة جنائية، على أن يعالج فى مصحة نفسية.
وروت الأم أنها تعبت كثيرًا فى تربية أبنائها، وتركت عملها كمعلمة للعلوم الشرعية للتفرغ لرعايتهم، متابعة: «عشت ممرضة وخادمة وطباخة وأمًا وأبًا بعد وفاة الوالد، وحرصت على تعليمهم تعليمًا عاليًا، وتربيتهم على الدين والأخلاق».
وأشارت إلى أن تعليم أبنائها كان مرهقًا، لأنها كانت تحضر الدروس والمحاضرات شخصيًا وتذاكرها حتى تدرسها لأبنائها، إلى جانب معاناتها مع مرضهم وارتكابهم أفعالًا عدوانية لا إرادية.