رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد وفاة «الصايغ».. ماذا قال كتاب مصر عن أمين اتحاد الكتاب العرب

جريدة الدستور

رحل عن عالمنا شاعر إماراتي كانت له بصمة في تاريخ الشعر العربي المعاصر، ووضع لمساته الملموسة أيضًا على المناصب التي تولاها خلال حياته، ويأتي على رأسها اتحاد أدباء العرب، هو الشاعر حبيب الصايغ.

في ١٩٥٥، استقبلت مدينة أبوظبي الإماراتية، شاعرها حبيب يوسف عبدالله الصايغ، الذي بدأت رحلته الشعرية بقصيدة أهداها لوالدته ثم تدرج في قصائد أخرى، إلى أن دخل عالم الصحافة في مرحلة الثانوية العامة بمدرسة "جابر بن حيان"، فينثر عن الوطن وقضاياه إلى أن ذاع صيته لتفوقه في هذا المجال، حتى وصل نبوغه في الكتابة الوطنية إلى مسامع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وهو مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة وأول رئيس لها، وأبو رئيسها الحالى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.

بعدما تابع الشيخ زايد أعمال "الصايغ" أصدر قرارًا بتعيينه محررًا في صحيفة "الاتحاد" الناشئة عام 1973 براتب شهري 3000 درهم، تشجيعًا لموهبته، إلا أن "الصايغ" لم يكتفِ بما وصل إليه رغم حداثة سنه، لكنه نجح في الحصول على إجازة الفلسفة عام 1977 ثم حصل على الماجستير في اللغويات الإنجليزية العربية والترجمة عام 1998 من جامعة لندن، وهو ما زاد ثرائه اللغوي والثقافي، أيضًا كان له دور في كتاباته التي جمعت بين الواقع والخيال.

مع تمكنه من العمل الصحفي، بدأ في التدرج في مناصبها، فكانت البداية حين أصبح مسئولاً عن صفحة تحت عنوان "نادي القلم" بجريدة "الاتحاد"، مهتمة بجذب عدد من الأقلام المحلية الواعدة لتشجيعها، ثم أوكل إليه منصب مدير الإعلام الداخلي بوزارة الإعلام والثقافة في دولة الإمارات عام ١٩٧٧، ثم حصل بعدها على ترقية في جريدته فأصبح نائبًا لرئيس تحرير الجريدة عام ١٩٧٨.

وفي العام ١٩٨٠ أسّس أول ملحق ثقافي بالإمارات تحت اسم "الفجر الثقافي"، ثم أسس في عام ١٩٨٢ مجلة "أوراق نقدية" وترأس تحريرها حتى عام ١٩٩٥ كما ترأس تحرير مجلة "شؤون أدبية" التي تصدر عن اتحاد كتاب وأدباء الإمارات للأعداد من ٥٨ - ٦٢ والعددين ٧١ و ٧٢، كما ظل كاتبًا مشاركًا في صحافة الإمارات منذ بداية تأسيسها وله زاوية يومية لم تنقطع منذ فبراير ١٩٧٨.

وجانبه الآخر الذي كان سببًا في سطوع اسمه في أضواء الشهرة الأدبية كان متعلقاته الشعرية، ولعل أبرزها: هنا بار بني عبس الدعوة عامة عام 1980، التصريح الأخير للناطق باسم نفسه عام 1981، قصائد إلى بيروت 1982، ميارى عام 1983، الملامح 1986، قصائد على بحر البحر عام 1993، وردة الكهولة 1995، غد عام 1995، رسم بياني لأسراب الزرافات 2011، كسر في الوزن عام 2011، الأعمال الشعرية الكاملة جزء1 وجزء 2 عام 2012.

وإلى جانب شغفه الصحفي والشعري، كانت له مناصب إدارية أخرى منها: رئيس اللجنة الوطنية للصحافة الأخلاقية في الإمارات، نائب رئيس لجنة توطين وتنمية الموارد البشرية في القطاع الإعلامي في دولة الإمارات، مدير عام مركز سلطان بن زايد للثقافة والإعلام، عضو مجلس إدارة نادي تراث الإمارات، رئيس لجنة الإعلام والعلاقات العامة في النادي، المشرف العام على مجلة "تراث" الشهرية التي يصدرها النادي، رئيس الهيئة الإدارية لمسرح أبوظبي، رئيس الهيئة الإدارية لبيت الشعر في أبوظبي، رئيس وفد المجتمع المدني الإماراتي إلى منتدى المستقبل.

وكانت آخر المناصب التي رافقته لقبها حتى وفاته هي رئيس مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، والأمين العام للاتحاد العام للأدباء، ورئيس تحرير مجلة "الكاتب العربي" التي تصدر عن "الاتحاد"، حتى رحل عن عالمنا في ٢٠ أغسطس، عن عمر يناهز ٦٤ عامًا.

رجل بهذا الثراء الفكري والشعري كان لا بد وأن يكون ضمن الحاصلين على عدد من التكريمات، تقديرًا لمجهوداته ولمساته التي أضافها للمجال الشعري والصحفي، فحصل في العام 2004 على جائزة تريم عمران ( فئة رواد الصحافة )، وكرمته جمعية الصحفيين عام 2006 كأول من قضى 35 عامًا في خدمة الصحافة الوطنية، كما
حصل في العام 2007 على جائزة الدولة التقديرية في الآداب، وكانت المرة الأولى التي تُمنح لشاعر.

سراج: "الصايغ" كان له بصمة ثقافية مهمة
رثاء له، تحدثت "الدستور" مع عدد من الكتاب المصريين لتوجيه كلمة ل"الصايغ"، فالبداية كانت مع أحمد سراج، كاتب مصري، قال إن حبيب الصايغ واحد من الشعراء العرب المهمين ثقافيًا وشغل منصب الأمين العام لاتحاد أدباء العرب، ورأسه بشكل مشرف، وحيث كان متابعًا لكل الأحداث الثقافية والعربية وأول من يؤبن أي كاتب مصري في البداية حتى قبل توليه هذا المنصب، وله بصمة مهمة قوميًا وشعبيًا حيث انصبت اهتماماته على القضايا العربية والقومية، لعل أهمها هي قضية فلسطين.

وتطرق "سراج"، في حديثه مع "الدستور" إلى أهم مقالاته، والتي شن فيها هجومًا على كاتبة سعودية أعلنت تأييدها للتطبيع مع الاحتلال الصهيوني، محذرًا فيه عن الخطر الصهيوني على العرب، وكان مقاله ينم عن وعي كبير، حيث فصل فيها بين الاتجاه السياسي واتجاهه كواحد من أهم المثقفين العرب.

في برقية منه لأحد الكتاب الفلسطينيين، أرسل إليه كلماته التي تؤكد موقفه تجاه القضية الفلسطينية، فقال: "فلسطين ستظل مركز اهتمام الأدباء والكتاب العرب في كل مكان، وأنها ستظل قضية العرب المركزية، والجرح الذي ينزف في قلوب كل المخلصين، وأنه لن يهدأ بال الأدباء والكتاب العرب إلا بعودة كل النازحين، ورفع العلم الفلسطيني على كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة".

وعلى المستوى الشخصي، تحدث "سراج" عن كونه شخصًا مهذبًا ومدرك لواقع مسئوليته، وحتى في مخالفته الرأي مع أي شخص يكون بشكل لائق بمكانته وقدره، مستدلاً بقضية بسبب المقال الذي كتبه الأخير معلنًا فيه اسم الفائز بجائزة البوكر العربية، حيث لم ينكر تسليم الجائزة للشخص الخاطئ، لكنه دافع بمنطلق الشخص الوطني الغيور، وحتى حين يتم انتقاده يتقبل الأمر بصدر رحب.

تعود القصة إلى إبريل الماضي، حيث كتب "الصايغ"، في مقاله بجريدة "الخليج" عن قصة جائزة "البوكر": "السبق الصحفي له شروطه، وفي مقدمتها أن هناك سباقًا حتى يتحقق السبق؛ أي أن يسعى الزملاء الصحفيون لخبر أو معلومة ثم يسبق عبده وازن أو غيره، وواقع الحال أن أحدًا من عشرات الصحفيين الإماراتيين والعرب الحاضرين والمتابعين لم يسع إلى ذلك، وأقصى سعي هؤلاء الصحفيين الشرفاء أن يحضر حفل إعلان النتائج فيبث النتيجة أولًا قبل غيره ثم "يتفنن" في التعليقات ونحوها".

وقضية "البوكر" التي قصدها "الصايغ" في مقاله، كانت بمثابة هجوم على المقال الذي الصحفي اللبناني عبده وازن معلنًا فيه اسم الفائز بجازة البوكر العربية لعام 2019، وهي هدى بركات عن روايتها "بريد الليل"، ما عرَّض الجائزة لانتقادات من أدباء وكُتَّاب ومثقفين عرب، معتبرين أن الجائزة انتهجت في ذلك مسار المجاملات على حساب القيمة الأدبية.

سلماوي: "الصايغ" له إسهامات عظيمة في الشعر المعاصر
ونعيًا له، قال الكاتب محمد سلماوي، إن "الصايغ" كان له إسهاماته المرموقة في الشعر العربي المعاصر، إلى جانب كونه صحافيًا متفردًا بجريدة "الخليج" الإماراتية التي رأس تحريرها.

وأكد "سلماوي"، في تصريحاته، أن الشاعر الإماراتي كانت له أدوار لا يمكن إنكارها منذ توليه منصب أمين عام اتحاد الكتاب والأدباء العرب، فقد ساهم في رفعة الاتحاد وتقدمه للأمام، غير منكر لكون الاتحاد يزخر بالقدرات الأدبية والإدارية التي تضمن له الاستمرار والمسيرة على طريق التقدم والازدهار.